ثلاثون قتيلاً من حزب الله في القلمون في حزيران الماضي/زيـاد مـاجد: إيران والديموغرافيا السورية والهزيمة الحتمية//نديم قطيش: أيها الممانع خذلك سيلفي

277

 30 قتيلاً من “حزب الله” في القلمون خلال حزيران الماضي
بيروت – “السياسة”:07 تموز/15

بعد سقوط 40 عنصراً في مايو الماضي, قتل لـ”حزب الله” 30 عنصراً في المعارك الدائرة في منطقة القلمون السورية خلال يونيو الفائت. والقتلى هم: حسن محمد علي شريف (بلدة اليمونة-بعلبك), مهدي محمد جعفر وميلاد محمد مدلج (الهرمل), محمد أحمد سرور (البازورية-صور), حسين محسن سلمان وأحمد رضا سلمان (مجدل زون-صور), أحمد محمد حرب (الحلوسية-صور), محمد حسين جوني (العباسية-صور), عرفات حسن طالب (برج رحال-صور), علي حسن فنيش (معروب-صور), عادل عبد الله حمادة (الصوانة-مرجعيون), عباس يوسف كوراني (ياطر-بنت جبيل), ربيع نبيل بوخاري علوية (الضاحية الجنوبية), علي محمد عكنان (بافليه-صور), علي سمير عاقصة ومهدي حسن جعفر (شعث-بعلبك), علوان ياسين جعفر (فيسان-الهرمل), رواد محمد المقداد (لاسا-جبيل), حسن محمد مدلج ومحمد حسن ناصر الدين ويوسف عبد الرسول قطايا (الكواخ-الهرمل), عبد المعطي علي شمالي (حمام-الهرمل), محمود سمير إبراهيم (كفرحتى-صيدا), عبد الجليل محمد حمدان (كفرملكي-صيدا), علي محمد خزعل (عيتا الجبل-بنت جبيل), محمد عبد الرحمن الأطرش (دير نطار-بنت جبيل), حسن خضر عيتاوي (نبحا-بعلبك), كمال عبد الله خشاب (شحور-صور), علي محمد نايف عز الدين (باريش-صور), حسن محمود دياب (دورس-بعلبك). إلى ذلك, أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الظني, في قضية تعذيب السجناء في سجن رومية, وأخلى سبيل اثنين من عناصر قوى الأمن, في قضية تسريب فيديو السجناء وطالب بمحاكمتهما لعدم تبليغ السلطات بمضمون الشريط.

إيران والديموغرافيا السورية والهزيمة الحتمية
زيـاد مـاجد/لبنان الآنم07 تموز/15

تُدرك إيران قبل غيرها أن الديموغرافيا السورية وخصائصها الطائفية ومؤدّياتها السياسية لن تسمح لها ولنظام بشار الأسد بالتحكّم بأكثر من مساحةٍ محدودة من الأرض، مُعرَّضَةٍ من دون اتّفاق سياسي للتهديد الدائم، ومضطرةٍ لاستنفار ساكنيها دورياً وجعلهم يعيشون في قلعةٍ وفي مشروعٍ حربي يُلغي كلَّ ميزةٍ استراتيجية ممكنة، ويستنزف الموازنات والمقدّرات. وتدرك إيران قبل غيرها اليوم تحديداً أن نظام الأسد يترنّح ببطءٍ في مواضع وبسرعةٍ في مواضع أُخرى، وأنه صار محكوماً في كل المواضع بتأمينها الموارد البشرية له. ذلك أنه أُنهِك وفَقدَ بحسب العديد من التقديرات قرابة المئة ألف جندي وضابط وعنصر “دفاع وطني”، أكثر من نصفهم من المتحدّرين من الطائفة العلوية. كما أن الإصابات وهجرة آلاف الشبّان من المناطق التي ما زال يسيطر عليها والرشاوى التي تُدفع لتجنّب الخدمة العسكرية تقلّص على نحو متسارع حجم الكتلة البشرية التي بمقدوره الاستمرار في تعبئتها. هذا دون البحث في التداعيات السياسية والاجتماعية لاستمرار النزيف البشري (الطائفي) وربطه من جديد بالديموغرافيا وتوازناتها. وتدرك إيران كذلك أن الموارد العسكرية والمالية التي تستمرّ وروسيا بضخّها للأسد لم تعد تكفي مع فتح جبهات جديدة أو تحريك جبهات سبق أن هدأت لأشهر طويلة. كما أن الموجات المتلاحقة من المقاتلين العراقيين والأفغان والباكستانيين الشيعة الذين دَفعت وتدفع بهم لم تعد قادرة على أكثر من حماية بعض الجبهات من احتمالات الانهيار الأسدي الكامل (جبهات حلب وبعض جبهات الغوطتين والجنوب السوري)، في حين أن ما بين ثلث ونصف قوات حزب الله صارت فوق الأراضي السورية ولا تستطيع أكثر من السيطرة المتقطّعة على المناطق المجاورة للبنان، وما إن تحتفل بنصرٍ في مدينة أو تلّة أو بلدة حتى تُستأنف المعارك في جوارها فتُعيد نغمة الكلام عن قرب النصر والاحتفال به. يُضاف الى هذا، أن سياسة إيثار خسارة مناطق لصالح “داعش” مقابل السعي للاستشراس في القتال في مناطق تتقدّم صوبها المعارضات السورية (من فصائل إسلامية الى فصائل جيش حرّ)، بهدف إرباك المواقف الإقليمية والدولية وجعل “داعش” تخلط الأوراق (وتصطدم مباشرةً بالمعارضات)، لم تعُد تجدي نفعاً إذ تضاءلت أعداد القائلين في الغرب بضرورة الاختيار بين الأسد و”داعش”، ليس لسببٍ أخلاقي (معدومٍ في اعتباراتهم أصلاً) بل لموازين قوى تبدّلت وباتت تجعل من القول بالمفاضلة المذكورة بلاهةً خالصة. ما الذي انتظرته إيران إذاً وهي ترى ملياراتها التي أُنفقت وعشرات ألوف العراقيين والأفغان والباكستانيين واللبنانيين الذين أُرسلوا للقتل والموت في سوريا يتحوّلون للدفاع عن أقلّ من ثلث المساحة السورية ويتحضّرون لخسائر إضافية فيها؟ هل هي الأيديولوجيا التي أثّرت على التحليل السياسي والعسكري، أم هو غرور القوة الذي يُفضي أحياناً الى الخسارة؟ أم أن إطالة أمد الحرب تحوّل مع الوقت الى الهدف بما لاقى السياسة الأميركية التي لم تشأ مرّةً حسماً سريعاً وما زالت تعرقل كل مسعىً لتسليح نوعيّ للمعارضات؟ يبدو أن في الجواب عناصرَ من كلّ ما ذُكر. ويبدو أيضاً أن البعض في طهران، بعد أن توهّم بإمكانية “الحسم” السريع سورياً وتأخّر ليكتشف استحالته، صار أخيراً يُراهن على “الفتح النووي” في المفاوضات مع الأميركيين ليحتفل بإنجازٍ ويُفاوض من بعده على استمرار التعاون مع واشنطن عراقياً مقابل مقايضاتٍ سورية. وهذا إن تحقّق، فلن يُشير لغير الخسارة المريرة لطهران ولجميع حلفائها في سوريا… المأساة أن ذلك يتمّ فوق أنقاض تلك البلاد.

أيها الممانع ..خذلك سيلفي
نديم قطيش /المدن/الإثنين 06/07/2015
إحتلت المملكة العربية السعودية مرتبة المتهم الأول في خطاب حزب الله في ملف الأزمة السورية، لا سيما مسؤوليتها عن فصل الإرهاب في كتاب تاريخ الثورة. تدرج الحزب ومسؤولوه في الإشارة اليها بأصابع الإتهام، كدولة بكامل مؤسسات نظامها السياسي، بعد أن كان الإتهام يطال شخصيات محددة كالأمير بندر بن سلطان.
لم يقدم حزب الله دليلاً واحداً يسند إتهاماته. لا يحتاج إلى ذلك. فهو يخاطب جمهوره، أولاً وأخيراً، مدركاً أن هذا الجمهور قابل سلفاً لأي إتهام يؤذي سمعة السعودية.
الإتهامات هذه، جزء من صناعة وتأبيد صور نمطية عن الخصم، وهي إستراتيجية يجيدها حزب الله، لتأطير علاقته وعلاقة جمهوره مع الخصوم عامة وفي حالات الإشتباك معهم على وجه الخصوص. فالسعودية هي دولة إرهاب وتطرف وحسب. لا سياسة، ولا مصالح أمنية وإستراتيجية وعقائدية تقود خيارات الرياض. فقط رغبتها بالإرهاب ورعايتها له وشهيتها لتعميمه، هو ما يحرك القرار السياسي والأمني فيها. وهي لذلك صنعت داعش وربتها وصدرتها وحمتها ومولتها وزودتها بالمعلومات الإستخبارية، كما ترعى البيئات الحاضنة لها خارج السعودية عبر عملاء ميدانيين وشيوخ مأجورين ومؤسسات. وكذا فعلت مع جبهة النصرة وغيرها.
لا شك ان جسم السعودية “لبِّيس”، بالإستناد إلى تاريخ العلاقة بين المؤسسة السياسية السعودية وبين التطرف الإسلامي، إن لناحية طبيعة نظام الحكم في المملكة ومرتكزاته التأسيسية ومصادر شرعيته، أو لناحية العلاقات العملانية بين النظام السياسي والأمني السعودي والتنظيمات المتطرفة التي قاتلت الاتحاد السوفياتي في افغانستان بدءاً منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي وحتى هزيمة السوفييت وسقوط الإتحاد!
هذا زمن لم تغادره السعودية بحسب حزب الله الذي ينوب عن إيران في مهمته هذه. هو زمن المملكة الدائم وكل ما عدا ذلك لحظات عابرة تخترق هوامشه كما يخترق البرق سماء حالكة.
حزب الله لا يستريح في مواجهة سياسية مع خصومه تقوم على الحجة والإقناع وتفكيك وجهة النظر المقابلة. هذه جهود تضييع وقته وتضعف المناعة التعبوية لبيئته وجمهوره. فالاسئلة تجر الاسئلة والإجابات الناقصة والمرتجلة بخطورة الاسئلة ما لم تكن أكثر. الإتهامات والصور النمطية هي الحل.
ولأن الحزب يدرك فداحة الخروق في إستراتيجية التنميط التي يعتمدها، تراه يكثر من الإتهامات ومن تكرارها في كل خطاب ومناسبة.
كيف سيشرح حزب الله لجمهوره أن مملكة الارهاب تقاتل داعش عبر تحالف دولي في سوريا والعراق، إن كانت المملكة وإستخباراتها هي من ترعى داعش؟ كيف سيشرح لهم ان المملكة وحلفاءها هم في رأس قائمة اهداف داعش، إن كانت المملكة واستخباراتها هي من ترعى هذا التنظيم؟ كيف سيشرح لهم أنه هو لم يقاتل داعش، ولا قاتلها حلفاؤه بشكل جاد حتى الان؟
في الحروب، تكون الحقيقة هي أول الضحايا. القوة السعودية الخشنة، كأي قوة، تخلق سياقات تسمح للدعاية المضادة بأن تجد مكاناً لها وتوفر معطيات للخصوم كي يمضوا بقراءاتهم وإتهاماتهم، لا سيما في الشرق الاوسط حيث الإنتصارات بطعم الهزائم والهزائم بنكهات الإنتصار العديدة. إنتصار الكرامة. إنتصار العزة. إنتصار الإرادة الوطنية… وبقية التشكيلة!
إزاء القوة الخشنة، يعثر حزب الله على ما يفيد دعايته المضادة تجاه المملكة وسياساتها وخياراتها. وبوسعه بالتالي أن يمضي في نسب داعش الى السياسة السعودية. فمشاركتها في الحرب على التنظيم ليست سوى خيار أُرغمت عليه لإرضاء واشنطن. أو عملية تمويه للتغطية على رعايتها له. أو سياسة مزدوجة تسمح لداعش بالإستمرار ولكن تضبط قوته ونموه وتبقيه في حدود تسمح لها هي أن تتحكم فيه وبمستقبله.
فضيحة دعاية حزب الله جاءت من القوة الناعمة السعودية. بحلقتين تلفزيونيتين سوت السعودية عمارة هذه الدعاية بالأرض. لم يحتج الكاتب والمخرج السعودي خلف الحربي، والممثل السعودي الموهوب ناصر القصبي، والشاشة السعودية الاولى “إم بي سي”، إلا الى ساعتين تلفزيونيتين من برنامج “سلفي” الساخر لهدم كل الإتهامات ضد الرياض.
ما كان لأحد أن يتوقع من مثقفين سعوديين وشاشة سعودية أن يذهبوا بتهشيم داعش ومشروعها وخليفتها وفقهها وجهادها ورايتها الى هذا المستوى. بل لم يصل الى هذا المستوى حتى خطاب الدعاية الايرانية نفسه الذي حاول “توحيش” صورة داعش الوحشية أصلاً، أكثر مما هي في الواقع.
وفعلوا ذلك عبر القوة السعودية الناعمة التي تصل الى كل بيت، بأناقة ووضوح، تفتقرهما الصور التي تنتجها القوة الخشنة في ميادين الحروب والقتال. ومن البيوت التي وصلها “سلفي” بالتأكيد، بيوت البيئة التي صدع حزب الله رأسها بالحديث عن نسب داعش السعودي الى حد إعتبارها جزءً من دولة الظل في المملكة. فمن لم تصله الحلقات عبر الشاشة، لأنه كان يتلهى بمتابعة هواية حزب الله الجديدة “بتسلق” تلال القلمون السوري، وصلته الحلقات عبر مواقع التواصل الإجتماعي التي ملأ الحربي والقصبي دنياها وشغل ناسها لأسابيع!
ماذا سيقول حزب الله الآن لجمهوره عن السعودية ورعايتها للإرهاب؟ هل سيقنعهم بأن مخاطبة مئات الملايين من الناس عبر شاشة “ام بي سي” بأكثر اساليب النقد راديكالية هو مجرد مناورة؟ أم سيقول لهم أن الحربي والقصبي إنشقا عن بلادهم أو أنهما لا يمثلان السعودية التي يسعى حزب الله لتأبيد صورتها في إطار دولة الارهاب؟ كيف سيسند حزب الله أكاذيبه ودعاية انتاج الكراهية التي يديرها عبر ماكينة إعلامية مباشرة وغير مباشرة؟ وبماذا سيرد على القوة السعودية الناعمة التي فضحت، بحلقتين، هراءه عن الإرهاب والإرهابيين والتطرف والعقول المغلقة والتنابل؟
ليشاهد قادة ومسؤولو حزب الله، برنامج “سلفي”، لكن ليحذروا من التقاطها لأنفسهم. أجزم أنهم لن يحبوا وجوههم في الصورة.