أحمد الأسعد/14 آذار تجدد الثقة بـ”أب الميثاقية

293

14 آذار تجدد الثقة بـ”أب الميثاقية”!
أحمد الأسعد/المستشار العام لحزب الإنتماء اللبناني
لولا تسوية اللحظات الأخيرة التي تم التوصل إليها، ولولا الضغط الخارجي، لكانت الجلسة التشريعية لمجلس النواب عقدت من دون أي اعتبار لـ”الميثاقية” الشهيرة، ولكان “أب الميثاقية” المزعوم، نبيه بري، أثبت مجدداً أن هذه الميثاقية ليست سوى شعار زائف، يستخدمه أو يهمله استنسابياً وانتقائياً، تبعاً للظروف السياسية. لقد جنّبت التسوية برّي تجاوز الميثاقية، لكنّه لم يكن ليتردد في أن يُقدم على هذا الأمر، وقد أعلن ذلك بوضوح.
جميعنا نتذكّر أن برّي لم يتردد بين العامين 2006 و2008، في إقفال مجلس النواب تحت حجّة “فقدان الميثاقيّة” لكون الوزراء الشيعة استقالوا من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي وصفها يومها بـ”الحكومة البتراء”، لكنه كان مستعداً هذه المرة لتخطي هذه الميثاقية حتى لو غابت المكونات المسيحية الرئيسية عن جلسة مجلس النواب.
لقد أثبت برّي أنه “يشغّل” الميثاقية لحسابه… وفي خدمة حساباته. بها، يغلق مجلس النواب أو يفتحه و بها يعطل مجلس النواب أو يفعّله.
إن وصف البعض لبرّي بأنه “أب الميثاقيّة”، هو برهان على المستوى المتدنيّ للمعايير السياسيّة في لبنان،كما أنه دليل على درجة انخفاض السلوك السياسي لفريق 14 آذار.
فقد أثبّت برّي على مدى السنوات أنّه شريك كامل في قوى 8 آذار وأنّه يخلط إلى أقصى الحدود بين رئاسة المجلس النيابي وبين رئاسته لـ”حركة أمل”. حتى أن ميليشيات “ابو الميثاقية” شاركت بفاعلية في 7 أيّار 2008، باحتلال العاصمة بيروت!
كما إن “أب الميثاقيّة” المزعوم افلت “بلطجيّته” قبل أسابيع لينهالوا ضرباً، أمام أنظار جميع اللبنانيين، على متظاهرين تجرّأوا على انتقاده.
و”اب الميثاقية” المزعوم هيمن على المجلس النيابي، وجعله، على غرار مختلف إدارات الدولة، مرتعاً لتوظيف جماعته.
ومع كل ذلك و مع كل الممارسات ا التي تتناقض مع مفهوم رجل الدولة ، لا تنفكّ قوى 14 آذار، في كل مرة، اعادة انتخاب برّي رئيساً لولاية جديدة على رأس هذا المجلس.حتى أن بعض قوى 14 آذار لم يتردد في أن يصف برّي بانه صديق و صديق عزيز جدا” !
أمام هذا الواقع، وهذه الممارسة السياسية الحافلة بالتناقضات، لم يعد مستغرباً أن يفقد الناس ثقتهم بشخصيّات قوى 14 آذار.
لقد كانت ثورة الأرز حركة عفويّة ونقيّة عام 2005، لكنها فقدت كل عزمها وإيقاعها بسبب اداء قياداتها المتناقض مع شعاراتهم.
وعندما تفقد الثورة، أيّة ثورة، صدقيّتها، فهي تخسر حينئذٍ كل شيء، ولا تعود تستحق تسمية ثورة، بل تتقزم لتصبح مجرّد…فورة.
وهذا تماماً ما حصل في لبنان.
ما عاد الناس يصدّقون قيادات قوى 14 آذار لأنّهم أدركوا أنّهم ليسوا مخلصين، وليسوا أنقياء، وأنهم يسعون فقط إلى مزيد من السلطة لأنفسهم.
جميعهم، وأعني جميعهم من دون أيّ استثناء، وبتعبير آخر “كلّن يعني كلّن”، برهنوا أنّهم ليسوا من طينة القيادات التي نحتاج إليها لإنقاذ لبنان من المحور الإيراني.
جميعهم يبيعون ويشترون، جميعهم يعقدون صفقات. جميعهم يقول الشيء ويفعل نقيضه.
لهذا السبب خسر لبنان، وربح تحالف قوى 8 آذار.
برماديتها السياسية، بانتهاجها أسلوب تدوير الزوايا، ومسح الجوخ، ابتعدت قوى 14 آذار كليا” عن الأخلاقيّات السياسية.
لقد خذلت هذه القوى اللبنانيين مراراً وتكراراً، بتنازلاتها ومساوماتها وتسوياتها. وفي كلّ مرّة تعلن عن موقف لا تلبث أن تُقدم على خلافه أو تتناساه .
وعند حصول الإنتخابات النيابية يوما” ما، سنرى فريق 14 آذار يعيد انتخاب “أب الميثاقيّة” على رأس السلطة التشريعيّة، ويجدد “الثقة” به.
بئس هذا الزمن الذي أصبحت فيه السياسة في لبنان مجرّدة من أيّة أخلاقيات، ومن دون أيّة “ميثاقيّة”.