سناء الجاك/منظمة التحرير الإيرانية

54

منظمة التحرير الإيرانية
سناء الجاك/النهار/14 أيار 2018

22 غارة إسرائيلية على سوريا منذ دخول مقاتلي – عفواً – مستشاري الحرس الثوري الإيراني على الخط لإنقاذ النظام الاسدي. وآخرها كان فجر الخميس الماضي. ففي تصعيد مركّز، شنّت اسرائيل 55 ضربة على أهداف قالت انها ايرانية في سوريا، معلنة انها تاتي رداً على قصف صاروخي من الاراضي السورية على هضبة الجولان المحتلة، نسبته إلى إيران.

22 غارة منذ العام 2013، وردّ رمزي لم يكسر هدوءا شاملا كاملا أُرسي بعد حرب 1973. الرد على الغارتين الأخيرتين لم يتميز بنوعية او كمية مكتفياً بحد أدنى، لا ادري إن كان لرفع العتب او لرفع المعنويات، مع صفر معلومات عن الإصابات الواقعة في الجانب الإيراني ومعه “حزب الله”، وعن الخسائر التي لحقت مخازن الأسلحة او قوافل الأسلحة التي تدخل عبر سوريا الى لبنان.

الغارات تدل على ان لا شيء تغيّر لدى الإسرائيليين، الذين يراقبون القوى التي تحيط بكيانهم، تكبر وتتباهى بجبروتها ليبدأوا استنزافها كما فعلوا مع منظمة التحرير الفلسطينية، في وقت أجمع خبراء إسرائيليون عسكريون على أن التصعيد الأخير “مجرد جولة أولى في معركة طويلة” وأن الجولة المقبلة “آتية لا محال”. مما يؤشر الى ان هناك ضربات متقطعة مرتقبة تساهم في استنزاف القوات الإيرانية في سوريا، عفوا “فريق المستشارين الإيرانيين” ومعه “حزب الله”.

في المقابل، ومع ان الجانب الإيراني قوي وجبار ولا يُقهر، ويستطيع محو إسرائيل عن الخريطة في سبع دقائق، الا انه لا يريد ان يخربط التوازن القائم في منطقة عملياته السورية او في الوضع الإيراني بعد انتكاسة الاتفاق النووي، ويتوقع ان تفهم إسرائيل هذه المعادلة وتحترمها، عدا ان نظام الولي الفقيه مشغول جداً في مختلف الأقطار العربية، وليس فقط في سوريا، حيث يدمر ويخرب، ويسعى ايّما سعي لنسف الأنظمة القائمة خدمةً لمشروعه التوسعي. وعلى إسرائيل ان تشكره لأنه يساهم في تخفيف احتمال قيام أي مقاومة عربية تهددها فعلاً، وفي تقسيم الفلسطينيين عبر دعمه “حماس” على حساب “فتح” والحكم الذاتي الرسمي الفلسطيني. وقد خيبت أمله بحماقاتها ورعونتها ولم تقدّر جهوده لبقائها وأمنها، فهو يسعى الى جيرتها عبر القضاء على الشعب السوري والسيطرة على لبنان، ليطل على مياه المتوسط الدافئة وليس لأيّ غرض آخر. وكان على إسرائيل ان تفهم وتجاري إيران في لعبتها، وتكتفي بالشعارات من وزن “هيهات منا الذلة”، وتسوق بيئتها الحاضنة لتتظاهر وتحرق العلم الإيراني وعلم “حزب الله”. ويا دار ما دخلك شر.

الإيرانيون لم يفهموا ان الوجه الآخر لهذه الغارات الإسرائيلية المتفرقة لا يقرأ في كتاب الولي الفقيه ومشروعه لإعادة مجد الأمبراطورية الفارسية، لعلهم يستغربون تعامل الكيان المغتصب معهم وكأنهم لا يتجاوزون بقدرتهم ما كانت عليه منظمة التحرير الفلسطينية حتى قبل ان تعلن ان طريق القدس تمر عبر جونية.

منظمة التحرير الفلسطينية التي استُنزفت وانحرفت عن قدسها خلال الحرب الاهلية وانشأت جمهورية “الطريق الجديدة”، بعد ذلك تلقت من إسرائيل الضربة القاضية عام 1982 وخرجت من لبنان نهائياً.