شارل الياس شرتوني/ان كان للنبل اسم فاسمه سلمى مرشاق سليم والدة الشهيد لقمان سليم

502

ان كان للنبل اسم فاسمه سلمى مرشاق سليم والدة الشهيد لقمان سليم
شارل الياس شرتوني/08 شباط/2021

انجيل القديس يوحنا10/10: “السارق لا يأتي الا ليسرق ويذبح ويهلك. أما أنا فقد أتيت لتكون الحياة للناس وتفيض فيهم”

ان الاصغاء لما قالته الأم المفجوعة (سلمى مرشاق) باغتيال ولدها لقمان سليم هو صورة عما تكتنزه هذه السيدة الجليلة من رفعة انسانية وخلقية وروحية تعبر عن سيرتها وتربيتها وعن الخيارات القيمية التي رافقتها في حياتها.

هذه الحكمة المتبصرة بدقائق الامور حتى في قلب الاعصار الذي يجتاح حياتها في آخر سني عمرها، ليست في متناول من يشاء، هذا نبل المربى، والمثل الحي، والتطلب الداخلي، والتمحيص الراشد، وروح الفطنة والتمييز التي اتسمت بها هذه السيدة الكبيرة بعد هذه الطعنة القاتلة التي أسديت اليها في آخر عمرها.

“طعنة الخنجر” التي تحدثت عنها أم لقمان كانت أخر صليب تحمله في “عالم صعب ولكن مش لازم يكون مجرم”.

ان مقابلة هذا الموقف الذي يعلي من انسانية كل من يسمعه، بمواقف الجلف الاخلاقي، والعصبيات القبلية القاتلة التي تستبيح حرمة الناس وأمنها وكرامتها، والمنطق الارهابي الذي لا يقيم أي اعتبار لكرامة الانسان، وقدسية الحياة، يحيل النزاع السياسي الدائر في لبنان الى اشكالية أساسية بين أناس يقيمون في رحاب القيم الانسانية والروحية السامية، وآخرون يعيشون في عالم القوارض التي يأكل بعضها البعض.

ان موقف السيدة الجليلة سلمى مرشاق ونجلتها السيدة رشا الأمير ووزوجة لقمان السيدة مونيكا بورغمان هو صورة حية عن القيم التي قتل من أجلها: قيم الحشمة في الشدة، والحزن الداخلي، والوداعة وحس العدالة، وواقع بلد يحكمه الوحوش والمجرمون والارهابيون والنهابون.

عندما تتسع الهوة الى هذا الحد، السؤال الوحيد الذي يتوارد الى الذهن، ماذا بقي في هذه البلاد من قيم انسانية واخلاقية وروحية جامعة حتى يستقيم الاجتماع بين البشر، فيتعايش أناس يحيون في أزمنة متباينة وعوالم اخلاقية وانسانية وروحية لا شيء يجمعها.

أيتها السيدة الجليلة، الطعنة التي أخذتها في آخر العمر كما قالت كريمتك رشا، كأس مر لا يعرف طعمه الا من ذاقه، اسمحي لنا ان نقف بكل خفر بجانبك ومع عائلتك يوم وداع الكبير في قامته الانسانية وشجاعته الاستثنائية، ولدك لقمان، لعلنا نجعل من وحدة الوداع أقل إيلامًا، على أمل أن ننتهي من زمن المحرقة، وندخل في زمن تقدمة الذات حتى “تكون الحياة [للبنانيين] وتفيض فيهم. (يوحنا 10/10)