فيديو قداس ونصي عظة البطريرك الراعي والمطران عودة لليوم الأحد 16 أيار 2021 /الراعي: ندعو السلطاتِ إلى ضبطِ الحدودِ اللبنانية-الإسرائيليّة ومنعِ استخدامِ الأراضي اللبنانية منصةً لإطلاقِ الصواريخ فحذار أن يَتورَّطَ البعضُ مباشرةً أو عبر أطرافٍ رديفةٍ في ما يجري ويُعرضّون لبنان لحروبٍ جديدةٍ/المطران عودة: لتحصين البلد من تداعيات الصراعات الخارجية بالتضامن والتفاهم

84

المطران عودة: لتحصين البلد من تداعيات الصراعات الخارجية بالتضامن والتفاهم

اضغط هنا لمشاهدة فيديو القداس الذي ترأسه اليوم البطريرك الراعي (فايسبوك فيديو) في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي.

فيديو قداس ونص عظة البطريرك الراعي لليوم الأحد 16 أيار
الراعي: ندعو السلطاتِ في لبنان إلى ضبطِ الحدودِ اللبنانية-الإسرائيليّة ومنعِ استخدامِ الأراضي اللبنانية منصةً لإطلاقِ الصواريخ. فحذار أن يَتورَّطَ البعضُ مباشرةً أو عبر أطرافٍ رديفةٍ في ما يجري، ويُعرضّون لبنان لحروبٍ جديدةٍ.
عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي: الجمود بات جريمة ونحذر من تعريض لبنان لحروب جديدة
الأحد 16 أيار 2021
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، رفع خلاله الصلاة لراحة نفس المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، في الذكرى الثانية لرحيله، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وبيتر كرم، أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، في حضور النائب زياد حواط ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، مجلس إدارة “مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية” برئاسة الدكتور الياس صفير والسيدة ميلاني بريدي، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك الفخري، عائلة الراحل باسيل باسيل وعدد من الفاعليات والمؤمنين، التزموا الإجراءات الوقائية.
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “الآن مجد إبن الإنسان، ومجد الله فيه”، قال فيها
“الآن مُجّد إبن الإنسان، ومُجّد الله فيه” (يو 13: 31)
1. خرج يهوذا الإسخريوطيّ من ذاك العشاء الفصحيّ الأخير، ليسلم يسوع للآلام والموت. فاعتبرها يسوع ساعته الأخيرة التي يبلغ فيها ذروة المحبّة، ويكتمل مجدُه كإبن للإنسان ومجدُ الله. فقال: “الآن مُجّد إبن الإنسان، ومُجّد الله فيه” (يو 13: 31).
في هذا السياق، أعلن يسوع لتلاميذه وصيّته الجديدة: “أحبّوا بعضكم بعضًا، كما أنا أحببتكم” (يو 13: 34). وأرادها في العالم علامة فارقة للتلمذة له (راجع يو 13: 35).
فضيلتان نلتمسهما اليوم من كلام الربّ يسوع: التفاني في بذل الذات الذي يشركنا في المجد الإلهيّ، والمحبّة لكلّ إنسان التي تشهد لمحبّة المسيح وتجتذب إليه.
2. نحيي في هذا الأحد عيد سيّدة الزروع الذي صادف نهار أمس الخامس عشر من أيّار. تُعتبر السيّدة العذراء حامية الزروع ولا سيما القمح. فنلتمس شفاعتها كي يبارك الله المزروعات ويحميها من الأضرار، ويبارك جهود المزارعين. أمّا الأساس اللاهوتيّ فهو أنّ مريم بقبولها كلمة الله في قلبها فقد قبلته خبزًا سماويًّا في حشاها، فكان للبشريّة خبز الحياة، مثل حبّة القمح في الأرض الخصبة.
3. في عيد سيّدة الزروع سنة 1920 أبصر النور في بلدة ريفون الكسروانيّة المثلّث الرحمة البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، وانتقل إلى بيت الآب في 12 أيّار 2019 وهو على مشارف المئة سنة من العمر. تحضر معنا شقيقته السيّدة ميلاني وأنسباؤه ومجلس إدارة “مؤسّسة البطريرك صفير الخيريّة”. نذكره في هذه الذبيحة المقدّسة راجين له الراحة الأبديّة في السماء، وللجميع العزاء.
كما نذكر بصلاتنا المرحوم باسيل باسيل الذي ودّعناه مع عائلته الحاضرة معنا اليوم منذ 25 يومًا. نصلّي لراحة نفسه، وعزاء أسرته.
4. في مناسبة عيد سيّدة الزروع، يحضر معنا مدير عام وزارة الزراعة الأستاذ لويس لحّود، مع وفد من المسؤولين في هذا القطاع، بهدف التشجيع على الزراعة. نودّ توجيه الشكر لسعادة المدير العام على تعاونه مع البطريركيّة والأبرشيّات والرهبانيّات ومع الكليّات الزراعيّة والجمعيّات والنقابات والتعاونيّات، بهدف تعزيز الزراعة وتطويرها وإبقاء المزارع في أرضه، وخلق فرص عمل للشبيبة، فإنّ أكثر من ثلث سكّان لبنان يعيش من القطاع الزراعيّ المتنوّع.
تولي الكنيسة إهتمامًا خاصًّا بزراعة الأرض التي سلمها الله الخالق للانسان لكي يحرثها ويعيش من ثمارها، مأكلًا ومشربًا، على اساس من العلاقة الروحية الصافية والعلاقة العلميّة المتطوّرة مع الارض التي تشكل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية. تحقّق الزراعة الأمن الغذائي من خلال تأمين حاجة لبنان من الغذاء والمواد الأوليّة للمصانع الغذائيّة والحدّ من استيراد الحاجات الغذائيّة الذي يتجاوز ال ٧٥ %، ومن خلال زيادةِ الصادرات الزراعية من أجل إدخال العملة الصعبة الى لبنان .
إننا في المناسبة نطالب الدولة بدعم القطاع الزراعي لكونه قطاعًا أساسيًّا في الاقتصاد الوطني، وإعادة النظر بالاتفاقيات بهدف فتح الاسواق امام الانتاج الزراعيّ اللبناني، وتحسين سبل عيش المزارعين والمنتجين، وزيادة الطاقة الانتاجيّة وتعزيز قدرتها التنافسية بالشكل العلميّ.
ونناشد اللبنانيّين المنتشرين ومؤسّساتهم الإعتناء بتسويق المنتوجات الزراعية اللبنانية والمونة والمطبخ اللبناني، ودعم القطاع الزراعيّ،من أجل إنهاضه وتأمين شبكة الأمن الغذائي وتطوير نظامه ليكون أكثر صمودًا وشموليّة وتنافسيًّا واستدامة .
5. زارنا بالأمس وفد من مصدّري الخضار والمزارعين للتعبير عن الأضرار التي لحقت بهم من جرّاء منع دخول الإنتاج الزراعيّ اللبنانيّ حدود المملكة العربيّة السعوديّة ومن خلالها بلدان الخليج. وهذا قرار يقضي على المزارعين الشرفاء. ولكنّنا نطالب الدولة اللبنانيّة بواجب مراقبة البضائع التي تخرج من لبنان، ويستغلّها أصحاب الشرّ لتهريب المخدّرات على أنواعها. كما يحضر معنا اليوم وفد من الصناعيين المتضررين هم ايضًا في قطاعهم من قرار المملكة.
6. بالعودة إلى إنجيل اليوم، نفهم أنّ كلّ إنسان مدعوّ لتمجيد الله بإتمام إرادته بفعل إيمان وطاعة، ولعيش وصيّة المحبّة تجاه كلّ إنسان. إنّه بذلك يساهم في تحقيق تصميم الحبّ الإلهيّ، والله يشركه في مجده. ما جعل القدّيس إيريناوس يقول: “مجد الله الإنسان الحيّ”.
7. كم نتمنّى لو أنّ المسؤولين السياسيّين عندنا يدركون، عظمة مسؤوليّاتهم التي تشكّل فرصة فريدة لتمجيد الله بتأمين الخير العام، وبإتاحة الفرص لكلّ مواطن كي يحقّق ذاته، وبالتعبير في الأفعال عن محبّتهم للمواطنين. ولكنّنا نشهد بكلّ أسف، المزيد من الإنهيار الإقتصاديّ والماليّ والمعيشيّ والإجتماعيّ، والغلاء الفاحش في السلع والأدوية حتى فقدان هذه الأخيرة، والتهريب والجشع والإحتكار، ولا سلطة إجرائيّة، ولا قضاء ولا مؤسّسات رقابة. لذا، نعلن باسم الجميع رفضَنا وعدم قبولنا:
1- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تُمعِنَ الجماعةُ السياسيّةُ في قهرِ الناسِ وذبحِ الوطن، وأن تتفرّج على العُملةِ الوطنيّةِ تَفقِدُ أكثرَ من 85 % من قيمتِها، وعلى اللبنانيّين يتسوّلون في الشوارع، ويتواصلَ الغلاءُ الجُنونيُّ.
2- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تذهبَ أموالُ دعمِ السلعِ إلى المهرّبين والميسورين والتجار، وأنْ يَشتبِكَ المواطنون في المتاجرِ على شراءِ السِلع وأن تُفقَدَ الأدويةُ والموادُّ الغذائيّةُ والوَقود.
3- لا نَقبَلُ بتاتاً المسّ باحتياطيِّ الـمَصَرفِ المركزيِّ فتَطيرَ ودائعُ الناس.
4- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تَبقى المعابرُ البريّةُ الحدوديةُ مركزًا دوليًّا للتهريب، والمطارُ والمرفأُ مَمرَّين للهدرِ الموصوف.
5- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ يَستمرَّ الفسادُ في أسواقِ الطاقةِ والكهرباء ويَدخُلَ لبنانُ عصرَ العتمة.
6- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تهاجرَ الأدمغةُ اللبنانيّةُ والنُخبُ وأهلُ الاختصاص.
7- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ يُعتَّمَ على المرتَكِبين الحقيقيّين ويُبحَثَ عن أكباشِ محارق.
8- لا نَقبَلُ بتاتاً أنْ تُضربَ مؤسّساتُ الكِيان والنظام، ويَستمرَّ إسقاطُ النظامِ السياسيِّ والاقتصاديّ.
9- لا نَقبَلُ بتاتاً أن يُعزَلَ لبنانُ للإطباقِ عليه بعيدًا عن أنظارِ العالم.
لكن ثِقوا، أيّها اللبنانيّون المخلصون أنَّ ابتسامتَنا ستُشرِقُ. فنحن أبناءُ إيمانٍ وإرادة ورجاء. وستتمّ كلمة القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني في ختام إرشاده الرسوليّ “رجاء جديد للبنان”: ” سيُزهرَ كلّيًّا من جديد لبنان، الجبل السعيد الذي رأى شروق نور الأمم، وأمير السلام، ، ويلبّي دعوته بأن يكون نورًا لشعوب المنطقة وعلامة للسلام الآتي من الله. وهكذا إنّ الكنيسة في هذا البلد تُفرح إلهَهَا (را. نش 4: 8)؛ (الإرشاد فقرة 125).
8. من هذا المنطلق، يَتوجّب على المسؤولين تحريكُ مفاوضاتِ تأليف الحكومة. فالجمودُ السائدُ مرفوضٌ، وبات يُشكِّلُ جريمةً بحقِّ الوطنِ والشعب. إنَّ بعضَ المسؤولين عن تأليفِ الحكومةِ يتركون شعورًا بأنّهم ليسوا على عجلةٍ من أمرهِم، وكأنّهم ينتظرون تَطوراتٍ إقليميّةً ودوليّةً، فيما الحلُّ في اللقاء وفي الإرادةِ الوطنيّةِ. أيُّ تطوّرات أخطرُ من هذه التي تَحصُلُ حولنَا الآن؟ إنَّ المرحلةَ تَتطلَّبُ الاضطلاعَ بالمسؤوليّةِ ومواجهةَ التحدّياتِ وتذليلَها لا الهروبَ منها وتركَها تتفاقم. بل كلمّا ازدادت الصعوباتُ كلّما استَدْعت تصميمًا إضافيًّا.
9.إنَّ ما يحصل بين إسرائيل والشعب الفِلسطينيِّ الصامِد تَحوّلٌ نوعيٌّ خطيرٌ في مجرى الصراع على الأرض والهوّية. وما يَتعرّض له الفِلسطينيون يُدمي القلوب، لاسيّما أنَّ بين الضحايا أطفالًا ونساءً وشيوخًا. لقد حان الوقتُ لوقفِ مسلسلِ العنف والهدم والقتل، وإقرارِ حلٍّ نهائيٍّ للقضيّةِ الفلسطينيّةِ بعد ثلاث وسبعين سنةٍ من الحروبِ والدمار والمظالم الإسرائيليّة. إننا ندعو إسرائيل إلى الاعترافِ الجِدّيِ والصريحِ بوجود حقوقٍ للشعب الفلسطينيّ، وبأنّه يستحيل عليها أن تعيشَ بسلامٍ من دون القبولِ بدولةٍ فِلسطينيّةٍ قابلةٍ للحياة. فلا سلامَ من دون عدالةٍ، ولا عدالةَ من دون حق.
في هذا المجال ندعو السلطاتِ في لبنان إلى ضبطِ الحدودِ اللبنانية/الإسرائيليّة ومنعِ استخدامِ الأراضي اللبنانية منصةً لإطلاقِ الصواريخ. فحذار أن يَتورَّطَ البعضُ مباشرةً أو عبر أطرافٍ رديفةٍ في ما يجري، ويُعرضّون لبنان لحروبٍ جديدةٍ. لقد دَفع اللبنانيّون جميعًا ما يكفي في هذه الصراعات غير المضبوطة. ليس الشعبُ اللبنانيُّ مستعدًّا لأن يُدمِّرَ بلادَه مرّةً أخرى أكثر مما هي مُدمَّرة. يوجد طرقٌ سلميّةٍ للتضامنِ مع الشعبِ الفِلسطيني من دون أن نتورّطَ عسكريًّا. فمن واجب لبنان أن يوالفَ بين الحيادِ الذي يَحفظُ سلامتَه ورسالته، ويلتزم في تأييدِ حقوقِ الشعبِ الفلسطيني.
10. نصلّي إلى الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة لبنان، وسلطانة السلام، كي يضع حدًّا للحرب، وأن يغدق على هذه الأرض التي عليها تجلّى نعم الخلاص والفداء. فنرفع إليه المجد والشكر، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
#البطريركية_المارونية #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة #حياد_لبنان #لبنان_الكبير #الراعي #بكركي

المطران عودة: لتحصين البلد من تداعيات الصراعات الخارجية بالتضامن والتفاهم
الأحد 16 أيار 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
وألقى المطران عودة عظة استهلها بتهنئة المسلمين بعيد الفطر، سائلا الرب الإله أن “يحفظهم ويحفظ وطننا لبنان من كل مكروه”.
وقال: “تعيد كنيستنا المقدسة اليوم للنسوة الحاملات الطيب، إضافة إلى يوسف الرامي ونيقوديموس التلميذ الليلي. نسمع في تراتيل خدمة جناز المسيح: إن التلاميذ قد فقدوا جرأتهم، وأما يوسف الذي من الرامة فقد أبدى جرأة وشهامة، لأنه لما شاهد إله الكل ميتا عاريا، طلبه وجهزه. كان القانون اليهودي يجيز لذوي المحكوم بالإعدام أن يستلموا جسده ليدفن، لكن أحدا لم يجرؤ على طلب جسد يسوع، فقام يوسف بالمهمة ودفنه في قبر جديد، مع أنه لم يكن قريبا ليسوع أو من التلاميذ الإثني عشر، بل كان شخصا معروفا في المجتمع اليهودي. نيقوديموس أيضا كان من أغنى أغنياء اليهود، وكان ذا مركز في المجتمع اليهودي، لكنه لم يأبه لكل ذلك وأراد أن يصير تلميذا للرب، وقد أدى اعترافه الإيماني بالرب يسوع إلى خسارته كل ما يملك، وطرده من مركزه. وقد نفي من أورشليم، فخسر العالم ليربح الملكوت، واعتمد على يد الرسول بطرس”.
أضاف: “إسم “نيقوديموس” يعني المنتصر على الشعب، وقد ترجم انتصاره على شعب اليهود ربحا ما بعده ربح إلى جانب الرب، وها هي الكنيسة تذكره ليس فقط بسبب تطييبه جسد يسوع، بل بسبب جرأته على المجيء إلى الرب أولا لكي يتعلم الإيمان الحق، كما بسبب جرأته على ترك كل شيء من أجل إيمانه. يعلمنا يوسف ونيقوديموس ألا نفضل أي غنى أرضي أو ممتلكات أو مراكز على إيماننا بالرب يسوع. هذان الرجلان هما دينونة لكل زعيم أرضي يتمسك بلقبه وكرسيه وممتلكاته، وينسى أنه مخلوق زائل، ويظن أن من حقه استعباد خليقة الله، والتنكيل بهم وتجويعهم وإفقارهم.أما النسوة الحاملات الطيب، فلم يخفن من الذهاب وحدهن إلى القبر، مع أن الحجر الموضوع عند الباب كان عظيما جدا. إندفعن بالإيمان الذي أضرم نفوسهن ولم يبالين بالمخاطر الخارجية. لم يصغين إلى منطقهن بل إلى قلوبهن التي تملكتها محبة المسيح. نرتل في قانون الفصح: “أيها المسيح، إن النسوة المتألهة ألبابهن، قد بادرن إليك بطيوبهن، والذي كن يلتمسنه كمائت وهن باكيات، قد سجدن له إلها حيا وهن فرحات، وبشرن تلاميذك بالفصح السري”. النسوة الحاملات الطيب أصبحن أول من شهد للقيامة البهية، وبشرن الرسل بالقيامة”.
وتابع: “كثيرون يتحدثون عن عدم مساواة بين الرجل والمرأة، لكن الإثنين متساويان في نظر الرب يسوع ومعاملته لهما، وفي بعض الأماكن تفوقت النساء على الرجال كحال حاملات الطيب اللواتي لم يخفن أو يختبئن مثل التلاميذ، بل كانت لديهن المحبة العميقة التي لا تسكن إلا في قلوب المتواضعين. هن خدمن المسيح من أموالهن (لو 8: 3)، لأنهن رأين الحياة الحقيقية في المسيح وكلامه. طبعا زعزعهن الحكم عليه بالموت، لكنهن لم يعرضن عنه، بل تبعنه من بعيد، وبعد موته استمرت خدمتهن لجسده المائت قبل أن يعرفن يقين القيامة.
من ناحية ثانية، سقط الرسول بطرس، وهو التلميذ الذي أحب المسيح حبا فائقا، ووصل إلى حد إنكار المسيح. عندما قال المسيح لتلاميذه ليلة اعتقاله: “كلكم تشكون بي في هذه الليلة” لم يدرك بطرس كلام الرب يسوع، بل ميز نفسه عن التلاميذ الآخرين معترضا: “إن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبدا” (مت 26: 33). لقد ارتبط حبه للمسيح بثقته المطلقة بنفسه، لكنه، عندما اشتدت وطأة الصعوبات، أنكر معرفته بالمسيح (مت 26: 72)”.
وأردف: “نسمع في إنجيل اليوم الملاك الذي كرز لحاملات الطيب بالقيامة يقول لهن: “إذهبن وقلن لتلاميذه، ولبطرس، إنه يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه”. هكذا، كشف لحاملات الطيب أن الله قبل توبة الرسول بطرس، الذي خاف يوم التسليم وأنكر المسيح. وعندما تحولت ثقته بنفسه إلى تواضع، وأغرق عجرفته بدموع التوبة الحارة، رجع إلى مصف الرسل ليصبح فيما بعد كارزا جريئا بالإنجيل. عظمة حاملات الطيب تظهر بتحررهن من الأوضاع الصعبة المحيطة بهن. لم تتأثر محبتهن للمسيح بموته الأليم، ولا ببغض الكتبة والفريسيين له. شجاعتهن منحتهن الحرية والإستقلالية وسط الحزن الكبير. حاملات الطيب والرسول بطرس ويوسف ونيقوديموس يقودوننا إلى طريق الحرية الحقيقية، التي تستند إلى فضيلة الشجاعة، شجاعة التخلي عن الأنا واتباع الحق. لقد أحبوا المسيح وتحلوا بالتواضع العميق. المحبة الحقيقية تغلب الخوف، والتواضع العميق يعتق من قيود الإعتداد بالذات، وكلاهما معا يجعلان الإنسان عاملا شجاعا ومقداما”.
وقال عودة: “كم نحن بحاجة إلى من يحب بلدنا وشعبه محبة حقيقية صادقة. كم نحتاج إلى مسؤولين وزعماء مستعدين أن يتخلوا عن أموالهم ومراكزهم وكبريائهم بسبب محبتهم الحقيقية لوطنهم. كم نحتاج إلى زعماء متواضعين مثل الرسول بطرس، يتراجعون عن أخطائهم ويذرفون دموع التوبة على ما فعلوه تجاه إخوتهم في الوطن. والأهم، كم نحتاج إلى شعب يتحلى بجرأة النسوة الحاملات الطيب، يقدم وسط الضغوطات والأحزان والتهديدات، حتى يصل إلى القيامة المرجوة”، مضيفا “إن منطقتنا تغلي وزعماءنا ما زالوا يعلون أناهم ومصالحهم على كل شيء. وعوض التفكير بلبنان ومصيره في خضم ما يجري من اقتتال هنا ومفاوضات هناك ومحادثات هنالك، هم لا يفكرون إلا بمصالحهم ومستقبلهم ومكتسباتهم، ويتعلقون بحرفية بعض النصوص أو بتفسيرهم الشخصي لها، ضاربين عرض الحائط روحيتها وغايتها”.
وسأل: “هل أصبحت السياسة تجارة تبتغي الأرباح والمنافع عوض الخدمة؟ معيب حقا ومخجل أن يكون بلدنا في هذا الوضع المزري ولا نشهد خطوة إنقاذية واحدة، أو تلاقيا بين المسؤولين من أجل مناقشة الوضع وابتداع الحلول. نسمع بين وقت وآخر من يتكلم عن محاولة لجمع الأطراف قد فشلت، أو عن سعي لجمعهم لم ينجح. هل هكذا تدار الأوطان؟ وهل الحرد أو المقاطعة مسموحان في ظرف عصيب كالذي نعيشه؟ الحكومة المستقيلة عاجزة ليس فقط عن إدارة البلد، بل حتى عن وقف الإنهيار أو إدارته، ولم نشهد منذ أشهر إرادة حقيقية لتأليف حكومة تحاول اتخاذ إجراءات سريعة تضع البلد على طريق الإنقاذ. هل مسموح أن يعادي مسؤول مسؤولا أو أن يمتنع عن الإجتماع به لاتخاذ الخطوات الضرورية؟ هل يعي من يتولون تعطيل البلد وعرقلة الحلول أنهم يرتكبون خطأ مميتا بحق الوطن والمواطنين؟ يقول إشعياء النبي: “أعمالهم أعمال إثم وفعل الظلم في أيديهم. أرجلهم إلى الشر تجري وتسرع إلى سفك الدم الزكي. أفكارهم أفكار إثم. في طرقهم اغتصاب وسحق. طريق السلام لم يعرفوه وليس في مسالكهم عدل. جعلوا لأنفسهم سبلا معوجة كل من يسير فيها لا يعرف سلاما. من أجل ذلك ابتعد الحق عنا ولم يدركنا العدل. ننتظر نورا فإذا ظلام” (59: 6-9). الأنبياء من الله يستمدون الكلمة وروح الله يحركهم”.
وشدد على أن “الحقد والتكبر والغرور أسلحة الشيطان، يغوي بها الإنسان للايقاع به،ألا يتألم المسؤول من رؤية طوابير السيارات على المحطات؟ أو من إذلال الناس الواقفين على أبواب البنوك يستجدون حقوقهم؟ ألا يؤلمه مريض يفتش عن الدواء ولا يجده؟ هل يفكر الزعماء المتناحرون بالمريض والجائع والمتسول طعامه؟ ومن أجل من ولماذا مات من مات وشرد الآلاف ممن كان لهم سقف يأويهم؟ أمام تعاظم الأخطار المالية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية لا بد من تنازلات من قبل المسؤولين. ألم يحن الوقت ليدركوا أن إلغاء الآخر لا يجدي، وأن المطلوب هو تعاون من أجل الإنقاذ، وتحصين البلد من تداعيات الصراعات الخارجية بالتضامن الداخلي والتفاهم من أجل مصلحة لبنان؟. هنا لا بد من التعبير عن حزننا وإدانتنا الشديدة ورفضنا لما يجري في أرض فلسطين الحزينة من قضم وتهجير وعنف وسفك دماء. سكان القدس وغزة يقتلون. أهل الأرض يضطهدون من قبل المستوطنين المحتلين. الأبرياء يدفعون ثمن الحقد والجشع والإستقواء. أين الرحمة والعدل؟ دعاؤنا أن يقيم الرب عدله في هذه الأرض المقدسة، مهد المسيح، إله السلام، فلسطين الجريحة، وأن يبسط سلامه فيها وفي منطقتنا والعالم أجمع لينعم شعوب الأرض بالهناء والسلام”.
وختم عودة: “دعوتنا في هذه الفترة الفصحية أن نتشجع، ولا نختبئ خوفا، بل فلنخرج إلى النور، حتى نرى النور آتيا إلينا. إن بقينا في العلية كالتلاميذ لن نشاهد القيامة أو نفتخر بكوننا شهودا لها مثل حاملات الطيب الجريئات. وكما يقول كاتب المزامير: “تشجعوا ولتقو قلوبكم يا جميع المتوكلين على الرب” (مز 31: 24)، آمين”.