علي حماده: حزب الله: ولّى زمن النصر الإلهي/احمد عياش: إيران تمنح نصرالله إجازة

379

 إيران تمنح نصرالله إجازة
احمد عياش/النهار/15 آب 2015

إطلالة الأمين العام السيد حسن نصرالله امس على جمهوره في وادي الحجير في الجنوب كانت محاولة من “حزب الله” للهروب الى التاريخ بعدما أصبح الحاضر صعبا. ومن سعى في دوائر الحزب الى استعادة مؤتمر وادي الحجير عام 1920، أي قبل 95 عاما، لكي يرتب مناسبة الذكرى التاسعة لانتصار المقاومة في المواجهة مع إسرائيل إبان حرب تموز عام 2006، أراد أن يضرب ستارا على تورط الحزب المستمر في الحرب السورية. لذا، فإن استحضار الحزب هذا الماضي لم يكن موفقا. فمؤتمر وادي الحجير كان للتعبير عن ارتباط جبل عامل بمشروع الدولة العربية الواحدة ورفضا لمشروع تقسيم المنطقة العربية بين الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الاولى، في حين أن “حزب الله” اليوم يلعب دورا مناقضا لأهل ذلك الزمن من خلال تأييده للمشروع الامبراطوري لولاية الفقيه الايراني في وجه العالم العربي ومن خلال تأييده لمخطط تقسيم سوريا الى دويلات مذهبية بدلا من وحدتها.
لم تنته زيارة وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف للبنان “على خير” بالنسبة الى “حزب الله”. ومن الدلائل الصارخة امتناع المسؤول الايراني عن زيارة ضريح القائد العسكري الحاج عماد مغنية في الضاحية الجنوبية في بيروت. والسبب كما اتضح هو التزام طهران المعايير الاميركية في تصنيف الشخصيات في دائرة “الارهاب” ومنهم مغنية، كما شمل هذا التصنيف أيضا قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي زار موسكو سرا فلم تمرّ الزيارة على سلام في العلاقات الاميركية – الروسية.
على رغم أن زيارة المسؤول الامني البارز في النظام السوري اللواء علي المملوك لجدة قبل أسابيع لم تنته فصولا بعد، فإن جديدها بحسب المعلومات هو أن المبادرة السعودية لإخراج إيران و”حزب الله” من سوريا مقابل توقف السعودية وسائر دول الخليج عن دعم المعارضة السورية لم تخرج من التداول كليا. فالمملوك الذي ذهب برفقة نائب رئيس الاستخبارات الروسية الـKGB على متن طائرة واحدة الى المملكة عاد الى دمشق بالمبادرة السعودية التي خضعت لمراجعة بين طهران وموسكو وأنتجت على ما يبدو تأجيلا لحسم معركة الزبداني التي كلفت “حزب الله” خسائر كبيرة. وفي الوقت نفسه تلاقت حسابات إيران وروسيا على أن الاتفاق النووي بين إيران والغرب الذي يمرّ بمرحلة حرجة في المواجهة بين الرئيس الاميركي باراك اوباما وبين الكونغرس يتطلب خفض التوتر الذي من شأنه التشويش على الادارة الاميركية ومن ذلك إلغاء زيارة ظريف لضريح مغنية.
يتصرف “حزب الله” حاليا وكأنه في إجازة فرضتها المصلحة الايرانية – الروسية، تماما كما فعل سفير روسيا في لبنان الذي غادر في إجازة الى بلاده تستمر حتى الثلث الاخير من أيلول المقبل باعتبار ان محركات الاحداث الكبرى في المنطقة تعمل ببطء في انتظار جلاء المواجهة بين اوباما والكونغرس الشهر المقبل. وستقرر إيران متى يعود الحزب من إجازته السورية أو يمدّدها.

حزب الله: ولّى زمن النصر الإلهي
علي حماده/النهار/15 آب 2015
فيما كان كان “حزب الله” يحتفل بـ”النصر الإلهي” في حرب تموز ٢٠٠٦ بخطاب امينه العام حسن نصرالله السنوي التقليدي، كانت اجهزة الامن الكويتية تجمع مزيدا من الادلة الجرمية عن الخلية الارهابية التي جرى تفكيكها قبل يوم واحد والتي تؤكد ارتباطها المباشر بـ”حزب الله”. وفي الوقت الذي كان نصرالله يحاول عبر احتفال هذه السنة، وخطابه ايهام جمهوره ان “زمن الانتصارات” لم يول، كان ينفذ على الارض في سوريا للمرة الاولى وقفا لاطلاق النار في الزبداني المحاصرة في مقابل قريتي الفوعا وكفريا الشيعييتن وهما على شفير السقوط. وفي الوقت الذي كان نصرالله يحاول اللجوء الى براعته الخطابية، والى القدرات الاحتفالية التي يمتلكها حزبه لتظهير مشهد ينسي الكارثة التي تورط فيها في سوريا، كانت الانباء تتوالي عن قرب انهيار جبهة درعا البلدة التي لا تزال قوات بشار تسيطر عليها مدعومة من المليشيات التي تأتمر بإيران كـ”حزب الله”، والهزارة الافغان، ومعه باكستانيون. وفي الوقت الذي كان نصرالله يحاول تخدير الناس بحرب تموز ٢٠٠٦ وصمود حزبه ثلاثة وثلاثين يوما كانت لا تزال منازل مئات العناصر القتلى في سوريا متشحة بالسواد. اما الانباء عن تحاشي وزير الخارجية الايراني القيام بالزيارة التقليدية لكل مسؤول ايراني يزور “حزب الله” الى ضريح عماد مغنية، وهو على مسافة امتار من مكان لقائه مع حسن نصرالله مخافة ان يؤثر ذلك على تصويت الكونغرس على الاتفاق النووي، فأتت لكي تذكر ان دم اللبناني رخيص مهما علت الوظائف والادوار.

هذا العام اتى الاحتفال بـ”النصر الإلهي” على خلفية تردد ارقام مخيفة عن خسائر حزب الله” في عدوانه على السوريين تشير الى انها تجاوزت الفا واربعمئة قتيل، وخمسة آلاف جريح، الامر الذي لم يحصل في حرب تموز، و لا حتى في المواجهة مع الاسرائيليين خلال ما يقارب العقدين من الزمن. ارقام مخيفة لم يعد نصرالله ببراعته الخطابية، ولا بالامكانات الدعائية “الغوبلزية” التي يوظفها حزبه من حرف الانظار عنها في الوسط الشيعي الذي يكتشف اليوم ان حرب “حزب الله” في سوريا يستحيل الانتصار فيها، كما يستحيل تزوير الواقع على الارض طويلا، وبالتالي فلا مهرب من هزيمة “حزب الله” سوريا، وخصوصا ان نظام بشار غير قابل للتأهيل ببقائه، وان الاميركيين وحدهم يمتلكون مفاتيح بقائه ورحيله، وان المسألة تنتظر تظهير صورة لمرحلة ما بعد بشار لكي يتم دفعه الى خارج الساحة، وانهاء الازمة السورية بإتفاق سياسي تضمنه القوى الكبرى المعنية دوليا واقليميا.
في يوم “النصر الإلهي” سنة ٢٠١٥ يمكن القول ان زمنه ولى، والطامة الكبرى في انقلاب الادوار داخليا: فبعدما كان “حزب الله” يحتمي بشعبية عون المسيحية، بات عليه ان يضيف الى اعبائه الوجودية عبء انتشال عون الغريق، وذلك بعد مهزلة تظاهرتيه الاخيريتين ليعلن نصرالله: “لن نترك عون ينكسر”!
حقا ان الزمن قلّاب!