الدكتورة رندا ماروني: سلاطين السكر وسلاطين القطران

500

سلاطين السكر وسلاطين القطران
الدكتورة رندا ماروني/18 آذار/19

غب الطلب ووقت الحاجة إليها ولزوما للمعارك السياسية وعرضا للعضلات أمام المراقبين العالمين منهم بالأصول المناوراتيه، وتذاكيا وتباكيا على الجاهلين، بهدف الإستميال والإستعطاف والاستخفاف بعقولهم، تستحضر الملفات المغبرة من فوق الرفوف وتفتح من جديد لتظهر سخف وعدم مسؤولية مسؤولين عن الشأن العام، فبعد أن نام الإبراء المستحيل في الأدراج بعد التسوية الرئاسية ها هو اليوم يعود للظهور فجأة بعد الخلاف على التعينات الإدارية التي يريد فيها رئيس التيار العوني أن يحصد حصة الأسد مسيحيا، والخلاف على كيفية معالجة ملف الكهرباء الذي يريد رئيس التيار فيه الإستمرار في اعتماد سياسة النهم من البواخر، وإن أظهر الموضوع خلافا على كيفية معالجة ملف النازحين والتي يريد فيه ومن خلاله رئيس التيار التطبيع مع النظام السوري لزوما وواجبا عليه في حسابات المعركة الرئاسية القادمة، وحتى لو صدق هذا فإن كيفية التعاطي مع الملفات في إقفالها تارة وإخراجها إلى العلن تارة أخرى تثير الإشمئزاز والقرف وتنسف أي بارقة أمل في النهوض من الكبوة الإقتصادية التي يعيشها لبنان وتنسف أي ثقة في سلاطين السكر وسلاطين القطران.

فعلى غرار ما يحدث في إيران من احتكار وتقاسم منافع من قبل المقربين من السلطان الحاكم يسير المسؤولين اللبنانيين وبعد التسوية الشهيرة والتماهي مع سلطة الاحتلال والاستقواء بها، لاعادة نمذجة السلطة في لبنان بما يتلائم مع إستمرار مصالحهم الخاصة تشريعا وقوننة في تغاض تام عن كافة التداعيات الاقتصادية واذا كانت الأرقام في لبنان لنتيجة ممارسة التسلط والفساد نوعا ما غير واضحة، فهي في إيران مفصلة وشهد فيها شاهد من اهله، ففي نظرة موجزة عن الوضع الاقتصادي المأساوي والفقر في إيران، عرضها عضو مجلس شورى النظام الإيراني فإن التضخم قد لا نسبة ٤٣% وهناك ١٢ مليون عاطل عن العمل كما أن عدد الفقراء قد تضاعف مقارنة بالعام المنصرم، ويعيش أكثر من ٨٥% من المتقاعدين وأكثر من ٨٠% من الموظفين تحت خط الفقر كما أن نسبة زيادة الأسعار قد بلغت ٩٨% في أسعار اللحوم وزيادة ٢٣١% في سعر الخضار، وقد بيع أكثر من ٧٠٠ مليار دولار من النفط على مدى السنوات الثماني الأخيرة إلا أن النمو السلبي بلغ نسبة ال٦% ، وقد ذكر علي قرباني عضو مجلس شورى النظام بأن ٨٠% من المشكلات الحالية في إيران ترجع إلى سوء الإدارة فيما ٢٠% فقط منها متأثرة بالعقوبات والمشاكل الخارجية، ففي بلد فيه العديد من العقبات الاقتصادية ينهب فيه عدد من الانتهازيين ثروات البلاد، وتتبلور الاحتكارات لنعيش عصر السلاطين، سلاطين السكر وسلاطين القطران.

وفي وضع مماثل للبنان وفي بلد يواجه العديد من العقبات الاقتصادية يصحو فيه المواطن كل يوم على فضيحة وينام على أخرى نتيجة حتمية لثقافة الاحتلال والرضوخ لإهواء المستقوين والمنتفعين والمراوغين على الشعب اللبناني تحت مسميات عدة.

فبعد لقاء في منزل الحريري الأربعاء الماضي عرض فيه كيفية معالجة بعض الملفات المطروحة على مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة، حيث عرض باسيل مجددا فكرة استخدام البواخر لمرحلة انتقالية لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية قبل تلزيم بناء معملين في سلعاتا والزهراني وتأهيل معمل الجية، الأمر الذي لاقى عدم إستجابة من الحريري إلتزاما بتوجيهات سيدر التقشفية ونظرا للإعتراض الشعبي على كلفة البواخر، وفي مطلب آخر طالب باسيل ان يحصل التيار العوني ورئيس الجمهورية على تسمية الأشخاص المرشحين من الطوائف المسيحية لتعيينهم في المواقع الإدارية والتي ستتخذ الحكومة قرارات في شأنها في الأسابيع المقبلة، وقد سعى باسيل من خلال زيارته إلى أخذ موافقة الحريري على أن يسمي التيار معظم هؤلاء ليس فقط في وظائف الفئة الأولى بل في الفئتين الثانية والثالثة أيضا ما يعني الحؤول دون أي دور فاعل للقوى السياسية المسيحية الأخرى.

فبعد الاتفاق الثنائي للتسوية الرئاسية بين القوات اللبنانية والتيار الحر الذي أقصى كافة القوى المسيحية الأخرى وخفف من شأنها ودورها السياسي، ها هو اليوم الطموح الفردي السلطوي، يعيد إعتماد سياسة الإقصاء نفسها، أكثر شراسة ووضوح هذه المرة في إقصاء الجميع، للإمساك بكل المفاصل الإدارية والاستمرار في إعتماد السياسات الربحية والمنفعية، لنشعر باننا مواطنون في دولة السلاطين، نعيش في عصر السلاطين، سلاطين حديثي العهد، سلاطين السكر وسلاطين القطران.
سلاطين سكر
سلاطين قطران
خرقوا التاريخ
عبروا الأزمان
ظنوا أنهم
عليهم الرهان
تقمصوا الدور
أطلقوا العنان
لنحت مخيلة
تزهو ألوان
كأقحوان الورد
كزهر الرمان
تبدع إستعراضا
تراقص الألحان
تتلو خطبا
تصدق اللسان
تزيد تعيد
نص البيان
غادرة بطبعها
كلدغة ثعبان
سلاطين سكر
سلاطين قطران
خرقوا التاريخ
عبروا الأزمان.