عبد الوهاب بدرخان/لا حرب ولا “نصر” في القلمون//الراي: هل يوفّر بري سلّماً» لعون لينزل عن الشجرة؟

289

لا حرب ولا “نصر” في القلمون
النهار/عبد الوهاب بدرخان/10 حزيران 2015
كان النقاش في مجلس الوزراء عن تكليف الجيش التعامل مع الوضع في عرسال وجرودها، ولم يكن في أي “توك شو” فضائي، ومع ذلك كان نقاشاً بالغ البؤس، بدليل أن أحد الوزراء، وفقاً للتسريبات، تحفّظ عن ابداء “الثقة بقيادة الجيش” لئلا تفسّر بأنها موافقة على التمديد لقائد الجيش، فيما يطالب وزراء “التيار العوني” بتعيين مرشحهم – الوحيد أيضاً – قائداً جديداً “ولو خربت الدنيا”! ولنعترف بأن الوزير المتحفّظ يتمتّع بمقدار هائل من الذكاء، ناهيك بالوطنية، ليدلي بهذا الهراء. وإلّا فكيف يمكن تكليف الجيش تقدير الظروف والتصرّف من دون الوثوق به. حتى الأمين العام لـ”حزب الله” لم يبلغ هذا الدرك، لا في ذروة الغضب والهياج الخطابي، ولا في عزّ تراجعاته الهادئة الأخيرة التي يؤمل – بلا أوهام – بأن يَثبَت عليها. لاحظوا أن قرار الحكومة كان بديهياً، لا أكثر ولا أقل. فحرب القلمون ليست حرب لبنان بل حرب النظام السوري، و”حزب الله” ملزم ايرانياً بمساعدته واستنقاذه حيثما لا تزال هناك فرصة. في مرحلة سابقة أحرز “الحزب” نصراً في القلمون ونجح في استدراج المقاتلين السوريين المناوئين للنظام (ولـ “الحزب”) الى الجرود الحدودية، ثم استدرجهم الى اشتباك مع الجيش وراح يطالب “الدولة” (التي يعطّلها “الحزب” وحلفاؤه) ويحضّ الجيش (آخر ما تبقّى من “الدولة”) كي يحسما موقفهما فيجرّد الجيش حملة لمطاردة “التكفيريين” في الجبال وبين التلال. تلك كانت وصفة لإقحام الجيش في الصراع السوري فيصبح شريك “حزب الله” في دعم نظام اجرامي، وفي خطيئة تاريخية يمقتها اللبنانيون، بل في حرب استنزافية يضطر معها الى قبول المؤازرة مما يسمى “لواء القلعة” أو ما يشابهه من ميليشيات “الحشد الشعبي” السيئة السمعة والتي كانت وظيفتها ولا تزال تعطيل الجيش العراقي. يُستدلّ من تغطية إعلام “حزب الله” لمعارك القلمون أن هناك لهفة متعطشة الى اعلان “نصرٍ” ما في كل صورة وكلمة، والواقع أن “الحزب” يعرف جيداً أن اللبنانيين ينظرون الى حربه الحالية على أنها محاولة لتصحيح خطأ ارتكبه في حق البلد ولا يريد الاعتراف به، أو أنها في أفضل الأحوال تكرار لحرب خاضها قبل أكثر من عام ولم يكتمل فيها “نصره”. ولمزيد من الصراحة، ليس في لبنان من نسي أسرى الجيش وقوى الأمن عند “جبهة النصرة”، ولذلك فلا أحد يعارض إبعاد المسلحين السوريين عن جرود عرسال سواء تم على ايدي “حزب الله” أو سواه، وهذا أقلّ واجب يقوم به. فمن اعتدى عليهم واستدعى انتقامهم منه كان عليه أن يردّ شرّهم، ولو اضطر لتكرار مقولته “لو كنّا نعرف لما كنّا…”! وهو سيردّدها كثيراً في المستقبل، ودائماً، طبعاً، بعد فوات الأوان.

 

هل يوفّر بري «سلّماً» لعون لـ… «ينزل عن الشجرة»؟
مصادر وزارية لـ «الراي»: إذا لم تثمر الاتصالات فسيدعو سلام لجلسة حكومية ومَن يحضر «أهلاً وسهلاً»
/الراي/ بيروت – من ليندا عازار/10 حزيران/15
لم يتأخّر رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام في رسْم «معادلة مضادّة» للدعوة التي كان وجّهها زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال لحكومته لان «تأخذ فرصة» (إجازة) حتى تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، فقرّر «إعطاء فرصة» اسبوع، يمكن ان تمتدّ أسبوعاً آخر، للاتصالات السياسية الجارية التي يتولاها رئيس البرلمان نبيه بري علّها تنجح في توفير «سلّم» لعون «للنزول عن الشجرة» بعدما رفع سقف المواجهة السياسية ولوّح بالشارع مدعوماً من «حزب الله». وأكدت مصادر وزارية لـ «الراي» ان سلام أعطى «فترة سماح» ريثما تأخذ محاولات الرئيس بري ومعه النائب وليد جنبلاط مداها، موضحة ان خيار «التروي والتريّث» الذي اعتمده رئيس الحكومة بعدم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع، وربما الاسبوع المقبل، مردّه الى حرصه العالي على تفادي اي صِدام كان يمكن ان يحصل في مجلس الوزراء، في ضوء إصرار عون بتأييد من «حزب الله» والنائب سليمان فرنجية، على حصر اي جدول اعمال لجلسة حكومية بملف التعيينات.
ولفتت هذه المصادر الى ان «الأجواء حتى الساعة غير مريحة وليس معروفاً المدى الذي يمكن ان يبلغه حزب الله في دعم عون»، مشيرة الى انه «اذا لم تثمر الاتصالات الجارية فان الرئيس سلام سيدعو في النهاية الى جلسة لمجلس الوزراء وفق جدول اعمال الجلسة الأخيرة الذي يتألف من نحو 81 بنداً ومَن يحضر اهلاً وسهلاً»، وموضحة ان «رئيس الحكومة أراد من خلال الفرصة التي منحها للمشاورات توجيه رسالة بأنه لا يدير الظهر لأي فريق في حكومته، ولكنه في الوقت نفسه لا يمكن ان يقبل بتعطيل آخرالمؤسسات العاملة في النظام بحجة استحقاق لم يحن اوانه بعد، كما لا يستطيع ان يعرّض مصالح المواطنين الحياتية لأضرار أكيدة ستصيبهم جراء اي تعليق مفتوح للجلسات». وترى المصادر الوزارية نفسها، ان رئيس الحكومة متمسك بصلاحياته لجهة الدعوة الى مجلس الوزراء ووضْع جدول الأعمال، موضحة ان آلية عمل الحكومة التي جرى التفاهم عليها لا تحلّ مكان الدستور «وهي اعتُمدت باسم الحرص على صلاحيات رئيس الجمهورية التي يقوم فريق اليوم بضربها من خلال الإصرار على تعيين قائد جيش قبل انتخاب رئيس جديد، يبقى له الرأي الاساس في شخص قائد الجيش، باعتباره وفق الدستور القائد الأعلى للقوات المسلّحة». وفي رأي هذه المصادر «ان الإمعان في سياسة تعطيل المؤسسات، تارة عبر منْع انتخاب رئيس جديد للجمهورية والآن من خلال السعي الى شلّ مجلس الوزراء لأسباب سلطوية وشخصية يتم إعطاؤها زوراً شعار حقوق المسيحيين، لن ترتدّ سلباً الا على مصلحة البلد والمواطنين»، متسائلة الى اي مدى سيتمكّن «حزب الله من مسايرة عون في هذا المسار؟»، وموضحة ان «فئة واسعة من بيئة الحزب هي من المزارعين الذين يعانون لكون 70 في المئة من الصادرات الزراعية والصناعية باتت مشلولة بسبب تعذّر النقل البري إثر إقفال المعابر السورية، فهل سيتحمل امام جمهوره مسؤولية تعطيل إقرار الاعتماد المالي بقيمة 21 مليون دولار لدعم النقل البحري الخاص بصادرات هذين القطاعين؟».
وفي سياق متصل، وفيما برزت امس زيارة النائب ابراهيم كنعان للرئيس بري موفداً من العماد عون، ظهّرت مصادر وزارية اخرى عبر «الراي» بُعداً ثانياً للتريث في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء قبل بلوغ تَفاهُم مسبق على مخارج للأزمة الحالية، لافتة الى ان رئيس البرلمان، الذي يتخذ موقفاً سياسياً واضحاً داعماً «حتى النهاية» لاستمرار الحكومة ومعترضاً على اي مسار تعطيلي لها، يريد بدوره تفادي مشهد تظهير اصطفافه على طرف نقيض مع «حزب الله» تحديداً داخل الحكومة.
ومن خلف خطوط الاتصال المرتبطة بالملف الحكومي والسيناريوات التي تم تداوُلها في بيروت عن مخارج بينها تأجيل تسريح العميد روكز (يحال على التقاعد في اكتوبر) للمدة الزمنية نفسها التي قد يتم اعتمادها في التمديد لولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي (تنتهي خدمته في سبتمبر) وذلك للإبقاء على حظوظ تعيينه خلفاً لقهوجي، يُنتظر ان يكون مجمل المناخ السياسي المتأزم اضافة الى الواقع الأمني في ضوء عملية «حزب الله» المستمرة في جرود بلدة عرسال محور جلسة الحوار الجديدة التي تُعقد الاثنين المقبل بين الحزب و«تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) في مقر بري.