عديد نصار: من يحاسب حزب الله/نبيل بومنصف: هدفهم حرب أهلية

206

من يحاسب حزب الله
عديد نصار/العرب/29 حزيران/126

اعترف أمين عام حزب الله حسن نصرالله، في خطابه الأخير بمناسبة مرور أربعين يوما على مقتل القيادي العسكري مصطفى بدرالدين في سوريا، بأن حزبه يتلقى تمويله كاملا من إيران، من خلال قنوات خاصة لا علاقة لها بالدولة اللبنانية ولا بالأنظمة المالية النافذة. “نحن يا أخي على رأس السطح، موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران. تمام؟ هل تريدون شفافية أكثر من هذا؟”. هذا ليس بجديد، الجديد الوحيد في ذلك هو الاعتراف الصريح للأمين العام بهذه الحقيقة التي يعرفها الجميع منذ سنين. ربما هو الإحساس بفائض القوة. ربما هو الشعور بالانتصار على الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها، والتفوق على جميع القوى السياسية المؤتلفة معه في السلطة والمتواطئة معه في تهديم بنى الدولة واستتباع ما تبقى منها وتوظيفها في عمليات النهب المنظم لمقدرات البلاد ولعرق أبنائها وفي مراكمة الثروات الفلكية لمجموعة من السياسيين الفاسدين وأسرهم. لقد حقق حزب الله إنجازات هامة في هذه المجالات، فقد تغاضى عن فساد قوى السلطة حتى غرقت، وعطل الانتخابات النيابية والرئاسية وشل عمل المؤسسات واستتبع ما تبقى منها من هياكل مفرغة ليوظفها وفق أجنداته.من هنا يأتي هذا الإحساس بفائض القوة وهذا الشعور بالنصر على الدولة والتفوق على باقي القوى السياسية الغارقة في بحر الفساد، ما مكن حسن نصرالله أن يقول واثقا للمعترضين فـ”ليعترضوا، هذا البحر ما شاء الله، البحر الأبيض المتوسط، اشربوا منه”. والمعترض قد يكون أي لبناني أو غير لبناني، شخصا أو مؤسسة أو دولة، هذا لا يهم. ولكن المسألة ليست مسألة اعتراض من عدمه. فهل يمكن لأي كان أو أي جهة أن تتلقى أموالا بطريقة غير قانونية وتتباهى كونها خارج أي محاسبة؟ بالتأكيد لا، سوى حزب الله! فهو يؤكد المؤكد. حزب الله يتلقى مليارات الدولارات من دولة أجنبية خارج القوانين والأنظمة المالية لتنفيذ سياسات تلك الدولة داخل لبنان وخارجه. وهو خارج أي مساءلة أو محاسبة. وليس بإمكان القضاء اللبناني ملاحقته! إذن، فهو قوة سياسية وأيديولوجية وعسكرية غير لبنانية تحتل لبنان وتقاتل في سوريا بمواطنين لبنانيين لمصلحة نظام طهران. حزب الله ليس حزبا لبنانيا وليس دويلة أو دولة ضمن الدولة اللبنانية. لقد بات قوة خارج الدولة، فزعيمه أعلن انفصاله عن الدولة اللبنانية وسيطرته على قرارها السيادي. (يستطيع أن ينقل الأموال والسلاح والأشخاص والمقاتلين والجثث من وإلى لبنان من دون أي إجراءات قانونية ومن دون معرفة أو بتواطؤ الأجهزة الأمنية)، إنه ذراع المافيا الإيرانية تعلن انتصارها على لبنان دولة ومؤسسات وأحزابا وعشائر وطوائف بما في ذلك الطائفة الشيعية نفسها، قوة لها مؤسساتها وتمويلها وعسكرها وسلاحها وسياستها الخارجية. هذه السياسة الخارجية التي تنطق بما يريده النظام الإيراني بصوت أعلى مما يتاح لهذا النظام أن يطلقه. حزب الله الذي يخوض حرب النظام الإيراني بالوكالة في سوريا، وبعد الضربات الموجعة التي تلقاها في حلب، ها هو يرتد إلى لبنان ليعلن انتصاره عليه، هذا يؤكد أن عودة حزب الله إلى “لبنانيته” باتت مسألة متعذرة وأن عودته إلى لبنان ستكون كارثة على لبنان واللبنانيين سواء عاد منتصرا أو منهزما. من هنا فإن المطالبة بعودته لم تعد قضية القوى السياسية المسيطرة بسبب هذا الهاجس، ولو أنها لا تزال قضية الكثيرين ممن يعترضون على الحرب في سوريا، ولا يزالون يأملون في بعض من لبنانية هذا الحزب.
اعترافات حسن نصرالله ليست برسم الدولة اللبنانية وليست برسم المؤسسات الأمنية والقضائية في لبنان والتي عرفنا كيف تتعامل مع الجرائم والقضايا التي يكون حزب الله طرفا فيها وليس آخرها متفجرة بنك لبنان والمهجر. هذا الكلام يرسم قوى الحراك المدني التي اخترقت جدران الطوائف والمذاهب وأشهرت حربها على الفساد، فهل يمكن لها أن تحقق أهدافها في ظل صمتها عن جرائم حزب الله المالية والسياسية والأمنية؟

 

هدفهم حرب أهلية
نبيل بومنصف/النهار/29 حزيران 2016
على رغم امتلاك لبنان ” ثروة قومية ” من المحللين الاستراتيجيين الجاهزين غب الطلب لاحتلال الشاشات عند كل تطور دموي يضرب لبنان استعصى على هؤلاء ومعهم سائر المسؤولين والسياسيين حتى الساعة تقديم قراءة علمية مقترنة بمنطق وادلة وقرائن الى اللبنانيين عما يدبر للبنان من خلال اشرس حرب ارهابية شنت على القاع . يقودنا ما جرى في السابع والعشرين من حزيران 2016 في القاع الى نقطة تبدو غالبا وفي الظاهر هامشية ولكن الهجمات الانغماسية على القاع وقبلها على الضاحية الجنوبية ومثلهما على باريس وسواها في الأنحاء الغربية والعربية تثبت ان معظم العالم يقف ضائعا امام انماط داعش ومشتقاتها منذ نشأة هذا التنظيم الجهنمي . تكفي عودة سريعة خاطفة الى ارشيف وقائع الهجمات الارهابية في السنتين الاخيرتين لتبين عقم بل عدم صلاحية معظم المقاييس والمعايير الاستخباراتية التقليدية في تعقب الخط البياني لداعش واخواتها وسلالاتها المتناسلة غربا وشرقا . تخال العالم يتماثل بلبنان حين ترى التبريرات اللاحقة للهجمات هنا وهناك تؤكد توقعات الاستخبارات الاستباقية ومع ذلك تقع الواقعة ولا مرد لها . بالامس ، ومع كل الاهوال الصادمة التي تملكت اللبنانيين لرؤية القاع تتعرض لاجتياح انغماسي على موجات متعاقبة كأنها القضاء والقدر الذي قرره حاكم الرقة والموصل بحق البوابة المسيحية للبقاع الشمالي وعبره لبنان بأسره  ترانا امام هول اكبر هو افتقاد أي بوصلة واقعية متجردة ترشد اللبنانيين الى ما يخطط لهم ولبلدهم . تنذر هذه الحرب الخارجة عن كل الاطر المتصورة والمتخيلة بشتى انواع التداعيات غير المسبوقة ان في مسار المواجهة مع الارهاب وان على مستوى اشد خطورة يتصل بالواقع الداخلي . لا حاجة بنا الى ابراز معنى ايقاظ المخاوف اللبنانية الى سقوف الذعر والغضب المتفجر الكاسح الماسح حيال مخيمات اللاجئين السوريين المنتشرة بعشوائية هائلة في البقاع وسائر المناطق . ولا حاجة بنا الى ابراز معنى ان يرتد ابناء القاع والبقاع الشمالي من كل الطوائف الى حمل السلاح الاضطراري للدفاع عن الوجود بما ينطوي عليه من ردة مخيفة ولو قسرية الى الحمايات الذاتية . ولكن ترانا في حاجة اكبر الى ابراز خطورة ان نفتقد ادارة سياسية مقتدرة في الحدود القصوى لا الدنيا لمواجهة هذا الاستهداف الاخطر منذ هجمة عرسال وانفجار تداعيات الحرب السورية على الحدود كما في الداخل اللبناني تباعا بما فيه الصراع التصاعدي حول تورط ” حزب الله ” في الحرب السورية . يتفرج العالم على القاع ولبنان كما تفرج عاجزا او متواطئا في أمكنة اخرى . ولكن ليس في كل مكان يقيم اكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري . فماذا تراه يفعل ان نجح الانغماسيون في تحويل ضحايا اللجوء السوري وضحايا الرعب اللبناني مشروع حرب أهلية عنصرية لا تبقي ولا تذر ؟