فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم 26 أيلول/2021 البطريرك الراعي في كنيسة الديمان، مع نص عظته ونص العظة التي القاها اليوم أيضاً المطران عودة

80

اضغط هنا لمشاهدة فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه البطريرك الراعي في كنيسة الديمان 

الأحد 26 أيلول 2021

فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم 26 أيلول/2021 البطريرك الراعي في كنيسة الديمان، مع نص عظته والعظة التي القاها اليوم أيضاً المطران عودة

المطران عودة: الله يسمع أنين المحتاج عكس الجشعين الساعين للربح المادي
الأحد 26 أيلول 2021

البطريرك الراعي: نعترض على الكيل بمكيالين لجهة المدعوين للتحقيق معهم في ملف تفجير المرفأ الأمر الواقع بات يهدد وحدة لبنان وصيغة الشراكة الوطنية
الأحد 26 أيلول 2021
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه المطرانان حنا علوان وشكرالله نبيل الحاج، رئيس مزار سيدة حريصا الاب فادي تابت، القيم البطريركي في الديمان الاب طوني الآغا، المونسنيور وهيب كيروز، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو. وحضر القداس عدد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “حينئذ يبغض بعضهم بعضا” (متى 24: 10)، قال فيها: “بعدما تنبأ الرب يسوع عن خراب هيكل أورشليم، ظن التلاميذ أن هذا يعني نهاية العالم ومجيء الرب الثاني بالمجد. فسألوه عن وقت حدوثه. أما جواب يسوع فتناول نتائج هذا الخراب المزمع أي: تضليلات وفتن وحروب ومجاعات وظلم وتعديات، وجفاف المحبة في القلوب، وحينئذ يبغض بعضهم بعضا (متى 24: 10). الرابط بين خراب هيكل أورشليم، المدينة المقدسة، وهذه المآسي التاريخية التي تتواصل من جيل إلى جيل، هو إقصاء الله عن الذات، وعن حياة الجماعة. وعند ذلك لا حاجة إلى هيكل يعبد الله فيه بالشفاه، فيما أعمال الشر وأفكار السوء والحقد والبغض والحروب تتواصل. كانت علامة خراب الهيكل ونتائجه ما جرى عند صلب يسوع، الإله المتأنس لخلاص البشر، وموته فوق الخشبة، كما يروي الإنجيليون: وصرخ يسوع صرخة عظيمة وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق شطرين، من فوق إلى تحت، والأرض تزلزلت، والصخور تشققت (متى 27:50-51). فلأن رب الهيكل قتل، لا حاجة بعد الآن إلى هيكل حجري. وهكذا تمت النبوءة بعد أربعين سنة على يد الرومان أي سنة 70. استبدل الرب يسوع الهيكل الحجري بالهيكل الشخصي، هيكل كيان الإنسان المؤمن الذي يصبح منزل الله (يو 14: 23)، وهيكل الروح القدس (1 كور 6: 19). أما كنائسنا الحجرية فهي المكان الذي نلتقي فيه الله، وحيث نتقبل وسائل الخلاص: كلمة الله، ونعمة ذبيحة الفداء، والحياة الجديدة بتناول جسد الرب ودمه، وحيث نعيش شركة البنوة لأب واحد سماوي، والأخوة فيما بيننا وتجاه كل الناس”.
وتابع: “أجل، إقصاء الله، إقصاء كلامه ووصاياه، ونعمته، والحياة الجديدة، يهدم الهيكل الشخصي مع تأثير هذا الهدم على الحياة الإجتماعية والوطنية، فتفكك عراها، وتسود الأنانية، والمصلحة الذاتية والروح المادية والإستهلاكية. وينفرط عقد العائلة الصغيرة والكبيرة. تحيي الكنيسة في هذا الأحد اليوم العالمي المئة والسابع للمهاجرين واللاجئين. فوجه للمناسبة قداسة البابا فرنسيس رسالة بعنوان نحو نحن اوسع واوسع، يؤكد قداسته أن مشروع الله الخالق هو أن يشكل البشر على تنوعهم عائلة بشرية واحدة، ويؤلفون معا ال نحن الذي يجب أن يصبح اوسع واوسع بتكاثر الأجيال. فقد خلقنا الله على صورته، على صورة كيانه الواحد والثالوث، لنكون شركة في التنوع. سمعتم أن فجر أمس دخل لصوص كاتدرائية مار مارون في بيونس أيرس الأرجنتين، ونهبوا محتوياتها الثمينة المتنوعة، حتى أنهم دنسوا جسد الرب، إذ فتحوا بيت القربان، وسرقوا الكؤوس ورموا القربانات المقدسة أرضا. إننا ندين مع سيادة أخينا المطران يوحنا حبيب شامية، راعي الأبرشية، ومع أبنائنا الآباء المرسلين اللبنانيين الموارنة، ومع كل المؤمنين، هذا التدنيس والتعدي على جسد الرب، وعلى هيكل الله، ونقيم هذه الذبيحة المقدسة تعويضا وتكفيرا عن هذا الشر التدنيسي. وقد علمنا أن قداسا مماثلا يحتفل به اليوم راعي الأبرشية بحضور رئيس الوزراء الجديد الماروني واللبناني الأصل الدكتور خوان منصور، وبحضور أبناء الجالية المارونية واللبنانية والمؤمنين المحليين بيونس ايرس”.
أضاف: “عندما أقصى الإنسان الله، عاد ربنا فصالحه بكثرة رحمته الأسرة البشرية كلها، كل الشعوب. وهذا كشفه على لسان يوحنا الرسول في رؤياه: هوذا مسكن الله مع الناس، يسكن الله معهم، وهم يكونون له شعبا، والله معهم يكون لهم إلها (رؤيا 21: 3). ويقول البابا فرنسيس: يتبين لنا في الوقت الحاضر أن ال نحن التي أرادها الله هي اليوم محطمة ومشرذمة ومجرحة ومشوهة. وهذا ظاهر في القوميات المنغلقة والعدوانية والفردية المتطرفة. والثمن الأغلى يدفعه أولئك الذين يصبحون الآخرين، وهم الغرباء والمهاجرون والمشردون والمظلومون والمهمشون الذين يعيشون في الضواحي الوجودية. ويقول البابا فرنسيس في رسالته لنحقق الشركة في التنوع، والتوفيق بين الإختلافات، من دون أن نفرض أبدا توحيدا يزيل سمة الشخصية عن أي واحد أو جماعة. هذه بالحقيقة ميزة لبنان وهو بحاجة إلى استعادتها. فمنذ إنشاء دولة لبنان، كانت ميزته التعددية الثقافية والدينية، أي شركة في التنوع. وهذا واضح في دستور الجمهورية الأولى سنة 1926 وجاء الميثاق الوطني سنة 1943 ليعبر عن هذه الشركة في التنوع بكلمة العيش المشترك الذي أدخل في مقدمة دستور الجمهورية الثانية سنة 1990 بعد اتفاق الطائف (1989). إن سوء الأداء السياسي والخيارات السياسية الخاطئة، وعدم الولاء للوطن، والإستقواء بالخارج، شوه هذه الميزة عندنا، وأوصل البلاد إلى الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية والإجتماعية والأمنية الخانقة. يتطلع الجميع إلى الحكومة رابطين تأييدهم لها بتخفيفها معاناة الشعب، وحل مشاكل الحياة اليومية، وإطلاق الإصلاحات، وتصديها لكل ما ينال من سيادة الدولة وهيبتها وحرمة حدودها. مسؤوليتها أن تحيي الأمل بلبنان الواحد في إطار الحياد، واللامركزية الموسعة، والتفاعل الحضاري بين مكوناته تحت سقف دولة حرة ومستقلة ومستقرة. وفي هذا الإطار من واجب الحكومة أن تحرك المؤسسات والأجهزة للقيام بواجباتها حثيثا، فالأمر الواقع بات يهدد وحدة لبنان وصيغة الشراكة الوطنية”.
أضاف: “نظرنا جميعا بثقة إلى المحادثات التي جرت في باريس منذ يومين، وثمنا موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصامد تجاه لبنان والداعم إياه في المحافل الأوروبية والدولية، كما أكد لرئيس الحكومة السيد نجيب ميقاتي. ويبقى على الحكومة اللبنانية أن تفي بالتزاماتها الإصلاحية لكي يتحول هذا الدعم إلى فعل حسي وتأتي الى لبنان المساعدات الموعودة. إن شعب لبنان بحاجة إلى ثروته المثلثة: التربية والتعليم والثقافة. هذه الثلاثية كانت في أساس وجود لبنان المميز في الشرق الأوسط . وما بدأ لبنان يتهاوى إلا مع كسوف هذه الثلاثية. إن أحد نتائج افقار اللبنانيين، وهذا ما يرجوه البعض، أن يصبحوا عاجزين عن التحصيل العلمي، وعن اتباع مناهج تربوية متطورة، وشراء الكتب والاطلاع على الثقافة العالمية فيحاصرون في ثقافة هي أقرب الى الجهالة منها الى المعرفة”.
وتابع: “لذلك أول واجبات الدولة، قبل سواها، دعم قطاع التربية والتعليم فورا بإطلاق المدارس والجامعات، وتوفير الكتب العالمية بأسعار تشجيعية من خلال اتفاقيات ثقافية مع الدول الصديقة، وتأمين مساعدات مالية تمكن الأهل من دفع الأقساط المدرسية، ومن اختيار المدرسة التي يريدونها لأولادهم. وواجب الدولة أن تساعد أصحاب المدارس الخاصة، ولاسيما الكاثوليكية منها على حسن التعاون مع أهالي التلامذة والمعلمين، والتصرف على أساس إنساني اولا. فجميعنا يمر في ظروف صعبة تحتم ان نتضامن بعضنا مع البعض الاخر. إننا ما زلنا نعيش في عمق قلوبنا مأساة أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت ال 208 والأكثر من ستة آلاف جريح، ومئات العائلات التي تشردت، والمنازل التي تهدمت. ونطالب اليوم وكل يوم بكشف الحقيقة وحسن سير العدالة. ومع ذلك نشجب التعرض للقضاء بهدف تعطيل التحقيق. ويجدر بأركان الدولة اللبنانية أن يستنكروا ما يتعرض له القضاء، ويدعموا عمل المحققِ العدلي ليصل إلى الحقيقة. كما نعترض على الكيل بمكيالين لجهة المدعوين للتحقيق معهم. كم كنا نتمنى لو أن جميع الذين يتمتعون بحصانة سارعوا ورفعوها عنهم طوعا أمام هول الكارثة التي تعد ثاني كارثة عالمية بعد هيروشيما”.
وختم الراعي: “إننا نكل إلى رحمة الله واقعنا اللبناني، ونصلي لكي يعود الجميع إلى الله، فنعيش جمال البنوة له والأخوة بعضنا إلى بعض. له المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

المطران عودة: الله يسمع أنين المحتاج عكس الجشعين الساعين للربح المادي
الأحد 26 أيلول 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداس عيد رقاد الرسول والانجيلي يوحنا اللاهوتي في مطرانية بيروت، في حضور عدد من المؤمنين.
وبعد الانجيل المقدس، ألقى عودة عظة قال فيها: “تعيد كنيستنا المقدسة اليوم عيد رقاد الرسول والإنجيلي يوحنا اللاهوتي الحبيب كاتب الإنجيل الرابع بالإضافة إلى ثلاث رسائل، وقد وضعت الكنيسة تذكارا آخر له في الثامن من شهر أيار. في هذه المناسبة، أتقدم باسمي، واسم إخوتي إكليروس الأبرشية وأبنائها بالمعايدة القلبية من أبينا صاحب الغبطة، البطريرك يوحنا العاشر الكلي الطوبى. نسأل الرب إلهنا أن يمده بالصحة والسنين المديدة، ليبقى قاطعا كلمة الحق باستقامة ويصل بأبناء أنطاكية الحبيبة إلى المدينة السماوية”.
أضاف: “إن يوحنا هو إبن زبدى، من بيت صيدا في الجليل. كان أصغر التلاميذ الإثني عشر سنا، وهو الذي اتكأ على صدر السيد في العشاء الأخير. دعاه الرب يسوع مع أخيه يعقوب، الذي قتله هيرودس أغريباس الأول، ليكونا من تلاميذه (مت 4: 21). يبدو أنه كان على جانب من الغنى، لأن أباه كان يملك عددا من الخدام (مر 1: 20). أما سالومة أمه فكانت إمرأة فاضلة نقية. كانت شريكة النساء اللواتي اشترين الحنوط الجزيل الثمن لتكفين جسد الرب يسوع. يقال إنها كانت أخت العذراء مريم، أو نسيبتها (يو 19: 25). لقد اتخذ يوحنا الصيد حرفة، لأن عادات اليهود كانت تقضي بأن يتعلم أبناء الأشراف حرفة، كما كان من تلاميذ يوحنا المعمدان ومن تلاميذ الرب يسوع الأولين (مر 1: 19؛ مت 4: 21-22)، كذلك كان هو وأخوه شريكين للرسول بطرس في الصيد (لو 5: 10).
كان يوحنا معروفا لدى قيافا رئيس الكهنة (يو 18: 15)، وربما كان له بيت في أورشليم (يو 19: 27). يوحنا وأخوه كانا حادي الطبع، سريعي الإنفعال والغضب (مر 9: 38؛ لو 9: 52-56)، فلقبهما الرب يسوع ب”إبني الرعد” أو الغضب (مر 3: 17). كانا طموحين، ولديهما نزعة إلى العظمة والمجد، لكن هذه النزعة سرعان ما تلاشت وأصبحا مستعدين لمجابهة الموت من أجل المسيح والبشارة بتعاليمه (مر 10: 35-40؛ مت 20: 20-23)”.
وتابع: “في قائمة الرسل، يذكر يوحنا دائما بين الأربعة الأولين (مت 10: 2؛ مر 3: 14-17؛ لو 6: 13-14)، وقد كان أحد الرسل الثلاثة الذين اختارهم الرب يسوع ليرافقوه عدة مرات، وهم وحدهم عاينوا إقامة ابنة يايرس (مر 9: 2؛ لو 8: 51)، والتجلي الإلهي (مت 17: 1؛ مر 9: 2؛ لو 9: 28)، وجهاده في الجسمانية (مت 26: 37؛ مر 14: 33). ظل يوحنا أمينا لسيده، ملازما له حتى النهاية، وفي الليلة التي أسلم فيها السيد، تبعه إلى دار رئيس الكهنة عن قرب، لا عن بعد مثلما فعل بطرس. أما عند الصليب، فبقي أمينا أيضا، فأوصاه الرب بالعناية بأمه، كما سمعنا في إنجيل اليوم “كانت واقفة عند صليب يسوع أمه فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان هو يحبه واقفا قال لأمه يا امرأة هوذا ابنك، ثم قال للتلميذ هوذا أمك”. وعندما قصد يوحنا القبر الفارغ، كان أول من آمن بالقيامة المجيدة (يو 20: 1-10)”.
وقال عودة: “كتابات الرسول يوحنا الإنجيلي مفعمة بروح المحبة. يروى عنه أنه عندما شاخ ولم يعد قادرا على الوعظ، كان يحمل إلى الكنيسة ويقف بين المؤمنين مرددا عبارة: “يا أبنائي، أحبوا بعضكم بعضا”. سئم سامعوه منْ تكراره العبارة نفسها، فسألوه عن السبب، فأجابهم: “لأنها وصية الرب، وهي وحدها كافية لخلاصنا، لو أتممناها”. رقد يوحنا حوالى السنة المئة، على عهد الإمبراطور تراجان، عن عمر ناهز التسعين. يعلمنا الرسول يوحنا، في المقطع الذي تلي على مسامعنا اليوم من رسالته الأولى الجامعة، أننا إن كنا محبين يثبت الله فينا. يقول: “إن أحببنا بعضنا يثبت الله فينا وتكون محبته كاملة فينا”. المحبة هي أعظم الوصايا التي تركها لنا الرب يسوع، هو الذي طبق هذه الوصية على الصليب، إذ أحبنا باذلا نفسه من أجلنا حتى الموت. لا يوجد في الحياة أمر أعظم من المحبة، من لا يحب لا يعرف الله لأن الله محبة (1يو4: 8). يقول القديس البار بورفيريوس الرائي: “هدفنا واحد في هذه الحياة، وهو محبة المسيح ومحبة الناس الآخرين. أن نصبح جميعنا واحدا ورأسنا هو المسيح. هكذا فقط سنقتني النعمة والسماء والحياة الأبدية. محبة الأخ، القريب، تنمي المحبة نحو الله. فلنحب الجميع ولنضح بأنفسنا من أجل الجميع، بلا مقابل، من دون أن نطلب تعويضا، عندئذ يتوازن الإنسان. المحبة التي تطلب مقابلا هي محبة المصلحة، وليست محبة نقية صافية لا غش فيها”. كلام القديس بورفيريوس يذكرنا بأولئك الذين يبدون محبة واهتماما بالشخص عند حاجتهم إليه، وعندما يصلون إلى مبتغاهم تبرد محبتهم ويتلاشى اهتمامهم. هذه ليست محبة بل مصلحة، في حين تبقى الكنيسة، على مثال سيدها، الوحيدة التي تقدم المحبة المجانية للجميع، بلا مقابل. يقول القديس بورفيريوس: “هذه هي الكنيسة: أنا وأنت وهو والآخر، علينا أن نشعر بأننا أعضاء المسيح وأننا واحد”. إذا، محبة الذات، أي الأنانية، ليست محبة، لكنها مرض يدخل النفس فيجعلها حزينة وحيدة، أما المحبة الحقيقية فتكون باتجاه الآخر، المخلوق على صورة الله ومثاله. يحذرنا الرسول يوحنا من محبة العالم قائلا: “لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم (أي عالم الخطيئة، عالم الشرير، مسكن الشيطان) فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم: شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضي وشهوته، أما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد” (1يو 2: 15-17). هذا العالم يؤثر علينا، لهذا يحذرنا الإنجيلي يوحنا منه. يبدو هذا التأثير على ثلاثة وجوه: الجسد، الذي يدل على الرغبات الجامحة في الطبيعة البشرية، شهوة العين التي هي الرغبة في أن نمتلك كل ما نرى ولا نشبع. وتعظم المعيشة عندما يكتفي الإنسان العائش في الترف بما عنده، فلا يعود يثق بالله، ولا يهتم من بعد بالأخ والقريب”.
أضاف: “أناس كثيرون يسعون نحو عيشة أرضية كريمة، حتى لو كانت على حساب إخوتهم البشر، الأمر الذي عايناه في الفترة الماضية ولا نزال مع المحتكرين والتجار الذين سارعوا إلى رفع أسعار سلعهم مستغلين الظرف الصعب. خافوا على خسارتهم المادية، فاستغلوا إخوتهم، وبذلك خسروا الإكليل السماوي. الله يسمع أنين المحتاج، على عكس الجشعين الذين يتحينون الفرص للربح المادي ولو على حساب الأخرين”.
وختم عودة: “يقول الرسول يوحنا: “هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء: أن يحب بعضنا بعضا. ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه، لا تتعجبوا يا إخوتي إن كان العالم يبغضكم. نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة. من لا يحب أخاه يبقى في الموت. كل من يبغض أخاه هو قاتل نفس، وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليست له حياة أبدية ثابتة فيه. بهذا قد عرفنا المحبة: أن ذاك وضع نفسه من أجلنا، فينبغي لنا أن نضع نفوسنا من أجل الإخوة. والأخ هو كل إنسان آخر. وأما من كانت له معيشة العالم، ونظر أخاه محتاجا، وأغلق أحشاءه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه؟ يا أولادي، يقول يوحنا، لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق!” (1يو 3: 11-18). يختصر لنا الرسول يوحنا المحبة بهذا الكلام العميق، الذي إذا حفظناه وعملنا به نرث الحياة الأبدية. إن طريق الملكوت تعبر عبر الآخر الذي نحبه مجانا، لأننا بمحبة الآخر نتحد بالله. فإن لم نقدم له المحبة الحقة المجانية، تقطع طريقنا ويسبقنا الجميع نحو العرس السماوي. لهذا، دعوتنا اليوم، في عيد “رسول المحبة”، أن نكون مقتدين مثله بالمسيح الذي بذل نفسه من أجل خلاص الجميع، لا أن نكون ممن يسعون إلى خلاص أنفسهم أولا، فيدوسون كرامات الآخرين ظانين أنهم بذلك يصلون أولا، أما جهادنا نحن ففي أن نتبع المسيح، أن نتمثل به، فتمتلئ حياتنا بعشق المسيح ومحبته. فهلم نمشي وراء المسيح ونتبعه، آمين”.