فاطمة حوحو/«حزب الله» من الترغيب الى الترهيب .. فالانهيار

319

«حزب الله» من الترغيب الى الترهيب .. فالانهيار
سليمان: لم يعد داخل بيئته الطبيعية سليم: يصنع الخوف ويبيع الحماية

فاطمة حوحو/المستقبل/02 أيار/15

تكثر التساؤلات في الفترة الأخيرة، عما اذا كان «حزب الله» سيلفظ أنفاسه الاخيرة في سوريا ام في اليمن، وعما اذا كان مشروعه في لبنان قد سقط، طالما ان داعمه الاقليمي خفت قدرته في ظل العواصف والتغييرات الحاصلة، وعما اذا كان سيستمر في ربط مصيره ببشار الاسد؟ موجة تفاؤل عمّت العالم العربي بعد الاجماع على عدم ترك اليمن لمصيرها وفقا لأهواء الحوثيين المدعومين من ايران، اذ ظهر ارتباك «حزب الله» من خلال خطابه السياسي المتوتر تجاه الاحداث، مما دفع الكثيرين الى طرح سؤال منطقي: «هل انتهى حزب الله؟ وهل سيكون هناك بديل ديموقراطي قادر على مسك الساحة الشيعية في لبنان والانتقال نحو مرحلة جديدة تضع حدا للمشاريع الانتحارية والانعزالية«؟

يرى عضو اللجنة التنفيذية في حركة «التجدد الديموقراطي» حارث سليمان أن «حزب الله في تراجع، فقد كان يقاتل اسرائيل، باجماع وطني وعربي على عدالة القضية، لكنه فقد قضيته. كما فقد تفوقه الاخلاقي فيها بعد تدخله في سوريا، اذ مارس فعلاً سياسياً لا اخلاقياً عبر دعمه الاستبداد. واليوم هو اداة للفتنة السنية الشيعية، فالفارق بين حزب الله قبل الالفين واليوم كبير وخطير»، لافتا الى انه «لوجستيا» لم يتراجع، على مستوى عديده او تسليحه، فالحاضنة الاقليمية تمده بالسلاح والمال وهو ما يزال في جهوزية لتدريب وتسليح مؤيدين».

اما الناشط السياسي لقمان سليم فيرى «على اللبنانيين العمل على اخراج حزب الله من الرؤوس ومن غرف النوم»، معتبرا ان «الحزب ضعيف وقد يضعف أكثر ولكنه جزء من التوازن الاجتماعي وبهذا المعنى فكل من يبشر بـ»الاستقرار» يريده أن يبقى». ويلفت الى ان «ضعف حزب الله حصل بسبب معطيات خارجية وهذا ليس كافياً، فالمطلوب مواجهته في لبنان والآن وليس الاتكال على ما يجري في سوريا واليمن فقط».

لا يختلف احد على ان صلابة الجسم التنظيمي لـ»حزب الله» تلاشت ولم تعد كما كانت عليه، عندما كان ينذر نفسه لقتال عدو واضح، فهو اليوم عرضة للاختراق من العملاء والجواسيس، والفساد ينتشر بين عناصره وقياداته، وهو موضع شبهة ومصنف عالميا على قائمة الارهاب، ورغم ذلك فهناك بيئة حاضنة، ولكن هل ما زال الاحتضان قائما؟. يجيب سليمان: «في السابق كان حزب الله ينال الاعجاب والتأييد الطوعي ويتلقى التبرعات من الناس من اجل المقاومة وان كان هذا التمويل الشعبي لا يسد نافذة من نوافذ الصرف في الحزب، الا انه كان مؤشراً على ان ثمة من يسبح في مياه مناسبة له، اليوم لم يعد الامر كذلك، فهو يصرف من الاموال التي تأتيه من ايران، او عن طريق غسل الاموال وبالتالي لم يعد داخل بيئته الطبيعية». اما سليم، فيرى ان «الشيعة اليوم مع حزب الله إذا خدم أنانيتهم، ومع أنانيتهم إذا أضر بها، وهناك من يريد مواجهته لحسابه وليس لحساب أي طرف آخر«.

«علاقة «ارتزاقية» ربطت حزب الله بجزء من الشيعة، وحالة ايمانية بولاية الفقيه دفعت آخرين للانتماء اليه، على اساس ان طاعتها من طاعته والحزب بابهم الى الجنة، ويقدر سليمان ان «حجم هذه الحالة الايمانية لا يتعدى الـ21%»، مشيرا الى «حالة سياسية ايدته بسبب قتاله لاسرائيل وتفوقه الاخلاقي في الدفاع عن حرية الوطن، لكنه اليوم لم يعد يلقى تأييد الفئة العابرة للطوائف، وبات تأييده من خارج بيئته محصورا ببعض «العونيين»، اما الشارع السني فقد ادار له ظهره بالكامل، بما في ذلك الوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي لم يستطع ان يبتلع قضية تدخله في اليمن»، مشيرا الى حالة ثالثة وهي «فئة ارادت الاستفادة من امكانيات حزب الله ومن سلطته، اما الجمهور الأقل انتهازية في البيئة الشيعية فهو الاكثر خوفاً، فقبل داعش لم يكن باستطاعة الحزب تبرير تدخله في سوريا، وكان هناك تململ حقيقي داخل الطائفة، وقد جهد في اصطناع مبررات لتدخله في سوريا، ولكن بعد تمدد داعش في الموصل، اصبح اكثر راحة من السابق لانه ادخل الخوف الى قلوب الشيعة وأظهر نفسه بأنه المدافع عنهم والقوة الوحيدة لدرء الخطر عنهم»، بينما يشدد سليم على ان «الداعشية» هي شقيقة الروح لـ «حزب الله»، موضحا ان الحزب يصنع الخوف ثم يبيع الحماية منه».

لا شك انه مع انطلاق «عاصفة الحزم» أصبح هناك معطى جديد اعاد النقمة عليه، فأغلبية الشيعة لديهم أولاد واقارب من أسرهم في دول الخليج ويعتاشون من وراء عملهم هناك المهدد اليوم بسبب تهجم حزب الله على هذه الدول، فرغم امكانياته المادية لا يستطيع تأمين معيشة الشيعة، وبنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانمائية لا تستطيع أن تؤمن المداخيل الكافية ليشعر الشيعة بالراحة، ويعلق سليمان على ذلك بالقول: «اقتصاد حزب الله كله لا يغطي نسبة 20% من العائلات الشيعية ولذلك عندما ظهر نشاطه في اليمن وتم تهديد أرزاق اللبنانيين في دول الخليج بعد ظهور اتجاه لطردهم، ظهر تململ جديد، فتأييد مشاركته هناك خافت، يكاد يكون معدوماً، اذ تعب الشيعة من أن يكونوا انتحاريي المنطقة وأن يذهبوا في درب تبني قضية «كل مظلوم في المنطقة«. اما سليم، فيرى ان مواجهة حزب الله تحتاج الى «شجاعة سياسية وقدر اقل من الأنانية التجارية المصلحية وتشجيع اللبنانيين على التنفس خارج ولاءاتهم الطائفية«.

اي مشروع سياسي جديد في البيئة الشيعية قادر على ان يكون بديلاً جدياً للحزب؟. برأي سليمان ان على البديل ان «يؤمن ما يؤمنه لها حزب الله، اي مشروع قادر على استيعاب المنفضين عنه وعلى حمايتهم من العدوان الاسرائيلي ويقدم لهم في الصحة والتربية والاجتماع والتوازن داخل السلطة ويؤمن علاقة صحية مع الشركاء، وان يكون محتضنا من الأكثرية السنية ومن بقية الأطراف مسيحيين أم مسلمين ومن الدول العربية والغربية، ولا بد من دعوة الشيعة الى علاقات الرحابة والتعاطف بعيداً عن علاقات العنف والعداوة والعزل والتقوقع»، مشددا على أن «الشيعة عندها لن يتمسكوا بخيارات حزب الله الانتحارية التي تدر عليهم الخسائر«.

بوادر هزيمة مشروع «حزب الله» ظاهرة لكن البعض يجد انه ما يزال يتمتع بقدر من القوة لأن حاضنه الاقليمي لم يضعف، يشدد سليمان على ان «حزب الله وضع كل رهاناته في سوريا وهزيمته أو ربحه سيكون هناك».

بهذا المعنى، لن تكون هزيمة «حزب الله» محلية إذاً، يعلق سليمان بالقول: «الساحة اللبنانية كلها في حالة انتظار للتطورات السورية، كان من الممكن ألا يبلغ حزب الله هذه القوة، لو كانت قوى 14 آذار بعد الانسحاب السوري جادة في التعاطي مع الساحة الشيعية ولو تم دعم القوى المعارضة للحزب في اعادة تركيب البلد».

بدوره، يعرب سليم عن اعتقاده، ان على «بقية اللبنانيين ملاقاة الشيعة حيث هم في معارضتهم، وليس العكس، ففكرة التقصير الشيعي ولت، اذ لا يمكن اعطاء «باسات» لـ «حزب الله» و»أمل» واسقاط جهود تبذل في كل مرة».

لا شك أن «حزب الله» خسر القضية وها هو يرسم نهايته بعد انهيار سمعته وانكشاف خدعه، رغم خفة ألاعيبه الا ان انحداره واضح، فهو يتدحرج ولن يستطيع النجاة فجسده يتحطم وهو يهوي الى القعر.