الياس الزغبي: حلم ليلة حلّ… نعم لقد اقتربنا من ساعة الحقيقة. فلا خروج لنا من ضائقتنا الكيانية والوجودية إلّا بشراكة الإرادتين اللبنانية والدولية، وبالحياد المزدوج عن صراعات المَحاور في الخارج، وصراعات الطوائف وفجع طبقة الحكّام في الداخل

137

حلم ليلة حلّ..
 الياس الزغبي/28 آب/2020
*أليست “الشيعوية السياسية والعسكرية” المتحكّمة الآن هي آخر تجارب الطوائفيات السياسية في الهيمنة على هذا الوطن المتعدد والمتنوع والفريد في تكوينه ورسالته؟
*نعم، لقد اقتربنا من ساعة الحقيقة. فلا خروج لنا من ضائقتنا الكيانية والوجودية إلّا بشراكة الإرادتين اللبنانية والدولية، وبالحياد المزدوج عن صراعات المَحاور في الخارج، وصراعات الطوائف وفجع طبقة الحكّام في الداخل.

إذا كان الجميع أدرك عجزه عن وضع تصوّر، أو خطة طريق لإنقاذ لبنان، وإذا كان “حزب اللّه”، برغم كل الغطاء الإيراني والداخلي اللبناني المرتزق، حصد فشلاً متكرراً في حكوماته الأحادية، وأصبح ملدوغاً من جحر الفشل غير مرة، ولم يعد في وسعه الهروب إلى الأمام، إلّا بخطوة سياسية عسكرية عاشورائية متهورة غير مضمونة العواقب، عليه قبل سواه.

وإذا كانت الطبقة السياسية برمّتها فشلت في حكوماتها تحت مسمّى الوحدة الوطنية، وإذا كان العالم يرفع شعار “ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم”، ويحذّر بوضوح من “زوال لبنان” مع ابتداء مئويته الثانية، ولا يقدّم حلولاً حاسمة، بل يحثّ الطبقة نفسها على الاصلاحات السريعة…

فما هو الحلّ إذاً؟ ومَن هي الجهة المخوّلة القادرة على اجتراحه وتنفيذه؟

للجواب على هذين السؤالين يجب أولاً التسليم بحقيقة حاسمة: هذه الطبقة الحاكمة باتت خارج السياق والسباق، وهناك حقيقة واحدة ثابتة هي الأرض، بما تعنيه من جغرافيا وديمغرافيا.

الشعب اللبناني هو الحقيقة المتجذرة في الأرض،  وعليه يقوم رهان الحل.

ولكن كيف؟ تحت نير السلطة المتحكّمة نفسها؟ وتحت تعدد مجموعات الثورة وتناقضاتها؟

الجواب عند الإرادة الدولية، وفي طليعتها فرنسا. والمطلوب هو في تلاقي هذه الارادة مع إرادة اللبنانيين الأحرار، على غرار ما حصل في ربيع ٢٠٠٥.

ولكن، ما هو وضع السلطة الحاكمة؟ طالما أن الانقلاب عليها، أو إقناعها بالاستقالة، أمران صعبان أو ممنوعان، فإن العالم مدعو إلى تكليفها وظيفة إدارية مؤقتة، أي يكون دورها إنتقالياً، فيُفرض عليها التوقيع على إجراءات سياسية ودستورية.

وفي طليعة هذه الإجراءات: حكومة انتقالية من شخصيات مستقلة فعلاً وذات إرادة حرة في الانقاذ، تكون مهمتها، بصلاحيات خاصة، مثلّثة الأبعاد:
– إعادة إعمار سريعة وواسعة
– البدء فوراً بإصلاحات قاطعة وجذرية لكل قطاعات الدولة

– إجراء انتخابات عامّة على قانون خالٍ من شوائب القانون الراهن. ولا تستطيع السلطة الاختباء وراء ادّعاء عدم القدرة على انتاج قانون جديد كان يتطلّب منها سابقاً سنوات للاتفاق عليه.

بعد ذلك، يُعيد مجلس النواب الجديد إنتاج حكومة ورئاسة جمهورية جديدتين تُعيدان بناء لبنان على نظام حياد دولي، لا سلاح فيه إلّا للدولة اللبنانية، ولا ميلشيات ذات أجندات خارجية.

ولكن، ماذا عن النظام السياسي الداخلي بين اللبنانيين؟ في ظل الحياد الدولي يصبح اتفاق اللبنانيين على نظامهم السياسي أكثر سهولة، فيستطيعون بعقول باردة ابتداع صيغة حياة لإدارة شؤونهم، تتراوح بين نظام مركزي مدني حديث يصل إلى حد العلمانية، وبين نظام لامركزي يصل إلى حد الفيدرالية.

فتحديد طبيعة علاقتهم البينية هو شأنهم بحرية كاملة.
وسهولة التوصل إلى اختيار صيغة الحياة بين اللبنانين تكون ناتجة عن فك ارتباطهم بالخارج، تمويلاً وتسليحاً وعقيدة، وتواضع شهواتهم في السيطرة على لبنان والتفرد في حكمه.

أليست “الشيعوية السياسية والعسكرية” المتحكّمة الآن هي آخر تجارب الطوائفيات السياسية في الهيمنة على هذا الوطن المتعدد والمتنوع والفريد في تكوينه ورسالته؟

نعم، لقد اقتربنا من ساعة الحقيقة. فلا خروج لنا من ضائقتنا الكيانية والوجودية إلّا بشراكة الإرادتين اللبنانية والدولية، وبالحياد المزدوج عن صراعات المَحاور في الخارج، وصراعات الطوائف وفجع طبقة الحكّام في الداخل.
فهل نحلم؟