شارل الياس شرتوني/سقوط دولة حزب الله، العنف العدمي، واستحالة الاصلاح

125

سقوط ” دولة حزب الله “، العنف العدمي، واستحالة الاصلاح
شارل الياس شرتوني/13 حزيران/2020

ان دخول البلاد في دوامات العنف العدمي، والمزايدات السياسية الرخيصة بين اطراف الاوليغارشيات التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم، وهزالة الاداء الحكومي، والتعامل غير المسؤول مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والبيئية الكارثية التي نتجت عن انهيار المبنى الدولاتي، قد ادوا الى سقوط المشروع الانقلابي الذي دفع به حزب الله من خلال الحكومة الصورية التي اتى بها.

ان الدوامة الفارغة التي توصف الاداء الحكومي غير القادر على تخريج حلول عملية لمسألة الديون العامة، واعادة تحريك الاقتصاد على قاعدة اصلاحات هيكلية متداخلة، ومد الجسور مع الخارج الاقليمي والدولي على نحو يؤدي الى ترميم تدرجي للثقة وما يتطلبه من تقاطع بين املاءات الاستقرار السياسي والاقتصادي، هي مؤشرات سيئة تنبىء عن استحالات بنيوية اودى اليها هذا المشروع الانقلابي.

ان التسمر على خط التواصل بين مشاريع حزب الله الانقلابية والمناخات العدمية المتنوعة المصدر، لن يؤسس لسياسات اصلاحية بل لديناميكيات نزاعية متوالدة سوف تحيلنا الى الفراغات الاستراتيجية المتنامية في المنطقة، والى توسع رقعة النزاعات الاقليمية العدمية الطابع. لا امكانية للخروج من واقع انسداد الافق الذي نعيشه الا بفعل ارادي وخيارات وطنية وسياسية ومدنية جامعة، يعبر عنها من خلال ائتلاف حكومي جديد يضم شخصيات مستقلة عن محاور النفوذ القائمة، ووفاقية في توجهاتها، وتملك المعارف والخبرات التقنية العالية التي تؤهلها وضع سكة الاصلاح موضع التنفيذ في وقت قياسي، تشترطه التحديات الحياتية الضاغطة التي لم تعد تحمل تأجيلا.

ان انهيار القطاعات المالية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية لم يعد احتمالا او فكرة بعيدة عن الواقع، لقد اصبح واقعا عميما سوف يؤدي الى دخول البلاد في سياقات تدميرية تستحيل معها اعادة البناء، وتدخلنا في دوامات النزاعات المفتوحة على صراعات الداخل والخارج.

ان استراتيجية السيطرة المعلنة التي افصح عنها الثنائي الشيعي بقيادة حزب الله، هي مدخل لحروب اهلية واقليمية مزمعة، مبنية على اسقاطات مضللة في مجال السياسات الاقليمية والدولية، وما العزلة الاقليمية والدولية التي تعيش البلاد في كنفها، و” مقرر قيصر “، والتوتر على الحدود الجنوبية، وسياسات الاقتصاد المنحرف، وتداعيات النزاعات في الداخل السوري، الا نماذج عن واقع الاستحالات التي تحيلنا اليها خيارات حزب الله الواهمة، والمناخات الفاشية والانقطاعية التي تسود في الاوساط الشيعية، كما يعبر عنها ارهاب الرعاع المتفلت وشعارات ” شيعة، شيعة، شيعة “.

لم اعد ارى تفسيرا لغياب ردود فعل في الاوساط الشيعية الليبرالية والمعتدلة سوى الموافقة الضمنية ( مع حفظ الاستثناءات التي تبلورها مواقف الكاتبة والناشطة العامة منى فياض، والصحافي علي الامين، والشيخ ياسر عودة، والسيد علي الامين …)، والتوظيف على هذا التطرف المرضي الطابع، وفقدان المبادرة تجاه هذه المناخات التي تحكم الخيارات السياسية الفعلية في المجتمع الشيعي. لا بد لسياسات النفوذ الشيعية من وعي الحدود والمخاطر الملازمة لتوجهاتها، قبل الدخول في حلقات عنف جهنمية سوف تخرج عن دائرة الحسابات الخاطئة، والاستقواء بالديناميكية الايديولوجية والسياسية والعسكرية الايرانية التي تحكم أداءها.

لا بد من العودة الى منطق الاعتدال المبدئي الذي نحن بامس الحاجة اليه من اجل اعادة بناء الدولة المتهاوية ومعالجة الانهيارات الناشئة عنها. المسألة مسألة خيارات واولويات وكل ما سيترتب عنها في الايام والاسابيع والاشهر القادمة.