ثريا شاهين:إنجاح الاتفاق مع إيران «إنجاز» لأوباما قبل الانتخابات// داود الشريان: اليمن ذاهب إلى جنيف أم إلى العراق؟

309

إنجاح الاتفاق مع إيران «إنجاز» لأوباما قبل الانتخابات
ثريا شاهين/المستقبل/07 حزيران/15

في تشرين الثاني من سنة 2016، أي بعد حوالى سنة ونصف السنة، ستجرى الانتخابات الرئاسية الأميركية. إنه استحقاق مهم على صعيد السياسة الدولية. لكن السؤال المطروح «هل سيركّز الرئيس الأميركي باراك أوباما على تحقيق إنجازات قبل انتهاء ولايته، وفي أية ملفات تحديداً»؟

تؤكد مصادر ديبلوماسية مطلعة أنّه من الواضح أنّ أوباما كان ولا يزال حريصاً على تحقيق إنجازات في عهده. وهو أبدى قدراً كبيراً من الجدّية والاهتمام بملفين أساسيين على مستوى السياسة الخارجية، هذا فضلاً عن إنجازاته الداخلية على مستوى الاقتصاد. وهذان الملفان هما: إيجاد حل للملف النووي الإيراني، وملف إعادة تنقية العلاقات مع كوبا. إنّهما مسألتان كبيرتان على المستوى الدولي، وتقعان تحت عنوان أساسي هو التسوية السلمية لحل الإشكالات الدولية. فهناك حرص من الرئاسة الأميركية على إنهاء هذين الملفين قبل انتهاء العهد، إنّما الأولوية للملف الإيراني. الأمر الذي يقع في الرصيد الشعبي للرئيس، مثلما احتسب في رصيد سلفه جيمي كارتر، اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، اتفاق كامب ديفيد الأول. واحتسب لاحقاً في رصيد سلفه بيل كلينتون اتفاقا أوسلو ووادي عربة.

على أنّ كل رئيس انتُخب لولاية ثانية في الولايات المتحدة مثل أوباما، فإنّ أي إنجاز له يقع في خانته الشخصية وإلى حد ما الحزبية، نظراً إلى أنّه ليس لديه حظوظ بالعودة إلى الرئاسة مرّة ثالثة. وهذا يختلف عن الرئيس المُنتخب للمرة الأولى، الذي يقوم بإنجازات من أجل انتخابه مرّة ثانية.

واستبعدت المصادر أن يكون للسلام في الشرق الأوسط أي أفق في الفترة المتبقية من ولاية أوباما. ليس لأنّ الرئيس لا يريد تسجيل اختراق، إنّما بسبب التطرّف وسياسات الليكود في إسرائيل وعودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الحكم. فضلاً عن عدم رضا إسرائيل عن الاتفاق حول النووي، من خلال التفاهم الأولي، والاتفاق النهائي الذي ينتظر أن يُوقَّع نهاية هذا الشهر. وليس من عوامل تدفع في اتجاه تسريع حل أميركي لأزمة الشرق الأوسط، مع أنّ أي تراكم لإنجازات الإدارة يصبّ في مصلحتها ومصلحة الرئيس. لكن الظروف لا تبشّر بإيجابية على صعيد التسوية السلمية.

على صعيد الحرب الدولية على «داعش»، فقد بدأت هذه الحرب منذ سنة ونيف. لكن الإنجازات لم تتحقق فعلياً بالشكل الذي أُعطي الانطباع حوله. التحالف الدولي خسر معركة الرمادي في العراق، ولا توجد مؤشرات جدّية بأنّ الحملة ستؤتى ثمارها في المدى القريب. لذلك ثمّة شكوك على مستوى الإنجازات حول مكافحة «داعش». والمسؤولون الأميركيون يقولون إنّ الحرب ضدّ هذا التنظيم طويلة.

وبالتالي، سيكون أوباما حريصاً على مواصلة جهوده حول الملف النووي، وعلى ما يمكن القيام به من حوار حول ملفات المنطقة، والذي يشكّل حلّ مسألة النووي تسهيلاً للكلام بين الغرب وإيران حيالها. هناك أمل بأن ينعكس التوقيع على كل هذه المسائل، إنّما المصادر تشير إلى أنّه من غير الواضح بعد ما إذا كان سينعكس في الملفات الأخرى مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها. ومن المبكر لأوانه الجزم في الموضوع، وفي ما إذا كان مسار الاتفاق مع إيران أساساً سيذهب في الاتجاه المرسوم له من الغرب، وأنّ إيران ستلتزم بالكامل بكافة مقتضيات التفاهم لاحقاً. إذ أنّ أي عدم التزام منها سيعرقل الحوار معها حول المنطقة. ن الواضح انّ هناك جدّية من الطرفين الغربي والإيراني في إتمام الاتفاق النووي، على الرغم من وجود العديد من الجهات الراغبة بتخريب الاتفاق لكن حتى الآن نجح أوباما في مسألتين: تحييد إسرائيل عن الاتفاق مع إيران، وتحييد الكونغرس عن المسألة النووية. وإسرائيل في مقدمة الدول التي يمكن أن تخرّب على الاتفاق من خلال وسائل عديدة لا سيما داخل الكونغرس.

وكان أوباما سجّل حرصاً أميركياً على أمن الخليج وتطمين الدول الخليجية وإعادة التأكيد لها على دعمه في مواجهة مخاوفها من المدّ الإيراني في المنطقة. ويأتي ذلك مع اقتراب التوقيع على «النووي»، وفي ظل أزمة اليمن، لتبديد المخاوف العربية، وتطمين الخليج هو خطوة أولى في مسار العلاقة معه لا سيما وأنّ أمنه خط أحمر بالنسبة إلى واشنطن، كما أنّ هذا الموقف يرتبط وفق المصادر، بسياسة واشنطن في مرحلة ما بعد التوقيع على «النووي»، والطريقة التي ستعتمد في مقاربة ملفات المنطقة.

اليمن ذاهب إلى جنيف أم إلى العراق؟
 داود الشريان/الحياة/07 حزيران/15

وافق الحوثيون على الذهاب إلى جنيف للمشاركة في المؤتمر الذي سينعقد في 14 من الشهر الجاري برعاية الأمم المتحدة، دون شروط مسبقة، بعد تراجع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عن شرطَي انسحاب الحوثيين من الأراضي التي يسيطرون عليها وتسليم أسلحتهم قبل بدء المفاوضات. كان هذا التراجع كافياً لحضور الحوثي «دون شروط».

الأمم المتحدة فشلت في عقد جولة أولى من المحادثات، كانت مقررة في 28 أيار (مايو) الماضي في جنيف، بسبب اعتراض الحكومة اليمنية التي تريد من الحوثيين الانسحاب أولاً من المدن، وتسليم السلاح، لكن نجاحها هذه المرة في عقد الاجتماع لا يعني أن الأزمة اليمنية ستشهد حلاً. المفاوضات اليمنية القادمة في جنيف ستكون الأولى، لكنها ليست الأخيرة، وربما عاود اليمنيون تجربة السوريين في جنيف. هذا الشك مرده إلى أن الحوثي ليس في وارد التنازل عن موقعه، فضلاً عن أن حزب المؤتمر الشعبي العام، وإن شئت، حزب علي عبدالله صالح، ذاهب مع الحوثي لدعم موقفه في تحويل الشرعية إلى معارضة.

الحد الأدنى الذي يمكن أن تحققه مفاوضات جنيف اليمنية هو التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية. وحتى هذه النتيجة المحتملة ستكون عرضة للانهيار بعد رمضان. جنيف سيكون بمثابة هدنة إنسانية في حرب طويلة ومرشحة للتصعيد.

البعض رأى في محادثات مسقط بين أميركيين ووفد من «أنصار الله»، تمهيداً لنجاح محادثات جنيف. لكن ما جرى في كواليس مسقط يشير إلى العكس. ولعل أبرز ما تسرب هو اجتماع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف مع وفد الحوثي، رفض الحوثي كل مطالب التحالف، الحديث عن إعطاء الرئيس السابق علي ناصر محمد دوراً في حماية مدن الجنوب. ناهيك عن أن الرئيس السابق علي سالم البيض يسعى لدور هو الآخر. محادثات مسقط فتحت صفحة تاريخ الخلافات اليمنية على مصراعيها. وإذا كانت محادثات جنيف ستضم 10 أحزاب وقوى يمنية، فإن محادثات مسقط أضافت آخرين، سيظهر دورهم بعد جنيف. إيران لا تريد للمفاوضات أن تتم، فضلاً عن أن تنجح. وهي ترغب في تكرار ما يسمى «العملية السياسية» في العراق، لكن بعد تغيير المعادلات على الأرض. المفاوضات لا تخدم أهداف ميليشيا الحوثي. ولهذا فإن اليمن موعود بسلسلة من المؤتمرات الدولية، ستبدأ في منتصف هذا الشهر، لكنها لن تتوقف… اليمن مقبل على حرب أهلية أشد مرارة من الحروب السابقة. لا شك في أن القوى اليمنية التي تعاونت مع الحوثي، أو سكتت عنه، شريكة في تأجيج الصراع في اليمن. وهي ستجد نفسها، قريباً، في وضع يشبه حال القوى العراقية التي تماهت مع المشروع الأميركي. الأكيد أن اليمن لن يهدأ خلال السنوات العشر القادمة. الحوثي مصرّ على الحرب، واقتلاعه بالقوة لن ينجح من دون تضافر القوى اليمنية وعلى رأسها الجيش. لكن يبدو أن الجيش اليمني يسير على خطى شقيقه السوري.