د. أحمد برقاوي: عماؤنا اليساري: صفّقنا للخميني وعادينا الديمقراطية

888

عماؤنا اليساري: صفّقنا للخميني وعادينا الديمقراطية!
د. أحمد برقاوي/أورينت نت/الثلاثاء 23 آب 2022

أعرّف اليسار بأنه موقف أخلاقي ضد الاضطهاد الطبقي، والتمييز العنصري والحقد الطائفي، والهيمنة الإمبريالية على العالم، وتأييد الدفاع عن حقوق الإنسان. وقد جاء حين من الدهر تحوّلنا فيه -نحن اليساريين والقوميين- إلى أيديولوجيين نُعادي الديمقراطية باسم العداء للإمبريالية، ونؤيد الأصولية الشيعية باسم العداء لإسرائيل، وندافع عن أنظمة حكم الشيوعية السوفيتية وما شابهها في العالم الثالث. حين قام الخميني باستلام السلطة صفّقنا للخميني، فلم نكن نرى في شاه إيران إلا الحارس الأمريكي في الخليج، والاعتراف بإسرائيل.

عداؤنا لأمريكا وإسرائيل أعمانا عن رؤية خطر الخمينية على إيران والمنطقة العربية. وحين رُفع العلم الفلسطيني في قلب طهران طرنا فرحاً. ولم نكترث بتصفية حزب “توده” والليبراليين الإيرانيين، بل ولم نتخذ موقفاً أخلاقياً من الحرب الإيرانية العراقية، فجميع العراقيين الشيوعيين في دمشق وقفوا إلى جانب إيران. وأذكر حادثة ذات أهمية تبرز عماءنا اليساري الأيديولوجي آنذاك. بعد اغتيال حسين مروة برصاص حزب الله بأيام اجتمعنا في بيت الدكتور “طيب تيزيني” على شرف حضور الفيلسوف والشاعر الماركسي المحبوب “مهدي عامل”.

سُئل مهدي عامل كيف ستكون العلاقة بينكم وبين حزب الله وأمل بعد اغتيال حسين مروة، فأجاب: لا بد من التحالف معهم، نحن في معركة صعبة مع إسرائيل. فقلت له: من قتل حسين مروة سيقتل مهدي عامل، أخاف عليك. تبسّم مهدي بسمته الطفلية وأجابني: لا تخَف عليّ. لم يمضِ على اغتيال حسين مروة شهور حتى تم اغتيال مهدي عامل في 18 أيار /1987.

ولم تمض سنوات قليلة حتى صفّى حزب الله المقاومة الوطنية اللبنانية. لقد حرَم العماء الأيديولوجي مهدي عامل من أن يرى خطر حركة مليشياوية مسلحة تغتال أحد أهم عقول اليسار اللبناني آنذاك. وظل وعينا بالكفاح ضد إسرائيل واحتلالها لجنوب لبنان عامل غضٍّ للنظر عن أصولية حزب الله وطائفيته في مجتمع طائفي ودولة طائفية. إلى أن استفقنا وانهار الأساس الأيديولوجي لعمائنا، عندما تحوّل هذا الحزب إلى أداة إجرام بحق الشعب السوري.

هذا الحزب الذي أعتقد بأن الله ليس بحاجته وليس بحاجة إلى أي حزب باسمه.كان العماء الأيديولوجي وراء مشاركة اليسار العربي في المؤتمر القومي-الإسلامي حيث كان الأصوليون الإسلاميون الشيعة والسنّة، حماس والجهاد وحزب الله يتسيّدون المؤتمر بخطاباتهم. لم نكن نميّز بين ضرورة العداء للعنصرية الصهيونية من جهة، وضرورة العداء للأصولية بكل أنواعها، كنا نعادي الإخوان المسلمين ونصفّق لحماس ولحزب الله.

*الصورة المرفقة هي للقائد للشيوعي مهدي عامل الذي يعتقد أن حزب الله اغتاله