الوفد المصرفي يسأل واشنطن عن المستهدفين مع حزب الله/أزمة مالية تنخر حزب الله وسياسة التقشف إنطلقت/اميل خوري: أسئلة الكتائب لكل مرشّح للرئاسة تجعـل الامتحان لبنانيّاً وليس سوريّاً

221

الوفد المصرفي يسأل واشنطن عن المستهدفين مع “حزب الله”
عزة الحاج حسن/المدن/ الأحد 24/01/2016

يباشر الوفد المصرفي اللبناني لقاءاته في واشنطن الإثنين في 25 كانون الثاني، في زيارة “شبه روتينية” من حيث الشكل، لكنها تختلف عن سابقاتها من الزيارات واللقاءات المصرفية من حيث المضمون، وأكثر ما يميّزها حمل الوفد الزائر في جعبته “القانون الأميركي 2297” الذي يفرض عقوبات على “حزب الله” وتعاملاته المالية، بهدف بحث مفاعيله على القطاع المصرفي والإقتصاد اللبناني عموماً، والأهم من ذلك لمحاولة استطلاع “مروحة المستهدفين” من القانون، الى جانب بحث العديد من الملفات المصرفية. الوفد المصرفي الذي يرأسه رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، يتجه الى إطلاع اركان القطاع المصرفي والمالي في الولايات المتحدة الأميركية وفي مقدمتهم وزارة الخزانة، على أهمية القوانين المالية الأربعة التي أصدرها مجلس النواب اللبناني أخيراً، والتي تصب في خانة تفعيل دور القطاع المصرفي اللبناني في عمليات مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، والتزامه بقواعد العمل والمعايير المصرفية والمالية العالمية مرعية الإجراء، لاسيما الأميركية منها. وفي حين يصرّ البعض من المصرفيين على إدراج الزيارة الى واشنطن في سياق تمتين علاقات المصارف اللبنانية مع المصارف المراسلة الأميركية، والتواصل مع السلطات الرسمية والمراجع المالية والنقدية الاجنبية فقط، يرى الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح في حديث لـ “المدن” أنه من الطبيعي إثارة الجانب الأميركي مواضيع تمويل الإرهاب وتبييض الأموال مع الوفد المصرفي اللبناني، من خلال الإطلاع على القوانين المالية التي أقرت حديثاً في سبيل التأكد من التزام لبنان بالقوانين الدولية والاتفاقيات المرتبط بها في ما يخص مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، خصوصاً تلك الصادرة عن مجلس الامن الدولي او الامم المتحدة او اي مؤسسة دولية اخرى، لعل ذلك “يجنّب لبنان الضغوط التي تمارسها واشنطن على القطاع المصرفي لما لها من تأثير سلبي على الاقتصاد عموماً”. وعن القانون الاميركي الاخير الذي تفرض بموجبه واشنطن عقوبات على المصارف اللبنانية التي تتعامل مع “حزب الله”، يؤكد فتوح وضعه على طاولة البحث، ويستبعد اعلان لائحة أسماء المصارف والأشخاص المستهدفين في الوقت الراهن على الرغم من ترقّب الجميع لـ”اللائحة السوداء”، مرجّحاً الإعلان عنها بعد نحو شهرين، لاسيما أن إعلانها يستلزم رفع تقرير للرئيس الأميركي باراك اوباما الى الكونغرس. ورغم انخراط القطاع المصرفي اللبناني بقوّة في الحملة العالمية لمكافحة تمويل الارهاب وتبييض الاموال يحرص الوفد المصرفي اللبناني وفق مصدر مصرفي لـ”المدن” على التأكيد للسلطات الأميركية على عدم وجود حسابات مصرفية باسم “حزب الله” أو تابعة له في أي من المصارف اللبنانية. وإذ يرى المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن المصارف اللبنانية تلتزم بالتعاميم والقوانين والتشريعات الدولية منذ سنوات وتتقيّد بها لحماية القطاع المصرفي والمودعين فيه، يؤكد تشدّدها في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتخصيصها أقساماً ودوائر خاصة في المصارف كافة مهمتها متابعة ومراقبة حسن تطبيق القوانين والتشريعات المحلية والدولية المعنية بتبييض الأموال ومكافحة الإرهاب. أما فتوح فيذكّر بتشدّد مصرف لبنان في عملية الرقابة على المصارف، الى جانب التعاون الوثيق بين القطاع المصرفي اللبناني عموماً والبنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف في مختلف المجالات، لاسيما في مواجهة عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب. ومن المرتقب أن يعقد الوفد الصرفي اللبناني لقاءات مع مسؤولين في المجلس الاحتياطي الفدرالي ومع المدراء التنفيذيّين في عدد من المصارف الأميركية المراسلة كبنك أوف نيويورك، وسيتي بنك، وجي.بي.مورغن، وستاندرد تشارترد بنك.

 

أزمة مالية تنخر “حزب الله”.. وسياسة التقشف إنطلقت!
سامي خليفة/المدن/الأحد 24/01/2016
تتفاقم المشاكل المالية في “حزب الله” يوماً بعد يوم نتيجةً للصراعات المحتدمة في المنطقة، وتحول الحزب الى طرف محارب على أكثر جبهة ملتهبة، وتدهور أسعار النفط الذي أثر على الممول الإيراني، وإذ يتطلع الحزب للإتفاق النووي كبارقة أمل، فإن أصواتاً كثيرة في واشنطن تقول أن أميركا ستكون بالمرصاد وتخيب توقعات الحزب عن طريق مزيد من العقوبات، ما يفرض على الحزب تحدياتٍ كبيرة وصعوباتٍ في رسم صورةٍ غير ضبابية للميزانية المتناقصة. المشاكل المالية التي يعاني منها الحزب أصبحت جلية، وتتحدث عنها البيئة الحاضنة باستمرار في شوارع ومقاهي الضاحية، خصوصاً بعد أن خفضت مؤسسات الخدمة الاجتماعية نفقاتها، مما أدى الى انخفاض عدد المستفيدين من خدماتها، وبعد ان توقفت البطاقات الصحية، التي تشبه نظام الضمان الاجتماعي، عن توفير الخدمات لأقارب المنتسبين، كما كانت تفعل، وبعد أن سحبت بطاقة “نور”، التي تعطي حاملها خصومات كبيرة في بعض المحلات التجارية، من عدد كبير من أعضاء الحزب وأسرهم. يضاف الى كل هذه المؤشرات التأخر المستمر في صرف الرواتب، ودفع جزء منها لبعض المتعاقدين، على ان يتم دفع الأموال المتبقية، كمفعول رجعي، عند حلّ الأزمة. يستخدم “حزب الله” أسلوب المكابرة في التعليق على الأزمة المالية التي تعصف به. وتشير مصادره لـ”المدن” إلى أن “ما يجري لا يتعدى كونه تأخيراً متعلقاً بالإجراءات الروتينية وبالوضع الإقتصادي العام الذي تشهده المنطقة”، نافيةً أن يكون للعقوبات الأمريكية وللحرب السورية التأثير الكبير الذي يتكلم عنه الشارع المؤيد والذي تتداوله وسائل إعلام معينة.
لكن أبعد من نفي الحزب، بدأت الأزمة تطال عصب مشروع “حزب الله”، خصوصاً بعد ان تم تخفيض التعويضات التي تمنح لأهالي من يقضون في المعارك، وذلك إلى نحو 25 الف دولار، بعدما كانت سابقاً تناهز الـ50 الف دولار، أو حتى شراء منزل لعائلة المقاتل اذا كان متأهلاً قبل وفاته.
أسباب الأزمة المالية كثيرة. وبحسب مكتب التحقيق الفدرالي الأميركي كانت إيران تمول “حزب الله” بما يقدر بـ100 مليون دولار قبل العام 2005، قبل أن يتضاعف بعد الإنسحاب السوري من لبنان، وتعاظم دور الحزب داخل وخارج لبنان، لكن مع انخفاض العائدات النفطية، والعقوبات على مختلف القطاعات الإيرانية، والتي كلفت إقتصاد طهران نحو 160 مليار دولار، منذ العام 2012، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9 %، وقرار الحكومة الإيرانية زيادة الإنفاق العسكري بنسبة 33.5%، اضطرت القيادة في طهران إلى خفض تمويل الحزب بنسبة 40% خلال العام 2015، وسط تخوف من أن تنفق إيران الأموال التي ستحصل عليها مع بدء تنفيذ الاتفاق النووي على الاقتصاد وشراء الأسلحة، كالصفقة التي يتداول عنها الإعلام بقيمة 21 مليار دولار مع روسيا. هذا العامل تضاف إليه العقوبات الأمريكية على رجال الأعمال المقربين من الحزب خارج الحدود، والملاحقة المستمرة، كلها أدت الى تدهور الحال، على الرغم من دخول الرئيس نبيه بري على الخط، من خلال تشكيل لجنة نيابية، الا ان الحزب لا يُعول على هذه اللجنة كثيراً، لأن القرارات السابقة والمتوقعة تصدر من الكونغرس، وهي مُلزمة، ولا يمكن إلغاؤها، فيما الغاية المرجوة من حركة  اللجنة يبقى في إطار الحد من مخاطر العقوبات القادمة على الوضع المالي في لبنان، ما يعني أن الحزب سيستمر بالتضحية بالخدمات الاجتماعية، والصحية، لحساب الميزانية العسكرية، التي تتزايد بسبب الانخراط في حرب يبدو انها ستطول، مع ما يرافق، هذه الحرب، من تكاليف وتعويضات ضخمة، دفعت الحزب لترتيب اولويات الميزانية، الأمر الذي روج له الأمين العام السيد حسن نصرالله بالطلب من المجتمع التضحية حتى يتحقق النصر. يدفع الحزب تكاليف باهظة سنوياً نظراً لإمتلاكه مؤسسات كثيرة من بينها وسائل الإعلام. فميزانية قناة “المنار”، التي فُرضت عليها عقوبات مؤخراً، كانت لا تقل عن 15 مليون دولار سنوياً، وتم تقليصها بشكل كبير مؤخراً. كما ازداد الضغط على مؤسسة “الشهداء”، ومؤسسة “الجرحى، على الرغم من تزايد أعداد الإصابات بشكل مضطرد مؤخراً، عدا عن امتلاك الحزب لمستشفيات عديدة، و12 مركزاً صحياً، ومدارس، تضم نحو 15000 طالب، معظمهم حاصل على مساعدات مالية، أو منح دراسية. وعلى قاعدة ان الصفقة بين إيران والغرب ستجعل من “حزب الله” أقوى، ينظر الحزب بكثير من الإيجابية لبداية تطبيق الاتفاق، وحصول ايران على 100 مليار دولار من الأموال المجمدة، ما سيمكّن الحزب، حسب اعتقاده، من حلحلة الأزمات المتفاقمة، وإعطاء زخم جديد، لكن للإدارة الأمريكية رأياً اخر، خصوصاً انه بعيد توقيع الاتفاق النووي عقد ادم زوبين، وكيل وزارة الخزانة بالإنابة لشؤون الإرهاب والجرائم المالية، لقاءات مع مسؤولين اسرائيليين لبحث استفادة الحزب من الصفقة النووية، وأعلن المبعوث الإسرائيلي إلى واشنطن رون ديرمر ان اسرائيل ستكون مستعدة لمناقشات تمهد لاتفاق رسمي لخطة شاملة مشتركة مع واشنطن، التي تسعى لمنع الحزب من الاستفادة لأسباب تتعلق برؤيتها للعمليات الإقليمية والدولية للحزب، والتي قد تتزايد بعد تدفق الأموال، خصوصاً بعد إشارة الولايات المتحدة لدور أكبر مفترض للحزب في اليمن، عن طريق خليل حرب، القائد السابق للعمليات الخاصة والمستشار المقرب من نصرالله، ما تمخض عنه عقوبات قاسية على الحزب وملاحقة دقيقة للممولين المحتملين في أفريقيا، ودول أخرى، لتجفيف منابع التمويل، ستتبعها عقوبات أوسع بشكل تطمح أميركا من خلاله الى شل الحزب مالياً.

 

أسئلة الكتائب لكل مرشّح للرئاسة تجعـل الامتحان لبنانيّاً وليس سوريّاً
اميل خوري/النهار/25 كانون الثاني 2016
الأسئلة التي طرحها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ليجيب عنها كل مرشّح للرئاسة هي أسئلة من حق كل لبناني أن يطرحها مع غيرها كي يطمئن الى مستقبل لبنان والى انه سينعم في ظل حكم يثق به بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الثابت والدائم. لقد ولَّى زمن اخضاع كل مرشّح للرئاسة في لبنان لامتحان سوري أو غير سوري يطرح أسئلة عليه، وفي ضوء أجوبته يتقرّر تأييد ترشيحه أو رفضه. والأسئلة السورية التي كانت تتوالى على المرشّحين للرئاسة في لبنان بدأت بسؤال: “هل توافق على بقاء القوات السورية في لبنان من أجل حفظ الأمن والاستقرار فيه؟”، وأن لا يطلب خروجها منه إلا بموافقة حكومة “وحدة وطنية” والاصرار على أن تكون كذلك لكي يعطّل الوزراء الذين ينتمون الى أحزاب موالية لسورية أي قرار في هذا الشأن. وقد اعترض العميد ريمون إده في حينه على تشكيل مثل هذه الحكومة لأنها ستعطّل اتخاذ أي قرار يدعو الى انسحاب القوات السورية من لبنان بعد مرور مدة السنتين المحدّدة في اتفاق الطائف وإلاّ اعتبرت قوات احتلال. لكن الأكثرية النيابية لم تأخذ برأي إده عندما صادقت على هذا الاتفاق فكانت النتيجة ان القوات السورية ظلّت 30 عاماً في لبنان وهو خاضع بوجودها للوصاية السورية التي كانت ترغم كل حكومة يتم تشكيلها على أن تورد في بيانها الوزاري العبارة “الخالدة” وهي: إن وجود الجيش السوري في لبنان هو “شرعي وضروري وموقت”. وقد استبعد إده عن رئاسة الجمهورية لأنه رفض بقاء هذا الجيش في لبنان رغم تأييد أميركا ذلك. أمّا السؤال السوري الآخر الذي طرح على كل مرشّح للرئاسة في لبنان فهو: “هل توافق على إخراج العماد ميشال عون بالقوة العسكرية من قصر بعبدا إذا لم يخرج منه طوعاً؟”. فمن رفض استبعد عن الرئاسة، ومن وافق صار رئيساً، ليس لست سنوات فقط بل لتسع سنين… وبعدما خرجت القوات السورية من لبنان بانتفاضة شعبية عرفت بـ”ثورة الأرز” أصبح السؤال المطروح على كل مرشّح للرئاسة هو: “هل توافق على بقاء سلاح حزب الله لأن ثمّة حاجة اليه من أجل تحرير الأراضي اللبنانية التي تحتلها اسرائيل؟”، فمن أجاب بالموافقة أصبح رئيساً للجمهورية، وأن لا يتم تشكيل أي حكومة إلاّ إذا ورد في بيانها الوزاري “العبارة الثلاثية الذهبية” وهي: “الجيش والشعب والمقاومة”. لذلك آن الأوان لأن تكون للمرشّح لرئاسة الجمهورية أجوبة واضحة وصريحة عن الأسئلة التي طرحها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل وغيرها، لأن المطلوب رئيس لا ولاء له إلا للبنان ولا مصلحة له إلا مصلحة لبنان، رئيس إذا لم يكن مع أي محور في المنطقة لتجنّب الصراعات على أرض لبنان، فضلاً عن انقسام اللبنانيّين بين المحاور كما هم اليوم، فليكن تحييد لبنان هو السياسة الصارمة التي يجب انتهاجها، وأن تكون هناك ثقة بالرئيس الذي يطبّقها فلا يكون معروف عنه أنه يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، إذ ليس كل من يقول بشفتيه “يا رب يا رب” يدخل ملكوت السماوات، وليس كل من يقول بشفتيه انه مع سيادة لبنان واستقلاله وحرية قراره يدخل قصر بعبدا، خصوصاً إذا كان معروفاً بسوء ادائه. لذلك يمكن القول أن لبنان دخل زمن امتحان كل مرشّح للرئاسة بأسئلة لبنانية، والقبول بترشيحه يتوقف على أجوبته عنها لأن زمن اخضاع كل مرشّح للرئاسة لأسئلة غير لبنانية أو لا تعني لبنان قد تولّى، وحان الوقت لانتخاب رئيس له مواقف صريحة وواضحة حول سياسة لبنان الداخلية والخارجية، وليس سوى سياسة تحييده ما يجنّبه الانقسامات الداخلية والتبعية الخارجية ويحصّنه ضد كل تدخّل. وبما أن لبنان هو عضو في جامعة الدول العربية، فان عليه ألاّ يصوّت مع هذا الطرف أو ذاك، بل يصوّت عندما يكون اجماع ويمتنع عن التصويت عندما يكون خلاف. لقد آن أوان أن يأتي رئيس يعمل لمصلحة لبنان أولاً وأخيراً، ولا يظلّ يأتي رئيس بارادة هذا الخارج أو ذاك ويضطر الى العمل لمصلحة هذا الخارج وتقديمها على مصلحة لبنان.