عبد الرحمن الراشد: فكرة المصالحة مع إيران فاشلة/فايز سارة: فكرة المصالحة مع إيران فاشلة/أسعد حيدر: إعلان القاهرة وولادة المركز العربي!

330

فكرة المصالحة مع إيران فاشلة
عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/02 آب/15
ليس صعباً على دول الخليج العربية مصافحة الرئيس حسن روحاني، وتوقيع اتفاق صداقة مع بلاده إيران، وطي خلاف ثلاثين سنة. نظرياً، هذا أمر سهل جداً لكنه يبقى اتفاقاً لا يساوي الحبر الذي يوقع به إن لم تكن له ضمانات. الصديق الأستاذ طراد العمري أهداني في مدونته مقالاً، عبر فيه عن رأي وخريطة طريق تتحدى تحذيرنا من إيران. ولو كانت للأخ طراد حظوة في بلاط المرشد، أو له كلمة في البيت الأبيض، ربما غيرت رأيي، وسرت خلف اقتراحه بالانفتاح على إيران. لكنه مثلنا، بضاعته رأيه. وكذلك حكومات الخليج، لا تستطيع أن ترهن مصير ثلاثين مليون مواطن فقط على حسن النوايا، والتحليل الشخصي للأحداث. في مقاله /192075/http://www.an7a.com تحدث عن شيء سماه المبادرة الخليجية للسلام، وهي ليست سوى «مبادرة طراد للسلام»! لا قيمة لها دون أن تتأكد حكومات المنطقة أن إيران فعلاً غيرت سياستها العدوانية تجاهها، أو قلصت قدراتها العسكرية الموجهة ضدها، أو قدمت دول كبرى ضمانات عسكرية كتأمين عليها. لا شيء من هذه الشروط موجودة والنوايا الحسنة لا تكفي في العالم الحقيقي.
سهل على دولة عظمى مثل الولايات المتحدة تقع على أبعد من سبعة آلاف كيلومتر أن توقع اتفاقا مع ايران، لأن بحوزتها ترسانة ضخمة من السلاح، وذراع طويلة، وتقنية رصد استخبارات عسكرية، ومعلوماتية، ومالية، تستطيع بها أن تردع وتمنع وتمحق. اما نحن، فنسكن على مرمى حجر من شاطئ ايران، وبإمكانياتنا المحدودة لا نستطيع ان ننام على وعود النوايا الحسنة. دول الخليج تحتاج الى براهين او ضمانات على ان ايران تغيرت بعد الاتفاق مع الغرب، او هي مضطرة لتحصين نفسها!
والدول مثل الأفراد، تعرفها من سيرتها وسلوكها، ولا يكفي ان نحلل نواياها، بالقول مثلاً ان كل هدف ايران كان توقيع اتفاق مع الغرب يرفع الحصار ويؤمن سلامة وجودها. أصلاً العقوبات ضدها طبقت بسبب سلوكها العدواني، وليس العكس. توجد قائمة طويلة بعملياتها العدوانية منذ مطلع الثمانينات الى هذه اللحظة، من الفلبين الى بيونس آيرس، وهي التي تسببت في استحداث الحصار والعقوبات. اما عداؤها لإسرائيل فهو ليس دفاعا عن الفلسطينيين، كما يصدق الأخ طراد، بل جزء من الصراع الإقليمي الواسع. باسم فلسطين، تدير ايران منظومة عدوانية واسعة، اطرافها الأسد في سوريا، ونصر الله في لبنان، والزهار وشلح في غزة، وحواتمة في سوريا، ومحمد بديع في مصر، والبطاط في العراق، وعبد الله الحوثي في اليمن. كل هؤلاء لا علاقة لهم بالدفاع عن فلسطين. يكفيك ان تعرف ما يجري في مخيم اليرموك الفلسطيني في محيط دمشق، من جرائم مروعة تقوم بها جماعات محسوبة على منظمات فلسطينية تابعة لإيران. يوجد كم هائل من النشاطات العدائية عسكرية وسياسية، تنفذها ايران، او جماعات تعمل وكيلة لها، موجهة ضدنا، وهي قديمة قدم الثورة الايرانية، ليست ضد اسرائيل ولا ضد الغرب. مقال الراشد ولا أودّ ان أرهق الجميع بتفنيد ما كتبه عن الأساطير الثلاثة، لانها غير مهمة اذا احسنا الظن في الإخوة في طهران. اخ طراد لسنا جددا في فهم الخلاف وتحليله. لقد سبق لدول الخليج ان صدقت، وحاولت، وجربت، ومدت يدها الى طهران وفتحت حدودها وعواصمها، ثم اكتشفت بعد ذلك ان النظام الإيراني زاد عدوانية ضدها. سبق ان عقدت في التسعينات لقاءات تفاوضية متعددة، بل ووقعت اتفاقية تفصيلية مهمة في عام 2001. تقريبا خالفت ايران كل ما ورد وتعهدت به فيها. ومرة ثالثة حاولت السعودية واستقبلت الشيخ هاشمي رفسنجاني في عام 2008 في أطول زيارة من نوعها، جال لأسبوعين في جدة، والدمام، والخبر، والجبيل، والقطيف، ومكة، والمدينة، وينبع. وفتحت السفارات من جديد، وسمحت للطيران الإيراني بفتح مكاتب له، واستقبلت الرياض رجال اعمال ايرانيين واقامت لهم معارض تجارية، وتبادل الزيارات أمراء ووزراء وعسكريون. في الأخير تكتشف السعودية ان داخل النظام الإيراني من أراد استغلال طيب النية وحسن العلاقة لتهريب أسلحة، وتجنيد معارضة، والتآمر داخليا وخارجيا. وبالتالي، ما يطرحه البعض عن ضرورة التصالح مع ايران يعبر عن منطق سليم لكنه لا يكفي دون ضمانات تحمي الخليج من حالة السعار العدوانية الايرانية التي تحاصرنا بها، في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن والسودان. وأحب ان اطمئن الحمائم الخليجيين، وبينهم الأخ طراد، بأنه رغم الخلاف علاقتنا التقليدية مع الإخوة في ايران حية تتنفس. فاليوم يوجد بيننا سفراء وسفارات، وهناك سعوديون يسافرون الى ايران، وإيرانيون يزورون السعودية للحج والعمرة، لكن التوجس من ايران بلغ أقصى درجاته، ويزيد بسبب فك قيودها المالية والعسكرية والدبلوماسية.

 

هل آن الأوان في قضية السوريين؟
فايز سارة/الشرق الأوسط/02 آب/15
يسود مستوى من التشوش حول قضية السوريين في اللحظة الراهنة، ومصدر التشوش ضعف في تحليل الوقائع الحالية على الأرض من جهة، وتفسير مجريات الحراك السياسي الإقليمي والدولي الحالي حول سوريا وقضيتها من جهة أخرى. وفي الحالتين، فإن قلة من المعلومات والمعطيات، يتم تداولها في المستويين السياسي والإعلامي لدى الأوساط المهتمة بالقضية السورية والمتصلة بها، مما يضفي على التشوش أبعادًا أخرى، ناجمة عن عدم المعرفة من جهة، وعدم القدرة على تفسير الوقائع من جهة ثانية.
إن الأبرز في التطورات الحالية في محيط القضية السورية وعلى أرضها، هو الدخول التركي الكثيف على الموضوع السوري الذي يمكن ملاحظته في ثلاث نقاط أساسية؛ أولاها، إعلان تركيا الحرب على التطرف والإرهاب في سوريا وامتداداته في تركيا، وهي حرب تشمل «داعش» وحزب العمال الكردستاني (pkk) وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) اللذين تصفهما تركيا بمنظمات إرهابية، وقد لجأت تركيا للذهاب إلى مواجهة سياسية وعسكرية معهم مباشرة عبر عمليات عسكرية ضد «داعش» في سوريا وضد (pkk) في العراق، وهو ما ترافق مع حملات أمنية واسعة ضد تنظيمات التطرف والإرهاب في تركيا، وتلك التي لها امتدادات في سوريا.
والنقطة الثانية، سعي تركيا إلى إقامة منطقة آمنة في الأراضي السورية تحت ثلاث فرضيات؛ أولاها طرد ميليشيات «داعش» من المنطقة والقضاء على وجودها هناك، وتأمين منطقة عازلة بين وجود قوات الحماية الشعبية الكردية وعمادها أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) في عين العرب – كوباني، وهدفها المرتقب مدينة عفرين لمنع سيطرة كردية ممتدة، تعتقد تركيا، أنها تجسد مشروعًا لكيان كردي معادٍ، مجاور لحدودها في سوريا، كما ستوفر المنطقة الآمنة من وجهة النظر التركية مكانًا يمكن نقل جزء أساسي، يصل إلى أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري من المقيمين فيها، وهي بهذا تعيدهم إلى بلدهم من جهة، وتكون في حل من أعباء وجودهم في تركيا.
والنقطة الثالثة، يجسدها سعي تركي إلى إعادة ترتيب أوضاع التشكيلات العسكرية الإسلامية في منطقة شمال سوريا، وجعلها أقرب إلى القبول الدولي، خصوصًا أن بين هذه التشكيلات جبهة النصرة المصنفة في عداد المنظمات الإرهابية المتطرفة، ولأن الأخيرة عجزت عن القيام بتحولات تخرجها من القائمة، فإن تشكيلات أخرى بينها حركة أحرار الشام، قامت بخطوات سياسية وتنظيمية لإبعاد أي صفة تطرف وإرهاب عن نفسها، وهو ما يمكن أن تذهب إليه جماعات أخرى، وسوف يوفر هذا المسعى لتغييرات مهمة في توازنات القوى العسكرية في الشمال من الناحية السياسية بجعلها تشكيلات «معتدلة»؛ مما يعطيها دورًا مختلفًا في الصراع السوري ومستقبله.
ولا يمكن رؤية التطور التركي بصورة منعزلة عن الحراك السياسي الإقليمي والدولي، لأن لتركيا شركاء، لا يمكن لأنقرة التصرف بعيدًا عنهم، وهو ما يمكن رؤية تعبيراته في الاتفاق الأخير بين تركيا وواشنطن حول الحرب التركية على الإرهاب، وللنسق نفسه ينتمي اجتماع حلف الناتو في بروكسل الذي جمع تركيا مع حلفائها الغربيين، وقد أكد في ختام اجتماعه دعم الموقف التركي بقوة في الحرب على الإرهاب.
والخط الموازي للتطورات العملية الحالية في الشمال السوري وحوله، يبدو في حركة دبلوماسية إقليمية ودولية نشطة، بعضها يجري في الظاهر، وآخر في الخفاء، حيث زيارات ولقاءات واجتماعات، متواصلة للبحث في القضية السورية وفي القضايا المتصلة بها والقريبة منها، وكان في عداد تلك التحركات جولات المبعوث الدولي دي ميستورا الذي قدم تقريره للأمم المتحدة وفيه خلاصات رأيه حول القضية السورية وافق حلها، وزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بعض بلدان الخليج، ليشرح مواقف وسياسات طهران، وكذلك زيارات وزير الخارجية السعودي إلى بعض العواصم ومثله وزير الخارجية المصري.
وإذا كان من الصحيح، أن موضوعات مختلفة أغلبها يتعلق بشؤون المنطقة، يتم بحثها في المحادثات والاتصالات، فلا شك أن الموضوع السوري أبرزها، وتفاصيله ومسار علاجه هو الأهم، مع تركيز خاص على فكرة الحل السياسي، التي شغلت أوساطًا واسعة في المعارضة السورية في الأشهر القليلة الماضية، على نحو ما ظهر في مؤتمر القاهرة للحل السياسي وفي لقاء الائتلاف الوطني مع هيئة التنسيق في بروكسل، وكلاهما وجد اهتمامًا وتأييدًا واسعين في المجالين الإقليمي والدولي.
ومما لا شك فيه، أن ربط التطورات الميدانية الحالية في سوريا وحولها مع الحركة الدبلوماسية والسياسية الإقليمية والدولية، إنما تؤكد وجود إحساس واسع لدى القوى الفاعلة والمؤثرة والمهتمة، بأن القضية السورية آن أوانها، أو على الأقل، أنه بات من الضروري وضعها على سكة حل، تضع حدًا للكارثة السورية في كل أبعادها الداخلية والخارجية، لأن السوريين لم يتعبوا وحدهم، إنما كل من في جوارهم والأبعد منهم، وكلهم صاروا في وضع ينذر بعواقب خطيرة ناتجة عن تصاعد الإرهاب وتدهور متزايد للأوضاع الأمنية، وتوسع في مدى وأعماق الكارثة الإنسانية على كل المستويات

«إعلان القاهرة» وولادة «المركز» العربي!
أسعد حيدر/المستقبل/01 آب/15
خبر جيد ومضيء، التوقيع المصري السعودي على «إعلان القاهرة». هذا «الإعلان»، جسر للعبور الى المستقبل. لا يمكن للعرب، أن يواجهوا كل الهزائم والمصائب وهم متفرقين، وبلا دولة «مركز» تقف في مواجهة تمدد أنقرة وطهران على حسابهم. انهيار بغداد وسقوط دمشق وتقييد القاهرة، غيّب عنصراً أساسياً في المواجهة. الرئيس عبدالفتاح السيسي، وضع يده بدقة على الجرح فقال: «نحن في أحوج ما نكون، أن نكون معاً، لأن التحديات كثيرة ولا يمكن أبداً إلا أن نكون هنا لنتغلّب عليها ونتصدّى لها». مصر والسعودية معاً يشكلان «المركز» المثالي لكل العرب. كل مقومات القوة يملكانها. من دون تفاصيل، لا مستقبل للعرب ولا أمل من دون هذا التفاهم والبناء المشترك. الأخطار مشتركة وحتى واحدة.
«داعش» وكل «أولاده»، خطر وجودي وليس فقط تخريبياً. «الحرب في سيناء تؤكد ذلك. إنها الحرب بين الدولة والإرهاب الأسود. لا يمكن إلا الوقوف مع مصر المحارِبة بقوة لكي تخرج من هذه الحرب منتصرة. الباقي تفاصيل.
السعودية تواجه منذ عقود «القاعدة» واليوم «داعش». في داخلها وفي قلب «حزامها» العربي أي العراق وسوريا. «الهلال الشيعي الإيراني»، خطر على مصر بقدر ما هو خطر على السعودية. لا يمكن ترك النظام الإيراني حراً طليق اليدين في تحويل هذا «الهلال» الى «منجل» يحصد فيه حق الأمة العربية بكل غناها وتنوعاتها العرقية والمذهبية والدينية بالوجود. تاريخياً يقوم الشرق الأوسط في قلب مثلث زواياه: العرب وتركيا وإيران. إسرائيل وليد لا علاقة لها بالمنطقة مهما كانت قوية. لن تكون جزءاً من هذا المثلّث. لا أحد يمكنه إلغاء أحد. إنه التاريخ والجغرافيا والواقع. مصر قادرة على دعم الحسم بالحزم. بعد أن بادرت السعودية ونجحت في وقف الانهيار أمام الهجوم الايراني. القاهرة والرياض تشكلان جناحي «النسر العربي»، الذي يمكنه العودة الى الوجود والتحليق عالياً.
سوريا، نقطة اختبار صعبة للجميع. الرياض وقفت مع الشعب السوري بلا تردد. تحول الحرب في سوريا من انتفاضة شعبية الى حرب كونية، خلط الأوراق والحسابات. الرئيس بشار الأسد أدار الحرب في سوريا ونجح في الصمود أربع سنوات لأنه:
*قاتل وقتَلَ بلا رحمة ولا حسابات غير الانتصار والبقاء الى الأبد. لا شيء يقف في طريقه، كل من شكّل ولو احتمالاً لإعاقة سلطته أزاله سواء كان خصماً أو حليفاً. في الأسابيع الأخيرة، عمد الى تصفية أو إبعاد أي واحد من أعضاء حلقته الأولى بعد أن فكك كل حلقات المعاونين والمنفذين. آخر «ضحاياه» ابن عمّته ذو الهمة شاليش بتهمة «الفساد» وكأن شاليش لم يكن معروفاً من كل السوريين بالفساد والإفساد منذ تولي بشار السلطة. من دون الدخول في الأسماء لأن الجردة طويلة، يعمل الأسد أيضاً على إلغاء أي عنصر يعرف ولو سراً صغيراً من أسرار «جرائمه» وتصفياته.
*وتحالف مع إيران حتى حالة الاندماج الكامل وأصبح كما قال ولايتي: «الأسد خط أحمر بالنسبة لنا». هذا الولاء الأسدي لإيران، هو الذي رفع منسوب التدخل الإيراني الى أعلى مستوى، فحماه وحال دون سقوطه.
*يعرف تفاصيل تركيبة «داعش» و»النصرة» وكل المجموعات الارهابية، لأنه تعامل معهما واستخدمهما في الضغط والترهيب والمقايضة. هذه المعرفة وهذا التعامل القديم الجديد، أهّلته لوضع العالم أمام معادلة: «أنا أو «داعش». تعاونوا معي وأعيدوا شرعيتي أعاونكم في هذه الحرب«. قد يجد الكثيرون في هذا العالم المعرضين لحرب مفتوحة من «داعش»، في الأسد سلاحاً يساعدهم في القضاء على «داعش». ما يدعم ذلك، الدعم الإيراني الروسي المفتوح للأسد. إيران تقدم المال والسلاح والرجال، وموسكو تضرب «بسلاح« الفيتو المدمّر.
قد ينجح الأسد في تسويق نفسه. لكنه سيبقى ضعيفاً ومطيعاً أمام حلفائه. و»تاجراً» لا يهمه سوى الربح مع الأقوياء والأغنياء. ودائماً «عقرباً» طبيعته القتل حتى ولو تظاهر بغير ذلك. قصة الضفدع والعقرب معروفة جداً. ودروسها غنية جداً. لا أحد صدّق «العقرب» ونجا منه.