الدكتورة رندا ماروني: فول ومكيول

412

فول ومكيول
الدكتورة رندا ماروني/28 كانون الثاني/19

لقد حاول النظام الإيراني الاستخفاف بمؤتمر وارسو، فبعد إعلان وزير الخارجية الاميركي بومبيو عن مؤتمر سيعقد في العاصمة البولندية في الثالث عشر والرابع عشر من شهر شباط القادم بمشاركة العديد من الدول، أكد النظام الإيراني عدم قدرة هذا المؤتمر على التأثير ولكن ردود الفعل العصبية وما ورد في وسائل الإعلام الإيرانية وتصريحات المسؤولين الإيرانيين تعكس آثار الإرتباك والخوف مما هو قادم.

فلقد عمل النظام بداية على الاستخفاف بمؤتمر وارسو ولكن ردة فعله لاحقا أظهرت مدى الإرتباك والخوف، حيث عمل على استدعاء سفير بولندا في الثالث عشر من الشهر الجاري، إلا أنه في غياب السفير وحضور القائم بالأعمال في السفارة قدم الاحتجاج، كما ألغى النظام أسبوع السينما البولندية في طهران الذي كان من المقرر عقده في مهرجان فجر السينمائي المقرر عقده في العاشر من الشهر المقبل، كما هدد وزير خارجية النظام الإيراني بتدمير مقبرة البولنديين المهاجرين في ايران، مما يعكس مدى الخوف من مؤتمر حضرت له الولايات المتحدة الأميركية وعملت على تشكيل تحالف مع العديد من الدول من آسيا وأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط مع توقع مشاركة عدد كبير من الدول، هادفة إلى التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار والحرية في الشرق الأوسط والاطمئنان من أن النظام الإيراني لن يكون قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة حسب ما ورد على لسان بومبيو، كما أن عقد المؤتمر في وارسو الأوروبية قد وضع الدول الأوروبية أمام الخيار في الوقوف مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع الإرهاب الحاكم بإسم الدين في إيران حيث لا خيار ثالث.

وقد شكل ما أدلى به لودريان لفتة الى خطورة الوضع خصوصا لجهة تحذيره إيران بشكل مباشر من التبعات المترتبة على سياساتها في تطوير برامجها الصاروخية وزعزعة استقرار المنطقة ودعم المجموعات الإرهابية في أوروبا، وهناك إشارات تدل على إتجاه عدد كبير من دول العالم لمقاطعة النظام الإيراني وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية وخاصة بعد الفضائح السياسية والمخابراتية والاقتصادية التي باتت معروفة مما يدفع بالعديد من الدول النأي بنفسها عن العلاقة مع هذا النظام، فأقدمت الحكومة الألمانية بإلغاء طيران “ماهان” المتعلقة بقوات الحرس وهو إجراء جاء بعد إستدعاء القائم بالسفارة الإيرانية احتجاجا على عملية التجسس الأخيرة التي قامت بها المخابرات الإيرانية عن طريق ألماني من أصل أفغاني، تزامن هذا مع معلومات عن وجود مليون برميل نفط إيراني لا يرغب أحد بشرائه، وكل ما يدور قبيل مؤتمر وارسو تثير قلقا كبيرا لدى السلطة الإيرانية وتذكر بالفترة التي سبقت سقوط نظام الشاه لا بل بالمقارنة لواقع إيران اليوم هو الأسوأ من جميع النواحي.

هذا بالنسبة لايران، أما بالنسبة لسوريا فإن قانون قيصر الذي أقره مجلس النواب الأميركي فرض عقوبات على النظام السوري وداعميه ووصف الأسد بالمجرم الفريد من نوعه ووثق جرائمه بالصور بل تم بث الكثير منها بثا حيا، جاء بموجب “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” نسبة للمصور العسكري المنشق قيصر الذي سرب ٥٥ الف صورة ل١١ الف معتقل عذبوا حتى الموت في سجون الأسد احتوت الصور على أشخاص قد تم سلخ بشرتهم واحتلال أعينهم من أماكنها وتم تهشيم أسنانهم وأفواههم مع بتر الأطراف، سيفرض الرئيس الاميركي عقوبات جديدة على كل شخص يتعامل مع نظام الأسد أو يوفر له التمويل ويتضمن القانون أسماء بشار الأسد وزوجته ومسؤولين في الأمن وقادة عسكريين في سلاح الجو والاستخبارات العسكرية بالإضافة إلى المصرف المركزي السوري ويمكن للرئيس الأميركي أن يتخلى عن العقوبات أو يوقفها في حال توقف العنف والانخراط في تفاوض حقيقي، ينتظر قانون قيصر موافقة مجلس الشيوخ حتى يصبح ساريا وملزما للرئيس الأميركي.

كما أثارت العقوبات التي فرضتها مجلس الاتحاد الأوروبي مؤخرا أعمدة اقتصاد نظام الأسد والمتمثلة ب ١١ رجل أعمال و٥ شركات سورية التساؤلات حول طبيعة الدور الذي يلعبه هؤلاء في دعم نظام بشار الأسد، وبحسب البيان الصادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي فإن العقوبات شملت كلا من سامر زهير الفوز الذي يعتبر واجهة نظام الأسد الاقتصادية وشارع رجل الأعمال المعروف رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد كما شملت ذراعي الفوز وهم خلدون الزعبي وحسام قاطرجي وشركائه وهم بشار عاصي وأنس طلس وخالد زبيدي ونادر قلعي ومازن الترزي إضافة إلى حيان قدور ومعن هيكل ونذير جمال الدين، وتظهر العقوبات بأن الشركات الخمس التي شملتها العقوبات هي شركات يديرها هؤلاء وهي أمان دمشق، وروافد، وميرزا، وبنيان دمشق والمطورون، كما أن جميع هذه الشركات حديثة الولادة وتهتم بمشاريع إعادة الإعمار واستيراد وتصدير النفط والسيارات والحبوب.

هذا الواقع الذي يواجهه النظامين الإيراني والسوري إضافة إلى ما شهدته الحدود الجنوبية من تدمير للانفاق ومن استكمال عملية بناء الجدار العازل، كل هذا لم يمنع السيد حسن نصرالله من الظهور كعادته لإعلان نصر محوره متوعدا إسرائيل بالصواريخ الدقيقة دون أن يكون ذلك إعلانا بالحرب عليها وليتطرق بعد جولته المكوكية وأخباره الاستراتيجية عرضا للشأن اللبناني وليحدد عقدتين تواجهها تأليف الحكومة هما توزير اللقاء التشاوري وتوزيع الحقائب، مطالب لا رجوع عنها نصرتا لحلفائه الموضوعين فيما الانصياع هو من نصيب حلفائه الطارئين وما تقولوا فول تايصير بالمكيول فبين الفول والمكيول طار البلد وحلق بالمجهول.
فول ومكيول
تحليق بالمجهول
طار البلد
وبرئ المسؤول
تمم الاعلان
وأبلغ الرسول
وما على السامع
إلا المثول
للواجب الوطني
دون عدول
وإعلاء الصوت
مدى الحقول
بمثابرة وثبات
دون أفول
لردع الظلم
حتى يزول
اشباه هولاكو
وعصر المغول
لم يتركوا انطباعا
إلا الذهول
طار البلد
وبرئ المسؤول
تمم الإعلان.