شارل الياس شرتوني: انتخابات المهندسين ومفارقات المافيات المسيطرة/تدويل الازمة اللبنانية هو المدخل لتحرير الإرادة اللبنانية والخروج من سياسة الارهاب المتنقل التي تعتمدها الفاشيات الشيعية التي تحتجب وراءها الاوليغارشيات المافياوية الجبانة

55

انتخابات المهندسين ومفارقات المافيات المسيطرة
إن تدويل الازمة اللبنانية هو المدخل لتحرير الإرادة اللبنانية والخروج من سياسة الارهاب المتنقل التي تعتمدها الفاشيات الشيعية التي تحتجب وراءها الاوليغارشيات المافياوية الجبانة.

شارل الياس شرتوني/28 حزيران/2021

السؤال الاول الذي تطرحه انتخابات نقابة المهندسين يدور حول سهولة التحالف النقابي بين مختلف أجنحة المافيات المسيطرة (أمل، المستقبل، الاشتراكي، حزب الله، التيار الوطني) ومفارقة الاستنكاف عن إيجاد تسوية حكومية تنهي واقع الفراغ القاتل الذي تعيشه البلاد ودلالاته: المافيات تجتمع كل مرة تشعر فيها أن سيطرتها مهددة وإقفالاتها مساءلة من قبل الفاعلين النقابيين والمدنيين، وتختلف حول ترسيم دوائر نفوذها ومدارات أطماعها.

إن الانتصار الذي حققه الائتلاف المعارض على مستوى نقابة المهندسين هو الصورة الحقيقية عن إرادة اللبنانيين المجمعين على الخروج عن الاقفالات المفروضة، وأخذ المبادرة من أجل انقاذ أنفسهم وبلادهم من أنياب هذه الاوليغارشيات المجرمة التي لن تترك مجالا لأية مبادرة نقابية أو سياسية للخروج من دائرة سيطرتها.

لا بد من تسجيل هذه المفارقة والبناء عليها من أجل تقليص مدارات نفوذها وإعادة بناء السياق الديموقراطي خارجا عن املاءات مراكز القوى المتشعبة التي أوجدتها.

إن المواجهة الشاملة مع هؤلاء أساسية إذا ما أردنا الخروج من معتقلاتهم النافذة، وخاصة من مناخات الإحباط والتخويف والاذعان التي أوجدوها على كل المستويات.

إن خسارتهم للانتخابات النقابية دليل فاقع على الطلاق القائم بين المجتمع المدني ودوائر السلطة المغلقة ومستنقعاتها وأنديتها الخاصة، واستقلاليته تجاهها كما ظهرته المبادرات المدنية الخلاقة في كل أشكال التعبير والمعارضة التي استحثتها، والعمل الإنقاذي والتعاوني والإعماري والانمائي كما شهدناه بعد عملية المرفأ الارهابية.

تضعنا هذه الوقائع أمام المفارقة الكبرى التي تتموضع عند هرطقة الانفصال بين حركة المجتمع المدني ودوائر القرار السياسي الملازمة للنظام الديموقراطي. هذه المافيات المسيطرة لا مكان أو بقاء لها داخل الحيز الديموقراطي، الا عبر تزوير آلياته واستهداف السلم الأهلي وإشاعة مناخات الحرب الأهلية.

الإشكالية السياسية الأساس تنعقد حول انهاء واقع الانفصامات الديموقراطية، واستعادة القرار من هؤلاء المغتصبين الذين لعبوا على كل التناقضات من أجل الحفاظ على سيطرتهم وإحكام إقفالاتهم.

إن الازمات الحكومية التي نعيش من خلال حكومة حزب الله القاصرة برئاسة حسان دياب، واستحالة التشكيل الحكومي مع الممانعات التي اصطنعها حزب الله وردائفه الاوليغارشية، وما يرافقها من تبعيات لمحاور النفوذ الاقليمية التي تسعى الى تعطيل كل أشكال الحكم السيادي، وتحويل البلاد الى منطلق لسياسات إقليمية مدمرة.

لقد ظهرت الحراكات المدنية والانتخابات النقابية هشاشة التركيبة السلطوية القائمة ومفارقاتها التمثيلية وأسباب بقائها من خلال معادلة أولية: بقاء المافيات مرتبط بتفعيل الانقسامات السياسية والطوائفية، والتموضع عند خطوط التماس النزاعية على الصعيد الإقليمي، والإبقاء على مناخات النزاعات الأهلية وإرهاب الرعاع التي تحفزها الفاشيات الشيعية. إن تجاوز الانفصامات التي تفرضها المفارقات الديموقراطية تفترض المواجهة مع حزب الله وحلفائه الذي يسعون الى تدمير المرتكزات الكيانية والديموقراطية والليبرالية للاجتماع السياسي اللبناني، والابقاء على الاقفالات السياسية، من خلال سياسة الانهيارات الإرادية التي حالت حتى الساعة دون معالجة الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية والايكولوجية التي أوصلتنا الى واقع التحلل وتردداته المأساوية.

اللبنانيون قادرون على معالجة ملفاتهم كما أظهروا طوال هذه الأزمة المديدة، لكن إرادتهم مغتصبة وقرارهم مصادر، وهنا مكمن المشكلة الأساس. إن تدويل الازمة اللبنانية هو المدخل لتحرير الإرادة اللبنانية والخروج من سياسة الارهاب المتنقل التي تعتمدها الفاشيات الشيعية التي تحتجب وراءها الاوليغارشيات المافياوية الجبانة.