البنتاغون: الأسد مسؤول عن وجود داعش والتخلص منه هو الخطوة الأولى/ديفيد اغناتيوس: كيف يمكن أن يزداد الصراع السوري اتساعًا ودموية

254

البنتاغون: الأسد مسؤول عن وجود «داعش».. والتخلص منه هو الخطوة الأولى
أكد أن إرسال 50 عنصرا من القوات الخاصة إلى سوريا سيرفع قدرات التنسيق والتخطيط وتقديم المشورة
واشنطن: هبة القدسي/الشرق الأوسط/07 تشرين القاني/15
كشف اثنان من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية عن تفاصيل الاستراتيجية الأميركية الجديدة لمكافحة تنظيم داعش، وأسباب نشر قوات عمليات خاصة في سوريا، ونشر مقاتلات أميركية متقدمة في قاعدة «أنجرليك التركية».
وأوضح المسؤولان في جلستين منفصلتين مع الصحافيين، شاركت فيهما «الشرق الأوسط»، أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «هو السبب فيما يجري في سوريا»، وأنه «المسؤول عن خلق (داعش)»، كما أكدا أن الخطوة الأولى في أي حل دبلوماسي للأزمة السورية يتمثل في «التخلص من الأسد» ورحيله سلميًا ودبلوماسيًا، وترك الشعب السوري ليبدأ عملية انتقال سياسي يختار فيها قائدًا جديدًا. وجدد المسؤولان تأكيد واشنطن أن الجهد العسكري للولايات المتحدة يتركز فقط على هزيمة تنظيم «داعش».
وأكد مسؤولو البنتاغون أن «داعش» أصبح في «حالة فرار وتقلصت قدراته على التوسع والسيطرة على الأراضي»، مشيرين إلى أن البنية التحتية للتنظيم «بدأت تنهار، وخطوط الإمدادات تتداعى، لكن تبقى مشكلة تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا، التي تعمل الولايات المتحدة بشكل خاص مع تركيا وغيرها من الدول لإغلاق الحدود ومنع وصول مقاتلين جدد للتنظيم». ولمح المسؤولان إلى أن البنتاغون يتحرك نحو توفير أسلحة إضافية للقوات السورية التي تقاتل «داعش»، بعد المكاسب التي حققوها الأسبوع الماضي في شمال شرقي سوريا، تمثل في استعادة 255 كيلومترًا من الأراضي التي كان يسيطر عليها «داعش» في منطقة الهال بمحافظة الحسكة، قرب الحدود العراقية.
وقال الكابتن جيف ديفيز مدير المكتب الصحافي في وزارة الدفاع لمجموعة من الصحافيين مساء الأربعاء، إن الإدارة الأميركية «أجرت تعديلات على استراتيجية مكافحة (داعش)، وأعلنت نشر قوات عمليات خاصة في سوريا مهمتها مساندة قوات التحالف العربي السوري»، مشددا على أنها لن تقوم بمهام قتالية ولن تكون بمثابة إنزال جنود أميركيين على الأرض. وأكد أن قواعد الاشتباك لتلك القوات الخاصة تكفل لها حق الدفاع عن النفس.
وأوضح المسؤول العسكري أن مذكرة التفاهم بين واشنطن وموسكو حول سلامة الطيران «تضمن ألا يقع أي حادث غير مقصود في السماء في حال وجود الطائرات الأميركية والروسية في المنطقة نفسها»، مشيرًا إلى أن أحد بنود مذكرة التفاهم عدم نشرها علانية، وهي «تركز على قدرات التواصل واللغة المستخدمة». وقال: «نحن بالتأكيد لا نريد أي حادث مع روسيا، ونعرف أن روسيا لا تسعى لذلك، خصوصا أن الغالبية العظمى من الضربات الروسية تتركز على دعم قوات نظام الأسد في غرب سوريا، بينما تركز ضربات التحالف على استهداف داعش في مكان مختلف، ولذا فإنه من الناحية العملية، ليس هناك الكثير من التفاعل بين الطائرات الأميركية والروسية، ولذلك كان لدينا اختبار بين اثنتين من الطائرات (الأميركية والروسية) استمر لثلاث دقائق للتحقق من جودة وكفاءة الاتصال بين الجانبين».
وانتقد الكابتن ديفيز الضربات الروسية في سوريا ووصفها بالتصرف الخاطئ، وقال: «كل ما شهدناه من روسا يستهدف في النهاية تعزيز نظام الأسد ومساعدة نظام الأسد في محاربة المعارضين وليس محاربة (داعش) وتدعم روسيا الأسد ليس فقط بالضربات الجوية بل بقوات على الأرض وأنظمة صواريخ ومدفعية ومستشارين يعملون بشكل وثيق مع القوات البرية السورية لتقديم الدعم لهم». وأضاف: «نعتقد أن نظام الأسد هو السبب الأساسي لما يجري في سوريا والنظام هو الذي خلق (داعش)»، مشددًا على أن «الخطوة الأولى التي يجب أن تحدث هو إيجاد حل دبلوماسي يشمل التخلص من الأسد».
وردًا على سؤال وجهته «الشرق الأوسط» حول أسباب إرسال 50 من قوات العلميات الخاصة، وليس عددًا أكبر أو أقل، وعن أوامر قواعد الاشتباك في حال تعرضت تلك القوات لهجمات، قال مسؤول البنتاغون: «قررنا منذ البداية أن يكون عدد قوات العمليات الخاصة صغيرًا جدًا، وكان من الضروري وجودهم ليتمكنوا من التواصل وجهًا لوجه، فالمجموعة التي نعمل معها، وهي التحالف العربي السوري، تقوم بأعمال مهمة ضد (داعش)، التي تتطلب تنسيقًا وثيقًا، ومن الصعب تنسيق العمليات العسكرية باستخدام الهاتف الجوال، وهو ما نقوم به في كثير من الأحيان، وهذا الوجود معهم سيرفع قدرات التنسيق والتخطيط وتقديم المشورة، أما فيما يتعرض باحتمالات تعرضهم لخطر هجمات، فإنهم بطبيعة الحال لديهم حق الدفاع عن النفس».
وحول الاستراتيجية الأميركية لمكافحة «داعش» ودور قاعدة عيديد العسكرية الأميركية في الحملة ضد «داعش»، قال الكابتن ديفيز: «قاعدة عيديد في قطر هي مركز العمليات الجوية لقوات التحالف والعصب الرئيسي للضربات الجوية التي تشنها دول التحالف – التي تضم أكثر من 60 دولة – ضد (داعش) في سوريا والعراق، وتشكل قاعدة عيديد مكان تجمع ضباط الاتصال، وجميع قادة القوات الجوية، حيث يتم هناك تخطيط مشترك وتعاون استخباراتي حول اختيار وتحديد أهداف الضربات بشكل يومي، وكيفية تجنب إصابة مدنيين ونقوم بنشر قائمة الضربات الجوية التي تمت دون الإشارة إلى الدولة التي قامت بالضربة، ونترك الحرية لكل دولة للإعلان عن جهودها».
وأضاف: «سنقوم أيضًا بوضع قدرات جوية إضافية في تركيا لزيادة فعالية الضربات الجوية في سوريا، وقد قمنا بالاستبدال بالطائرات المقاتلة الأميركية من طراز F16s أكثر من عشرة مقاتلات أخرى أكثر تطورا من طراز A10s التي لها قدرات على الطيران المنخفض، كما سنقوم قريبا بإرسال 12 من الطائرات المقاتلة من طراز F – 15S وطراز F – 15Cs بقدرات جو – جو وقدرات جو – أرض».
وأشاد الكابتن ديفيز بما أحرزته القوات السورية خلال الأيام الماضية في قتال تنظيم داعش، وقال: «استأنفت قوات المعارضة السورية دفاعها عن منطقة حربل وديالا مع القوات السورية التي قمنا بتدريبها في تركيا، وهم يقاتلون تنظيم داعش عند الحدود التركية السورية، وتقوم تركيا الدعم الجوي – في توقيت متزامن مع المهام القتالية التي يقومون بها – باستخدام المقاتلات من طراز F – 16s وشن حملات جوية على معاقل (داعش) مما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة من عناصر التنظيم».
واعترف الكابتن ديفيز بالصعوبات التي واجهت برنامج تدريب المعارضة السورية، مشيرًا إلى أنه تم إصلاح البرنامج وتركيز الجهود في الوقت الحالي على مجموعة تسمى «التحالف العربي السوري». وقال: «وفرنا لمجموعة التحالف العربي السوري منذ عدة أيام 50 طنًا من ذخيرة الأسلحة الصغيرة، ووفرنا لهم التدريب التي يشمل تدريبًا على الاتصال بالقوات الأميركية وكيفية توفير المعلومات الاستخباراتية عن (داعش)، التي يمكن لنا استخدامها في شن غارات جوية، وخلال الأيام الثلاثة الماضية شهدنا تقدمًا حقيقيًا من التحالف العربي السوري ضد تنظيم داعش، وتمكن التحالف من استعادة 255 كيلومترًا من الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم في منطقة الأهوال شرق سوريا قرب الحدود العراقية».
وأضاف: «تقدم قوات التحالف الدولي الدعم الجوي لهم، حيث قمنا على مدى الأيام الثلاثة الماضية بـ17 غارة جوية أدت إلى تدمير عربات ومواقع قتالية ومنظومات أسلحة تابعة لـ(داعش)، وقتل في تلك الحملات ما يزيد على 70 من عناصر التنظيم، ونخطط أن يتم التوجه لاستعادة مدينة الرقة التي تعد قلب تنظيم داعش».
وكان المتحدث باسم عملية «الحزم التام» ضد تنظيم داعش العقيد ستيف وارن أكد أن قوات التحالف تحقق تقدمًا كبيرًا في مكافحة التنظيم في العراق. وأثنى العقيد وارن على التقدم الذي أحرزته قوات التحالف العربي السوري في استعادة بلدة الأهوال في شمال شرقي سوريا، وقال: «أظهر التحالف العربي السوري شجاعة كبيرة واستعاد ما يقرب من ألف من قوات التحالف نحو 255 كيلومترًا من الأراضي التي سيطر عليها (داعش)، ولذا نرى أننا سوف نستمر في إمداد قوات التحالف العربي السوري بمزيد من الأسلحة والذخيرة».
وأشار العقيد وارن إلى تركز الضربات الجوية الروسية على مدينة حلب السورية لمساندة قوات النظام السوري، موضحا أن قوات الأسد تمكنت من السيطرة على بعض المناطق، وتعرضت لهجوم مضاد في مناطق أخرى وفقدت الأرض التي كانت تسيطر عليها.

كيف يمكن أن يزداد الصراع السوري اتساعًا ودموية؟
ديفيد اغناتيوس/الشرق الأوسط/07 تشرين القاني/15
يقول الرئيس باراك أوباما إنه لا يريد تحويل الصراع السوري إلى حرب بالوكالة. لكن ذلك يحدث بالفعل للأسف، حيث ينضم المقاتلون إلى المعركة ضد «داعش» انطلاقًا من أجندات مختلفة جذريًا قابلة للتصادم. دعونا نلق نظرة على المشهد المحير للمعركة: الولايات المتحدة قررت أن شريكها الأقوى في مواجهة «داعش» هو قوة كردية سورية معروفة اختصارًا بـ«واي بي جي». لكن تركيا، حليفتنا الاسمية في الناتو، تقول إن «واي بي جي» على صلة بما تزعم أنها جماعة كردية إرهابية. كيف السبيل لفض هذا الاشتباك؟ لا إجابات بعد. في غضون ذلك، تدفع روسيا بأنها تقاتل «داعش»، إلى جانب القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد. لكن الطائرات الحربية الروسية تقصف الثوار المدعومين سرًا من قبل الولايات المتحدة وتركيا والأردن، وتلك الكتائب تبدي مقاومة شديدة في القتال. وينشر الثوار مقاطع فيديو يتباهون فيها بنجاحهم في استخدام الصواريخ الأميركية المضادة للدبابات. وتبدو المعركة على نحو مثير للفزع أشبه بالحرب الروسية في أفغانستان، في مرحلة التشكل. إلى أين يتجه ذلك؟ لا إجابة أيضًا عن ذلك السؤال. وهكذا إذا ألقيت نظرة شاملة على خريطة سوريا المحطمة سترى تحالفات وشراكات متناقضة. وفي ظل اجتماع هذه القوى العسكرية المتعددة في نفس المنطقة، يصبح خطر وقوع الحوادث والحسابات الخاطئة كبيرًا. لكن لماذا تتصاعد وتيرة الحرب بالوكالة في وقت تعقد فيه القوى الخارجية محادثات من أجل حل الصراع؟ لقد أرسلت كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والسعودية مندوبين إلى فيينا الأسبوع الماضي لاستطلاع آفاق الانتقال السياسي الذي يزعمون جميعًا أنهم يفضلونه. الاجتماع لم يكن مشجعًا، حيث لم يحضر أي من الجماعات السورية المتقاتلة، وثارت خلافات بين القوى الخارجية حول شكل وطبيعة هذه المرحلة الانتقالية. «قاتل وفاوض» هي دورة متكررة في الصراع بالشرق الأوسط. لذا ربما يكون التصعيد العسكري الأخير مقدمة لمفاوضات دبلوماسية، فيما يحاول كل طرف أن يوسع منطقة سيطرته ويعزز موقفه التفاوضي قبل بدء المحادثات الجادة. لا بد أننا محظوظون للغاية. لكن الأسد والثوار ليسوا مستعدين الآن للتوصل إلى حل وسط أكثر من أي وقت مضى.
وبدراسة سوريا من شمالها إلى جنوبها، تتضح المواقع التي تحتاج إلى «فك اشتباك»، على حد وصف العسكريين، لتفادي كارثة غير مقصودة.
على الجبهة الشمالية، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعميق مشاوراتها مع تركيا فيما تعزز دعمها للقوى الكردية السورية وحلفائها من العرب. الرئيس أوباما أرسل أقل من 50 عنصرًا من قوات العمليات الخاصة إلى سوريا، لكن لا تقلل من شأن الخطوة، إنه التزام كبير. فالقوات الأميركية سوف تحتاج إلى دعم جوي، ليس فقط لقصف «داعش»، ولكن لإعادة تزويدها بالمؤن، وتنفيذ مهام الإنقاذ في حال تعرض أفرادها لمشاكل، وربما لتفعيل دورة «المداهمات الليلية» القائمة على معلومات استخباراتية مسبقة، والتي كان لها أثر مدمر في العراق. لكن ما رأي تركيا في هذا الدور الأميركي المتنامي على حدودها، لا سيما بعد النصر الانتخابي الذي أحرزه الرئيس رجب طيب إردوغان الذي لديه فوبيا من الأكراد؟ يقول مسؤولو البنتاغون إنه ينبغي طمأنة الأتراك، لأن الولايات المتحدة سيتاح لها الآن إشراف أوسع على 25 ألف مقاتل ينضوون تحت لواء «واي بي جي»، ويمكنها منع وصول المؤن إلى حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا جماعة إرهابية. ورغم أن هذه الحجج تبدو منطقية، فإنها تحتاج إلى موافقة أنقرة. وعلى الحدود الجنوبية السورية مع الأردن، ساعدت الولايات المتحدة في تدريب تحالف من الثوار يعرف باسم الجبهة الجنوبية يضم 35 ألف مقاتل موزعين على 54 فصيلاً عسكريًا. وهاجمت الطائرات الحربية الروسية الأسبوع الماضي بعض القوات المدعومة من الولايات المتحدة في بلدة الحارة جنوب غربي سوريا، وهي موقع مركز روسي سابق لاستخبارات الإشارة وقع في يد الثوار. هذا عمل جنوني. لا بد أن تنظر موسكو وواشنطن في سبل وقف تصعيد الموقف، بدلاً من المساهمة في إزكاء نيرانه. لكن في ضوء المنطق المستعصي على التغيير، فإن الأسوأ قادم. لقد أبلغني الرائد عصام الريس الناطق باسم «الجبهة الجنوبية»، في مقابلة أجريتها معه عبر الهاتف يوم الثلاثاء، بأن قواته تتوقع هجومًا سوريًا جديدًا، بدعم روسي، لاسترداد الأرض جنوب دمشق. هذا السعي وراء «النصر» لا يخدم إلا المتطرفين. لكن ما الذي تخفيه الأكمة إذا فشلت القوى الخارجية في إيجاد سبيل لوقف تصاعد الموقف؟ إليكم لمحة حزينة على ذلك: تلقيت زيارات على مدار الأسابيع الأخيرة من قادة حركات كردية سياسية في إيران وسوريا ينتظرون اليوم الذي تذيب فيه كردستان الكبرى حدود تلك البلدان. وإذا لم تساعد روسيا وإيران وتركيا والمقاتلون الآخرون بالوكالة في إبطال هذه القنبلة، فإن انفجارا أشد تدميرًا ينتظر عموم المنطقة.
* خدمة «واشنطن بوست»