فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه غبطة البطريرك الراعي اليوم 06 حزيران/2021  في الذكرى الثامنة على تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر في بازيليك سيدة لبنان – حريصا/مع نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم

135

اضغط هنا لمشاهدة فيديو (فايسبوك)قداس البطريرك الراعي في  بازيليك سيدة لبنان – حريصا

فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه غبطة البطريرك الراعي اليوم 06 حزيران/2021  في الذكرى الثامنة على تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر في بازيليك سيدة لبنان – حريصا/مع نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم

06 حزيران/2021

عودة مستذكرا غسان تويني: ألا يستحق لبنان قرارا سريعا بالإنقاذ على حساب المصالح والمكتسبات الشخصية؟
الأحد 06 حزيران 2021

الراعي في ذكرى تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر: لن نسمح بتغيير نظام لبنان الديموقراطي وتزوير هويته واستمرار توريطه في صراعات المنطقة
الأحد 06 حزيران 2021
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في بازيليك سيدة لبنان – حريصا لمناسبة الذكرى السنوية الثامنة على تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر، عاونه فيه المطارنة أنطوان نبيل العنداري، حنا علوان وشكرالله نبيل الحاج، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان الاب فادي تابت، ومشاركة السفير البابوي المونسينيور جوزيف سبيتاري، وممثلين عن الطوائف المسيحية ولفيف من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور حشد من الفاعليات والمؤمنين من مختلف المناطق التزموا الإجراءات الوقائية.بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “الإله القدير نظر إلى تواضع أمته”، قال فيها: “الإله القدير نظر إلى تواضع أمته” (لو 1: 48)
في هذا النشيد النبويّ الذي أطلقته مريم من بيت أليصابات، أعلنت فضيلتين متكاملتين جمّلتا نفسها وحياتها: التواضع والوداعة. فبعد تطويبة أليصابات لها على إيمانها، قالت مريم: “تعظّم نفسي الرب …لأنّه صنع فيَّ العظائم … ناظرًا إلى تواضع أمته” (لو 1: 48). هاتان الفضيلتان هما الأساس الذي ترتكز عليه جميع الفضائل الروحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، وتجسّدان المحبّة التي قال عنها بولس الرسول أنّها “لا تتباهى ولا تنتفخ ولا تحتدّ” (1 كور 13: 4). وتزيّنان النفس بروح الطاعة لله وللكنيسة. نلتمس هاتين الفضيلتين من قلب يسوع الأقدس الذي يدعونا كل يوم، طيلة هذا الشهر المكرّس لتكريمه وعبادته: “تعالوا إليّ وتعلّموا منّي: إنّي وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم” (متى 11: 29). كما نلتمسها من قلب مريم الطاهر. إنّ القلب هو مركز الحبّ وينبوعه.نجتمع اليوم في بازيليك سيدّة لبنان-حريصا، لنكرّس لقلب مريم الطاهر، للمرّة التاسعة، وطننا لبنان وبلدان الشرق الأوسط، عملًا بتوصية سينودس الأساقفة الرومانيّ الخاص بالشرق الأوسط الذي عُقد في شهر تشرين الأوّل 2012 برئاسة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، أطال الله بعمره.
فنسألها أن تسكب في قلوب شعب وطننا وشعوب بلدان هذه المنطقة المشرقيّة التي على أرضها أعلن الله ذاته إلهًا واحدًا بثلاثة أقانيم، آبٍ وابنٍ وروحٍ قدسٍ، الله المحبّة (1يو 4: 8)؛ وعليها صار الإبن-الكلمة إنسانًا، وافتدى خطايا البشريّة بآلامه وموته، وبثّ الحياة الإلهيّة في المؤمنين بقيامته، وجعل ثمار الفداء والخلاص فاعلة في النفوس بالروح القدس؛ ومن هذه المنطقة انطلقت الكنيسة بدافع من الروح القدس تحمل بشرى الإنجيل السارّة إلى جميع الشعوب، وتشهد للمسيح الربّ حتى الإستشهاد، محافظة على وديعة الإيمان، وناقلة إيّاها إلى شعوب هذا الشرق المتألّم الذي جعلوه أرض النزاعات والحروب، بدلًا من أرض الإخاء والسلام.
التواضع وقوف أمام عظمة الله وقداسته، وإدراك لمحدوديّة الذات وضعفها وأخطائها وسرعة عطبها. فلنتذكّر كيف رذل الله صلاة الفريسيّ في الهيكل وهو يتباهى بذاته وكأنّه يريد من الله شهادة مديح لحسن سيرته، وكيف قبل صلاة العشّار الذي وقف عند باب الهيكل يقرع صدره ويقول: اللهم ارحمني أنا الخاطي (راجع لو 10: 14-18).
القديس بولس الرسول يدعونا لنقتدي بأخلاق المسيح “الذي، مع أنّه على مثال الله، لم يعدّ مساواته لله مكسبًا، بل أفرغ ذاته متّخذًا صورة عبد، وصار على مثال البشر، وواضع نفسه، وأطاع حتى الموت، موت الصليب” (فيل 2: 5-8).
فلنقتدِ بتواضع أمّنا مريم العذراء التي أجابت الملاك: “أنا أمة الربّ. فليكن لي بحسب قولك” (لو1: 38). وبتواضع يوحنّا المعمدان الذي قال عن يسوع: “عليَّ أن أنقص، وعليه أن ينمو” (يو 3: 13).
التواضع هو أساس الفضائل، ودواء الكبرياء، التي هي أمّ جميع الرذائل؛ “فالقدير بدّد المتكبّرين بأفكار قلوبهم” كما تنبّأت مريم، “وأنزل الأعزّاء عن الكراسي، ورفع المتواضعين” (لو 1: 51-52). يجب التنبه إلى الكبرياء المغلّف بثوب “التقوى” والتواضع المزيّف الخارجيّ والمسلكيّ، والظاهر في التمايز عن الغير وجعل الذات قدوة يقيس عليها الانسان الآخرين. فالمتواضع الحقيقيّ هو الذي يطيع الله في وصاياه ورسومه وتدابيره وتجلّيات إرادته، ويطيع تعليم الكنيسة، بحسب أمر الربّ يسوع: “من سمع منكم، سمع منّي” (لو 10: 16).
الوداعة هي فضيلة بها نحتمل بسكينة شدائد الحياة ومحنها وصعوباتها، مقتدين بأمّنا مريم العذراء التي قالت “نعم” لإرادة الله يوم بشارة الفرح، وقالتها أيضًا بالألم والخضوع للإرادة الإلهيّة في ذروة آلامها مع آلام ابنها يسوع وموته على الصليب. كلّ وداعة تخضع لإرادة الله، كيفما تجلّت، ولتعليم الكنيسة، إنّما تعطي ثمارها. فمريم العذراء بقبول إرادة الله في البشارة، أصبحت أمّ يسوع التاريخيّ، الكلمة الذي أخذ منها جسدًا بشريًّا؛ وبقبول الإرادة الإلهيّة على أقدام الصليب أصبحت أمّ يسوع السرّيّ الذي هو الكنيسة.
ويسوع بوداعته قبل إرادة الآب: الآلام والموت من أجل فداء خطايا البشر، فأعطى الحياة الجديدة للعالم، وأصبح المخلّص لكلّ إنسان، و “رفعه الله وأعطاه اسمًا يفوق جميع الأسماء، لكي تجثو له كلّ ركبة في السماء والأرض ويعترف به كلّ لسان بأنّ المسيح هو الربّ” (فيل 2: 8-11).
كما بفضيلتي التواضع والوداعة تسلم علاقة الإنسان مع الله، كذلك بهما تسلم علاقته مع كلّ الناس: في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة.
لو تحلّى المسؤولون السياسيّون وأرباب السياسة عندنا بهاتين الفضيلتين، لسكنت المحبّة قلوبهم، ولتجرّدوا من مصالحهم، وتصالحوا مع السياسة والشعب والدولة، ولسلمت العلاقات فيما بينهم، ولما أوصلوا البلاد إلى هذا الإنحدار من البؤس السياسيّ والإقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ والإجتماعيّ، ولما فكفكوا مؤسّسات الدولة وأجهزتها ومقدراتها وتقاسموها واستباحوها!
يحاول المسؤولون في هذه الأيّام العصيبة إنقاذَ أنفسِهم ومصالحهم لا إنقاذَ الوطن. ويتصرّفون وكأنّه لا يوجدُ شعبٌ، ولا دولةٌ، ولا نظامٌ، ولا مؤسّساتٌ، ولا اقتصادٌ، ولا صناعةٌ، ولا تجارةٌ، ولا فَقرٌ، ولا جوعٌ، ولا بطالةٌ، ولا هِجرة.
يتصارعون في ما بينَهم كأنَّ السياسةَ هي تنظيمُ الاتّفاقِ والخلافِ في ما بينَهم، لا تنظيمُ حياةِ المجتمعِ، وإدارةُ شؤونِ المواطنين، والحفاظُ على المؤسّساتِ الدستوريّة، وتوفيرُ الأمنِ والاستقرارِ والتعليمِ والضماناتِ والعزّةِ والكرامة. لا يعنيهم الشعب اللبناني الذي ما عاد يَحتمِلُ الذُلَّ والقهرَ والعذاب، لا أمام المصارفِ والصَرّافين، ولا أمامَ مَحطّات الوقودِ والأفران، ولا أمامَ الصيدليّات والمستشفيات، ولا أمامَ شركاتِ السفر التي فُرِضَ عليها أن تُسعِّرَ، خِلافًا للقانون، بِطاقات السفرِ بالدولارِ نقدًا. وما عاد هذا الشعبُ يَحتمِلُ السكوتَ على جريمةِ تفجيرِ مرفأِ بيروت وقد مَضَت عشرةُ أشهرٍ على حدوثِها. ومع هذا كلّه، برزت بارقةُ أملٍ صغيرةٍ في اليومين الماضيَين بتجاوبِ المصارف مع قرارِ المصرف المركزي ببدء تسديدِ قليلٍ من أموالِ المودِعين تدريجًا.
أمام هذا الواقع نتساءل: هل وراء الأسباب الواهية لعدم تأليف الحكومة، نيّة عدم إجراء انتخابات نيابيّة في أيّار المقبل، ثمّ رئاسيّة في تشرين الأوّل، وربما نيّة إسقاط لبنان بعد مئة سنة من تكوينه دولةً مستقلّةً، ظنًّا منهم أنّهم أحرار في إعادة تأسيسه من جديد، متناسين أنّه أعرق وطن، وأبهى أمّة، وأجمل دولة عرفها الشرق الأوسط والعالم العربيّ؟
لكنّنا، لن نؤخذ بالواقع المضطرب والقوّة العابرة. فنحن شعب لا يموت ولو أُصبنا في الصميم.
ولذا، لن نسمحَ لهذا المخطّطِ أن يكتملَ. لن نسمحَ بسقوطِ أمّتنِا العظيمة. لن نَسمحَ بتغييرِ نظامِ لبنان الديمقراطيّ. لن نسمحَ بتزويرِ هوّيةِ لبنان. لن نَسمحَ بتشويهِ حياةِ اللبنانيّين الحضاريّة. لن نسمحَ بالقضاءِ على الحضارة اللبنانيّة. لن نسمحَ باستمرارِ توريطِ لبنان في صراعاتِ المِنطقة. فعندما لم يتمّ احترام: لا شِعارَ “لا شرقَ ولا غربَ”، ولا التحييدَ، ولا حتّى النأيِ بالنفس، طرَحْنا إعلان نظامَ الحيادِ الناشِط بكلِّ أبعادِه الدستوريّة. وعندما بات الإنقاذُ الداخليُّ مستحيلًا، طالبنا بمؤتمرٍ دُوَليٍّ خاصٍّ بلبنان برعاية منظّمة الأمم المتّحدة.
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،
في حالتنا الإنسانيّة البائسة نتوجّه إلى منظّمة الأمم المتّحدة كي تتدخّل لإنتشال لبنان من الإنهيار والإفلاس. ونُناشدُ منظمّةَ الصِحّةِ العالميّةَ أن تَضعَ يدَها على الواقعِ الصِحّيِ في لبنان وتَستجيبَ لحاجاتِه من دواءٍ وموادٍ طبيّة. وفيما نُقدِّر للدولِ الصديقة، مساعدتها الجيش اللبنانيّ الذي يُشكّلُ صمّامَ الأمانِ للبنان، خصوصًا في الأزمنة العصيبة، نتمنى على هذه الدول الالتفات نحو الشعب اللبناني أيضًا ليبقى صامدًا إلى جانب جيشِه. أمّا في الداخل فلا بدّ من تنظيمِ الشعبِ مناطقيًّا. ومن أنّ جميع المؤسّساتِ العامّةِ والخاصّة تَنتظم في ورشةِ عمل لإنقاذِ المجتمع.

  1. إنّنا نكل إلى قلب مريم العذراء الطاهر،سيّدة لبنان، وطننا وبلدان الشرق الأوسط، مع كلّ ما نحمل من آمال وأمانٍ، راجين أن ترفعها إلى العرش الإلهيّ، ونحن نرفع نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
    #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة #البطريركية_المارونية #بكركي #حريصا

عودة مستذكرا غسان تويني: ألا يستحق لبنان قرارا سريعا بالإنقاذ على حساب المصالح والمكتسبات الشخصية؟
الأحد 06 حزيران 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداسا في مطرانية بيروت وأقام صلاة جنائزية لراحة نفس “عميد النهار” غسان تويني، بحضور عدد من المؤمنين.
وبعد الانجيل المقدس ألقى عودة عظة قال فيها: “أحد الفصح، مع بزوغ نور القيامة من القبر الفارغ، سمعنا الإنجيلي يوحنا يقول عن الرب يسوع: “فيه كانت الحياة والحياة كانت نور العالم، والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه، كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم” (يو 1: 4-9). في القيامة خلقنا الله من جديد وأشرق نوره مجددا فينا بعد أن حجبت الخطيئة هذا النور زمنا. نور الخلاص، نور الرب القائم من بين الأموات يشع من جديد من خلال حادثة شفاء الأعمى منذ مولده، الذي فتح الرب عينيه، فآمن ببصيرته وقلبه بأن يسوع هو ابن الله”.
أضاف: “سمعنا في الإنجيل أن يسوع، فيما كان مجتازا، رأى إنسانا أعمى منذ مولده فتفل على الأرض وصنع من تفلته طينا وطلى بالطين عيني الأعمى وقال له إذهب واغتسل في بركة سلوام، وعندما اغتسل عاد بصيرا. الرب يسوع رأى الأعمى وليس الأعمى هو من رأى يسوع، ولم يهمله، لأن كل إنسان هو خليقة الله وجدير بالإهتمام. وكما جبل الله الطين في البدء ونفخ فيه نسمة الحياة ليكون الإنسان، هكذا فعل مع الأعمى منذ مولده، ليكمل ما كان ناقصا في طبيعته، مانحا إياه البصر”.
وتابع: “لقد قال الرب لتلاميذه أثناء بشارته أنه لم يعط للجميع أن يفهموا أسرار الله (لو 8: 10)، لأن بصيرتهم أعماها الحسد والبغض والأنانية. عندما قام الرب يسوع من الموت، رفض رؤساء الكهنة اليهود الإعتراف بالقيامة، ولم يصدقوا حاملات الطيب وكل من رأى المسيح قائما، وبعد شفاء الأعمى رفض رؤساء الكهنة الإعتراف بأن يسوع هو المسيح المخلص ابن الله، فيما قال لهم الأعمى: “لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا”، معلنا إيمانه به وساجدا له. من شدة عماهم لم يستطع رؤساء الكهنة أن يروا يسوع إلا مجدفا وخاطئا، لأنهم فضلوا الظلمة على النور والظلم على الحق.
هذا الأعمى لم يحرم البصر بسبب خطيئة فعلها هو أو أبواه. لقد فقد البصر “لتظهر أعمال الله فيه”. لقد شكل دينونة لليهود الذين عاينوا بعيونهم مجد الله، لكنهم تنكروا له مفضلين حرف الشريعة الميت الذي تعلموه وتمسكوا به، على نور القيامة والخلاص. فالشفاء حصل يوم سبت ولم يكن المهم بالنسبة لهم شفاء الأعمى بل حفظ السبت. الحرف قاتل وأما الروح فيحيي. الأعمى لم يكن بحاجة إلى عينين ماديتين ليؤمن أن المسيح هو ابن الله. بصيرته أيقنت هذا، ولم يشكل عمى عينيه حاجزا دون معرفته الحق الذي يحرر. أما الفريسيون فقد فضلوا ظلمة الشريعة على نور شمس العدل القائل: “أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة” (يو 8: 12). لم يؤمنوا به “مع أنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها” (يو 12: 37) ليتم فيهم ما قاله الله على لسان الأنبياء قديما وأعاد ذكره الإنجيلي يوحنا: “قد أعمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم، ويشعروا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم” (يو 12: 40)”.
وأردف عودة: “عندما سأل التلاميذ الرب يسوع: “من أخطأ أهذا أم أبواه حتى ولد أعمى؟” أجابهم يسوع: “لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه”. في العهد القديم ساد الإعتقاد أن المرض هو عقاب على خطيئة ارتكبها الإنسان أو أهله، وكأن الله يجازي الشر بالشر. طبعا دخل الفساد إلى العالم بسبب الخطيئة، وصار المرض. فإذا كان الناس يمرضون فبسبب الفساد الناتج عن خطايانا وجشعنا وعدم احترامنا لما حولنا. لكن الرب يسوع تجسد لكي يخرجنا من هذه الدوامة ويمنحنا شفاء الروح والجسد. وقد رأى يسوع في الأعمى مناسبة لكي يظهر رحمة الله نحو البشر وأنه “قبل إبراهيم كائن” (يو 8: 58) أي إنه إله أزلي و”لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا” كما أجاب الأعمى من سأله من الفريسيين عن شفائه. فهذا الشفاء ولد صراعا بين الأعمى الذي شفي وبين الفريسيين الذين لم يستطيعوا تصديق أن من يخالف الشريعة بعدم حفظ السبت قادر على القيام بعمل إلهي، وبالتالي يكون من الله. موقف الفريسيين هو موقف الحاسد الخائف. يظهر ذلك من التحقيقات التي أجروها مع الأعمى وأهله منكرين حقيقة المسيح. أما الأهل فكانوا خائفين من الفريسيين الذين قرروا أن يخرجوا من المجمع كل من يعترف أن يسوع من الله، رغم حقيقة أن ابنهم كان أعمى منذ مولده وأن الرب يسوع شفاه، ما يعني أنه من الله”.ّ
وقال: “أن يطرد إنسان من المجمع يعني أن يكون منبوذا، وهذا ما أخاف الأهل وما يخيف إنسان هذا العصر الذي يتردد في اتخاذ موقف واضح جريء خوفا من دينونة الآخرين. إن العمى في نظر الكنيسة ليس هو عدم القدرة على النظر والإبصار بل هو عمى القلب. لذا نسأل الله أن يشفي عمى قلوبنا لأن أعيننا الجسدية غالبا ما لا ترينا حقيقة الأمور. وحده نور المسيح يفتح أعين الجسد والقلب ويسمح برؤية الحقيقة ناصعة.
عندما سمع المسيح بأنهم طردوا الأعمى وطرحوه خارجا، إقترب منه وسأله: “أتؤمن بابن الله؟”. لافت أن المسيح هنا يدعو نفسه “ابن الله”، وليس “ابن الإنسان” كما في حالات أخرى. فعل هذا لأنه وجد أمامه إنسانا جاهزا لقبول المعرفة الفائقة، أي لإعلان ألوهته. لقد أعطي من كان أعمى أن يعرف الله بعد أن قطع ارتباطه بالناس الذين حرفوا حقيقة الناموس”.
وأضاف: “الإيمان الحي مزعج للذين لا يملكونه، لأنه يعارض عقلية العالم الساقط. الأعمى أبصر وآمن أكثر من المبصرين الذين كانوا يقرأون التوراة والناموس وعقولهم متحجرة. لذلك لا يكفي أن تكون مسيحيا على الأوراق الثبوتية، فيما قلبك وعقلك مع آلهة أخرى كالأنا والمال والسلطة والجاه. المعادلة نفسها في المواطنة. فلا يعني شيئا امتلاكك جنسية لبنانية إن كان انتماؤك إلى مكان آخر. لا يمكن لأحد أن يعبد ربين، أو أن يكون أمينا لجهتين قد تتعارض مصالحهما” سائلا “كيف يمكن لإنسان أن يمتلك جنسيتين، وإلى أي جنسية يكون ولاؤه؟ فكيف إذا كان مسؤولا؟ لقد نادى المسيح الفريسيين مرارا “يا أولاد الأفاعي”، لأنهم حملوا السم في عقولهم، وسمموا به أبناء جنسهم. فماذا نقول عن فريسي زماننا الذين يسممون حياتنا؟”.
وتابع: “نستذكر اليوم إنسانا استثنائيا، رجلا كبيرا من لبنان، هامة ديموقراطية أصيلة غادرنا منذ سنوات لكن أفكاره وأقواله ما زالت تتردد في أذن كل إنسان عرفه وشاركه حب الوطن والإخلاص له والدفاع عنه بكل جوارحه. نصلي اليوم لراحة نفس عزيزنا غسان تويني ونفتقده في هذه الأيام العصيبة، ونفتقد قلمه الجريء الصريح الذي كان يشير بوضوح إلى مكامن الخطأ، ويعري من تجب تعريتهم من الخطأة بحق الوطن. لم يعرف النفاق والتلون أو الإستزلام والتبعية بل كان صادقا، خلوقا، حرا، يبحث دوما عن الحقيقة ويشهد للحق مهما غلا الثمن. عزيزنا غسان لم يكن كما كان، لو لم يكن قلبه مسكنا لربه وصبره ثمرة إيمانه. غسان ما كان ليسكت عما نعيشه اليوم من حقد وتضارب مصالح وتدن في الأخلاق والعمل السياسي، ومن فساد وظلم وتخلف، وهو المتمرد الدائم على الإنحطاط الأخلاقي والفساد السياسي، وحامل لواء الحرية والديمقراطية والحوار والمحبة. غسان الذي ذاق كل أنواع الآلام، صقلت الآلام نفسه، أما هو فقد صقل شخصيته بالإيمان والمحبة والتواضع والعطاء والتضحية، وداس على قلبه من أجل وطنه، وبدل أن يغلب الحقد والإنتقام بعد إغتيال فلذة كبده. طالب بدفن الحقد واعتماد المسامحة والمحبة. هل من يسمع في أيامنا ويتعظ؟”.
وشدد على أن “غسان ما كان ليقبل أن يتعذب إنسان كائنا من كان، أو أن يذل مواطن، أو أن يتألم طفل. كان من الشعب، حاملا همومه وصارخا باسمه، رافضا كل ظلم أو غدر أو إجحاف، هذا الشعب الذي، من كثرة المصائب النازلة عليه، أصبح يتأقلم مع كل ظرف ويسكت عن كل غبن وكأنه روض واستكان. غسان ما كان ليرضى أن يصل وطنه إلى الإنهيار ولا يحرك ساكنا، أو يقوم بمبادرة أو يطلق صرخة مدوية توقظ الضمائر وتهز أركان الدولة. حب لبنان في قلب غسان طغى على كل حب، وإخلاصه للبنان دفعه إلى حمل لوائه إلى أقصى الأرض، ولم يكن لبنان قد وصل إلى ما هو عليه اليوم من انهيار. أين سياسيونا من غسان وجرأته وإيمانه بوطنه وإخلاصه له؟ أين الزعماء اليوم من صدق غسان ووطنيته وتجرده وصفاء انتمائه إلى لبنان؟ أين هم وقد تفككت دولتنا، وتحللت مؤسساتنا، ودمرت عاصمتنا، وسرقت مدخراتنا، وذل مواطنونا، وأظلمت أيامنا وليالينا؟ ألا يستحق لبنان وقفة شجاعة وموقفا جريئا وقرارا سريعا بالإنقاذ، على حساب كل المصالح والمراكز والمكتسبات الشخصية والطموحات؟ عودوا واقرأوا ما كتبه غسان تويني وما فعله من أجل لبنان وتذكروا مواقفه الجريئة عل الذكرى تنفع”.
وختم عودة: “دعوتنا اليوم أن نبصر جليا أن مخلصنا الوحيد هو الرب يسوع المسيح، وأن كل مدع للعظمة على هذه الأرض لا يجلب على أبناء جنسه سوى البؤس والشقاء. المسيح تجسد وصار إنسانا لأنه أحبنا، حتى الموت. دعاؤنا أن نجد في لبنان من يحب بلده وأبناء بلده حتى الموت، ولا نعني بالضرورة الموت الجسدي، بل الموت عن الأنا وشهوة السلطة المميتة للجميع، آمين”.