عبدو شامي: عون أو فرنجية.. تعدّدت المشانق والإعدام واحد

662

عون أو فرنجية.. تعدّدت المشانق والإعدام واحد
عبدو شامي
11 كانون الثاني/16

كما كان متوقّعا استغلّت إيران إعدام السعودية لرأس الفتنة على أراضيها الإرهابي الشيعي “نمر النمر” لزيادة منسوب الوقود الفتنوي الذي تدير به محركات ثورتها الدموية وأطماعها التوسعية، فكان ردّها الأولي بإحراق السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، ما استدعى قطع السعودية علاقاتها مع إيران وسط تضامن إسلامي وعربي واسع نأمل أن يكون بداية صحوة حقيقة غير آنية حيال خطر العربدة الإيرانية الإرهابية والتكفيرية المدعومة بوضوح من السياسة الصهيو-أميركية.

كما كان متوقعًا أيضًا، تردّد صدى هذا التوتر على الساحة اللبنانية بقوة بين تيار المستقبل والحزب الإرهابي بردود عنيفة وردود مضادة بنبرة حادة واستماتة بشعة ومخجلة ومعيبة تعكس مدى العمالة التي يكنّها كل فريق للدولة التي ترعاه وتقديمه مصلحة الخارج بالكامل على المصلحة الوطنية التي ليس لها عنده أي اعتبار… وهي تراشقات وصلت درجتها الى حد تهديد رئيس كتلة الحزب الإرهابي النيابية محمد رعد الرئيس سعد الحريري بعدم العودة الى لبنان بقوله:”من يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن لا يجب أن يجد له مكانًا في لبنان”، ومطالبة رعد بانقلاب كامل أي بدستور جديد ومؤتمر تأسيسي قبل انتخاب الرئيس قائلاً: “المسألة ليست مسألة شخص نسلّمه موقعاً في رئاسة الجمهورية، ثم لا يجد صلاحيات يستطيع أن يحكم بها البلاد…”، عندها أجمع المتابعون على أن ملف الرئاسة انتقل من البراد الى الثلاجة على خلفية التوتر السعودي-الإيراني، وهو ما أقرّ به الملك السعودي حيث اعتبر في 10/1/2016 أن “إيران لا تفصل الرئاسة في لبنان عن صراعها مع المملكة”، ما يعني أن للمملكة وصاية على لبنان استمدّتها ممن ارتضوا لأنفسهم أن ينفذوا سياستها فيه، وقد وجد العدو الإيراني المحتل في ذلك جبهة إضافية يصارع فيها السعودية بواسطة من لا يخجلون من الاعتراف بعمالتهم لإيران. رغم الإهانة الشخصية والتهديد المباشر وكل ما تقدّم، بقي الحريري مصرًا على انبطاحيّته لـ 8آذار فظل متمسّكًا بترشيحه سليمان فرنجية للرئاسة!

ردًا على الخيانة الحريرية العظمى كان الانتباه مشدودًا الى معراب المُتخَم ظهرها بعدة خناجر لم تُنزع بعد جرّاء الطعنات الحريرية الغادرة المستمرة، هل سيُقدم الحكيم على اعلانه ترشيح الجنرال عون بعد أن استشعر مدى جدية الخيانة الحريرية وإمكانية وصول فرنجية الى كرسي بعبدا بعد أن تكفّل له الحريري بدعاية انتخابية وقحة وتسويق نشيط في عواصم القرار؟ الاجابة طرقت مسامعنا مساء 10/1/2016 مع إبلاغ ممثل القوات اللبنانية النائب “جورج عدوان” مختلف افرقاء ما يسمى بقوى 14آذار أن خيار القوات هو السير بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

يعلّل القواتيون تفضيلهم عون على فرنجية بأن حصر الرئاسة بـ8 آذار يجعل عون أولى بها فتمثيله لدى المسيحيين يفوق فرنجية بعشرات الأضعاف، ولهم مع الجنرال تاريخًا مشتركًا في النضال الاستقلالي قبل عودته الانقلابية الى لبنان عقب اندحار الاحتلال السوري، وهم يرون أن الجنرال متلوّن فاصطفافه مع 8آذار ليس عقائديًا، هذا فضلا عن الاعتبارات التاريخية الحساسة التي تحول دون قبولهم بفرنجية.

مع احترامنا لوجهة نظر القوات التي لا تحسد على المأزق الذي وضعها به ذاك المزعوم حليفًا بضرب الذكاء الخارق الذي لعبه بترشيحه فرنجية، وبعيدًا عن التبريرات الفلسفية والتجميلية للواقع الأليم ودون تلطيف للعبارات، لا مفرّ من قولنا: تعدّدت المشانق والموت واحد، فالخيانة الحريرية ساقت لبنان المحتل وما تبقى من حَمَلة مبادئ 14آذار الى المشنقة لتنفيذ حكم الإعدام الذي أصدره الطاغية الإرهابي المحتل في حقهم، غير أن الأخير ترك للمحكوم عليه حرية الاختيار بين مشنقتَين إحداهما ذات حبل أخضر والثانية ذات حبل برتقالي، ففضّل المحكوم عليه أن يُعدَم بالمشنقة ذات الحبل البرتقالي لأنه علم أن ذات يوم استُخدم هذا الحبل البرتقالي في إنقاذ شخص مظلوم أُلقِيَ به في حفرة عميقة قبل أن يتم استخدَامه فيما بعد لتنفيذ الاعدامات الظالمة في هذه المشنقة… خلافًا للحبل الأخضر الذي “من يوم يومه” لا يُستخدم سوى في الإعدامات.

على من سيُنتَخب رئيسًا للجمهورية سواء عون أو فرنجية أن يشكر ناخبه الشكلي الأول سعد الحريري الذي لولا خيانته العظمى بترشيحه إحدى شخصيات 8آذار لما انحصر انتماء الرئيس بهذا الفريق؛ إن كان الرئيس فرنجية ففضل الحريري عليه ظاهر بترشيحه وتسويقه في عواصم القرار، وإن كان عون رئيسًا ففضل الحريري عليه كبير إذ لولا ترشيحه الجدي لفرنجية لما ردّت القوات بترشيح عون وجعلته مرشح الغالبية العظمى من الشارع المسيحي، وفي كلا الحالين ناخب رئيس الجمهورية المحتلة الشكلي الأول هو الحريري، أما معيِّن الرئيس الفعلي فهو الحزب الإرهابي الذي استطاع ترويض المستقبل وتدجينه لخدمة مشروعه.