الـيـاس الزغـبـي: أزمة الميثاقيّة/كمال ريشا: تظاهرة مسيحية مشتركة تزامنا مع انعقاد جلسة التشريع بمن حضر

259

أزمة “الميثاقيّة”
الـيـاس الزغـبـي
لبنان الآن/07 تشرين الثاني/15
أسوأ ما أصاب لبنان في الآونة الأخيرة هو إيصال أزمته السياسيّة إلى المسّ بقدس أقداسه ومعنى وجوده، أي ما يُعرف بـ”الميثاق” التاريخي، الذي رعى قيامه كدولة وأرسى قانونيه الأوّلين، الدستور و”الصيغة”.  وقد اتّخذ “الميثاق” إسماً متقدّماً قبل اتفاق الطائف وفيه وبعده هو “العيش المشترك”، وشكّل صمّام الأمان لاستمرار مرافق الدولة، حتّى في أحلك مراحل الحرب وسلطة الوصاية والاحتلال. ولم يكن هناك أيّ خلاف على جوهره وفكرته الخلاّقة التي شكّلت نموذجاً للشرق، سابقاً وراهناً، وبدأت تشكّل نموذجاً صالحاً للغرب وسائر العالم المتنوّع، لاحقاً.  وتكمن الخطورة الآن في تحويل فكرة “الميثاق” و”العيش المشترك” من صيغة حياة إلى وجهة نظر. فهي ساقطة بانسحاب المكوّن الشيعي من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى، وصامدة برغم تغييب المكوّن السنّي الأساسي في حكومة نجيب ميقاتي الثانية، ومضمونة برغم غياب المكوّن المسيحي أو نواته الصلبة في جلسة “تشريع الضرورة”. فضلاً عن البحث الحائر والمزمن عن تفسير الشراكة والميثاقيّة في قرارات مجلس الوزراء مع خلوّ سدّة الرئاسة الأولى.  ولم يتردّد “فاخوري” الجلسة العتيدة الأسبوع المقبل، الرئيس نبيه برّي، في ابتداع توصيف جديد للميثاقيّة هو “خير الوطن والمواطن”. ولا يحدّد هذا التعريف الفضفاض أين يبدأ هذا “الخير” وأين ينتهي، ومن هي الجهة المخوّلة جدولة أولويّات خيره وإدراج هذه وحذف تلك.  ولم يستطع الرئيس برّي، مع سائر المتحمّسين لـ”تشريع الضرورة”، تبرير إسقاط قانون الانتخاب من الجدول، إلاّ بأسباب شكليّة مثل كثرة المشاريع المطروحة وعدم التوافق المسبق على أحدها.
ولكنّ الواقع غير ذلك تماماً: فالمشاريع الجديّة ليست أكثر من ثلاثة، أوّلها مشروع برّي نفسه، والمشروع الثلاثي المشترك بين “الاشتراكي” و”المستقبل” و”القوّات”، والمشروع التي قدّمته حكومة ميقاتي – “حزب الله”.  وليس هناك أفضل من هذه المرحلة الانتقاليّة لإنتاج قانون انتخاب جديد، فيتم كسب الوقت في فترة الفراغ الرئاسي الضائعة، ويكون القانون جاهزاً بعد انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة جديدة، فتُجرى الانتخابات ويُعاد تكوين السلطة بسرعة تعوّض ما فات.  إذا صدقت نيّات القادة السياسيّين يُقدمون على تشريع قانون الانتخاب جنباً إلى جنب مع تشريع الضرورات الأخرى من ماليّة وإداريّة وسياسيّة. وإذّذاك يُنقذون “الميثاقيّة” في شقّها الأوّل، ويُكملون الشقّ الثاني بملء الكرسي الشاغر في بعبدا. فما المانع من التصويت على الأمرين في الجلسة؟  ولا يخفى أنّ نقطة ضعف “الموقف المسيحي” تكمن في التناقض لدى طرف أساسي بين شرط إدراج قانون الانتخاب وتعطيل الرئاسة الأولى في الوقت نفسه.
وتزداد هشاشة هذا الموقف في حال تراجع هذا الطرف عن شرطه بحجّة حصوله على مطلبين آخرين، هما استعادة الجنسيّة وإعادة أموال البلديّات. وفي هذا التراجع عند حصوله تظهر بصمات “حزب الله” بوضوح، على حساب التفاهمات الأُخرى و”أوراق النيّات”.  وكلّ هذه المواجهة “الميثاقيّة” تحتاج إلى لياقة قياديّة عالية وحسن إدارة واعية، لئلاّ تتحوّل إلى تهمة للمسيحيّين بتعطيل الدولة، وقد بدأت طلائع هذا الترويج بالظهور كوسيلة للتهويل والضغط.  أمام القيادات المسيحيّة فرصة أيّام معدودة كي يُنقذوا قيم “الميثاق” و”العيش المشترك” و”الشراكة” من الانحراف في تفسيرها، فلا تكون على قياس مصالح سياسيّة ومكاسب شخصيّة وخاضعة لاسترضاءات ومساومات، بل تستعيد جوهرها في تكريس النموذج الانساني والسياسي والوطني الصالح للبنان وسواه.  وإنقاذ الميثاقيّة الصحيحة يبدأ من إعادة التوازن المضروب الآن بين السلطات بفعل تغييب موقع رئاسة الجمهوريّة. فإذا كان بعض القيادات المسيحيّة يريد فعلاً استعادة الشراكة الحقّة، عليه أن يعمل لتحقيق التلازم بين خطّين: إنتخاب رئيس وقانون انتخاب.  فلا “ميثاق” بدون رئيس. ولا تكوين سلطة بدون انتخابات. هنا يكمن سرّ استرجاع “الميثاقيّة” وتخليصها من التوصيفات والتفسيرات الطارئة. وما سوى ذلك، مجرّد لعبة سياسيّة تقليديّة، وتوزيع حصص، ومزيد من الانحدار

 

تظاهرة مسيحية مشتركة تزامنا مع انعقاد جلسة التشريع “بمن حضر”
كمال ريشا/07 تشرين الثاني/15
تتكثف الاتصالات المسيحسية – المسيحية قبل موع انعقاد جلسة التشريع النيابية التي وصفها رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ب “تشريع الضرورة”، وسط اجماع من القوى المسيحية الرئيسية الكبرى، القوات اللبنانية، والتيار العوني وحزب الكتائب اللبنانية، على مقاطعة الجلسة كل من زاوية مختلفة.
حزب الكتائب كان اعلن منذ اخفاق المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية، في 15 أيار من العام الماضي، أن الدستور اللبناني واضح ولا يجتمل تأويلات، ففي ظل غياب الرئيس يصبح المجلس النيابي هيئة انتخابية لا يجوز لها التشريع او القيام بأي عمل آخروتاليا لا يمكن للمجلس ان يشرّع قبل إنتخاب رئيس، وتاليا فإن الحزب لن يشارك في اي جلسة نيابية ما لم تكن انتخابية.القوات اللبنانية إشترطت للمشاركة في اي جلسة تشريعية تحت عنوان “تشريع الضرورة”، ان يتصدر جدول اعمال هذه الجلسة قانون جديد للانتخابات النيابية، وقانون إستعادة الجنسية للبنانيين المتحدرين من اصل لبناني.
النوايا
التيار العوني، من جهته كان إشترط انتخاب رئيسه ميشال عون رئيسا، ثم تدرج الى التناغم مع القوات في إشتراط إدراج قانون إستعادة الجنسية مع تحفظ على قانون الانتخابات في ظل عدم اتفاق القوات والتيار على صيغة موحدة لقانون الانتخابات النيابية، ليصعّد التيار موقفه انسجاما مع القوات فيقرر عدم المشاركة في جلسة “تشريع الضرورة” ما لم يتم إدراج قانون الجنسية، وقانون الانتخابات على حد سواء. مصادر مسيحية مواكبة لحركة الاعتراض المسيحية على دعوة الرئيس بري، أشارت الى ان منطق الشراكة والميثاقية مفقود في البلاد، وفي كل مرة يتم إجتراح واختراع مبررات لإباحة المحظورات، وتضيف منذ التمديد الاول للمجلس النيابي، كان هناك اتفاق على ان التمديد، مقرون بإقرار قانون جديد للانتخابات في اول جلسة تشريع نيابية، ثم تم التمديد الثاني للمجلس النيابي، وسط تشديد على إقرار قانون الانتخابات في مهلة شهر او شهرين كحد أقصى، ولقد إنقضى أكثر من 18 شهرا على التمديد للمجلس النيابي من دون ان يحرك رئيس المجلس ساكنا، وهو اليوم يضع النواب والقوى السياسية، خصوصا المسيحيين، امام الحائط، لاقرار مشاريع ضرورية، على علاقة بتصنيف لبنان المالي، وقبول هبات وقروض مالية، دولية ومشاريع أخرى، من دون التطرق الى قانون الانتخابات، في حين منّن الرئيس بري التيار العوني بإدراج قانون استعادة الجنسية على جدول اعمال الجلسة، متجاهلا قانون الانتخابات. وتضيف المصادر المسيحية، ان الحديث بدأ منذ اليوم عن التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، التي يرتقب إجراؤها الصيف المقبل، متسائلة عن السبب الذي يدفع معظم القوى السياسية منذ اليوم الى طرح التمديد لهذه المجالس مع ان لا مانع امني او سياسي يحول دون إجراؤها أقله إذا استمر الوضع في البلاد على ما هو عليه. وتشير الى استهداف المسيحيين في البلاد وفق منطق كان سائدا منذ عهد الوصاية السورية، وهذا ما لن يقبل به اي طرف مسيحي، فهل يرضى حزب الله وحركة امل بفراغ في كرسي المجلس النيابي، وهل يقبل الثنائي الشيعي باشتراط القوى السياسية الاخرى في البلاد، وضع مواصفات لرئيس المجلس النيابي قبل إنتخابه؟ وما يصح على الثنائي الشيعي، يصح ايضا على كرسي مجلس الوزراء، فعندما يتعلق الامر بالشأن المسيحي يبدأ التهويل والتهديد بالفراغ وتهديم المؤسسات، ويجب التمديد للمجلس النيابي ورئيسه ويجب تشكيل حكومة بمن حضر، ويجب ان تتفق الاطراف المسيحية على تسمية رئيس في بدعة تجافي ابسط شروط الديمقراطية، وإلا لا ينتخب رئيس، في حين ان الجميع يعرف ان حزب الله يعطل انتخابات الرئاسة، والرئيس بري يشارك في جلسات الانتخاب الصورية في ما يسمى لبنانيا بربط نزاع مع القوى التي تريد انتخاب رئيس للبلاد، ويريد ثمن المشاركة الصورية تفعيل عمل المجلس النيابي على حساب رئاسة الجمهورية. وتضيف المصادر المسيحية انه إذا كان هناك من ضرورة للتشريع فقانون الانتخابات في سلم الاولويات، ولن تتراجع القوى المسيحية عن إقرار قانون جديد مهما كانت النتائج، وهي لن ترضخ للتهويل ولا للتهديد، ولا للابتزاز، فالسلطة التي عجزت عن إيجاد حل لازمة النفايات منذ أكثر من 10 أشهر تقود الباد الى الانهيار، وتاليا لا مزيد من التهديد بالاسوأ، فالاسوأ نعيشه اليوم، ومقدم طريق اصلاح الوضع القائم، إقرار قانون تجديد السلطة السياسية وفق الدستور والميثاق.
وحذرت المصادر من ان حركة الاعتراض المسيحية قد تصل الى حد التظاهر تزامنا مع انعقاد جلسة التشريع “بمن حضر” كما هدد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتضيف ان القوات والتيار والكتائب قد وصلوا الى قناعة بضرورة التحرك السلبي في وجه الامعان في ايتزاز المسيحيين في حقوقهم التي اقرها الدستور اللبناني. وتضيف ان الرئيس بري يتعاطي مع المجلس النيابي بوصفه مجلس رئاسة حركة امل، يقفله حين يشاء، ويعيد فتح ابوابه حين يشاء، ويخترع للفتح والاقفال مبررات لا دستورية ولا ميثاقية، فلماذا هذه الهجمة اليوم على إقرار اكثر من 50 مشروع قانون في ظل غياب رئيس للجمهورية؟ وأين كانت الدعوات الى التشريع سواء في العقد الاستثنائي او الدورات الطبيعية؟، ولماذا لم يدع النواب الى التشريع في ظل وجود الرئيس سليمان في سدة الرئاسة؟، هذه الالاعيب لن تنطل على احد بعد اليوم، لا تشريع قبل لإنتخاب رئيس للجمهورية فهذا موقف الكتائب المبدأي، ولا تشريع قبل إقرار قانون الانتخابات هذا موقف القوات والتيار العوني. فهل يستمر بري في دعوته متجاهلا مطلب المسيحيين؟.