لبنان ودع جوزف ابو خليل في مأتم حاشد الرقيم: باق عبر إرثه الفكري

156

لبنان ودع جوزف ابو خليل في مأتم حاشد الرقيم: باق عبر إرثه الفكري سامي الجميل:عملاق أدى دورا في تاريخ لبنان
الثلاثاء 17 كانون الأول 2019

وطنية – ودع لبنان وحزب الكتائب نائب رئيس الحزب جوزف ابو خليل في مأتم مهيب في كنيسة مار يوسف في الاشرفية ترأسه رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بمشاركة المطران مارون عمار وممثل بطريرك السريان المطران ميخائيل شمعون، رئيس الرهينة اللبنانية المارونية الاباتي نعمة الله الهاشم ولفيف من الكهنة.
وشارك في المأتم النائب فريد بستاني ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب هاغوب بقرادونيان ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب نزيه نجم ممثلا رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل وعقيلته جويس، النائب بيار بو عاصي ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وعقيلته كارن، والنواب: نديم الجميل، الياس حنكش، ونقولا الصحناوي، والوزراء السابقون: إدمون رزق، جوزف الهاشم، روجيه ديب، كريم بقرادوني، ايلي ماروني، سليم الصايغ (نائب رئيس الحزب)، آلان حكيم، زياد بارود، وملحم الرياشي، النائبان السابقان فادي الهبر وسامر سعاده، نقيب المحررين جوزف القصيفي، النقيبان السابقان للمحامين الياس حنا وجورج جريج، النقيب السابق للمحررين الياس عون، الأمين العام للحزب نزار نجاريان، مستشار رئيس الحزب فؤاد ابو ناضر، وأعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي ورفاق الراحل.
الرقيم
وبعد الانجيل، تلا الاب روجيه شرفان الرقيم البطريركي قال فيه: “البركة الرسولية تشمل بناتنا وأبناءنا الأعزاء: تريز وديع كرم، زوجة المرحوم جوزف خليل أبو خليل، وابنتيه وعائلاتهم، وعائلات المرحومين شقيقيه وشقيقتيه، وحزب الكتائب اللبنانية، وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين. بالأسى الشديد والصلاة نودع معكم عزيزكم، الذخيرة من ذخائر لبنان وحزب الكتائب اللبنانية، شيخكم المرحوم جوزيف خليل أبو خليل، النائب الأول لرئيس حزب الكتائب. إبن بيت الدين هو، وفي عيد الميلاد ولد بعد ولادة دولة لبنان الكبير بخمس سنوات. فانفتح قلبه وعقله منذ طفولته على محبة لبنان وعزة تاريخ الأجداد في بيت الدين وجارتها دير القمر. على أساس هذين الكنزين، اللذين تربى عليهما مع المرحومين شقيقيه وشقيقتيه، إنتسب إلى حزب الكتائب اللبنانية عام 1939 وهو في الرابعة عشرة من العمر. فاستقى من المؤسس الكبير المغفور له الشيخ بيار الجميل الروح الوطنية والنضالية من أجل لبنان في هويته الأصيلة التي تميزه عن جميع بلدان المنطقة المشرقية. وأضاف: “إكتسب العلم، بفضل ما أوتي من ذكاء ومواهب، فأضحى من أبرز المحررين والصحافيين والكتاب والمحللين السياسيين. تشهد على ذلك مقالاته وتعليقاته وكتاباته المتتالية في الصحف: كـ”العمل” الناطقة بلسان حزب الكتائب، و”نداء الوطن”، و”النهار”، و”الحياة”، و”الديار”، و”الأنوار”، و”السفير”، والصياد، فضلا عن إذاعة “صوت لبنان” التي أسسها في منزله وكانت تبث سرا طيلة ثورة 1958″. وتابع: “إرتبط في سر الزواج المقدس بشريكة حياة فاضلة، هي السيدة تريز وديع كرم التي كانت إلى جانبه خير معين. عاشا معا حياة زوجية سعيدة، باركها الله بثمرة الابنتين اللتين أمنا لهما أحسن تربية على القيم الروحية والأخلاقية والوطنية، مع العلم الرفيع. وسرا بهما تؤسسان عائلتين رضيتين. فكانتا مع الصهرين والأحفاد بهجة قلبه.
وأكمل المرحوم جوزف مسيرته الحزبية والوطنية البناءة داخل الكتائب اللبنانية، من بعد الرئيس المؤسس، مع رئيس الجمهورية الشهيد الشيخ بشير الجميل، ثم مع شقيقه الشيخ أمين رئيس الجمهورية السابق، فمع ابنه الشهيد بيار النائب والوزير، وأخيرا في هذه الأيام مع رئيس الحزب النائب الشيخ سامي.
فكان عندهم المرحوم جوزف هو هو رجل الثقة والمشورة الحكيمة والتجرد والتفاني، غير متطلب شيئا لنفسه. ولذا، أسندت إليه في الحزب مسؤوليات متنوعة أهمها عضويته في المكتب السياسي، ومنصب الامين العام، فالنائب الأول لرئيس الحزب، وهو منصب شغله حتى وفاته.
ولئن غاب عنا، فهو باق في ما ترك لنا وللأجيال الآتية من إرث فكري، ليس فقط في مقالاته الصحافية، بل وأيضا في الكتب الخمسة التي أصدرها ما بين سنة 1990 و 2015. أغمض عينيه، ودمعة تنساب على خديه، متأثرا بما آل إليه وجه لبنان الجميل الذي حافظ عليه وناضل من أجله.
وقال: “ها هو في ذكرى ميلاد الرب يسوع على أرضنا، يولد هذه المرة في السماء، حاملا معه ال94 عاما الغنية بالأعمال الصالحة والإيمان بالله والكنيسة والوطن. ولسان حاله يردد مع صاحب المزمور: “من طول الأيام أشبعتني، فأرني الآن خلاصك” (مز16:91). وختم: “على هذا الأمل، واكراما لدفنته، وإعرابا لكم عن عواطفنا الأبوية، نوفد اليكم سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة بيروت السامي الإحترام، ليرئس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه وينقل اليكم جميعا تعازينا الحارة.
تغمد الله روح فقيدكم الغالي بوافر الرحمة، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء”.
الجميل
النائب سامي الجميل استهل كلمته بالقول: “أنت عملاق في خدمة لبنان تواضعت كل حياتك واليوم يجب ان تسمح لنا بأن نقول الحقيقة لكل الناس”. وتابع “عمو انت عملاق في حياتك الشخصية، تربيتك لعائلتك وحبك لتيريز وكل واحد منا يحلم بأن يعيشه، انت عملاق في حزبك بتواضعك ومحبتك لرفاقك ووفائك لقضيتك وثباتك في بيتك بيت الكتائب المركزي”. عشت التأسيس، والشيخ بيار، وبعد وفاته تقمص الشيخ بيار فيك، وجسدت كل ما يمثله بيار الجميّل معنا وقربنا كل يوم”.
وعدد مزايا الراحل من “تواضع وعطاء وتضحية ووفاء ونضال وانتفاضة دائمة وحب للبنان وصل الى مرحلة الغرام”. وأضاف: “كان لنا الشرف بأن نخدم لبنان معك ولك فضل كبير على هذا الحزب وعلينا كلنا. كنت المرجع والبوصلة والدعم، ذكرت كل الرفاق: ماذا تعني الكتائب فهي ليست سلطة او حزبا عاديا وعابرا بل هي مدرسة وروح ونضال وتجرد وعطاء، الكتائب هي حب لبنان، لذلك هي الحزب الوحيد الذي بقي واقفا وانت الى جانبه”. وتابع: “مثلما أدى الحزب دورا في كل المحطات الرئيسية، انت أديت دورا في كل محطة تاريخية من لبنان، انت الانسان الوحيد الذي كان له اهم دور الى جانب القرار في كل المحطات التاريخية في لبنان من الاستقلال الى اليوم. انت عملاق في خدمة لبنان. وانا اريد الافادة من هذه اللحظة للتحدث عن رؤيتك للبنان، كنت تجلس معي واشعر بأنك تتحدث كشخص خلق هذا البلد وكأن لبنان ابنه، شرحت لي لماذا خلق لبنان وما هدفه ورسالته. وكلما حاول احد تفريق لبناني عن آخر، كنت تقول يجب التمييز بين من يحب لبنان ومن لا يحبه لا ان نميز بين اللبنانيين. كنت تقول إن لبنان لا يبنى الا بأن نكون مواطنين ونضع طوائفنا على جنب ونفكر بلبنان”. وتوجه الى الراحل: “انت عملاق وسنودع كعملاق، وسنعدك باسم كل الرفاق والرفيقات بأن رسالتك باقية كما هي والكتائب باقية كما اردتها. صادف انك غادرت السبت، والاحد اصبح بيت الكتائب المركزي بيت الشعب اللبناني، فكرت بكم كانت لتكون هدية جميلة لك بأن ترى كل اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، يلجأون الى بيت الكتائب لأنه بيت الحرية والكرامة”. وختم: “هكذا ستبقى الكتائب، وهذا وعدنا لك ولعائلتك، سنستمر في التعاليم نفسها التي علمتنا اياها والكتائب ستكون كما اردتها. نودعك عمو هنا، ونلتقي الاثنين في بيت الكتائب المركزي”.
كلمة نقابة المحررين
وتلا امين سر نقابة المحررين جورج شاهين كلمة النقابة، قال فيها: “أحار من أي موقع أنعى عمو جوزف من موقعي الشخصي الذي كنت شاهدا على اولى خطواته المهنية، من موقع الرفيق الذي امضينا معا اكثر من 45 عاما، من موقع الزميل الذي عانينا واياه مختلف صنوف التعب والإرهاق عندما كنا نصل الليل بالنهار لإصدار عدد يومي من جريدة “العمل” وتحديدا في تلك الليالي السود التي اصدرنا فيها بعد وضعك في الإقامة الجبرية عددا أسود بدلا من الحمر، من تلك الغرف في مبنى البيت المركزي التي كانت تهتز جدرانه بقذائف الدبابات من خلفنا”.
واضاف: “عمو جوزف، اقف اليوم امام نعشك المجلل باسم نقيب المحررين جوزف القصيفي وباسم أعضاء مجلس النقابة الذين اولوني شرف القاء كلمة حق في وداعك، عمو جوزف يعجز اللسان عن قول مثل هذه الكلمة واختصار ما اختصرت في شخصك من قيم ومواهب”.
وتابع “زينت جدول نقابة المحررين بكل الصفات المهنية ولم تسعى يوما الى منصب او لموقع.اعطيت لها رونق الصحافي المجاهد الساعي الى الحقيقة التي ادركتها في الكثير من المناسبات والمواقع فكنت صلبا الى جانبها مهما غلا الثمن. قدمت لوحدتها الكثير من التعب في ثمانينيات القرن الماضي ووقفت إلى جانبها في أصعب الأوقات وأدق الاستحقاقات، دافعا عنها ما تعرضت له من ضغط في زمن الحرب، وإنقسام العاصمة إلى شطرين. وكنت حريصا على القيام بواجباتك حيالها حتى اللحظة الأخيرة، على الرغم من تقادم العمر”. وتابع: “من على هذه المنصة، وفي مثل هذا اليوم في 17 كانون الأول، استذكرت فقدان والد حنون قبل 36 عاما. وانا ارى نفسي اليوم انعى والدا آخر ومناضلا لم تخل الساحة إلا عند سقوط يراعه التي ما خطت إلا آيات الوفاء لوطن أنجبك، وحزب نشأت فيه وكنت شاهدا على تاريخه ومواكبا له، ومهنة ونقابة إحتضنتهما وإحتضناك، وقامت بينك وبينهما إلفة وتآلف حتى قضى الله أمرا كان مقضيا”. وختم “عمو جوزف، نم قرير العين في بيت الدين، أميرا من أمراء الصحافة، متقدما جميع أمرائها. وداعا عمو جوزف، والى اللقاء”.
كلمة العائلة
كلمة العائلة ألقتها كريمة الراحل القاضية ريما ابو خليل شرتوني فتحدثت عن ابو خليل “الاب والانسان وحبه للوطن لبنان وقدرته على المسامحة”. وشكرت كل من شارك العائلة بالتعازي طوال الايام الثلاثة الماضية. وقالت: “علمنا والدي التواضع والانسانية والا نستقوي على الضعيف وان نحب لبنان، وكان يملك قدرة رهيبة على المسامحة، واعتقد انه سامح 7 الاف مرة”. وختمت: “سيبقى صوت لبنان صوت الحرية والكرامة الذي تربينا على اساسه”.
في الصيفي
وكان جثمان الراحل وصل الى بيت الكتائب المركزي في الصيفي وحمل النعش على الأكف ملفوفا بالعلمين اللبناني والكتائبي. ووسط التصفيق، أدخل الى بيت الكتائب حيث سجي الجثمان ورفعت الصلوات، ووضع رئيس الحزب النائب سامي الجميل الزر المذهب على صدر الفقيد. وأنشد الحاضرون النشيدين الوطني والكتائبي. وفي رحلة أخيرة، أدخل النعش الى قاعة اجتماعات المكتب السياسي والى مكتبه الذي
امضى فيه “عمو جوزف” 75 عاما من العمل والنضال”.