عماد قميحة: حزب الله في لعبة الأمم عارياً تحت السوخوي/علي شريفي: ركن أبادي حيٌّ يرزق/علي حماده: بوتين ورمال سوريا المتحركة

331

حزب الله في لعبة الأمم عارياً تحت السوخوي
عماد قميحة/لبنان الجديد/06/11/15
مع هدير محركات السوخوي ، وعظيم انفجارات قنابلها وما صاحبها من حملة إعلامية ضخمة ساهم بها الصديق والخصم اختفت نهائياً أصوات عنتريات ” رجال الله “، وغابت صور مقاتلي الحزب عن التلال الإستراتيجية وبين أزقة المدن السورية “المحررة” ،  فلم نعد نسمع عن أخبار تقدم مقاتلي الحزب إلاّ ما نذر ، ولولا تشييع شهدائه العائدين من ميادين ” الواجب الجهادي ” فإنّنا نكاد ننسى مشاركاته هناك في الحرب الدائرة على الأراضي السورية  فمع الدخول الروسي بطائراته وثقله الجوي إلى ساحة المعركة، تحوّلت اللعبة سريعاً إلى لعبة للكبار فقط ، حتى أنّ بشار الأسد نفسه نسي كل ما قدّمه له ومن أجله حزب الله ولم يأتِ على ذكره البتة في الإجتماع الشهير الذي جمعه مع بوتين في الكرملين  فاختصر بكلامه على ذكر الروسي وما يقدمه له ، وإنّ لولا هذا التدخل لكان ” الارهاب ” اكتسح المنطقة والعالم أجمع كما قال ، ولم يأتِ على ذكر باقي الحلفاء لا من قريب ولا من بعيد . هذا فضلاً عن التحول الكبير الذي أصاب البعد المعنوي والفكري لطبيعة الصراع ، من خلال الإفصاح الروسي الواضح والجلي والذي لا يشوبه شائبة عن التنسيق والتعاون مع اسرائيل ، وبالتالي فقد أخرج طبيعة الصراع الدائر الآن عن سكته التي جهد الحزب كثيراً لإقناع جمهوره بها وبأنّ الصراع هو بين محور المقاومة والممانعة من جهة وبين المحور الإسرائيلي الأميركي من جهة أخرى ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، ففضلاً عن انكشاف حقيقة الصراع  وأنّه صراع مصالح ونفوذ ليس إلاّ ، فحتى شعار محاربة الإرهاب لم يعد ليشكل رافعة حقيقية له، ويزداد هذا المشهد وضوحاً  مع ارتفاع الحديث عن طبيعة النظام الذي سوف يخلف نظام بشار الأسد مرفقاً هذا الحديث عن صفقات الغاز وأنابيبه التي يراد ايصالها إلى الشواطئ السورية كمقدمة ضرورية لتصديرها إلى السوق الأوروبي . فمع كل هذه التحولات، والمسارات الجديدة التي تمظهرت بوضوح بمناقشات فيينا التي شارك بها السيد الإيراني، إلى جانب الاميركي والسعودي والتركي، بدا حزب الله على حقيقته وكم أنّه اداة صغيرة جداً في لعبة الامم هذه، بالخصوص اذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما كنا قد أشرنا إليه مع بدايات التدخل الروسي من وجود تباين كبير بين المصالح الروسية والمصلحة الإيرانية والتي اخذت تطفو على السطح وعبّر عنها اخيراً قائد الحرس الثوري منذ ايام . لا شكّ أنّ وضع حزب الله الحالي لا يحسده عليه أحد ، فلا هو مع هؤلاء ولا هو مع أولئك، فلا هو حمى ظهر المقاومة التي ضاعت بدهاليز الصفقات حتى اختفت صورتها، ولا هو ضامن لمستقبل الحكم في سوريا وما يخطط له بعيداً عنه، وكأن مهمته الوحيدة المتبقية له هي المزيد من القتال وتشييع القتلى بدون اي افق سياسي يذكر، وبدون أيّ هدف يرتجى حتى بات فجأة وكأنه يقف عارياً تحت طائرات السوخوي .

 

ركن أبادي حيٌّ يرزق ؟
علي شريفي/لبنان الجديد/06.11.15
مجرد عدم الكشف عن هوية السفير الإيراني السابق في لبنان غضنفر ركن أبادي بين ضحايا تدافع منى بحد ذاته يُعتبر دليلاً على أنّه قيد الحياة ، فضلاً عن أنّ هناك شهود عيان أكدوا على أنّهم رأوه حين نقله إلى أمبولانس الهلال الأحمر السعودي حياً ، هذا ما يؤكد عليه مصادر إيرانية . وهناك دليل آخر من المصادر السعودية التي أعلنت في الأيام الأولى بعد حدوث التدافع بأنّ ركن أبادي يتعالج في إحدى المستشفيات ، بالرغم من أنّ السعودية نفت في البداية أن ركن أبادي يكون قد دخلت الأراضي السعودية. في الأسبوع السابق أرسل محمد جواد ظريف رسالة لنظيره السعودي مطالباً منه تحديد مصير سفير إيران السابق في لبنان . وفي نفس الوقت قال عضو في لجنة الأمن القومي لمجلس الشورى الإسلامي محسني ثاني إننا نملك معلومات تفيد بأنّ ركن أبادي على قيد الحياة. ومن جهة أخرى قال حسين أمير عبد اللهيان معاون وزير خارجية إيران بأنّ القنصل الإيراني في جدة خلال لقائه مع السلطات السعودية تابع موضع مصير ركن أبادي متابعة خاصة ، ولكن إيران تتابع الموضوع عبر المنظمات الدولية ومنها منظمة الصليب الأحمر الدولية . فإذا لم يتم الكشف عن هوية ركن أبادي بين الضحايا ولا الجرحى ، فأين هو؟ يرّجح البعض أو لا يستبعد أن يكون ركن أبادي مخطوفاً من قبل المخابرات السعودية أو الإسرائيلية أو من قبلهما بالشراكة ، حيث إنّه كان يملك معلومات ثمينة عن وضع حزب الله اللبناني . يشير مرتضي ركن أبادي شقيق السفير السابق إلى محاولة اغتيال شقيقه من قبل جماعات إرهابية سعودية في لبنان قبل عامين ولا يستبعد خطف شقيقه من قبل المخابرات السعودية التي ترتبط بالمخابرات الإسرائيلية وفقه . ولكن هناك احتمال آخر وهو أن يكون ركن أبادي ضمن 25 إيرانياً لم يتم الكشف عن هوياتهم وهم من ضحايا التدافع ، وتعهدت السعودية بالتعاون في الكشف عن هوياتهم عبر اختبار دي أن أن خلال عشرة ايام المقبلة، حسب تصريح سعيد أوحدي رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانية الذي قال هناك 24 حاجاً إيرانياً لم يتم تحديد هوياتهم حتى اللحظة بالرغم من أن جثامينهم نُقلت إلى مكة . عائلة ركن أبادي بطيبعة الحال تُفضَل أن يكون غضنفر مخطوفاً وليس من بين الضحايا ، ولكن من البديهي أنّ إثبات فرضية خطفه من قبل السعوديين إضافة إلى كونه فضيحة وبصمة عار على المملكة سيؤدي إلى مواجهة عنيفة بين الطرفين ، وفق تهديد الحرس الثوري الإيراني الذي أعرب عن استعداده لخوض حرب ضد آل سعود . خلال الأيام العشرة المقبلة سوف يتضح مصير غضنفر ركن أبادي، ربما يقنع الإيرانيين بأن السعودية لم يكن لديها مصلحة في خطفه ولا في خلق التدافع الذي ذهب ضحيته آلافاً من الحجاج ، وأياً تكن الحال، لا يمكن تجاهل حقيقة تقصير المملكة السعودية فيما يتعلق بما بعد التدافع وسوء تدبيرها وعدم وقوفها في موقع المسؤولية.

 

بوتين ورمال سوريا المتحركة
علي حماده/النهار/7 تشرين الثاني 2015
أسبوعاً بعد أسبوع يتضح ان العدوان الروسي على سوريا لن يأتي بالنتائج التي يتوخاها الرئيس فلاديمير بوتين. فلا بشار بقواته المتهالكة قابل للانقاذ ثم التعويم، ولا المدد الايراني بالضباط ورجال الميليشيات الطائفية على غرار “حزب الله” قادر على تغيير المعادلة على الأرض في شكل دراماتيكي، والأهم انه بعد غارات كثيفة ومركزة للطيران الروسي على مواقع المعارضة السورية لم يحدث أي تغيير جوهري على الارض، سوى تمكن تنظيم “داعش” من التقدم على جبهات الوسط بين حمص والقلمون. وبالتالي إن المسافة بين “البروباغاندا” الروسية التي زعمت ان الهدف من التدخل العسكري هو محاربة الارهاب ولا سيما “داعش”، وبين الحقيقة على الارض هي مسافة كبيرة جداً. فقد انكشف هدف موسكو منذ الايام الاولى للعدوان، وما من جهة عربية أو دولية مقتنعة بأن بوتين تدخل في سوريا لمحاربة الارهاب، بل ان المجتمع الدولي بما فيه الدول العربية المعنية مقتنع بأن روسيا تحاول ان تلعب في المساحة الفارغة التي تركتها ادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما، عبر انقاذ بشار ومحاولة تعويمه في الميدان تمهيداً لتعويمه على طاولة المفاوضات للحل السياسي، ومن خلال ذلك ترسخ موسكو حضوراً في الشرق الاوسط، وتجبر الجميع على التعامل معها بوصفها شريكة الند للند لأميركا في المنطقة. المشكلة ان حسابات بوتين بدأت بالتخلخل. أولاً بعدما تبين ان النظام والايرانيين وميليشياتهم، ورغم الغارات الروسية، غير قادرين على تحقيق نصر حاسم في اي منطقة من المناطق التي تشهد مواجهات كبيرة. ثانياً إن موسكو حشرت نفسها في زاوية صعبة في الميدان، وجلبت لنفسها عداوة مع سنة العالم. أكثر من ذلك، واذا صحت التقديرات الغربية، بأن سبب تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء قبل أيام عائد الى انفجار عبوة ناسفة في الطائرة فإن فاتورة العدوان الروسي تكون ارتفعت في شكل كبير، وعلى بوتين تالياً أن يتوقع أعمالاً معادية في أكثر من مكان تطاول رعاياه ومصالح بلاده في أكثر من دولة. خلاصة القول، لا يمكن روسيا ان تدعي لنفسها دوراً موازياً لأميركا أو بحجم دورها في المنطقة او في أي بقعة من العالم. لقد ذهب الاتحاد السوفياتي الى غير رجعة، وروسيا اليوم أضعف وأفقر من أن تطمح الى دور متقدم في الشرق الاوسط، في ظل عزلتها، وقلة حماسة العرب للتعامل معها. ويذهب مسؤولون عرب في دولة معنية بالصراع في سوريا الى القول ان موازين القوى التي تحاول موسكو ان تقلبها لمصلحة بشار الأسد والايرانيين في سوريا، حدودها شحنة من مئة قاعدة اطلاق صواريخ “ستينغر” المضادة للطائرات مع عدد كاف من الصواريخ. بالطبع لم تصل الأمور الى هذا المستوى من الصراع. فالغرب الذي يطير بدوره في سماء العراق وسوريا لا يريد الدخول في مبارزة من هذا النوع مع روسيا. بعيداً من ذلك يبقى ان بوتين بدأ يسير على رمال سوريا المتحركة.