عماد قميحة: سايكس بيكو وجدلية حزب الله//وسام الأمين:اوطان لن ينقذها الاّ سايكس بيكو

379

 سايكس بيكو وجدلية حزب الله
عماد قميحة/جنوبية/السبت، 13 يونيو 2015

اعتبرت اتفاقية سايكس بيكو مؤامرة قسّمت الدول العربية. في الحقيقة يجب زيارة اضرحة سايكس وبيكو وتمجيدهما لوضع هذه الحدود، ففي انفسنا حدود مرسومة قبل سايكس وبيكو.
ما برحت الحركات الاسلاموية والقومية معها، ومنذ توقيع اتفاقية تقاسم النفوذ بين فرنسا والمملكة المتحدة في مايو (ايار) 1916 بين الدبلوماسي الفرنسي جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس حتى يومنا هذا الى اعتبار هذه الاتفاقية بمثابة المؤامرة التقسيمية التي قطعت اوصال الامة من اجل اضعافها كما يدعون.
طبعا هذا الادعاء الخيالي المؤامراتي فيه الكثير من الخداع والتلفيق المغاير للواقع شأنه شأن الكثير من الشعارات الخطابية التي لا يراد منها الا مخادعة الجماهير باساليب دنيئة لتحقيق مآرب ذاتية ليس الا، وهذا ما يثبته التاريخ والجغرافيا لاي عارف بهما. أما المفارقة الغريبة هي ان الاستعمار الذي غالبا ما اتهم بفرض التجزئة والتقسيم، يمكن بسهولة اكبر اتهامه بفرض التوحيد، واحيانا بالمبالغة في ذلك، فالذين صاروا عراقيين، او لبنانيين، كانوا كما يدلل التاريخ والحاضر سينشئون كيانات أصغر بكثير فيما لو تُركوا لشأنهم حينذاك، تماما كما يحصل الان.
مع الإشارة هنا الى ان هذه الاتفاقية (سايكس بيكو) كان يجب التعاطي معها كمحطة ضرورية تجسد المدماك الأول في مفهوم بناء الدولة الحديثة، خصوصاً وان بلاد “الاستعمار” قائمة على موازين الحدود فيما بينها، ولكن بدون اعتبارها مؤامرة بل كتقسيمات ضرورية.
على حزب الله الان قبل الغد ان يعود الى أحضان الوطن واعتبار مفهوم الدولة بالمعنى الحديث للكلمة
وحزب الله في هذا المجال هو واحد من هذه الحركات التي لا تؤمن بحدود الأوطان ولا يقيم لها أي وزن وذلك بخلفية عقائدية. ومن هنا وعلى ضوء هذا الفهم الخاطئ كان حزب الله يعمل دائما على منع ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وكلنا يذكر حينها كيف عمل جاهدا من اجل منع حصول هذا الترسيم تحت حجج واهية كان واحدة منها هو مطلب بدء الترسيم من منطقة الحدود الجنوبية المحتلة.
وعليه فلم يجد حزب الله أي حراجة تذكر بالذهاب للقتال في سوريا او في أي مكان اخر ومن هنا أيضا رفع الحزب شعار توحيد الجبهات بين الجنوب اللبناني وبين الجنوب السوري واعتبارهما جبهة واحدة، حتى وان بقيى شعار فتح جبهة الجولان من قبل الحزب لا يعدو اكثر من كونه شعارا تجيشيا لم يسمن ولم يغن من جوع، ولم يكن له أي اثر عملي الا ان هذا لا يعني بان طرحه غير مستند لاديولوجيا قائمة على رفض مفهوم الحدود.
المفارقة الغريبة ان الاستعمار غالبا ما اتهم بفرض التجزئة والتقسيم، يمكن بسهولة اتهامه بفرض التوحيد
وللأسف فان تدهور الأوضاع الميدانية على الساحة السورية لصالح القوى المناوئة لنظام بشار الاسد وتراجع معارك حزب الله الى منطقة القلمون وجرود عرسال فرض كل ذلك على الحزب ادبيات مختلفة. فصرنا نسمع فجأة بان الحزب يدافع عن “الحدود اللبنانية” التي رفض هو ترسيمها من قبل، وصار ينادي بجبهة تحمي لبنان بعدما كان هو من وحدّ الجبهتين.
هذه المغالطات التي مارسها الحزب وفرضها على اللبنانيين، سوف يعاني منها لبنان في المرحلة المقبلة، خصوصاً ان الحركات التكفيرية التي ادعى الحزب انه يحاربها تحمل المفهوم نفسه والاعتقاد نفسه باعتبار ان هذه الحدود الوطنية انما هي مؤامرة استعمارية يجب تحطيمها.
حزب الله راس بعلبك
وعليه نكرر للمرة المليون بان على حزب الله الان قبل الغد ان يعود الى أحضان الوطن واعتبار مفهوم الدولة بالمعنى الحديث للكلمة انما هي تدبير انساني متطور لا علاقة له بالمفاهيم الدينية، تماما كما تفعل ايران، وبان اول مشوار العودة لا يكون بارجاع مقاتليه من سوريا فقط، بل بالرجوع عن مفاهيم بالية لم تجلب لنا وللمنطقة من حامليها سوى البؤس والمزيد من التشرذم وذلك عبر القول والاعتراف بان سيكس بيكو كانت بمثابة النعمة على المنطقة وليست نقمة ولا معنى لاحترام الدولة بدون احترام حدودها.

 

اوطان لن ينقذها الاّ سايكس بيكو…
وسام الأمين/جنوبية/السبت، 13 يونيو 2015

وإذ تتلاشى الأوطان في بلادنا، وتنكشف عورات الشعوب العربية المسلمة التي كانت قد ثارت بداية على حكامها المستبدين قبل ان تغريها الطائفية وتتوحّش لتقوم تنهش بعضها بعضا، فإنه أصبح يخشى أن تزول تلك الأوطان وتنقسم بدورها الى كيانات مذهبية وعرقية بشكل نهائي.
فعهد الدكتاتوريات العسكرية المغلّفّة بالشعارات القومية والاشتراكية ذهب دون رجعة، ولكن المؤسف أن اللحمة الوطنيّة في اقطارنا العربية والتعايش بين الأكثريات والأقليات الدينية والعرقية يبدو أنه ذاهب دون رجعة أيضا.
تعرّت الشعارات الوطنيّة والقوميّة فجأة فظهرت على حقيقتها كمشاريع طائفية ومذهبيّة تخدم رعاة إقليميين،في لبنان أصبح شعار المقاومة طائفيا منذ مدّة، وشعار الدولة أصبح طائفيا بالمقابل، وفي سوريا أيضا النظام يدافع عن جكمه العائلي الطائفي، وثورة الجماعات الاسلامية طائفية بدورها، مشروع داعش في العراق وسوريا طائفي، والحشد الشعبي العراقي طائفي أيضا.
أما بالنسبة للمشاريع الوطنية فهي منبوذة، ومن ينادي بالالتزام بحدود تلك الاوطان وعدم الانخراط في صراعات الدول الاقليمية الكبرى هو منبوذ بدوره من قبل “طائفته القبيلة” وضعيف ومتهم بالاستسلام وبالعمالة للغرب الذي قسّم بلادنا باتفاقية المؤامرة “سايكس بيكو”. ولكن هل يعلم هؤلاء أن الحفاظ على أوطان “سايكس بيكو” أصبح حلما حقيقيا يصعب تحقيقه بعد ان اصبح عنوانا للوحدة لا للإنقسام؟
والى ان تنضج حلولا دولية تخرج بلادنا مما عليه من حروب اهلية وتذابح وانقسام…فان المشروع الوطني الوحيد الذي يمكن ان نظل متمسكين به نحن الأوفياء لأوطاننا …هو مشروع سايكس بيكو…