محمد الرميحي: اللواء ريفي شجاع بين مترددين/سلمان الدوسري: حزب الله يستعدي السعودية/احمد عياش: السعودية: وداعاً لبنان

234

اللواء ريفي شجاع بين مترددين!
محمد الرميحي/الشرق الأوسط/27 شباط/16
معركة لبنان هي معركة جانبية، ولكنها مهمة وقد آن أوانها. البعض يصف ما يقوم به حزب الله من خلخلة في كيان الدولة اللبنانية (إنْ بقي فيها دولة) على أنه تنمر، وهو ترجمة لتوصيف كلمة «Bullying»، وأرى أن الترجمة خاطئة، ويجب أن تكون «بلطجة» أو «شبيحة» بالوصف الأكثر حدة، وقد جاء التعبير الأصلي من «ثور»، أي مخلوق ضخم البنية، يستخدم تلك الضخامة في تخويف الآخرين وتركيعهم. بلطجة حزب الله لم تأتِ من قوته الآيديولوجية ولا حتى من شعاراته الكبيرة، «مقاومة» إسرائيل، جاءت أساسا من امتلاكه السلاح، وتجريد الآخرين منه. تلك هي النقطة الأساسية في مناقشة ما يجري في لبنان، وهي الركن الأكثر أهمية من كل ما يقال، وتتفرع منها كل القضايا الأخرى بل وتتبعها، فلولا سلاح حزب الله لما تبعه الجنرال ميشال عون، الذي يرغب في الوصول إلى كرسي الرئاسة، بصرف النظر عن الوسيلة، ولما وقف جبران باسيل ذلك الموقف الذي انتهك عروبة لبنان في كل من اجتماع الجامعة العربية والدول الإسلامية، ولما استطاع تخويف الجيش اللبناني بل واستخدامه لأغراضه، ولما استطاع الاستيلاء على مطار رفيق الحريري، المطار الدولي الوحيد في لبنان، ولما استطاع أن يبسط نفوذه على مرفأ العاصمة بيروت. أن يقوم فريق لبناني بالاستزلام لفريق خارجي ليس جديدًا، وكان ذلك الاستزلام في السابق سياسيًا وإعلاميًا، أما حزب الله فهو باختصار «تُدفع له مرتبات ويُزود بأسلحة» ويطيع أوامر، بالتالي من يدفع ويزود له القرار أين تتجه البندقية، إنه باختصار بندقية للإيجار، وكلما سمى اللبنانيون الكثر الأشياء بأسمائها – كما فعل أشرف ريفي – اقتصروا الطريق للوصول إلى الخلاص.
أصبح لكل عاقل في لبنان أو خارجه ظاهرًا أن فكرة مقاومة حزب الله لإسرائيل مزحة، وإن لم تكن سخيفة فهي ساذجة! قتلى حزب الله في سوريا هم ثلاثة أضعاف قتلاه في أي مكان آخر. وفي المعادلة اللبنانية طرفان؛ الأول هو «بلطجة حزب الله»، والطرف الثاني من المعادلة هو تقاعس الطرف المضاد «من مكونات شيعية وسنية ومسيحية» لبنانية وطنية مضادة لسلاح حزب الله، هذا الطرف الأخير استطاع أشرف ريفي أن يقرع له الجرس بقوة، بالقول إن «بلطجة حزب الله لن تنتهي بالكلمات المعسولة أو بذرائع مثل «أم الصبي»، ويجب الحفاظ على الصبي، حتى لو كان معلولاً غير قادر على الوقوف على رجليه». إذا كان أحد يجب أن يلام صراحة على التسامح مع بلطجة حزب الله، فهو المكون السني وحلفاؤه، الذي لم تكن صفوفه متراصة كما ينبغي، ففي الوقت الذي يبقى فيه مركز رئيس البرلمان دائما للسيد نبيه برى، حليف حزب الله المناور، يتنقل الكرسي الثاني (رئاسة الوزراء) بين عدد من أهل الشهوة السلطوية السنية، كل يبرر حصوله على ذلك الكرسي المفرغ من محتواه بتبرير خاص به، غياب قيادة سنية قوية وفاعلة، ووقوع الساسة في مناورات لفظية، جعل من بلطجة حزب الله تتمدد وتدير الدولة اللبنانية من المقود الخلفي، واضعة كل المساوئ على القيادة الظاهرة، وعلى مقود القيادة الأمامي أشخاص لهم أسماء تتحمل كل تلك المساوئ! من هنا فإن المجتمع الدولي وجد أن لبنان بقيادته الخلفية يقوم بأعمال البلطجة، مثل الاختطاف للبشر أو المتاجرة بالممنوعات أو التخطيط والتدريب لخارجين عن القانون أو حتى بالتدخل العسكري الميليشاوي، ويجد في الوقت نفسه من يقول إن «لبنان له خصوصية» عليكم أن تحترموها.
المشكلة الأهم أن حزب الله يعتقد أنه بأعماله تلك «ذكي» بما فيه الكفاية، للتغطية على تلك الجرائم، فقد اختطف أحد الكويتيين المسالمين منذ شهر مباشرة بعد أحكام صدرت في الكويت ذكرت تورطه في تهريب سلاح فتاك للبلاد، ونفذ الاختطاف عن طريق شخص فلسطيني وآخر سوري حتى يظهر للسذج بُعده عن القضية! وقد هدد أخيرًا أن يختطف «شخصيات بارزة» من مملكة البحرين، إن زارت لبنان، حتى يتم التفاوض على مسجونين مدانين في المنامة، وهو ومن يدعمه ليس ببعيد عن اختطاف قطريين في جنوب العراق، من أجل التفاوض على محجوزين عند «النصرة»، كون قطر في اعتقاده «تمون» تلك الفئة من الناس، على الرغم من جهدها في تحرير المخطوفين من الجند اللبنانيين.  القضية الأساسية التي يجب أن يحارب من أجلها بشتى الطرق في لبنان هي «أن يبقى السلاح في البلد بيد الجيش النظامي وحده»، ولا سلاح خارجه، وأن أمن لبنان يُضمن من خلال موقف دولي، وبالتالي سحق الأكذوبة التي يريد البعض أن يمررها، وهي أن سلاح حزب الله يحمي لبنان، هو في الحقيقة يستعبد اللبنانيين ويمحق الدولة اللبنانية. لقد أصبح لبنان بهيمنة حزب الله قاعدة متقدمة لتخريب العروبة، وقاعدة متقدمة للهجوم البذيء على كل ما هو إيجابي وجميل.
من هنا فإن الكرة اليوم، بعد القرار السعودي الخليجي، في ملعب كل اللبنانيين الشرفاء من كل الطوائف، الذين طفح الكيل بهم، فالحفاظ على دولة معوقة لم يعد هدفًا ويجب ألا يكون، بناء دولة صحية بجيش واحد وسلاح واحد، والاحتكام للشعب لا البندقية هو الخيار الحقيقي وربما الأوحد للبنانيين، جميع اللبنانيين، وما الذرائع التي تقال عن «الخصوصية» أو التخلي عن المكون هذا أو ذاك، إلا محاولة لتأخير العلاج، وكلما أخر العلاج تفاقم المرض وأصبح علاجه غير ممكن!
آخر الكلام: ينقل عن أحدهم أنه بعد أن يتسلم «المقسوم» من دول الخليج في ستينات القرن الماضي يقول: هذه المبالغ ليست لامتداحكم، هي فقط للسكوت عن شتمكم! تطور الوضع بعد ذلك، فتم تسلم مبالغ ومن ثم بدأ الشتم، إن لم تستح فافعل ما شئت!

«حزب الله» يستعدي السعودية
سلمان الدوسري/الشرق الأوسط/27 شباط/16
بالأدلة والبراهين، أعلنها «حزب الله» صريحة على الملأ باستهدافه السعودية بعمليات إرهابية على الحدود السعودية تصل إلى العاصمة الرياض. توجه الحزب ليس جديدًا على كل مراقب ومتابع، فخلاياه المنتشرة في البحرين والكويت واليمن تثبت ذلك مرارًا، الجديد أن ذلك أضحى موثقًا بالصوت والصورة، بأنه يستهدف السعودية وأنها عدو له. «حزب الله» لا يختلف عن تنظيم القاعدة أو «داعش»، بل هو يتفوق عليهما بامتلاكه أدوات دبلوماسية وحكومة تضفي على تحركاته الصفة الرسمية وأيضًا وزير خارجية يطبق سياسته. وأظن آن الأوان لتسمية الأشياء بأسمائها، لأن الكثير من الدبلوماسية أضحت غير ذات جدوى، لذا يمكن القول بلا مواربة إن «حزب الله» هو عدو لدود للسعودية، عدو يعمل بحرية ومرونة، عدو حاصل على صفة رسمية داخل الحكومة التي تزعم أنها صديقة المملكة. أما سياسة النأي بالنفس التي تتذرع بها الحكومة، فالحقيقة أنها نأي عما يقوم به الحزب من جرائم وإرهاب تتستر عليه الدولة اللبنانية بأكملها.
مخطئ من يظن أن الرياض قررت مراجعة علاقاتها مع لبنان بسبب هجوم وسائل الإعلام اللبنانية ضد السعودية، فالمملكة أكبر من هذا بكثير ولن تتخذ قرارًا سياديا بسبب هجوم من هذا النوع حتى لو كان رخيصًا. القضية أن هناك غطاءً حكوميًا لبنانيًا لإرهاب «حزب الله» ضد السعودية، هذه هي القصة باختصار، لا توجد دولة في العالم تقبل بأن تتعاطى مع حكومة تعطيها من طرف اللسان حلاوة في العلن، بينما مكون رئيسي منها يقوم بالتخطيط والإشراف على زعزعة أمن الدولة واستقرارها، بالإضافة لمشاركة الحزب في القتال ضد المصلحة العربية وتنفيذًا للأجندة الإيرانية في سوريا والعراق واليمن. يا سادة السعودية لا تريد اعتذارًا ولا معتذرين، ولا تعاطفًا ولا متعاطفين، تريد عملاً سياسيا على الأرض ينزع عباءة حسن نصر الله عن الدولة اللبنانية ويعيد إليها عروبتها. تريد أن يكون هناك فصل حقيقي بين ممارسات الحزب وممارسات الدولة، تريد أن تكون الدولة مظلة للحزب وليس الحزب هو مظلة للدولة.
منذ بدأ صعود «حزب الله» وهو يرى في الدولة السعودية خطرًا مباشرا على استمراريته، واتضح ذلك مبكرًا في موقفه من تصدي الرياض لمشروع تصدير الثورة الإيرانية أولاً، ومن دعمها للعراق في الحرب العراقية الإيرانية ثانيًا، كما أن الحزب، الذي يفتخر بأنه يمثل الثورة الإيرانية في لبنان وأن مرجعه ولاية الفقيه، شارك بحماسة مؤيدًا دعوة الخميني للإطاحة بالدولة السعودية منتصف الثمانينات، ناهيك بأن خطابات حسن نصر الله تضع المملكة في خانة واحدة مع إسرائيل، فالحزب كان يستخدم «التقية» السياسية في تعاطيه مع السعودية، إلا أن هذه التقية عجزت عن تغطية أفعاله التي تدرجت شيئا فشيئًا لتصل إلى التخطيط لعمليات إرهابية. للأسف كل ما يقوم به الحزب يؤكد أن الحكومة اللبنانية بوزرائها وأحزابها وكل القوى المنتسبة لها غدت شريكة، وذلك بصمتها عن أفعال الحزب الإرهابية التي تتم تحت غطاء الدولة الرسمي. على القوى اللبنانية أن تختار إما أن تكون دولتهم تحت راية الحزب، أو يعود الحزب تحت راية الدولة، أما أن تكون دولة في شكل حزب إرهابي فهذا ما لن تقبل الدول على التعاطي معه، ولا يليق ببلد في مكانة لبنان أن يصل إليه.

السعودية: وداعاً لبنان
احمد عياش/النهار/27 شباط 2016
لم تنجح كل المحاولات الداخلية من اجل ملاقاة السعودية التي بدأت مسارا متدحرجا من الاجراءات حيال لبنان والتي كان رأس جبل الجليد فيها وقف هبة الـ 4 مليارات دولار.وبدا ان الجانب الرسمي لم يستوعب ما تطلبه الرياض لتصحيح العلاقات التي انحدرت الى القعر بسبب سلوك وزير الخارجية جبران باسيل في المؤتمريّن العربي والاسلامي وهو سلوك يتوّج الامساك الكامل لـ”حزب الله” بمفاصل السيطرة في لبنان.ويقول احد الوزراء لكاتب هذا السطور ان الكلام يدور الان حول إعتذار الحزب من السعودية متجاهلا كليا مطلب وقف تورط الحزب في الحرب السورية.أما وزير الداخلية نهاد المشنوق فكشف ان وزيرا قال انه “لو خيّرنا بين إيران والاجماع العربي فنحن مع إيران”. يدور في ألاروقة السياسية منذ فترة حديث عن تطور الامور في إتجاه سيطرة إيران على لبنان.وكان لافتا في هذا السياق ما قاله وزير الخارجية الاميركية جون كيري أخيرا أمام الكونغرس “أن الحرس الثوري الايراني سحب عناصره بالفعل من سوريا…لكن هذا لا يعني انهم ليسوا ضالعين أو ينشطون في تدفق الاسلحة من سوريا عبر دمشق الى لبنان…نحن قلقون بشأن ذلك وهناك قلق مستمر”. يأتي ذلك فيما تستعد الحكومة اليمنية لتقديم ملف كامل الى مجلس الامن الدولي وجامعة الدول العربية يثبت “التدخلات والممارسات الارهابية لحزب الله في اليمن”. أما الوزير نهاد المشنوق وفي حديثه مع الزميل مارسيل غانم على شاشة ال بي سي قال: “في إحصاء بسيط للخلايا الارهابية النائمة او الفاعلة في سنة 2015 والتي يدعمها ويشغلها الحرس الثوري الإيراني نجد أن هناك 8 دول: كينيا، نيجيريا، قبرص، بلغاريا، السعودية، الكويت، البحرين والامارات، هذه دول فيها خلايا ارهابية، هؤلاء الشباب من اين أتوا؟ اين تدربوا؟ ماذا ذهبوا ليفعلوا؟ خرجوا من لبنان وتدربوا في لبنان، و8 من 10 من الموقوفين في تلك الدول هم لبنانيون…”الكثرة الساحقة من اللبنانيين كانوا يتمنون أن تتعامل الرياض مع الاساءة التي واجهتها في الموقف الرسمي اللبناني بعد حرق سفارتها في طهران بالطريقة التي إعتمدتها لزمن طويل.لكن تمنيات الجمهور لم يواكبها تحرّك رسمي بما يتناسب مع فداحة فعل الوزير باسيل الذي وجد تغطية من رئيس الحكومة الى درجة ان وزير الخارجية سارع بعد جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية الى الاطاحة بقرار الحكومة الهادف الى تصحيح هذا الفعل الامر إستحق ثناء إعلاميا في طهران فأبرزت قول باسيل “أن الاصطفاف الى جانب السعودية ضد إيران يتعارض مع موقف لبنان بالنأي بالنفس”. بدوره لم يترك “حزب الله” فرصة منذ قرار الحكومة لكي يؤكد عدم إبداء أية مرونة كي تهدأ الامور بين بيروت والرياض.فحملته الاعلامية ضد المملكة الى تصاعد وليس الى تراجع.
بإختصار، لبنان ينفصل الان عن عالمه العربي والسعودية تقول له وداعا.