داود الشريان/عن ترحيل اللبنانيين من دول

338

عن ترحيل اللبنانيين من دول
داود الشريان/الحياة/06 أيار/15

خلال الأيام الماضية تزايد الحديث عن ترحيل اللبنانيين من السعودية ودول الخليج. ونشرت «الحياة» الإثنين الماضي تصريحاً لوزارة الداخلية السعودية أشار الى أن «للوزارة الحق في سحب حق الإقامة من أي أجنبي، وأن تطلب منه مغادرة البلاد متى شاءت، ومن دون إبداء الأسباب». لكن مصادر أخرى في وزارة الداخلية، عاودت توضيح التصريح السابق، وقالت لقناة «العربية»، إن «السياسة الأمنية في السعودية تخصِّص ولا تعمِّم، ولن يتضرر مقيم واحد لا علاقة له بـ «حزب الله» أو القوى المساندة له».

هذا التصريح دفع بعض الصحافة الى معاودة نشر تصريحات رافقت الإجراءات العقابية التي اتخذها مجلس التعاون في حق «حزب الله» اللبناني، في بداية تدخُّله في سورية عام 2013، وتوجهاته الإعلامية والسياسية المُعلنة ضد دول الخليج، وكان بين تلك الإجراءات ترحيل المنتمين إلى الحزب والمتعاطفين معه من دول الخليج. التصريحات السابقة باتت اليوم، عند بعضهم، جزءاً من الأزمة الراهنة، ولكن فات هؤلاء أن المملكة لم تتخذ أي إجراء ضد مواطنين لبنانيين في ذلك الوقت، ولم تُدرِج «حزب الله» على قائمة المنظمات الإرهابية، التي صدرت في آذار (مارس) 2014. السعودية لديها تجارب سابقة في التزامها رفض سياسة التعميم. حدث هذا في حرب تحرير الكويت، وقبلها وبعدها، التزمت الرياض تقاليدها الملكية العريقة، في احترام الشعوب خلال تأزم علاقاتها مع دول عربية وإقليمية. لم يحدث أن تعاملت السعودية مع الناس بالشبهات، وهي لن تفعل هذه المرة، فضلاً عن أن الرياض لا تُصدِر تأشيرات العمل للبنانيين، وغيرهم من الجنسيات بناء على طوائفهم ومذاهبهم، وقناعتهم الدينية والثقافية.

لا بد من الإشارة هنا الى أن بعض وسائل الإعلام، خصوصاً في لبنان، يتعامل مع مَنْ يكتب في بعض الصحف السعودية آراء ومقالات على أنه تعبير عن رأي رسمي، وهذه مشكلة ليست جديدة على المملكة. حتى بعض الصحافة الغربية يستخدم هذا الأسلوب إذا أراد أن يجد مدخلاً لتناول السياسة السعودية. لا جدال في أن أي إجراء سيُتّخذ سيكون محصوراً في مَنْ يدعم «حزب الله» ومناصريه في شكل مادي مثبت، ويضر بالأمن، لكنه جزماً لن ينال من أي مواطن شريف جاء للعمل، فضلاً عن أن التعامل المذهبي مع هذا الملف غير مطروح. لا شك في أن موقف «حزب الله» المُعادي للسعودية خلق حالاً من التوتر في لبنان، وتجدُر الإشادة بموقف رجال الأعمال اللبنانيين في السعودية، الذين قاموا بتحرك مشكور، أوضح أن الحزب لا يمثل اللبنانيين، فضلاً عن انه لا يمثل كل الشيعة، ناهيك عن أن صحفاً وصحافيين لبنانيين كانت لهم مواقف نبيلة ومشرّفة تجاه السعودية وشعبها. الأكيد أن الأزمات السياسية بين الدول العربية تنعكس سلباً على الناس، وخلال أزمات سابقة مع «حزب الله» وقع ظلم على لبنانيين في بعض دول الخليج. ويجب هذه المرة أن يفوّت بعض دول الخليج الفرصة على مَنْ يريد خلق أزمة بين دول وشعب، وعدم التسرُّع بأخذ الناس بالشبهات.