عبدو شامي/الجمهورية الثانية.. ختامها نفايات

385

الجمهورية الثانية.. ختامها نفايات
عبدو شامي
27 تموز/15
نهاية الجمهورية الثانية، مشهد درامي-تراجيدي منطقي ومتوقّع مِن كاتب سيناريو تفشيل الطائف وتدمير الجمهورية الثانية وصولاً الى جرّ البلاد نحو مؤتمر تأسيسي يتمخّض عنه دستور مسخ تكون فيه الأفضلية والامتيازات للطائفة الشيعية المخطوفة على حساب بقية المكونات اللبنانية في زمن تخلى فيه الشيطانان الأكبر (أميركا) والأخطر (إيران) عن إخفاء زواجهما السري الذي دام 35 عامًا ليقولا الـ”نعم” الملعونة أمام الملأ في “فيينا” حيث أشهرا زواجهما وتعانقا علنًا في حفل توقيع الاتفاق الجيو-سياسي والنووي النهائي في 14تموز2015.

مؤسسات الدولة الدستورية الميتة دخلت طور التحلُّل، فبعد الإجهاز المُمَنهج على الرئاسة الأولى ومجلس النواب حيث اغتيلت الديمقراطية مرارًا بالتمديد وتمديد التمديد، ها هو مجلس الوزراء المشوّه منذ الولادة حيث يخفق نبض “الجمهورية الرمزية” الأخير وإن على وقع التعطيل والعطل العونية الشعبوية القسرية يعدُّ أنفاسه الأخيرة التي تتسابق على إنهائها كلٌ مِن استقالة رئيس الحكومة “تمام سلام” التي لوّح بها تحت ضغط التعطيل المتكرّر والفضائح الوزارية، والتطورات على الساحة السورية التي ستُعيد الحزب مدحورًا الى لبنان، واستحقاقات أيلول التفجيرية ولا سيما منها تعيين قائد جيش من خارج البيت العوني أو التمديد للقائد الحالي…

إنه الفصل الأخير من الرواية البائسة للجمهورية الثانية التي لم تجد ما يليق بخاتمتها أجمل ولا أرقى من النفايات التي نمت وتكاثرت كالفطر على أرصفة شوارع مدن لبنان وعاصمته قبل أن تصبح خلال ساعات على انتهاء العمل بمطمر الناعمة تلالا وجبالا تُهين المواطن وتشوّه المنظر وتبث الأمراض والأوبئة لفرض شركة معيّنة بحكم الأمر الواقع وللإجهاز على شعب لا يتعلّم ولا يريد أن يتعلّم من خطأه في انتاج واعادة انتاج الطبقة السياسية نفسها التي جلبت عليه الويلات ولم تكتف بمص دمائه من خلال تقاسُم وتحاصُص موارد الدولة لتمتص معها نفاياته ذات الموارد المالية الضخمة التي يغفل عنها كثيرون باستثناء رجال الأعمال الوصوليين والمتنكّرين ببدلات رسمية سياسية ينفذون بها الى أماكن القرار حيث يستغلون مناصبهم مطيّة لعرقلة المناقصات القانونية وزرع الألغام في دفاتر الشروط لتفشيلها بغية فرض شركة نفاياتاتهم الخاصة وتأبيد عقودها ذات المبالغ المضاعفة عن المتعارف عليه دوليًا لإنهاك خزينة الدولة واحتكار الهيمنة على ثرواتها بما فيها النفايات!

نتانة جبال النفايات المتراكمة التي حوّلت لبنان الى مزبلة عشوائية عملاقة عكست بلا شك نتانة حكومة “المصلحة الحزبية” المسماة زورًا “المصلحة الوطنية”، وهل لشجرة العلَّيق أن تُثمر عنبًا؟! حكومة تشكّلت على دماء الوزير الشهيد “محمد شطح” وما تراكم قبله من دماء زكية مهدورة وعلى وقع الانطلاقة المدوية والمبهرة للمحكمة الدولية التي عرّت المجرم في جلستها الافتتاحية، وعلى مبدأ الطعن في الظهر والتراجع عن العهود والنكث بالوعود والحنث بالأيمان التي أَتخم بها التيار الأزرق شعبه على مدى ثلاث سنوات أمضاها خارج جنّة الحكم متظاهرًا بعدم الأسف والندم ورافعًا أسقف العودة وشروطها لتكون النتيجة عند أول فرصة تسنح للعودة تغطية الحزب الإرهابي في احتلاله لبنان وإرهابه في سوريا ومناصب صحوية لاسيما في وزارة الداخلية، فضائح مدوية أقل ما تستوجبه الإستقالة، لكن أنّى لعديم المسؤولية ولمن لا يملك قراره ولصاحب الشبق السلطوي ولو حساب أهله أن يستقيل ويطرد نفسه بنفسه من جنّة الحكم؟! حتى “حلول” فضيحة النفايات التي وفّرها “المشنوقان” وزيرا الداخلية والبيئة مدعومَين من التيار الأزرق ومن منتحلي صفة تمثيل العاصمة إنما أتت على حساب المناطق ذات الأكثرية السنيّة لطمرها فيها، وجاءت أم الفضائح باقتراح (رشوة) مدعوم من الرئيسَين الحريري وسلام يقضي بطمر النفايات في عكّار مقابل إنشاء فرع للجامعة اللبنانية فيها!!

“الشعب اللبناني يحصد اليوم في براميل الزبالة ما زرعه بالأمس في صناديق الاقتراع”، جملة معبِّرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ولا شك أن الغرض منها توعية الشعب الى حسن اختيار ممثليه في أي انتخابات قادمة أملاً في إحداث تغيير… لكن هل من انتخابات بعد في لبنان حيث اعتاد النواب انتخاب أنفسهم؟!

احتضار البلد وإشهار الزواج الشيطاني الأميركي-الإيراني وما سينتج عنه من تسوية غالب ومغلوب في لبنان لمصلحة الحزب الإرهابي والطائفة التي يحتكر تمثيلها تعويضًا عن خسارته عمقه الاستراتيجي السوري وانكسار هلاله الفارسي… لن تزيد المستنقع اللبناني إلا نتانة في بلد متخم بالنفايات المادية والمعنوية، بلد لا يقل فيه شعار “لبنان أولاً” زيفًا وزورًا عن شعارات “المقاومة” و”الممانعة” و”حقوق المسيحيين” التي تصيح بها الدِّيَكة صباح مساء كلٌّ على مزبلته.