غسان صليبي/وانين نايا يبقى بعد ان يفنى الوجود

124

وانين نايا يبقى بعد ان يفنى الوجود
غسان صليبي/فايسبوك/27 آب/2023

توفيت البارحة الطفلة نايا، جراء رصاصة طائشة ادخلتها المستشفى لتتعذب لمدة ثلاثة اسابيع قبل أن تفارق الحياة.
أُطلقت الرصاصة الطائشة بمناسبة الإعلان عن نتائج الامتحانات، التي كانت نايا ستتقدم إليها عندما تكبر.
اكبر امتحان أن امتحاناتنا فاشلة لناحية بناء ذكائنا وعاطفتنا ومواطنيتنا، هو أننا لا نزال نطلق الرصاص بمناسبة اعلان نتائج الامتحانات، فنقتل اطفالا كنا نربّيهم ليتقدموا للامتحانات.
لا شيء عندي لأضيفه على نص سابق كتبته بعد مقتل لبناني آخر برصاصة طائشة وبمناسبة أخرى.
“ليست رصاصة طائشة هذه التي تقتل او تجرح عندما يُطلق الرصاص في الهواء بماسبة الافراح والاتراح، من مثل ما حصل ليلة رأس السنة او خلال جنازة احد قتلى انفجار المرفأ منذ فترة او في مناسبات اخرى عديدة ومتتالية.
فالرصاصة الطائشة تعريفا، هي “الرصاصة التي صدرت صدفة من سلاح بلا قصد او هدف”، في حين ان الرصاصة التي يسمونها “طائشة” لم تصدر صدفة على الاطلاق.
الطائشون العميان هم نحن، الذين لم نعي بعد أننا نعيش في غابة، فنقف في الشوارع او على الشرفات حين يتم إطلاق الرصاص في الهواء.
الذي يطلق الرصاص في الهواء يعرف بالتجربة وللمرة الالف، ان رصاصه قد يقتل وقد يجرح، وهو يعرف أيضا ان بإستطاعته الاستغناء عن الرصاص باستخدام المفرقعات، لكنه يستمر بإطلاق الرصاص وبالامتناع عن استخدام المفرقعات.
فالمفرقعات لا تشفي غليله، ولا تشعره انه هو من يطلق الرصاص، او ان يده هي التي تمسك السلاح.
انه يصر على اطلاق الرصاص، ربما بإتجاه الخالق الذي يطالبه بتحقيق امنياته، لكن الخالق لا يستجيب له.
انه يحب ان يمسك السلاح بطريقة، وكأن الرصاص ينطلق من بين فخذيه.
انه لم يعد يميّز بين الفرح والحزن فيطلق الرصاص في الحالتين.
انه يتصرف وكأن موت الآخرين وموته لم يعودا ذات شأن، طالما اصبح الموت في ثقافته بمثابة قضية حياة.”
اعطني النايَ وغني فالغناء سر الوجود، وانين نايا يبقى بعد ان يفنى الوجود.