عظتي عيد راس السنة للبطريرك الراعي والمطران عودة/الراعي: معيب على المعطلين التعاطي بالشأن اللبناني كأنه حجر من أحجار شطرنج الشرق الاوسط/عودة: ألا يوجد بين من يتولى أمرنا من يهتز ضميره لما وصلنا إليه؟

87

متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة: ألا يوجد بين من يتولى أمرنا من يهتز ضميره لما وصلنا إليه؟
الوكالة الوطنية للإعلام/01 كانون الثاني/2021

البطريرك الراعي في عظة عيد راس السنة: معيب على المعطلين التعاطي بالشأن اللبناني كأنه حجر من أحجار شطرنج الشرق الاوسط
الجمعة 01 كانون الثاني 2021
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس رأس السنة في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة حنا علوان، سمير مظلوم وبيتر كرم، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور الوزيرة السابقة أليس شبطيني، قائمقام كسروان الفتوح جوزف منصور، نقيب المحامين ملحم خلف، السفير جورج خوري وحشد من الفاعليات والمؤمنين. بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان:” “دُعي إسمه يسوع” (لو 2: 21)”، قال فيها:
1. تحتفل الكنيسة اليوم بعيدين: عيد ليتورجيّ هو عيد إسم يسوع الذّي دُعي به رسميًّا بمناسبة ختانته بحسب الشريعة، بعد ثمانية أيّام من ميلاده، وهو الإسم الّذي أوحاه الملاك لكلّ من مريم ويوسف. وعيد كنسيّ هو الإحتفال بيوم السلام العالميّ الّذي أسّسه القدّيس البابا بولس السادس سنة 1967، إيمانًا منه أنّ السنة الجديدة التي تبدأ في أوّل كانون الثاني تكون سنة سلام، لأنّها تبدأ باسم يسوع. إعتاد البابوات منذ ذلك الحين على توجيه رسالة خاصّة بموضوع السلام.
2. يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وأن نتبادل التهاني والتمنيات معكم ومع كلّ الّذين يشاركوننا عبر وسائل التواصل الإجتماعيّ، وبخاصّة محطّة تلي لوميار-نورسات والفيسبوك. نسأل الله أن يجعلها سنة خير وسلام، فنطوي فيها مرحلة المآسي والضيق والقلق على الغد والمصير. ولكن لا بدّ من أن نشكر الله على عنايته الخفيّة التي مكّنت اللبنانيّين من الصمود بوجه القلق الوجوديّ على أمنهم القوميّ، وأمنهم الفرديّ، وأمنهم السياسيّ، وأمنِ حريّاتهم، ولو أنّهم في معظمهم فقدوا الإبتسامة والسعادة والفرح والطمأنينة على الغد.
3. على الرغم من كلّ المآسي التي عشناها من أزمة سياسيّة وإقتصاديّة وماليّة وتجاريّة، إلى إنفجار مرفأ بيروت وما خلّف من ضحايا ودمار ونكبات، وإلى عرقلة التحقيق العدليّ، فإلى جائحة كورونا التي شلّت الحياة عندنا وفي العالم، فإنّأ نواصل السعي باسم يسوع مع مطلع هذا العام الجديد من أجل بناء مجتمعٍ أفضل وحماية وطنٍ أسلم. عندما نقول “باسم يسوع” نحن نؤمن بأنّنا ندعو “الله الّذي يخلّص” كما تعني لفظة “يهوشوع” بالعبريّة، وندعو “الله الّذي هو معنا” كما تعني لفظة “عمّانوئيل”، وندعو “المسيح” الّذي مسحه الآب وأرسله إلى العالم لخلاص البشر، وإحلال ملكوت المحبّة والسلام بين الشعوب وفي الأمم. هذا اليوم هو عيد الإيمان بيسوع المسيح “أمير السلام”، وعيد الرجاء الثابت.
4. إعتادت اللجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام” على الإحتفال بيوم السلام العالميّ في الأحد الّذي يلي رأس السنة، لأسباب عمليّة. وهذا ما سنفعله في كنيسة الكرسيّ البطريركيّ الأحد المقبل.
ولكن لا بدّ من أن نقدّم بإيجاز رسالة قداسة البابا فرنسيس لهذا اليوم وهي بعنوان: “ثقافة العناية مسار السلام”. وسنتبسّط في مضمونها الأحد المقبل، غير أنّنا نختصر أفكارها الأساسيّة من أجل مواكبة قداسة البابا والكنيسة في الصلاة من أجل السلام والتعمّق في مضامينه.
تتأصّل ثقافة العناية في عمل الله الخالق والمثال الّذي يقدّمه للبشريّة جمعاء؛ وتتجسّد بكاملها في رسالة الربّ يسوع؛ وتتواصل في حياة المسيحيّين وجماعة الكنيسة الأولى وصولًا إلى أيّامنا، حتّى أصبحت من صميم عقيدة الكنيسة الإجتماعيّة، من خلال أربعة مبادئ تختصّ بكرامة الشخص البشريّ وحقوقه، وبالخير العام، وبالتضامن، وبحماية الخلق. وهي مبادئ تشكّل نوعًا من بوصلة توجّه مسار السلام. ولذا، تقتضي ثقافة العناية تربية متكاملة، لأنّ لا سلامًا من دون هذه الثقافة.
5. إنّ ثقافة العناية بالآخرين في حاجاتهم واجب على كلّ واحد وواحدة منّا، وعلينا كجماعات، هذا ما فعله ويفعله المتطوّعون والمحسنون والمنظمات الخيريّة والمبادرات الجماعيّة، والبطريركيّة والمؤسّسات التابعة لها والأبرشيّات والرعايا والرهبانيّات والأديار، والمنظمات الرسوليّة والشبيبة وهي تنسّق الخدمة فيما بينها عبر هيئة “الكرمة” لتشمل كلّ الأراضي اللبنانيّة. وهذا ما فعلته الدول، وعلى رأسها الكرسي الرسولي، التي هبّت للمساعدة المتنوّعة منذ إنفجار مرفأ بيروت.
6. واجب ثقافة العناية يقع على ضمير الجماعة السياسيّة التي وجدت من أجل تأمين الخير العام “الذي منه خير كلّ مواطن وخير كلّ المواطنين”. وهو “مجمل أوضاع الحياة التشريعية والإقتصاديّة والإجتماعيّة والثقافيّة التي تمكّن الأشخاص والجماعات من تحقيق ذواتهم تحقيقًا أفضل” (شرعة العمل السياسي-5 آذار 2009- ص 6). كيف يمكن توفير هذا الخير العام من دون حكومة دستوريّة تمثّل السلطة الإجرائيّة مع ما لها من صلاحيّات، وما عليها من واجبات يحدّدها الدستور بوضوح ولا سيّما “وضع السياسة العامّة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيميّة واتخاذ القرارات لتطبيقها، ومتابعة أعمال الإدارات والمؤسّسات العامّة، والتنسيق بين الوزراء، والإشراف على أعمال كلّ أجهزة الدولة، وتعيين الموظفين”، وسواها من الصلاحيّات (راجع المادتين 64و65 من الدستور). حيث لا حكومة هناك شلل أخطر من جائحة كورونا، لأنّها تتسبب بحياة الفوضى في البلاد.
7. فلا يحقّ لأحد أو لأيّ فريق من الجماعة السياسيّة، أكانوا معنييّن مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، أن يعرقلوا تشكيل الحكومة من أجل حسابات ومصالح آنيّة أو مستقبليّة، وقد إنطوى شهران وعشرة أيّام على التكليف، فيما لبنان سائر سريعًا نحو الإنهيار الكامل والإفلاس. يا لها من مسؤوليّة تدميريّة أقوى وأشمل من تدمير مرفأ بيروت، وهدم نصف العاصمة، والتسبب بمئات الضحايا البريئة وآلاف العائلات المشرّدة، لأنّ دمارها يطال الشعب كلّه وحياة الدولة بكاملها!
من المعيب حقًّا أن تبدأَ السنةُ الجديدةُ من دونِ أن تكونَ الحكومةُ مؤلَّفةً ومنكبّة على العمل. ومعيب أيضًا على المعطّلين التعاطي بالشأنِ اللبنانيِّ كأنّه حجرٌ من أحجارِ شطرنجِ الشرق الأوسط أو الدول الكبرى. فلتتذكّر الجماعةِ السياسية أن تأليفَ حكومةٍ هو واجبُها الأوّل والأساسيّ ومُبرّرُ وجودِها، ومن أجلها ومن أجل الوطن يرخص كلّ شيء ويبوخ.
وبالمناسبةِ، نحن حريصون على أن يكونَ أيُّ حلٍّ للقضّية اللبنانيّة، أكانَ نِتاجَ الإرادةِ اللبنانيّةِ وحدَها أم بالتعاونِ مع المجتمعِ الدولي والعربي، لمصلحةِ لبنان وجميع اللبنانيّين. وهي مصلحة تكمن في الانتقالِ إلى دولةِ القانون حيث نعيش معًا في شراكةٍ ومحبّةٍ في ظِلِّ شرعيّةٍ مدنيّةٍ واحدة، وجيشٍ وطنيٍّ واحِد، ودستورٍ عصريِّ واحد، وعلمٍ لبنانٍّي واحد. هذه القيمُ والمبادئُ تحتاج إلى فعلٍ سياسيٍّ وولاء للبنانَ دون سواه.
8. بارك الله السنة الجديدة 2021 الطالعة، وتقبّل أمانينا، وتبارك اسمه وتمجّد، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
#البطريركية_المارونية #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة #حياد_لبنان #لبنان_الكبير #بكركي

متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة: ألا يوجد بين من يتولى أمرنا من يهتز ضميره لما وصلنا إليه؟
الوكالة الوطنية للإعلام/01 كانون الثاني/2021
أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، في عظة خلال ترؤسه قداس رأس السنة وعيد ختانة يسوع المسيح في المطرانية في بيروت، إلى أن “اللبنانيين يودعون سنة 2020 بكثير من الحزن والأسى والخيبة والقلق على المستقبل. سنة 2020 حملت للعالم أجمع وباء يهدد كلا منا مهما علا شأنه، ويعلمنا أننا، مهما عظم شأننا وعلا مركزنا وانتفخت جيوبنا، نحن عاجزون، ضعفاء، غير قادرين على مقاومة مرض، فما بالنا بعظمة الله؟ هل يدرك الإنسان أنه مخلوق ضعيف مصيره الموت؟ هل يدرك أن كل ما جمعه في حياته سيتركه هنا، على الأرض، عندما تأتي ساعته”؟
وقال: “العام الماضي كان استثنائيا بسلبيته على وطننا: خيبات ونكبات وانهيارات. فليرتنا فقدت قيمتها، واقتصادنا تدهور، وسياستنا تراجعت، وشبابنا هاجروا، وشيوخنا افتقروا وجاعوا. وجاءت كارثة 4 آب لتخلف إلى الدمار القتلى والجرحى والتشرد والحزن واليأس، فيما الطبقة السياسية غائبة عن اتخاذ أي قرار يبعث ولو شعاع أمل في سواد أيامنا، وهي منشغلة بمصالحها وحصصها وارتباطاتها وتصفية حساباتها”.
وأضاف: “العالم كله خائف على لبنان إلا حكامه. وزير خارجية فرنسا شبه وضعنا بسفينة تغرق، فيما الطبقة السياسية عندنا تتلهى بجدالاتها العقيمة ومقامرتها بالبلد. ترى أهو انتحار جماعي أم نحر جماعي؟ ألا يوجد بين من يتولى أمرنا من يهتز ضميره لما وصلنا إليه، فيقوم بعمل بطولي في هذه الأوقات المصيرية؟ أليس من يحمل في قلبه رحمة ليشعر مع هذا الشعب الحزين الذي لم يعد يعرف للفرح طعما؟ أم أن بيوتهم دافئة وسقوفهم متينة وجيوبهم ملأى وأولادهم في مأمن كما يقول الشعب، فلمَ يتنازلون؟ في القلب غصة لا لأن الأحزان كبيرة والآلام عظيمة وحسب، بل لأن لا مبالاة المسؤولين وقلة مسؤوليتهم تؤذي الشعب وهم لا يأبهون”.
وسأل: “ما نفع الدولة بلا شعب؟ وإلى متى سيبقون لبنان رهينة مصالحهم وأسير لعبتهم السياسية التقليدية وخلاصتها تقاسم الحصص والغنائم الوزارية؟ وهل بقي ما يستحق التقاسم؟ ألم يأت الشلل السياسي، الذي دام طويلا، على كل ما تبقى من لبنان، بسبب سوء النية أو سوء الإدارة، الله يعلم. هل يعقل أن تتولى حكومة تصريف الأعمال لمدة أطول من مدة اضطلاعها بالمسؤولية؟ وهل يحدث في بلد يحترم نفسه أن تكون فترات تعطيل الحكم والمؤسسات أطول من فترات الحكم والعمل الفعال”؟
وتوجه إلى المسؤولين بالقول: “ألا يهز ضمائركم وضع اللبنانيين؟ ألا يدمي قلوبكم أنينهم ومعاناتهم، وفيهم من ليس لديه ما يطعم أولاده؟ هل سمعتم أمنية اللبنانيين: أن ترحلوا. الشعب غاضب وحاقد عليكم ويريدكم أن ترحلوا. إن كان لم يهزكم مشهد بيروت المدمرة، ألا يهزكم رأي شعبكم بكم”؟
وتابع: “هل من مسؤول أو زعيم يعي أن الوصول إلى الكمال يمر بالتواضع والانسحاق؟ لكن التواضع والمحبة والتضحية والتخلي عن الكبرياء كلها تولد ألما، لأنها تستدعي تنازلات جسيمة لن يتحملها أي ملتصق بكرسي أو مركز. المسيح تنازل فتجسد ثم ختن وصولا إلى الصلب والموت، كل ذلك من أجل خلاص الشعب، فهل من يتعظ؟ كيف يتعظون ويتواضعون ويحبون وهم يكذبون كلما نطقوا؟ وعدوا الشعب بجلاء حقيقة التفجير في خمسة أيام، وها خمسة أشهر مرت لم يكشف خلالها شيء سوى أن كل من له علاقة بالمرفأ وكل المسؤولين لم يكونوا يدرون بما فيه”.
وأردف عودة قائلا: “مضحك مبك أن يتساءل المسؤولون عن أسباب الانفجار. كل واحد بدوره يريد أن يعرف كيف دخلت المواد المتفجرة إلى المرفأ وكيف فجرت. لكن المشكلة أن الشعب لم يعطهم الجواب بعد. وعدوا الشعب بحكومة إنقاذية، وها نحن ننتظر منذ أشهر ولادة قيصرية لحكومة لا نعرف لم التأخير في تأليفها والبلد في عين العاصفة. هل الكبرياء أم الجشع أم المصلحة الخاصة التي تعلو على مصلحة الوطن والمواطنين، أم التأثيرات الخارجية هي السبب؟ مؤسف أن السلطة غير قادرة على كشف الحقيقة ووقف الانهيار واتخاذ خطوة إنقاذية واحدة، وكلفة الانتظار باهظة جدا والشعب وحده يدفع الثمن”.
وأضاف: “إذا، يجب أن يتسم الحاكم بالحق وأن يكون مرضيا لله، ومن الساعين إلى الخير والصلاح للشعب، عندئذ يسود السلام والأمن والهدوء. لذلك، اتعظوا يا حكام بلدنا الحبيب، عودوا إلى الصلاح، لا بالشعارات فقط، بل بالأَفعال، إِجعلوا هذا العام الجديد عام الإنقاذ لا عام التخلص ممن تبقى في الوطن. المسؤول الحقيقي لا يهنأ له العيش وشعبه يئن، ومن أولى واجباته خدمة شعبه وتلبية طموحاته، وملاقاة تطلعاته، وضمان حياته وشيخوخته. الحاكم الحقيقي هو الأكثر خدمة للشعب لا الأكثر استغلالا له”.
وختم عودة بالقول: “دعاؤنا، في هذه السنة الجديدة أن نصل إلى الخلاص من كل الشدائد المحيطة ببلدنا الحبيب، وأن يعود لبنان منارة العلم والثقافة والإبداع، بلد الديمقراطية والانفتاح، وأن ينعم اللبنانيون بالطمأنينة والفرح وراحة البال. بارككم الرب، وبارك أيامكم المقبلة، مالئا إِياها صحة وفرحا وبحبوحة وقداسة. صلوا، لأن الصلاة سلاحنا الوحيد في هذه الأيام”.