عبدو شامي: حراك النفايات.. نفايات الحراك

403

حراك النفايات.. نفايات الحراك
عبدو شامي
09 تشرين الأول/15

في سوريا، انقاذًا لسفّاح العصر “بشار الأسد” وتحسينًا لموقعه في التسوية السورية كي يُفاوض من موقع قوة بعد أن كاد يخسر كل شيء بوصول الثوار الى تخوم مسقط رأسه “القرداحة” والساحل العلوي حيث المنفذ الروسي الوحيد على البحر المتوسط… لا تزال الحرب العالمية الثالثة مستمرة على الشعب السوري مع نزول اللاعب الروسي الى أرض المعركة بكامل ثقله العسكري والظهور الفاقع والسافر للتحالف الصهيو-فارسي وميليشياته الارهابية في لبنان والعراق اضافة الى عصابات الأسد الذين بدأوا هجومهم البري بغطاء جوي روسي على المناطق المحررة لتدمير المعارضة المعتدلة وهي المدينة الى أميركا مدى الحياة بمهزلة تدريبها وتسليحها 50 عنصرًا لتحرير كامل سوريا من الاحتلال الأسدي!

قمة التآمر الدولي في سوريا يقابلها قمة العهر السياسي في لبنان حيث يتم تعطيل الحكومة -نبض شِبه الجمهورية الأخير- من أجل أطماع عائلية وجشع وراثي وَقِح يقضي بتقاسُم العم وأصهرته مناصب الدولة الأساسية من رئاسة الجمهورية الى وزارة الخارجية الى قيادة الجيش وربما غدا حاكمية مصرف لبنان، والمطلوب اليوم ضرب هيكلية الجيش وإثارة الشحناء والضغناء بين صفوف عمدائه من أجل ترقية استنسابية سياسية بامتياز الى رتبة لواء لصهر يتقدمه 21 عميدا مسيحيًا في أحقية الترقية ويحل في المرتبة 45 بين العمداء المستحقين من جميع الطوائف.

وفي سياق العهر السياسي نفسه، وتحقيقًا لأهداف الحزب الإرهابي بقلب النظام مع نضوج التسوية السورية وضغطًا على أفرقاء 14آذار للتسريع في انصياعهم الى أوامر الحزب وأطماع الجنرال عون العائلية… لا يزال الحراك التخريبي المموّه شعبيًا مستمرًا في جهوده الهدّامة لإرباك الساحة الداخلية وزرع الفتن والأحقاد بين الشعب وقواه الأمنية وتحريضه على الانتحار عبر مطالب وشعارات سياسية تنسف الدستور ولا تخدم إلا الحزب الإرهابي والاحتلال الفارسي.

فبعد معركة “الويك أند” التخريبي الأسود في 22 و23 آب الماضي انتقامًا من وسط بيروت بما يرمز ويمثل وانتهاكًا لحرمة ضريح الحريري، عاد المخربون ليضيفوا الى رزنامة تحركاتهم الهمجية والبربرية المتسترة بحق حرية التظاهر والتعبير تاريخًا أسودًا جديدًا هو 8 تشرين الأول ذاك الليل الأسود الطويل الذي أمطروا فيه وسط بيروت والقوى الأمنية بالحجارة واعتدوا على الأملاك العامة والخاصة فاقتلعوا الأرصفة وكسروا الزجاج وحطموا بوابة أحد الفنادق محاولين اقتحامه ومحوّلين المنطقة الى ساحة حرب حقيقية؛ وكالعادة لا تتدخل القوى الأمنية إلا بعد إتمام المخربين مهمتهم المعدّة سلفًا على أكمل وجه! اللافت هذه المرة أنهم لم يحتاجوا الى الطابور الأول المصنّف زورًا خامسًا والمتمثّل بأفواج أمل شعبة الخندق الغميق المتخصصة بالأعمال الفتنوية-التخربيبة، إنما اكتفوا بحثالة من زعرانهم عبرّوا بكل عفوية عن حقيقة قيَمهم الساقطة وثقافتهم الهابطة وعن هَوَس جنسي ترجموه بحركات مهينة بحق القوى الأمنية… أين العجب ومَن يتزعّم حراكهم التخريبي مستهزِئ بالديانات السماوية ومتطاول عليها ولا يحترم عَلَم بلده ولا أرزته؟!

08 تشرين الأول ليس تاريخًا بريئًا فهو اليوم الأول على انفضاض طاولة الحوار دون رضوخ الفريق السيادي الى املاءات عون والحزب الإرهابي ما استدعى تأجيل الجلسات الى آخر الشهر افساحًا في المجال أمام جرعة جديدة من الحراك التخريبي الضاغط، ما يؤكّد أن الحراك لا يعمل عفويًا إنما يهمد وينشط وفقًا لأحوال الأرصاد الجوية السياسية، فانطلاقة أعماله التخريبة جاءت مع تحريك ملف التسوية السورية عقب زيارة وزير خارجية الاحتلال الإيراني لبنان، وبعصا الحراك سيق معظم أفرقاء 14آذار الى جلسات الحوار التمهيدي للمؤتمر التاسيسي، وتزامنًا مع كل جلسة حوار ينظمون تحركًا يربك البلاد، ومع كل حلحلة قد تفضي الى حل أزمة النفايات ينظمون الوقفات الاحجاجية مبتكرين فكرة تخريبة جديدة، فمن تشويه للجدران بكتابة الشعارات الى تشويه للطرقات بالطلاء على الزفت الى تقليع الأرصفة… وكأن مشهد تراكم النفايات لا يُشبع رغباتهم التشويهية ولا طموحاتهم التخريبة.

لقد قدّم الوزير “شهيّب” بمعاونة فريق من الخبراء خطة لحل أزمة النفايات يمكن وصفها بأنها أفضل الممكن والمُتاح والمعقول والقابل للتنفيذ في لبنان، ومع ذلك حرّضوا الناس عليها ورفضوها، فيبدو أن حراك النفايات حريص على تفشيل أية خطة هادفة الى تخليص اللبنانيين من مأساتهم لإنه ببساطة يدافع عن علّة وجوده التي ينتهي بانتهائها ألا وهي النفايات ذريعة تنفيذه أجندته التخريبية، تمامًا كمحور الشر الإرهابي الذي يدعي المقاومة والممانعة فيما يضع كامل جهوده للحافظ على علّة وجوده اسرائيل فبدونها لا ذرائع للسلاح الإرهابي ولا للاستقواء ولا للتخوين ولا لتصدير الثورة الخمينية.