عظتي البطرير ك الراعي والمطران عوده لليوم 15 تشرين الثاني/2020/الراعي: المخرج الوحيد لحل الازمة بحكومة مستقلة بكامل وزرائها لا بقسم منها/عوده للسياسيين: كل عقوبات قد تفرض عليكم ليست شيئاً مام عقاب الآخرة

102

المطران الياس عوده للسياسيين: كل عقوبات قد تفرض عليكم ليست شيئا أمام عقاب الآخرة/الأحد 15 تشرين الثاني 2020

Al-Rahi Links Govt. Delay to ‘Plot to Topple State of Greater Lebanon’/Naharnet/November 15/2020
Maronite Patriarch Beshara al-Rahi on Sunday wondered if the ongoing delay in the cabinet formation process is “part of a plot to topple the State of Greater Lebanon” in order to “seize control of what remains.”“We cannot see another objective behind this persistent obstruction, which is accompanied by a systematic destruction of the financial and banking capabilities and by impoverishing the people… and forcing their vibrant sectors and educated youths to emigrate,” al-Rahi said in his Sunday Mass sermon. And calling for the formation of “a government that can pull the country from its dire financial, economic and social situations,” the patriarch said the people want “a government whose entire ministers are independent and not only a part of them.”“This is the only solution to resolve the crisis,” he stressed.

البطريرك الراعي: المخرج الوحيد لحل الازمة بحكومة مستقلة بكامل وزرائها لا بقسم منها الكنيسة ترفض أي اصطفاف تقسيمي يفتت الشراكة ويحول لبنان الى ساحة صراع/الأحد 15 تشرين الثاني 2020
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة: حنا علوان، بولس الصياح وبيتر كرم، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، في حضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه، الوزير السابق سجعان القزي، وعدد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “لا تخف يا زكريا، فقد استجيبت صلاتك”، قال فيها: “1.إستجاب الله صلاة زكريا التي رافقتها حياة بارة عاشها مع زوجته إليصابات سالكين في جميع وصايا الرب ورسومه بلا لوم (الآية 6). تقدما في السن ولم يكن لهما ولد، وكانا يتألمان من حرمانهما ثمرة البنين. هذا الحرمان كان يعتبر عارا في مجتمعهم.
لكن الله في سر تدبيره لا ينسى أحدا، بل يدبر كل شيء وفق تصميمه الإلهي الخلاصي للبشر. فقبل البشارة بالمسيح المنتظر بستة أشهر كانت البشرى لزكريا بإبن يعد الطريق للرب الآتي، فيكون آخر نبي من أنبياء العهد القديم وأول رسول في العهد الجديد. ففي أثناء خدمته الكهنوتية، تراءى له الملاك، وقال: لا تخف يا زكريا، فقد استجيبت صلاتك. وزوجتك اليصابات ستلد لك إبنا. فسمه يوحنا.
2.أحيي مع إخواني السادة المطارنة والأسرة البطريركية كل الذين يشاركون في الليتورجيا الإلهية في كنائسهم الرعائية، وكل الذين لم يتمكنوا من الوصول إليها بسبب الحجر العام ومواجهة جائحة كورونا، ومنع التجوال بالسيارات. كما نحيي الذين يشاركوننا عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وبخاصة تلي لوميار-نورسات والفيسبوك.
3. نصلي معا إلى الله كي يشفي جميع المصابين بوباء كورونا، ويحد من إنتشاره، بل كي يبيده، ويعيد إلى الكرة الأرضية حياتها الطبيعية، ويحد بالتالي من ازدياد أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل. ونصلي أيضا من أجل خلاص لبنان بمس ضمائر المسؤولين السياسيين والنافذين وقلوبهم، لكي يسهلوا بتجرد وإخلاص للوطن تشكيل حكومة قادرة على إنهاضه من حالة البؤس المالي والإقتصادي والمعيشي والإجتماعي.
4. نحن نعلم وبيقين أن يد الله القديرة الخفية هي التي تحمي لبنان من السقوط نهائيا في أيدي الذين يتربصون به شرا من الداخل ومن الخارج، لمصالح شخصية وفئوية ودولية، بفضل صلاة المؤمنين وآلامهم وجوعهم وحرمانهم ودموعهم، وبفضل تشفع أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان، وقديسينا أبناء هذا الوطن، الذين لن يتركوه فريسة الجشعين والذئاب. ولئن بدا الله صامتا أو غائبا، فإنه يتدخل على طريقته في الوقت المناسب وبحسب تدبيره. فالمطلوب أن نثابر كلنا على الصلاة حتى تتجلى إرادة الله، وعلى السلوك أمام الرب بدون لوم محافظين على رسومه ووصاياه مثل زكريا وإليصابات.
5. اختار الله إسم يوحنا أي الله رحوم لمولود زكريا وإليصابات، لكي يعلن أن رحمته تدوم من جيل إلى جيل، ولن تترك المؤمنين في عذابهم أيا يكن نوعه. تجلت رحمة الله في أعمال يوحنا، وأخذت جسدا بشريا بشخص يسوع المسيح إبن الله الذي صار بشرا. فسكنت رحمة الله اللامتناهية بيننا، ترافقنا على دروبنا في الحياة. هذه الرحمة الإلهية هي مبعث الرجاء الذي لا يخيب، لأنه رجاء ينبع من الإيمان، كما يتبين من البشارة لزكريا، فيقتضي منا أن نرجو على غير رجاء (راجع روما 4: 18)، عندما كل شيء ينذر بالإنهيار. الإيمان الحقيقي هو الذي يرجو، ويصمد منفتحا على تجليات عظائم الله. ذلك إن قيمة الإيمان الحقيقي تظهر عندما تكتنفه الظلمات التي تسبب عادة اليأس والشك والتراجع.
6. أثناء العمل الليتورجي الذي كان يقوم به زكريا الكاهن في بيت المقدس، والشعب يصلي خارجه، كلم الله زكريا بلسان الملاك. الليتورجيا هي مكان اللقاء بين الله والإنسان. لذا يوم الأحد هو يوم الرب الذي يتكلم ويغدق نعمه الخلاصية، ويوم الإنسان الذي يتجدد في الإيمان ويلتزم بما يوحيه له الله. الليتورجيا هي المدرسة الكبرى للروحانية المسيحية (البابا بندكتس السادس عشر).
7. كم نتمنى لو يشارك المسؤولون السياسيون عندنا في الحياة الليتورجية، ويدعوا الله يكلم قلوبهم وضمائرهم وعقولهم. فلو فعلوا لما أوصلوا البلاد إلى حالة البؤس والإنهيار على مستوى الشعب والمؤسسات! أمام الإستهتار بصرخة الشعب الجائع وثورته، وأمام جراح بيروت المنكوبة من جراء إنفجار مرفئها في 4 آب الماضي، من دون أن تحرك الدولة ساكنا، وأمام إلحاح الدول الصديقة على تشكيل حكومة جديدة والشروع بالإصلاحات، مع الدعم الدولي الجاهز، ترانا مضطرين إلى طرح أسئلة مصيرية:
هل هذا التمادي في تعطيل تشكيل الحكومة والإستهتار بمصالح الشعب والوطن جزء من مشروع إسقاط دولة لبنان الكبير لوضع اليد على مخلفاتها؟ لا نستطيع أن نرى هدفا آخر لهذا التعطيل المتمادي المرفق بإسقاط ممنهج للقدرة المالية والمصرفية، وبإفقار الشعب حتى جعله متسولا، وبإرغام قواه الحية وخيرة شبابه المثقف على الهجرة.
ألا تريدون بعد اليوم، أيها المعطلون المتمادون من مختلف الأطراف، دولة مدنية تفصل بين الدين والدولة، ودولة متعددة الثقافات والديانات، كما أرادها المؤسس البطريرك الكبير المكرم الياس الحويك حين أعلن في مؤتمر السلام في Versailles سنة 1919: في لبنان طائفة واحدة إسمها لبنان، والطوائف المتعددة فيه تشكل نسيجه الإجتماعي؟
لا تريدون بعد مئة عام من حياة لبنان دولة ديموقراطية منفتحة على جميع دول الأرض، عرفت بثقافتها أنها مكان العيش معا، مسيحيين ومسلمين، بالتعاون المتوازن والإحترام المتبادل، ومكان التلاقي والحوار؟ لا تريدون بالتالي دولة حيادية ذات سيادة كاملة تفرض هيبة القانون والعدالة في الداخل، وتدافع عن نفسها بقواها الذاتية بوجه أي إعتداء خارجي، وتلعب دور الوسيط من أجل الإستقرار والسلام وتعزيز حقوق الإنسان والشعوب في المنطقة؟ إذا كنتم لا تريدون كل ذلك، فإنكم تستبيحون الدستور والميثاق وهوية لبنان ورسالته في الأسرتين العربية والدولية. وهذه هي الهوة بينكم وبين الشعب اللبناني الذي هو سيد الأرض لا أنتم، وهو مصدر كل سلطة، كما ينص الدستور في مقدمته. إنه يريد حكومة مستقلة بكامل وزرائها لا بقسم منهم. هذا هو المخرج الوحيد لحل الأزمة العالقة. الكنيسة تؤمن مع المخلصين للبنان أن هذا الوطن هو مشروع عيش مشترك يبنى كل يوم، ومشروع شراكة حضارية، لا شراكة عددية، ولذلك ترفض أي إصطفاف تقسيمي، يفتت الشراكة، ويحول لبنان إلى ساحة صراع بين مشروعي الأقليات والأكثريات في المنطقة.
8. لقد شاهدنا في هذه الأيام الأخيرة بتأثر عميق إخواننا من الشعب الأرمني في ناغورنو كره باغ (أرتساخ) يغادرون بالدموع الأراضي التي خسروها، والكنائس والأديار، ومن بينها دير داديفانك الشهير الذي يعود بناؤه إلى 800 عام، لكنه تأسس في الأعوام الأولى للمسيحية على يد القديس دادي الذي يكرم جثمانه فيه، وهو دير بكنائسه عزيز على قلوبهم. فودعوه مقبلين حجارته بالدموع الغزيرة. نود أن نعرب لهم من جديد عن قربنا منهم وتضامننا معهم في مشاعرهم. لكننا نقول لهم أن يحافظوا عليه وعلى إرثهم وتراثهم وممتلكاتهم في الأرض التي خسروها، باسم شرعة حقوق الإنسان والأخوة الإنسانية ومبادئها التي أبرزتها وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها قداسة البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب في أبوظبي بتاريخ 4 شباط 2019. فلا بد من أن ينتصر العيش معا على التباعد والكراهية.
9. ونرفع صلاتنا إلى الله كي يرحمنا جميعا ويبيد وباء كورونا ويشفي المصابين به، وأن يرسل لبلادنا مسؤولين يخافونه ويعملون بإخلاص وتضافر قوى على إخراجه من أزمة الحكومة وتداعياتها الإقتصادية والمالية والمعيشية. له المجد والتسبيح الآن وإلى الأبد. آمين”.

المطران الياس عوده للسياسيين: كل عقوبات قد تفرض عليكم ليست شيئا أمام عقاب الآخرة
الأحد 15 تشرين الثاني 2020
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى عوده عظة قال فيها: “تنطلق اليوم في كنيستنا المقدسة رحلة الصوم الأربعيني الميلادي، إذ نتهيأ لاستقبال المولود الإلهي، ربنا يسوع المسيح، الذي ارتضى أن يتنازل ويأخذ جسدا من أجل أن يرفعنا مجددا إلى ألوهته، بعدما سقطنا في الخطايا. كل الأعياد الكبيرة في كنيستنا المقدسة يسبقها صوم نتهيأ من خلاله لاستقبال الحدث الخلاصي المنتظر. إلا أن الصوم عن الطعام لا يكفي. التهيئة لاستقبال العمل الخلاصي الإلهي ترتكز على طرد الأنانية، وزيادة منسوب المحبة في النفس، هذه المحبة التي قد تفتر بسبب الغرق في اليوميات المادية والاهتمامات الدنيوية. لذلك نسمع في القداس الإلهي: لنطرح عنا كل اهتمام دنيوي، كوننا مزمعين أن نستقبل ملك الكل”.
أضاف: “من أجل مساعدة المؤمنين في الاستعداد لاستقبال المخلص، وضعت الكنيسة المقدسة، ضمن هذه الفترة المقدسة، إلى جانب الصوم، تذكارات معظم الأنبياء الذين تحدثوا عن مجيء عمانوئيل (الله معنا)، على مثال النبي حبقوق، والفتية الثلاثة، والنبي عوبديا، والنبي ناحوم، وسواهم. المهم أن نتعلم من هذه الأعياد أن نقرأ الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، حتى نستعد كيانيا لاستقبال الكلمة – المسيح إلهنا، الذي تنبأ كثيرون عن مجيئه، ثم تجسد وعاش بين الناس، وصلب ومات وقام ليخلصنا من الخطيئة وموتها”.
وتابع: “الصوم الحقيقي، المترافق مع التوبة والاعتراف والصلوات وأعمال الرحمة، يجعلنا نتدرب على العيش مسيحيا ضمن عالم بات يبتعد عن المسيح وينصرف إلى كل ما يسهل حياته الأرضية ويرضي غروره وأنانيته. إنجيل اليوم يحدثنا عن السامري الشفوق. هذا الرجل، الذي كان يعتبره اليهود نجسا، ظهر أقرب إلى الله من اليهود المتدينين الذين لم يتوقفوا ليهتموا بالجريح، جاعلين عذرهم أنهم ذاهبون إلى الهيكل لخدمة الله. كم من المسيحيين المتدينين ظاهريا، يتعلقون بالحرف ويتذرعون بحفظ الإيمان والعقائد، وفي المقابل لا يهتمون لأخيهم الإنسان، ولا يظهرون محبة تجاهه، فقط لأنه ليس من دينهم، أو قد يكون من دينهم لكن أفكاره لا تتفق مع أفكارهم! هل الأفكار سبب لإدانة أخينا الإنسان؟ هل الكنيسة أصبحت تعني التقوقع والقبلية ومحبة من هم مثلنا فقط؟ طبعا لا”.
وقال: “الكنيسة مستشفى، والدواء يدعى المحبة. لا يمكن للمسيحي أن يدعي الإيمان القويم وهو لا يحب الجميع بلا قيد أو شرط. كنيستنا تدعو إلى محبة الإنسان كائنا من كان، لكنها طبعا لا تدعو إلى محبة خطيئة الآخر وتشجيعه عليها أو القبول بها. إلا أن البعض أصبحوا يدينون الآخرين، دامجين الخطيئة مع الخاطئ. لو تصرف السامري بمبدأ المثل، كما يعامله اليهود، لما بقي الجريح حيا. لكنه تصرف بحسب مبدأ المحبة، وهذه المحبة أعادت الحياة إلى جسد مجرح هزيل. الجريح يشبه أي خاطئ يسقط ضحية خطاياه، ويسير وراءها، فتوصله إلى مكان قفر، وتنفرد به منقضة عليه ومجرحة إياه، وتتركه بين حي وميت. دعوة المسيحي أن يكون مبلسما لجراح أخيه الواقع تحت نير الخطيئة، أن لا يدينه، أن يكون قدوة له بالمحبة والتسامح، وبقدوته يخلصه من الموت. اللاوي والكاهن اللذان مرا بالجريح دون الإهتمام به لا محبة في قلبهما. هم بشر لا يهتمون إلا لخلاص نفوسهم من خلال المحافظة على الشكل والحرف في العبادة، فيعتبرون الآخر خاطئا، أما هم فأبرار في عيون أنفسهم، ويظنون أنهم سيخلصون إذا تجنبوا الآخر لأنه خاطىء، ناسين أن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله”.
أضاف: “يا أحبة، دينونتنا تحددها طريقة تعاملنا مع الآخر. يوم الدينونة سوف نسمع من الرب: لأني جعت فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني، كنت غريبا فآويتموني، عريانا فكسوتموني، مريضا فزرتموني، محبوسا فأتيتم إلي… قرأنا منذ بضعة أسابيع مثل الغني ولعازر، ورأينا كيف كانت دينونة الغني نتيجة تصرفه مع لعازر الفقير الجالس عند عتبة بابه. المحبة أصبحت عملة نادرة في عالمنا اليوم، وخصوصا في بلدنا، الذي يرزح شعبه تحت أثقال كثيرة، لكن مسؤوليه لا يأبهون إلا لنوع واحد من المحبة هو النرجسية، أي محبة الأنا، ولا يهتمون سوى لأناهم. العواصف الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية تقض مضاجع المواطنين، فيما الهم الأول والأوحد لدى مسؤولينا هو من يقتنص هذه الوزارة أو تلك، ومن يتزعم هذه الساحة أو تلك، ومن يغوص في الفساد أكثر من نظيره الفاسد”.
وتابع: “كفاكم مماطلة. كفاكم وأدا لأبناء بلدكم وتدميرا لبلدكم ولتاريخه ولدوره، إلا إذا كنتم غرباء عن هذا البلد وتخدمون مصالح أخرى. من يبرد اللهيب في قلوب الأمهات والآباء والزوجات والأزواج والأبناء الذين خسروا أحباءهم؟ من هو السامري الشفوق بينكم، الذي سيؤوي في بيته آلاف العائلات المشردة، التي لا تزال تنتظر يد العون علها تتجنب ذل الأمطار الهاطلة داخل بيوتها غير المسقوفة؟ تخافون على الشعب وصحته؟… أمر مضحك… تقفلون البلد المقفل أصلا بسبب سياساتكم الفاشلة؟ ما الخير الذي أتيتم به حتى هذه اللحظة؟ كل العقوبات التي قد تفرض عليكم ليست شيئا أمام عدالة السماء وعقاب الآخرة. الأوان لم يفت بعد لكي تستيقظوا وتدركوا أنكم تقودون الشعب المسكين الطيب إلى هاوية الموت التي لا قيام منها إذا توانيتم أكثر”.
وقال: “مئة يوم مروا على انفجار المرفأ، وقد غيرت هذه الكارثة وجه العاصمة وخلفت ضحايا وجرحى ومشردين، بالإضافة إلى رجال الإطفاء الذين اعتبروا رسالة حياتهم محاربة النار، وإبعاد لهيبها وإنقاذ الإنسان منها. ولكن المسؤولين يشعلون النار في قلوب الأهل والمعارف وأبناء الوطن. رجال الإطفاء دفعوا حياتهم ثمنا لإهمالكم ولا مبالاتكم. والمشكلة ليست فقط في أن الدولة عاجزة عن التعويض المادي، أو في إجراء تحقيق شفاف يكشف حقيقة الانفجار وأسبابه والمسؤولين عنه. المشكلة في تقاعس الدولة عن احتضان المواطنين وبلسمة جراحاتهم. إذا كان المسؤول عاجزا عن تبرير سبب الكارثة أو عن التعويض المادي أو عن تسريع عجلة القضاء، لم التقصير في استقبال المواطنين الذين فقدوا أحباءهم. هؤلاء أرادوا أن يرجعوا إلى مسؤولين من الدرجات العليا إلى الأدنى وما حصلوا على موعد أو جواب ينتشلهم من ظلمة حزنهم وألمهم ويأسهم لأنهم ينتظرون تعزية من الذي يجب أن يعزيهم. لم التقصير أيضا في استقبال الذين نكبوا في منازلهم، وتعزيتهم وإظهار التعاطف معهم، والعمل على تبريد غضبهم، واحتضانهم على الأقل بالمحبة الصادقة مع وعدهم بصدق بالقيام بأقصى الجهد لمساعدتهم؟ ثم أين القضاء اللبناني من هذه الكارثة؟ أين القضاة الشرفاء النزيهون الذين يحملون مسؤولية الكشف عن الحقيقة وتطبيق العدالة”.
أضاف: “نحن نعرف أن التحقيق الدقيق يتطلب وقتا، ولكن حجم هذه الكارثة يفرض على كل مسؤول معني بالتحقيق ألا ينام ليبحث عما يجب أن يبحث وذلك بدون تلكؤ أو راحة، لأن صبر الإنسان المتألم ليس طويلا. ومن فقد عزيزا بحاجة إلى من يعزيه ومن يطمئنه أن العدالة ستنتصر والحق لن يضيع. السامري الشفوق كان غريبا عن اليهودي الجريح، لكنه أظهر تجاهه الاهتمام والمحبة والتعاطف والمساعدة. هلا تعلمنا نحن اللبنانيين، والمسؤولين بشكل خاص، من هذا السامري؟”
وختم عوده: “دعاؤنا مع بدء الصوم الميلادي المقدس، أن يحصل لبنان على الخلاص في عيد ميلاد المخلص. لذلك، فلنصم رافعين الأدعية إلى الرب لكي يحفظ بلدنا الحبيب، وشعبه الطيب، من كل أذية ووباء وشر”.