«حزب الله» يصادر الدولة
علي الحسيني/المستقبل/24 تموز/15
من عادة «حزب الله» أن يُطهّر نفسه عن بقيّة اللبنانيين وأن يُنزّه أفعاله ويرفعها إلى حد «القداسة» خصوصاً إذا ما لامست أفعاله حد الجرم وجرّ البلاد إلى آتون الخراب إن من خلال تعديه على المؤسسات العامة وإستباحة المال العام، أو من خلال تفرّده بالقرارات المصيرية ورهنه البلد لصالح مشاريع أبعد ما تكون عن مصالح اللبنانيين. بالأمس طالع «حزب الله» اللبنانيين من داخل «دويلته« في حارة حريك، ببيان صادر عن كتلته النيابية تتهم فيه الحكومات المتعاقبة بالفساد وامتداده إلى العهد الحالي وما يتخلله من هدر للمال العام والإبتزاز وتمرير الصفقات والرشاوى، في إشارة واضحة وصريحة تندرج ضمن إطار التهديد بفرط عقد الحكومة، ناقضة بذلك كل ما جاء في السابق على لسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله حول الشراكة الوطنية والتمسّك بحكومة تُعبر عن تطلعات اللبنانيين. وهو ما يعني أيضاً، أن الحزب قد ينحو في أي وقت بإتجاه زعزعة الوضع وإعادة عقارب الساعة إلى زمن الفلتان الأمني والمؤسساتي خصوصاً في ظل الأزمات التي يعيشها بين الداخل والخارج. في بيانها حاولت كتلة «الوفاء للمقاومة» الهرب من الموت الذي يلاحق «حزب الله» في سوريا، لتعلق في نفايات بيروت وضواحيها، بيروت التي استهدفها نواب الحزب قبل عناصرهم يوم حوّلوها ذات أيّار إلى ثكنة عسكرية لجحافلهم ورموها برصاصهم مُخلّفين وراءهم قتلى وجرحى قبل أن يتركوها تلملم جراحها على وقع أنين اهلها. ومن المفارقة أن نواب الحزب دعوا المواطنين إلى محاسبة المسؤولين عن الفساد، متناسين فسادهم في مرفأ بيروت وفي مطار الرئيس رفيق الحريري وفي الوزارات والإدارات التي تتبع لملكيتهم العامة والخاصة ولدويلة لا تعترف بحدود للوطن. مفارقة «حزب الله» تجلّت من خلال الحديث عن «الإرتجال الذي يحكم أداء كثير من المسؤولين في لبنان»، علماً أن القاصي والداني يعلم أن الحزب هو من أسّس معاهد ومدارس سياسية تُبشّر بتعاليم الإرتجال والإستئثار بالبلد وبمقدراته، فكان أوّل من رسم الخطوط الحمر في وجه المؤسسة العسكرية وأوّل من نقض حقوق الطوائف الأخرى يوم إنقلب على الشرعيّة وما أنتجته الإنتخابات النيابية، ليفرز بعدها حالة جديدة في البلد اسمها القفز فوق القوانين والأعراف واضعاً عنواناً وحيداً لإنقلاباته «الغلبة لمن يمتلك السلاح». لا يشفع لـ»حزب الله» أمام اللبنانيين، اللعب على غرائزهم وتأليبهم على دولتهم وحكومتهم وهم الذين خبروه في قتله وقتاله في سوريا وفي سيطرته على مناطق وقرى وبلدات بأكملها وإخضاعها لمنطق «دويلته«، وفي إستباحته للمرافئ كافّة وحمايته لفارّين من وجه العدالة وإستئثاره بقرار الحرب والسلم وبمنع الأجهزة الأمنية من مساءلة عناصره تحت أي من الأسباب إلا بعد مراجعته، وفي تورّطه بإرتكابات في أكثر من دولة وتعريض العلاقات اللبنانية بدول شقيقة وقريبة للإهتزاز. فهل بعد هذا كله يعود للحزب حق السؤال عن الأسباب التي أوصلت المواطن إلى هذه الحالة؟ اليوم وبعد مرور ثماني سنوات على حرب تموز التي تفرّد «حزب الله» بقرارها، يعود الحزب إلى نغمة «الإنتصار» ذاتها التي ما انفك يُتحف بها اللبنانيين في مثل هذا الوقت من كل عام ليُعيد على مسامعهم حكايات وبطولات خلّفت مئات الشهداء والأيتام والأرامل وتركت وراءها دماراً وخراباً لم يمحُ «المال النظيف» آثارهما بعد. والأنكى من هذا كلّه، أن الحزب تحوّل إلى شريك للناس التي دُمّرت منازلها بعدما اقتطف مساحات لحساب شركاته الخاصة بحيث صار يجاور الناس في عقاراتها إمّا بمنازل أو بمستودعات.
سلام يلوح بالاستقالة بعد فشل الحكومة في بندي “الآلية” والنفايات
بيروت – “السياسة”/24 تموز/15/
لم تثبت الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان أنها على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها, ففي ظروف بالغة الحساسية والأهمية المتمثلة بالخطر على صحة المواطن في بيروت وجبل لبنان, جراء انتشار النفايات في الطرقات وإمكان انتشار الأوبئة والأمراض, إلى درجة دعوة الأمين العام لقوى “14 آذار” فارس سعيد على “تويتر”, إلى إعلان بيروت “مدينة منكوبة”, انفضت جلسة مجلس الوزراء المنتظرة بلهفة من المواطنين, التي عُقدت أمس, وسط تعزيزات أمنية من جيش وقوى أمن وإقفال محيط السراي بالأسلاك الشائكة وقطع البث المباشر الخاص بوسائل الإعلام خلال الجلسة, بفشل في التوصل إلى حل للمشكلة, وكذلك بشأن آلية عمل المجلس, حيث طُرح موضوع النفايات في الدقائق الأخيرة وأرجأ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الجلسة إلى يوم الثلاثاء المقبل. وذكرت معلومات أن سلام رد على سؤال داخل الجلسة من وزير العدل أشرف ريفي: “إذا لم نصل إلى حل الثلاثاء, هل نذهب إلى الاستقالة”? بالقول: “كل الاحتمالات واردة”, مضيفاً إن المقاربة القائمة على التوافق كانت ناجحة واعتراض وزير أو أكثر لا يجوز أن يمنع المجلس من اتخاذ قرار.وزير الإعلام رمزي جريج قال في البيان الختامي للجلسة إنها كانت هادئة, وإن سلام قدم باسمه وباسم الحكومة الاعتذار على المشهد الذي حصل في الجلسة السابقة وأعطى صورة غير مرغوبة عن المجلس, وإنه جدد المطالبة بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من أجل استكمال تكوين السلطة. ونقل البيان عن سلام قوله إن مسؤولية حل الخلافات تقع على القوى السياسية, وأنه يجب أن يُترك لمجلس الوزراء تسيير شؤون البلاد من دون إبطاء. وأضاف جريج “تناول بعض الوزراء ملفي النفايات والاستحقاقات المالية الداهمة, وجرت نقاشات مستفيضة”. من جهته, عقد وزير البيئة محمد المشنوق, المسؤول المباشر عن معالجة أزمة النفايات, مؤتمراً صحافياً في السراي الحكومي, أعلن فيه أن لدى وزارته “مخططاً لكل المناطق التي تمكنها المساعدة في النفايات وسنلجأ إليها, كما نسعى لإيجاد مطامر في كل المناطق اللبنانية”, وحيا رؤساء البلديات الذين أمنوا مطامر موقتة حتى إيجاد حل, معلناً أن “هناك 22 ألف طن من النفايات على الأرض, تحتاج إلى آلية لنقلها إلى مطامر آمنة”. وإثر عدم الاتفاق على آلية عمل مجلس الوزراء, قالت مصادر وزارية إن سلام كان منفتحاً على أي صيغة لعمل الحكومة, شرط ألا تؤدي إلى التعطيل. في سياق متصل, أكدت مصادر مقربة من سلام أن صبره لن يطول في تحمل مواقف الفريق المعطل داخل حكومته إلى ما شاء الله, وأن قرار الاستقالة أصبح وارداً, لكنه لن يقدم عليه في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان, كما أنه يريد معرفة موقف “حزب الله” من كل ما يطرحه حليفه رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” من مواقف تعطيلية. من جهته, أعاد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج تأكيد ما سبق أن أعلنه الرئيس سلام, من أنه سيستقيل إذا وصل إلى طريق مسدودة. وقال ل¯”السياسة” إن “هناك فريقاً داخل الحكومة يريد التعطيل ويصر عليه, لذلك فإن سلام لن يتأخر في تقديم استقالة الحكومة, لأنه لن يسمح لهذا الفريق بالتمادي في التعطيل, أما إذا كانت هناك خلافات سياسية داخل المجلس فهي مشروعة, ولديه من الصبر وطول البال والحكمة ما يجعله يستمر حتى النهاية, ولكن للصبر حدوداً”.