الأب سيمون عساف/نحن بالروح الأبية ما زلنا اصحاب قضيه ولا بد لليل ان ينجلي … وبطل العنجهية والكرامة والمواقف يعز عليه قومه

103

نحن بالروح الأبية ما زلنا اصحاب قضيه ولا بد لليل ان ينجلي وبطل العنجهية والكرامة والمواقف يعز عليه قومه

الأب سيمون عساف/26 كانون الثاني/19

بطل العنجهية والكرامة والمواقف يعز عليه قومه؟
كانت الهيجاء تهتز من حر الوطيس في (الحرب، بالمد والقصر) وتئن. بحجارة من سجِّيل (الطِّينُ اليَابِسِ الْمُتَحَجِّرِ) تعالج نزف الغسلين (ما يسيل من جلود أهل الغباء) مُحدثي الهرج والمرج والجلَبة، فيجفل الشميم من كريه القيح النازف وهذا طعام الخاطين. يستنجد بفروسيتي على الحضور والغياب كل حر شريف كما استنجدت ليلى العفيفه بالبرّاق:

سأدرج قصتها
كانت ليلى أملح بنات العرب في عصرها وأجملهن خصالا، آية في الجمال تامة الحسن كثيرة الأدب. شاع ذكرها عند العرب حتى أقاصي اليمن فتقدم لخطبتها كثيرون من سَراة العرب وكبرائهم، منهم عمرو بن دي صهبان من ابناء ملوك اليمن. رفضتهم جميعا لانها كانت تكره أن تخرج من قومها.
جرت حكايتها في العصر الجاهلي، وكانت قصتها نموذجا لاعتزاز العرب وفخرهم على الأقوام الاخرى، وانتصارهم على أعدائهم. وسارت تفاصيل حكايتها في أعماق التراث العربي لمضمون الحدث ولما تضمنته من أشعار جميلة وأبيات معبرة اطلقتها ليلى العفيفة أثناء الأحداث التي جرت لها.
تعلق بها ابن عمها البراق واحبته، لكن والدها كان يريد أن يزوجها بأحد الملوك، لعله يجد فيه منقذاً لقومه وملاذاً لهم عند الشدائد. كانت ليلى تود لو أن اباها زوّجها بالبراق، إلا أنها لم تعص. امر أبيها وصانت نفسها عن البراق تعففاً فلُقبت بالعفيفة.
استاء البراق من رفض عمه زواجه من ليلى، ورحل عن قومه، ونزل على بني حنيفة (من قبائل بكر بن وائل). واثناء غياب البراق عن قومه ثارت أثناء ذلك حرب ضروس بين بني تغلب قوم البراق وبين قبائل قُضاعة وطيء، وقتل الكثيرون من الفئتين، وتعاظمت الشرور، واتسع الخرق، واضطرب حبل بني ربيعة، فاجتمع إلى البراق كليب بن ربيعة وإخوته يستنجدونه.
فقبل نجدتهم بعد أن عقدوا الرئاسة له. ثم سار إلى ديار قضاعة وطيء وأغار عليهم وهزمهم شر هزيمة، بعد حروب كثيرة ومعارك جمّة، فامتلأت يداه بالغنائم واسترجع الظعائن.
صرخة أبية
واثناء ذلك سمع ابنٌ لكسرى ملك الفرس عن ليلى وجمالها، فأراد أن يخطبها لنفسه فكمن لقومها في الطريق وتمكن منهم ونقلها إلى فارس، فبقيت هناك أسيرة.
حاول الزواج بها فامتنعت عليه، وتعففت وتمنعت، فلم يزدها الأمر إلا رفضا وإصرارا وخيرته بين أن يقتلها أو يعيدها لأبيها في بني ربيعة.
وأطلقت الأشعار تستحث قومها على إنقاذها، وتستصرخ البرّاق لانقاذها، وكان مما قالته ليلى وهي في الأسر هذه الأبيات الرائعة التي تمثل صرخةً أبية:
ليت للبرّاق عيناً فترى ما أقاسي من عناءٍ وبلا
قيّدُوني غللوني وافعلوا كل ما شئتم جميعاً من بلا
فأنا كارهة بُغــيـتكم ومريرُ الموت عندي قد حلا
وكان لليلى المذكورة ابن عم من بني بكر فارس شجاع يقال له البراق، فاحتال حتى خلصها..
ومن نظمها في وصف معاناتها مما حصل لها قولها:
يا بني تغلب سيروا وانصروا وذروا الغافلة عنكم والكرى
واحذروا العار على أعقابكم وعليكم ما بقيتم في الورى
سمع بعض الرعاة العرب القصيدة فأسرع الخطى يريد ديار أهلها، حتى بلغ البراق وأنشده على عجل صرخة ليلى وما إن أكمل الراعي شعرها حتى وضع البراق رجله في الركاب واعتلى صهوة جواده وصاح لفرسان ربيعة فتبعوه.
واجتمعت لديه قبائل ربيعة بن نزار وأحلافهم لحرب الفرس فانتصر البراق عليهم، واستنقذ ليلى ابنة عمه منهم.. واستحق أن يفوز بها ويتزوجها.
تولى البراق رئاسة قومه بني تغلب زمناً طويلاً، وصارت قبائل ربيعة بحسن تدبيره أوسع العرب خيراً. وتوفي نحو عام 479 م. ولحقته زوجته ليلى العفيفة بعد أربعة أعوام.
نحن بالروح الأبية ما زلنا اصحاب قضيه ولا بد لليل ان ينجلي
ا.د. سيمون عساف 26/1/2019