اميل خوري/هل تُقرّر بكركي إنزال الحُرُم الكنسي بكل ماروني يتغيّب عن جلسة الانتخاب؟

275

هل تُقرّر بكركي إنزال الحُرُم الكنسي بكل ماروني يتغيّب عن جلسة الانتخاب؟
 اميل خوري/النهار/18 أيار 2015

بعدما أعاد العماد ميشال عون طرح حلوله السابقة، وهي مستحيلة ولا تخرج لبنان من أزمة الانتخابات الرئاسية بل تدخله في أزمات أخطر لا خروج منها إلا بعد الخراب، وبعدما استبق “إعلان النيات” بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بتأكيد إعلان نياته المعروفة مذ كان رئيساً للحكومة وهي أن يصبح رئيساً للجمهورية، فقد بات مطلوباً من المرجعيات المارونية السياسية والدينية والاقتصادية أن يكون لها موقف واضح ومعلن من حلول العماد عون التعجيزية والتي تبقي أبواب أزمة الانتخابات الرئاسية مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن تقرر هذه المرجعيات ما اذا كانت مع اجراء انتخابات رئاسية قبل أي أمر آخر كما نص الدستور، أم أنها مع إجراء انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية، وإلا تحملت مسؤولية الذهاب بلبنان الى المجهول. وما جولة لجنة من “التيار الوطني الحر” على القيادات سوى مضيعة للوقت.

الواقع أن موقف عون واضح وثابت منذ كلفه الرئيس أمين الجميل عند نهاية ولايته تشكيل حكومة فشكّلها من أعضاء المجلس العسكري، وقد استقال منها على الفور نصف أعضائها واستمر عون رئيساً لنصف حكومة من ضباط مسيحيين فقط ومن دون مراعاة لما يعرف بـ”الميثاق الوطني”. ومن يومها كان العماد عون صريحاً وواضحاً في ما يريده وهي رئاسة الجمهورية، بدليل أنه أقدم بعد منتصف الليل على حلّ مجلس النواب عندما تقرر في مؤتمر الطائف انتخاب رينه معوّض رئيساً للجمهورية ظناً منه أنه يحول دون ذلك. ورفض عون بعد انتخاب معوض تسليم قصر بعبدا للرئيس المنتخب فتقرر اخراجه بالقوة العسكرية السورية بعد انتخاب الياس الهراوي خلفاً للرئيس معوض الذي اغتيل. ولم يخفِ العماد عون منذ نُفي الى باريس نيته وتصميمه على العودة الى قصر بعبدا بشتى الوسائل سالكاً كل الطرق التي توصله اليه، فقال لمسؤول فرنسي وهو في المنفى الباريسي: “إما أن أُنتخب رئيساً للجمهورية وإما أقلب النظام”… ولدى عودته من منفاه تحالف انتخابياً مع “حزب الله” اعتقاداً منه أن هذا التحالف يؤمن له أكثرية نيابية تنتخبه رئيساً. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنه، فتقرر في مؤتمر الدوحة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وقد عبّر العماد عون عن امتعاضه من ذلك بتأخير جلسة الانتخاب ما يقارب الستة أشهر… لذلك لم تكن العلاقة بين “الجنرالين” على ما يرام. وظل العماد عون يأمل في أن يخلف الرئيس سليمان في الرئاسة، فقرر الانفتاح على “تيار المستقبل” بشخص رئيس هذا التيار سعد الحريري، واعتقاد منه أنه اذا كسب الصوت السني بعدما كسب الصوت الشيعي يضمن الفوز بالرئاسة، لكن فاته أن من يكون خصماً لدوداً لفريق سياسي مدة سنوات لا يعقل أن يصبح صديقاً حميماً له بين ليلة وضحاها، خصوصاً إذا لم يغيّر سلوكه وظلّ منحازاً داخلياً لقوى 8 آذار وإقليمياً للمحور الإيراني. وعندما تأكد العماد عون أن الأكثرية النيابية الحالية لن تكون معه في الانتخابات الرئاسية، اقترح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب وإجراء انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية علّ نتائجها تأتي لمصلحته فيحقق حلمه بالرئاسة. وها هو يكرر المطالبة بذلك حتى إذا لم يلقَ استجابة فإنه قد يرتد عندئذ على الحكومة ليسقطها في توقيت يحدده مع “حزب الله” أو من دونه إذا لم تكن للحزب مصلحة في ذلك، لأن عون لا يعود لديه ما يخسره وليكن بعده الطوفان…هذه هي خريطة طريق العماد عون التي ينبغي على الأقطاب الموارنة اتخاذ موقف منها، فإما أن يقرروا السير معه فيها ويؤجلوا انتخاب رئيس الجمهورية الى ما بعد انتخاب مجلس نيابي جديد وهو تأجيل يعرّض لبنان لشتى المخاطر، خصوصاً وهو في عين العاصفة التي تضرب دول المنطقة، وإما أن يقرروا رفضها ويحاولوا إقناعه بالرجوع عنها لأنها لن توصله الى القصر بل قد توصل لبنان الى القبر.

إن دقة المرحلة وخطورتها باتت تتطلب من بكركي دعوة الأقطاب المسيحيين الى اتخاذ موقف يخرج لبنان من دائرة الخطر المحدق به. فبكركي التي أُعطي لها مجد لبنان لا يحق لها أن تتخلى عن هذا المجد أو تفرّط به من أجل أي شخص مهما علا مقامه، فلبنان هو أكبر من الجميع. وفي استطاعة بكركي أن تتحمل وحدها المسؤولية إذا لم يشاركها أحد في تحملها فتنزل الحرم الكنسي بكل نائب ماروني يتغيّب عن جلسة انتخاب الرئيس من دون عذر مشروع، أو أن يتفق النواب على انتخاب رئيس للجمهورية بأكثرية النصف زائد واحد، ولمرة واحدة، إذا تعذّر انتخابه بحضور ثلثي عدد النواب. فغاية إنقاذ لبنان تبرر الوسيلة، كما أن في استطاعة الدكتور سمير جعجع تعليق حواره مع العماد عون أو وقفه لأن أهميته هي في التوصل الى اتفاق على انتخاب رئيس أو تأمين النصاب لانتخابه، كما أن أهمية الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” هي في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع الفتنة.