فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم الأحد 04 تموز/2021 البطريرك الراعي في المقرّ البطريركي-الديمان ونص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة/البطريرك الراعي متوجها للمسلمين: ليس في السلام غالبون ومغلوبون بل إخوة يسيرون من الصراع الى الوحدة/المطران عودة: عسى اهتمام البابا يحرك ضمائر المسؤولين ويحضهم على القيام بما يلزم سريعا

72

فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه اليوم الأحد 04 تموز/2021 البطريرك الراعي في المقرّ البطريركي/الديمان/ونص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة 

اضغط هنا لمشاهدة فيديو القداس الذي ترأسه اليوم 04 تموز/2021 في كنيسة الطرح البطريركي في الديمان-فايسبوك فيديو-

المطران عودة: عسى اهتمام البابا يحرك ضمائر المسؤولين ويحضهم على القيام بما يلزم سريعا
وكالة الأنباء الوطنية/الأحد 04 تموز 2021

الراعي متوجها للمسلمين: ليس في السلام غالبون ومغلوبون بل إخوة يسيرون من الصراع الى الوحدة
وكالة الأنباء الوطنية/الأحد 04 تموز 2021
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه المطران بيتر كرم والقيم البطريركي في الديمان الاب
طوني الآغا، وشارك فيه عدد من الآباء. حضر القداس جماعة من الراهبات وعدد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “الحصاد كثير والفعلة قليلون” (لو 10: 2)، قال فيها:
1. الكنيسة، برعاتها وجماعة المؤمنين والمؤمنات بالمسيح، مرسلة إلى العالم، وهي في حالة إرسال دائم لتعلن سرّ يسوع المسيح، بحيث يتمكّن كلّ إنسان من معرفته، واللقاء به لقاء شخصيًّا وجدانيًّا. وهي بالتالي رسالة سلام، فالمسيح “أمير السلام” بحسب أشعيا النبيّ، و”المسيح سلامنا” بحسب بولس الرسول (أفسس 2: 14)، وبمعرفته “ننال السلام” بحسب بطرس هامة الرسل (2 بطرس 1: 2).
وإذ تنفتح أمام الكنيسة مساحات واسعة في العالم من مثل: الحياة الإجتماعيّة،والتربية والإقتصاد، والسياسة، والإدارة، وعالم القضاء، والإعلام وتقنيّاته، قال الربّ يسوع لهؤلاء الذين يرسلهم من جيل إلى جيل: “الحصاد كثير والفعلة قليلون. فاطلبوا من ربّ الحصاد أن يرسل فعلةً إلى حصاده” (لو 10: 2). أجل، نحن نصلّي اليوم من أجل إرسال مثل هؤلاء الفعلة أساقفة، وكهنة ورهبانًا وراهبات ومؤمنين ومؤمنات ملتزمين، فيعملوا على متابعة الرسالة، حاملين إنجيل الملكوت إلى هذه المساحات، فتنطبع بثقافة الإنجيل.
2. يسعدني أن نلتقي معًا ونحتفل بهذه الليتورجيا الإلهيّة، بعد العودة من روما حيث مع أصحاب الغبطة البطاركة والسادة الأساقفة، رؤساء الكنائس في لبنان، شاركنا قداسة البابا فرنسيس في “يوم التفكير بشأن لبنان، والصلاة من أجل السلام فيه”. نشكر الله في هذه الذبيحة الإلهيّة على ذاك اليوم الغنيّ بالخير والنعم، ونصلّي كي يحقّق الله أمنيات قداسته بشأن لبنان، وكي يمكّننا من تحقيق برنامج العمل الذي رسمه لنا في كلمته التي ختم بها الصلاة المسكونيّة في بازيليك القدّيس بطرس، وشارك فيها العالم عبر الوسائل الإعلاميّة ووسائل التواصل الاجتماعي.
3. إنجيل اليوم يذكّر المسيحيّين بأنّهم يشاركون، بحكم معموديّتهم والميرون، في وظيفة يسوع المسيح المثلّثة: النبويّة والكهنوتيّة والملوكيّة. الوظيفة النبويّة توجب عليهم معرفة المسيح والانجيل وتعليم الكنيسة، واتخاذ مواقف إيمانيّة، وطبع الشؤون الزمنيّة بالقيم الروحيّة والخلقيّة. والوظيفة الكهنوتيّة تحملهم على المشاركة في سرّ القربان والأعمال الليتوجيّة المقدّسة، وعلى الصلاة والعبادة، فيجعلون من أعمالهم وتضحياتهم وأفراحهم وأحزانهم قرابين روحيّة، يضمّونها إلى قربان المسيح في قدّاس الأحد. والوظيفة الملوكيّة تفتح قلوبهم لمحبّة المسيح المسكوبة بالروح القدس من أجل انتصار النعمة على الخطيئة، والخير على الشرّ، ويعملون جاهدين على محاربة الظلم والعداوة والنزاعات بإحلال العدالة والأخوّة والسلام.
4 الصلاة التي يدعونا إليها المسيح لإلتماس الفعلة لحصاده، تجد صداها في صلاتنا مع قداسة البابا في الڤاتيكان، الخميس الماضي. الصلاة أساس أيٍّ حلٍّ لأنَّ لبنانَ هو أصلًا مشروعُ لقاءٍ مع الله، ومأساتَه الحاليّةَ تَعصَى على الحلولِ العاديّة. حين كان البابا فرنسيس يَتكلّم، شَعَرنا أنَّ حلَّ القضيّةِ اللبنانيّةَ في عمق قلبه، وأن قوّةً من الأعالي دخلت علينا لتشفيَ بلدَنا. فالصلاةُ ليست طريقَ الإنسانِ إلى الله فقط، بل هي طريقُه إلى الآخَر. ومتى حَصَل اللقاءُ بالآخَر يكون الحلُّ.
فتَعالَوْا، أيها اللبنانيّون نلتقي من جديد، ونرمي جميعَ خِلافاتِنا العبثيّةِ وراءَنا، ونَمشي في النورِ نحوَ المستقبل؛ وسيكون لنا مستقبلٌ عظيمٌ. لقد دعانا البابا فرنسيس إلى الإيمانَ والرجاءَ والمحبّةَ والندامةَ والغفران. نحن، نَفتقِدُ هذه القيمَ الروحيّةَ والإنسانيّةَ مثلما نَفتقِدُ الخبزَ والغذاءَ والدواء. لأنّ فيها نجدُ الحلَّ والخلاصَ، ونَجِدُ خبزَ الحياة.
كم كان قداستُه متأثّرًا ومؤثّرًا، وهو يقول: “يَدْفَعُنا القَلَقُ الشديد على لبنان، الذي أَحْمِلُهُ في قَلْبِي وأَرْغَبُ في زِيارَتِه، إذ أراه يُتْرَكُ رَهينَةَ الأقْدارِ أو رهينةَ الَّذينَ يَسْعَوْنَ بِدونِ رادِعِ ضَميرٍ وَراءَ مَصالِحِهِم الخاصَّة. لبنان بَلَدٌ صَغيرٌ كَبِير، وَهُوَ أكْثَرُ مِنْ ذَلِك: هُوَ رِسالَةٌ عالَمِيَّة، رِسالَةُ سَلامٍ وأُخُوَّةٍ تَرْتَفِعُ مِنَ الشَّرْقِ الأوْسَط”.
5.أمّا نحن فكان كلّ لبنانيّ حاضِرًا معنا، في قلبنا وفي خاطرنا. ما نَطَقْنا بكلمةٍ ولا أدْلَينا برأيٍّ إلا وأخَذْنا بالاعتبارِ مصلحةَ جميعِ اللبنانيّين. لقد صار واضحًا أنَّ مسارَ حلِّ القضيّةِ اللبنانيّةِ، ومصيرَ “الوطنِ الرسالة”، يَـمرُّ حتمًا بلقاءِ اللبنانيّين على وِحدةِ دولةِ لبنان في ظلِّ الديمقراطيّةِ والتعدديّةِ واللامركزيّةِ والحِيادِ الإيجابي الناشط ووِحدةِ القرارِ الوطنيِّ والانتماءِ العربيِّ وتنفيذِ جميعِ القراراتِ الدُوليّة. وصار واضحًا مدى حاجةِ لبنان في ظلِّ هذا التمزّقِ والانهيارِ إلى مساعدةِ الأشقّاءِ والأصدقاءِ عبرَ مؤتمرٍ دُوليٍّ يُخرُج لبنانَ من أزمتِه المصيريّة.
6. لقد وجّه قداسة البابا فرنسيس نداءات بصيغة الواجب، بالتوالي:
إلى كلّ من بيده السلطة: أن يضع نَفْسَهُ نِهائِيًا وَبِشَكْلٍ قاطِعٍ في خِدْمَةِ السَّلام، لا في خِدْمَةِ مَصالِحِهِ الخاصَة. كَفَى أنْ يَبْحَثَ عَدَدٌ قَليلٌ مِنَ الناسِ عَنْ مَنْفَعَةٍ أنانِيَّة علَى حِسابِ الكَثيرين! كَفَى أنْ تُسَيْطِرَ أَنْصافُ الحَقائِقِ علَى آمالِ الناس!”. كَفَى اسْتِخْدامُ لبنانَ والشَّرْقِ الأوْسَط لِمَصالِحَ وَمَكاسِبَ خارجِيَّة! يَجِبُ إعْطاءُ اللبنانِيِّينَ الفُرْصَةَ لِيَكُونوا بُناةَ مُسْتَقْبَلٍ أفْضَل، علَى أرْضِهِم وَبِدونِ تَدَخُّلاتٍ لا تَجُوز.ودعا القادة السياسيّين لإيجاد حلول عاجلة ومستقرّة للأزمة الإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة الحاليّة.
وإلى اللبنانيّين:
لقَدْ تَمَيَّزْتُم علَى مَرِّ القُرُون، حَتَى في أَصْعَبِ اللحَظات، بِرُوحِ المُبادَراتِ والاجْتِهاد. أَرْزُكُم العالي، رَمْزُ بَلَدِكُم، يُذَكِّرُ بِغَنَى وازْدِهارِ تارِيخِكُم الفَريد. ويُذَكِّرُ أيْضًا أنَّ أغْصانَه العاليَّة تَنْطَلِقُ مِنْ جُذُورٍ عَميقَة. تَأَصَّلُوا في جذور أَجدادِكُم، وأَحلامِ السَّلام. فلا تَيْأَسُوا، وَلا تَفْقِدُوا رُوحَكُم، ابْحَثُوا في جُذورِ تاريخِكُم عَنِ الرَّجاء، لِتُزْهِروا وَتَزْدَهِرُوا مِنْ جَدِيد.
وإلى المسيحيّين: معكم، نريد اليوم أنْ نُجِدَّدَ التِزامَنا بِبِناءِ مُسْتَقْبَلٍ مَعًا، لأنَّ المُسْتَقْبَلَ سَيَكُونُ سِلْمِيًّا فَقَطْ إذا كان مُشْتَرَكًا. لا يُمْكِنُ أنْ تَقُومَ العَلاقَاتُ بَيْنَ الناسِ علَى السَّعي وَراءَ المَصالِحِ والامْتِيازاتِ والمَكاسِبِ الخاصَة لِلبَعض. لا، إنَّ الرُؤيَّةَ المَسِيحِيَّة لِلمُجْتَمَعِ تَحْمِلُ علَى الاقْتِداءِ بِعَمَلِ اللهِ في العالَم. فَهُوَ أبٌ وَيُريدُ الوِئامَ بَيْنَ الأبْناء. نَحْنُ المَسِيحيِّين مَدْعُوونَ لأن نَكون زارِعِي سَلامٍ وَصانِعي أُخُوَّة، وأَلَّا نَعِيشَ علَى أحقادِ الماضي والتَحَسُّر، وأَلَّا نَهْرُبَ مِنْ مَسؤُولياتِ الحاضِر، وأَنْ نُنَمِيَ نَظْرَةَ رَجاءٍ في المُسْتَقْبَل. نَحْنُ نُؤْمِنُ أنَّ اللهَ يَدُلُنا علَى طريقٍ واحدٍ فَقَط في مَسيرَتِنا: هُوَ طَريقُ السَّلام. لِهَذا نُؤَكِدُ لإخْوَتِنا وأَخَواتِنا المُسْلِمينَ وَمِنَ الدِياناتِ الأُخْرَى الانْفِتاحَ والاسْتِعْدادَ لِلتَعاوِنِ لِبِناءِ الأُخُوَّةِ وَتَعْزِيزِ السَّلام. لَيْسَ في السَّلام “غالِبونَ وَمَغْلُوبون، بَلْ إخْوَةٌ وأَخَوات، يَسِيرونَ مِنَ الصِّراعِ إلى الوَحْدَة، رَغْمَ سُوءِ التَفاهُمِ وَجِراحِ الماضي”. وَبِهَذا المَعْنَى، أَتَمَنَى أنْ تَنْجُمَ عَنْ هذا اليَوْمِ مُبادَراتٌ عَمَلِيَّة في إطارِ الحِوارِ والالتِزامِ والتَضامُن.
وإلى الشباب: أذكّركم بكلام الشاعر جبران خليل جبران: “وراء ستار الليل الأسود هناك فجرٌ ينتظرنا.” فأنتم مصابيح تُضيءُ في هَذِهِ السَّاعَة المُظْلِمَة. لِيُضِئْ علَى وُجُوهِكم أَمَلُ المُسْتَقْبَل. إنّ وِلادَةَ لبنان تَكُونُ علَى يَدِكِم. لِنَنْظُرْ إلى آمالِ وأحلامِ الشَّباب. وَلْنَنْظُرْ إلى الأَطْفال: عُيُونُهُم مُشِعَّة، وَلَكِنَّها مَلِيئَةٌ بالدُموع، وَتَهِزُّ الضَّمائِرَ وَتُصَحِّحُ المَقاصِد.
وإلى النِساء: تَتَبادَرُ إلى ذِهْنِي أوَّلًا سَيِّدَتُنا مَرْيَمُ العَذْراء والِدَةُ الجَميع، التي تُعانِقُ بِنَظَراتِها، مِنْ تَلَةِ حَريصا، كُلَّ الوافِدينَ إلى لبنان مِنَ البَحْرِ الأبْيَضِ المُتَوَسِّط. يَداها مَفْتُوحَتان نَحْوَ البَحْرِ وَنَحْوَ العاصِمَةِ بَيْرُوت لِتَسْتَقْبِلَ آمالَ الجَمِيع. النِساءُ هُنَّ والِداتُ الحَياةِ والأَمَلِ لِلجَميع، يَجِبُ أنْ يَحْظَيْنَ بالاحْتِرامِ والتَقْديرِ والمُشارَكَةِ في صُنْعِ القَرارِ في لبنان.
وإلى المُسِنّين: فلِيُعطونا معنَى التاريخ، وَلْيُعطونا القِيَّمَ الأساسَيَّة مِن أجلِ المِضيِّ قُدُمًا. إنّ لَدَيْهِم الرَغْبَةَ في أنْ يحلموا: فلِنُصْغِ إليهم، حتى تَتَحَوَّلَ أحلامُهم فينا إلى نُبُوءَة.
وإلى اللبنانيّين المنتشرين: ضعوا أفْضَلَ الطاقاتِ والمَوارِدِ المُتَوَفِرَة لَدَيْكُم في خِدْمَةِ وَطَنِكُم.
وأخيرًا إلى أعَضاءَ المُجْتَمَعِ الدَوْليّ: وفّروا بِجُهْدٍ مُشْتَرَك، للبنان الظُروفَ المُناسِبَة حتَى لا يَغْرَق، بَلْ يَنْطَلِقُ في حَياةٍ جَدِيدة. سَيَكُونُ ذَلِكَ خَيْرًا لِلجَميع.
أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء،
7. إنّ كلمة قداسة البابا فرنسيس في ختام “يوم التفكير بشأن لبنان، والصلاة من أجل السلام فيه”، ونداءاته تشكّل لنا جميعًا خريطة الطريق للخروج من مختلف الأزمات التي نعاني منها. أعاننا الله بنعمته على السير بها، لمجده تعالى وخلاص لبنان وخير جميع اللبنانيّين. فله الشكر والتسبيح: الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
#البطريركية_المارونية #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة #حياد_لبنان #لبنان_الكبير #الراعي #بكركي #عظة_الراعي #معا_من_أجل_لبنان

المطران عودة: عسى اهتمام البابا يحرك ضمائر المسؤولين ويحضهم على القيام بما يلزم سريعا
وكالة الأنباء الوطنية/الأحد 04 تموز 2021
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قداسا إلهيا في المطرانية، في حضور عدد من المؤمنين.
بعد القداس، ألقى عودة عظة قال فيها: “سمعنا في إنجيل اليوم عن دعوة الرسل بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا ابني زبدى. هؤلاء الرسل الأربعة، وباقي الرسل، الذين عيدنا لهم الأسبوع الماضي، تركوا كل شيء وتبعوا المسيح. إن الحياة من دون المسيح ليست حياة حقيقية، بل هي موت. لذلك، مهما اغتنى العالم بالمظاهر، ليس له أدنى قيمة إلا متى ابتغى وجه الإله – الإنسان، يسوع المسيح. هذا ما كان تلاميذ الرب يعرفونه جيدا، لذلك هجروا كل شيء وتبعوه. لقد وجدهم المسيح منشغلين بعملهم، فأندراوس وبطرس كانا يرميان الشبكة في البحر (مت 4: 18)، ويعقوب ويوحنا يصلحان شباكهما مع أبيهما. أتت دعوة المسيح مقتضبة تحمل الكثير من المعاني: “هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس” (مت 4: 19). أما تلبية التلاميذ للدعوة فكانت حارة وفورية، إذ ترك يعقوب ويوحنا الشباك والمركب وأباهما وتبعا الرب. لو أردنا قياس قرار التلاميذ بمقاييس الإنسان الجشع الذي يعمل ليجمع المال فوق المال، وهو الحكيم في نظر العالم، لبدا قرارهم أرعن وغير منطقي. لقد تركوا عملهم في وسطه، وأتعابهم من دون نتيجة مطبقين الآية: “من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني” (متى 10: 37). فماذا كانت تعني لهم المهنة الجديدة التي عرضها عليهم المسيح، أي مهنة صيادي الناس؟”.
أضاف: “العقل البشري المحدود لا يستطيع أن يدرك عظمة دعوة الله ومدى عمقها ورحابتها. لكن صفة “صيادي الناس” تتضح قليلا عند قراءة مقاطع أخرى من الكتاب المقدس. يقول الرسول بولس: “نحن حمقى من أجل المسيح، نحن ضعفاء، صرنا شبه أقذار العالم” (1كو 4: 10-13). أما عبارة هلم ورائي فهي تساوي في المعنى قول “من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني” (مت 16: 24). المسيح، في دعوته للرسل، فتح طريق المحبة المصلوبة. إنجيل متى لا يذكر أي لقاء مسبق بين المسيح وتلاميذه، فكيف وافق أولئك الأربعة فورا على دعوة معلم مجهول، لا سيما أنه طلب منهم إنكار حياتهم السابقة كلها، والدخول في مسيرة يجهلون نهايتها؟، لم يكن الرب يسوع معلما مجهولا بالنسبة إليهم، لأنهم امتلكوا شهادة يوحنا المعمدان عنه. إذا، نفهم أن قرار التلاميذ باتباع المسيح لم يكن متسرعا وعفويا، بل ثمرة ناضجة لإعداد يوحنا المعمدان لهم ولخبرتهم الشخصية. لقد عاش التلاميذ مثل كل الشعب اليهودي، منتظرين المسيح، وبما أنهم عرفوا كتب الأنبياء، فهموا كلمة الحق الصادرة من الله، ووجدوا في المسيح “كلام الحياة الأبدية”، لذا هجروا كل شيء وتبعوه. إزدروا بكل شيء أرضي مادي، مبرهنين عن جرأة ونكران للذات كدليل على التحرر من كل رباط أرضي. هكذا توافر لديهم ما يريده الله من محبيه، وخصوصا رسله، بمعنى أنهم أتموا الشروط المطلوبة ليصبحوا “صيادي الناس”، أي أدوات حية تحقق بها نعمة الله عمل الخلاص في العالم”.
وتابع عودة: “إن السمكة، عندما تقع في الشباك لتخرج من الماء، تتخبط، وكثيرا ما تجد قوة لتمزق الشبكة وتستعيد حريتها داخل مياهها. تشعر وكأن الصياد والشباك أعداء لها مهلكين. إلا أن رموز الكتاب المقدس تستخدم من أجل إظهار قصد الله الخلاصي. ليس هدف شباك الرسل في بحر العالم إخراج الناس من بيئتهم الطبيعية من أجل تقييدهم أو قتلهم. إن كلمتهم تصطاد البشر من بحر الخبث ومياه الإلحاد والخطيئة المميتة، وتغلق عليهم في شبكة وصايا الله الخلاصية، التي يمكنهم أن يفلتوا منها إذا تغلبت عليهم أناهم وصغر النفس. ففي الحقيقة، كثيرا ما يعارض البشر من يهب لمساعدتهم، ظانين أنهم يريدون التسلط عليهم. يتخبطون كالسمك خارج المياه، لأنهم يرون في من يمدون يد المساعدة أعداء لحريتهم، فيبدأ الهجوم عليهم رفضا للمساعدة. هذا هو نصيب الحياة الرسولية، الكهنوتية، وصليب الأبوة الروحية. الرسل اصطادوا المسكونة من حياة عبادة الأوثان وقادوها إلى الموت الخلاصي عن الخطيئة. وهبوها حياة النعمة واقتادوها من الموت إلى الحياة، لكنهم واجهوا مشاكل كثيرة بسبب صغر نفس الملحدين، والإخوة الكذبة، والفريسيين الذين لم يتقبلوا كلامهم. أما الرسل، فلم يتوقفوا عن العمل في العالم والإصطياد فيه، حتى الإستشهاد. هذا ما تفعله الكنيسة اليوم، إذ تضطهد كل يوم ويشنع عليها من كل حدب وصوب، لكنها لن تتوقف عن السير في طريق المحبة المجروحة المصلوبة، شاهدة على محبة المسيح الذي أحب حتى موت الصليب، ثم قام مقيما الجميع معه”.
ولفت الى أن “رسالة الكنيسة، منذ الرسل، هي اقتياد الناس إلى الحق والحياة، إلى المسيح. خلاصة عمل الكنيسة هو تقديس العالم. نحن ننعت الكنيسة بالرسولية لأن فيها رعاة ومبشرين ومؤمنين تسلموا من الرسل ما تسلمه الرسل من الرب، لكي يجعلوا حضور المسيح ملموسا في مجتمعاتنا، وهم يشهدون بوداعتهم ومحبتهم وتواضعهم وتضحياتهم أن الرب ما زال حاضرا بيننا، وحضوره يمنحنا العزاء والرجاء والقوة المحيية”.
وقال عودة: “المسيحي الحقيقي رسول للمسيح الذي نادى بالمحبة التي لا تعرف حدودا، وبذل نفسه من أجل خلاص خليقته. لذلك لا يتوقف المسيحي الحقيقي عند حدود مصلحته، ولا ينقاد بكبريائه، ولا يتصرف مدفوعا بأناه وانفعالاته. المسيحي الحقيقي نور في هذا العالم المظلم، يشع محبة وتضحية واحتراما لأخيه الإنسان، كائنا من كان، يدافع عنه ويحفظ حريته وكرامته ويصون حقه. المسيحي الحقيقي ملح في هذه الأرض، يعطي الحياة فيها طعما مميزا، بعيدا عن الحقد والشر والدناءة والمصلحة. المسيحي الحقيقي خميرة في مجتمعه، يفعل فعلها، أي يعمل على تكاثر الفضائل التي يتحلى بها لتعم وتصبح القاعدة. هذا هو الدور المسيحي الحقيقي في بناء الدولة الرائدة التي تتميز بالحرية والإنفتاح والإستقلالية والمواطنة الصادقة الحقيقية. هذه الدولة تكون بدورها الخميرة بين مثيلاتها في هذا المشرق”.
وأردف: “سمعنا الرسول بولس يقول في رسالة اليوم: “ليس عند الله محاباة للوجوه”. أهم ميزات المسيحي الصدق وقول الحقيقة مهما غلا الثمن. المسيحي لا ينقاد بمصلحته بل بقلبه المفعم بمحبة المسيح، ولا يعتنق فكرة أو عملا لأن أكثرية الشعب يفعلون هكذا، بل يستلهم الوصايا الإلهية ويعمل بإيمانه، غير ناظر إلى الوراء بل شاخصا إلى الرب الإله مخلصه. المسيحي الحقيقي لا يعمل على إلغاء الآخر من أجل تحقيق الأنا، ويعمل على تعميم هذا السلوك. المسيحي الرسول يعمل على إحقاق الحق، ونشر السلام والمحبة، وتحقيق العدالة بين البشر. وما أحوجنا في بلادي إلى المحبة والعدالة والسلام. ألا نطمح جميعنا إلى دولة تقوم على مفهوم سيادة الدستور والقانون، وترتكز على قيم العدالة والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، دولة حديثة تحقق طموحات اللبنانيين وآمالهم، وتمنحهم حقوقهم بلا منة من أحد، دولة يعمل فيها الزعماء والمسؤولون من أجل خير الشعب لا من أجل تحصين مواقعهم وتحقيق مصالحهم، متلطين جميعهم برداء الدين والطائفة، ومتحصنين بمقولة الدفاع عن مصالح جماعاتهم”.
وقال: “كنا نأمل أن يفتح هول الفاجعة التي أصابت بيروت، وهول الحالة الإنهيارية التي يعيشها اللبنانيون، كوة أمل وصفحة جديدة وبداية عملية إصلاح حقيقي تبعث بعض الأمل في النفوس اليائسة، ولكن يبدو أن الحالة مستعصية على الحل. مع هذا، سوف نتابع، مع جميع محبي هذا البلد والمخلصين له، رفع الصوت، علنا نجد آذانا صاغية.
هنا لا بد من شكر قداسة البابا فرنسيس على لفتته الأبوية تجاه لبنان. عسى اهتمام قداسته، وصلاته من أجل خلاص لبنان، وكلماته المعبرة، تحرك ضمائر الزعماء والمسؤولين، وتحثهم على القيام بما يلزم وبأسرع وقت ممكن. ونردد مع قداسته: “كفى استخداما للبنان لمصالح ومكاسب خارجية، لبنان الحبيب الذي يشع حكمة وثقافة لا يمكن أن يترك رهينة الأقدار أو الذين يسعون وراء مصالحهم الخاصة”.
وختم عودة: “دعوتنا اليوم أن نتشبث بشباك المسيح ورسله، لأنها شباك مخلصة. دعوتنا ألا ننجر وراء كل من يطلق العنان للسانه وألفاظه البشعة تجاه الكنيسة وقديسيها ورجالها ومن يسيء إلى الوطن والمواطنين. أثبتوا في الإيمان، وثقوا بكنيستكم المقدسة، التي لديها هدف واحد، هو إيصالكم إلى الخلاص المنشود بيسوع المسيح، آمين”.