ادمون الشدياق/لبنان … الأسير الأعظم

65

لبنان … الأسير الأعظم
ادمون الشدياق/04 كانون الثاني/2020

لبنان هو الأسير الأعظم.
نعم لبنان هو الأسير الأعظم لأنه وأن كان لكل من أبنائه جوزاً واحد من الأغلال فللبنان أغلال كثيرة لا تعد أقساها واخطرها ثلاثة:
1-أول أغلال لبنان الأسير هو فئة كبيرة من أبنائه. فبالرغم من أن الكثير من اللبنانيين قدموا دمائهم وحريتهم على محراب وطنهم، فأن هناك فئة كبيرة أخرى تتعامل مع وطنها من منطلقات ومسلمات مختلفة تماماً.
هذه الفئة (وهي بالمناسبة ليست تابعة لطائفة أو مجموعة معينة) تقسم إلى قسمين:
القسم الأول متعربن، متفرس، متسورن عينه دائماً على الخارج. لا يؤمن أصلاً بوجود لبنان كدولة مستقلة قائمة بحد ذاتها، غير منعوتة إلا بذاتها، ذات تراث مميز، فاعل وأصيل.
ولذلك فهو في حركة دائمة لضم لبنان إلى حضارة ما أو دولة ما أو أمة ما. فتطالعك أسماء وأسماء (حضارة عربية، أمة عربية، سوريـة كبرى، سوريـة صغرى، هـلال خصيب، جمهوريـة عربيـة متحدة، جمهوريـة إسلامية، ولاية فقيه، دولة الملالي … الخ )
القسم الثاني بلا اخلاق وصولي انبطاحي يتعامل مع لبنان وكأنه سهم من أسهم البورصة فإذا كان سعره مرتفع وبداء بالهبوط يبيعونه وأن كان سعره منخفض وبداء بالارتفاع يشترونه.
فالولاء الوطني تتحكم به حركة السوق.
والسوق عرض وطلب.
والشاطر بشطارته.
ومين اخد امي بيصير عمي.
ومتسلط دمشق شهبندر التجار، وباش بزق الضاحية قائد الإنكشارية، وصراف قريطم حارس بيت المال، ونرفوز بعبدا باش كاتب الديوان.
2- ثاني أغلال لبنان الأسير هو محيطه. فبينما نجد بأن الله حبا لبنان بطبيعة خلابة وينابيع فوارة وتاريخ مديد وإنجازات حضارية فريدة، لكن ابتلاه بمحيط جاف، قاسي تعبق منه روائح نتانة التطرف والتخلف والقبلية والجاهلية.
محيط لا يعترف إلا بحضارة البلنكو والأسيد وأعقاب السجائر وصعقات الكهرباء.
محيط لا يحكم فيه إلا الجلاد، ولا حرية فيه حتى للموالاة، ولا نظام فيه إلا نظام التقية.
محيط أصبح مقبرة للتاريخ وللحضارة وليس من علامة للحياة فيه سوى زهرة بخور مريم واحدة اسمها لبنان تختنق من نتانة الجيف.
3- ثالث أغلال لبنان الأسير هو النظام العالمي النتن.
هذا النظام المتحكم برقاب الشعوب ومصائرها. يأطرها ويكودرها طبقاً لحسابات ربحه وخسارته.
نظام نرسيسي يؤله صورته ومثاله، كلما ماثلة هذه الصورة كلما رضي عنك وأعتبرك خليقاً بالحياة.
وعنده أقوى جيوش الأرض في حال أن تقارير جمعياته لم تقنعك بما فيه الكفاية.ينادي بحقوق الشعوب والإنسان وحتى الحيوان ويرفع راية الحرية،.
وبذات الوقت يتآمر مع إسرائيل، يساوم مع سورية.
يماليء مع ابومازن ويناور مع ايران والملالي والثمن أمنك وأرضك ومن ثم تتنادى جمعيات حقوق إنسانه لتحصي على الذين يحتلون ارضك والمعتدين عليك خروقاتهم.
ممثلي الشرق يتناهشون ويتكالبون ويقترعون على رداء وطنك، وممثلي الغرب يتأمرون ويدونون ويبوبون ولبنان يقبع في زنزانته بجسم منهوش وأغلال كثيرة تحز على معصميه حتى العظم ينتظر الفرج ويتطلع إلى البعيد إلى أقدام جليلي ناصري مصلوب ينتظر القيامة.