نص عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة في أحد الشعانين/الرَّاعي: لم يكن الصرح البطريركيّ يومًا مؤيدًا لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه/عوده: من المعيب أن يتوقف تشكيل حكومة بسبب أداء قبلي

94

المطران عوده: من المعيب أن يتوقف تشكيل حكومة بسبب أداء قبلي
الأحد 28 آذار 2021

عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في أحد الشعانين: لم يكن هذا الصرح البطريركيّ يومًا مؤيدًا لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه.
لم يكن هذا الصرح يومًا مؤيدًا لسلطة تمتنع قصدًا عن احترام الاستحقاق الدستوريّ وتعرقل تأليف الحكومات.
لم يكن هذا الصرح يومًا مؤيدًا لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله.
فيا ليت المسؤولين السياسيّين عندنا، الممسكين بسلطان الحلّ والربط بشأن تأليف الحكومة، والبدء بالإصلاحات وعمليّة الإنقاذ الإقتصاديّ والماليّ، يسمعون لصوت الله الذي لا يسكت بل يبكّت ضمائرهم
موقع بكركي/الأحد 28آذار/2021
“إستقبل الشعب يسوع ملكًا بأغصان النخل”
1.كانت الجماهير من مختلف المناطق مجتمعة في أورشليم للإحتفال بعيد الفصح اليهوديّ الواقع يوم السبت التالي. فصعد يسوع أيضًا إلى العيد ليحتفل بالفصح الأخير مع تلاميذه، ويقيم فصحه الجديد الذي هو سرّ موته وقيامته لخلاص العالم وفداء البشريّة جمعاء. في الفصح الجديد يسوع هو الحمل الذي يُذبح ويؤكل في ليلة الإستعداد لمراسيم الفصح اليهوديّ فأسّس سرّ القربان الذي هو ذبيحة ذاته غير الدمويّة من جهة، مستبقًا ذبيحته الدمويّة في الغد، ومن جهة أخرى هو وليمة جسده ودمه للحياة الإلهيّة فينا.
2. إستقبله الشعب كبارًا وشبيبة وأولادًا بصورة عفويّة ونبويّة: عفويّة لأنّ صيته أصبح مالئ أرضهم، وبخاصّة إنتشار خبر إحيائه مؤخّرًا لعازر من القبر بعد أربعة أيّام من موته؛ ونبويّة لأنّ الجمع إستقبله بأغصان النخل وأعلنه ملكًا عليه، هاتفين “هوشعنا يا ربّ خلّص، مبارك الآتي باسم الربّ ملكنا”. وكان في ذهنيّة الشعب أنّ يسوع ملك زمنيّ يخلّصهم من السلطة الرومانيّة الوثنيّة المحتلّة لأرضهم، أرض يهوه أي أرض الله، ويحرّرهم من نير رؤسائهم الثقيل. لكنّ يسوع ليس ملكًا زمنيًّا، بل ملك من نوع آخر، “ومملكته ليست من هذا العالم” (يو 18: 36).
3. وقع الخلاف في النظرة إلى يسوع بين الشعب ورؤساء الدينيّين من فريّسيّين وكتبة ورؤساء كهنة الذين اعتبروه مناوئًا لهم، وعميلًا للرومان.
ففي الواقع، أظهر الشعب بعفويّته أنه يعرف يسوع على حقيقته أكثر من قادته، على ما يقول القديس أغسطينوس، ويشرح: “الغنى والسلطة يقضيان على المتعلّقين بهما. فالغنى يقود إلى خفّة العقل، لمن يعتقد أنَّ الغنى غاية لا وسيلة؛ والسلطة تقود إلى الطمع إذا مورست من أجل المصلحة الخاصّة لا الخير العام”. جاء المسيح يعلن قوّة المحبّة التي تفوق قوّة المال والسلطة، وتعطيهما معنًى وروحًا.
في حركة الجمع نرى كيف أنّ الجمهور المحكوم سليم العقل والقلب، أمّا الحكّام ففاسدون. الجمهور آمن بيسوع، أمّا الحكّام فلم يؤمنوا. الجمهور مشى مع يسوع نحو سرّ موته وقيامته،. أمّا الحكّام فبدأوا يفكّرون بإهلاكه حسدًا وسخطًا “لأنّ العالم كلّه قد تبعه” (يو 12: 19). في قلب الجمهور سادت المحبّة للمسيح، أمّا في قلوب الحكّام فحقدٌ وحسدٌ وبغض.
4. صحّح يسوع النظرة، إذ دخل أورشليم وهو يمتطي جحشًا (يو 12: 14). لم يكن يمتلك هذا الجحش، ما يدلّ على ملوكيّته المتواضعة والفقيرة. لم يدخل على جواد ومركبة، بالبطش والقوّة، كالملوك الزمنيّين الذين غالبًا ما كانوا ظالمين وطمّاعين، ويخضعون شعوبهم بالحروب. يسوع الملك الجديد لم يدخل المدينة على رأس جيش، بل بالحبّ والسلام والطمأنة: “لا تخافي، يا ابنة صهيون! هوذا ملكك آتٍ راكبًا على جحش ابن آتان” (يو 12: 15)، بحسب نبوءة زكريّا (9:9).
“لا تخافي” كلام موجّه إلى كلّ شعب أورشليم، وبخاصّة إلى الذين رفضوه، وهم مصرّون على قتله. غفران الله ومحبّته ورحمته أكبر من خطاياكم ومن جميع خطايا البشر. هذا المسيح، ابن الله الملك يقول لأمّته: “لا تخافي” فدمي سيمحو خطاياكِ ويفتدي حياتك (القدّيس أغسطينوس). بالمعموديّة والميرون أشركنا المسيح في ملوكيّته، وبحكم هذه المشاركة، نحن كمسيحيّين ملتزمون بروح التواضع والفقر والتجرّد، وبإعطاء عالمنا علامات رجاء وطمأنينة، وبإنتزاع الخوف من القلوب، وزرع الثقة فيها.
5. في رواية الحدث نجد لدى القدّيس متى كيف إغتاظ رؤساء الكهنة والكتبة من هتافات الأولاد “هوشعنا لإبن داود”، فأجابهم يسوع: ” أما قرأتم في المزمور:من أفواه الأطفال والرّضع أعددت تسبيحًا؟” (متى 21: 15-16). وعندما طلب الرؤساء من يسوع أن يُسكت تلاميذه، أجابهم: “أقول لكم :” إن سكت هؤلاء صرخت الحجارة” (لو 19: 39-40).
فيا ليت المسؤولين السياسيّين عندنا، الممسكين بسلطان الحلّ والربط بشأن تأليف الحكومة، والبدء بالإصلاحات وعمليّة الإنقاذ الإقتصاديّ والماليّ، يسمعون لصوت الله الذي لا يسكت بل يبكّت ضمائرهم! ويا ليتهم يسمعون لصوت الشعب الذي لا يسكت وهو مصدر سلطتهم وشرعيّتهم، ويا ليتهم يسمعون صوت المليوني فقير من شعبنا الذين لا يسكتون عن حقّهم في كفاية العيش الكريم! ويا ليتهم يسمعون لصوت شبابنا الذين لا يسكتون مطالبين بمستقل لهم في الوطن لا في البلدان الغريبة!
6. لقد كان بمقدور الجماعةِ السياسيّة أن تغيّرَ نظرةَ الشعب إليها وتعوّم دورها، لو استيقظت على الواقع وعدّلت بسلوكها وعملت على إنقاذ لبنان، وخصوصًا بعد تفجير مرفأ بيروت. لكن معظم المسؤولين تمادوا في الخطأ والفشل واللامبالاة، حتى أن بعضهم أعطى الأولوية لمصالح دول أجنبية ولم يسألوا عن مصير الشعب الذي انتخبهم، فسقطوا وأكدوا أنهم غير صالحين لقيادة هذا الشعب الذي ضحّى في سبيل لبنان، واستشهد أفضل شبابه وشاباته من أجل هذا الوطن.
نحن نرفض هذا الواقع وندين كل مسؤول سياسي أوصل دولةَ لبنان وشعب لبنان إلى هذه الحالة المأسوية. لم يكن هذا الصرح البطريركيّ يومًا مؤيدًا لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه. لم يكن هذا الصرح يومًا مؤيدًا لسلطة تمتنع قصدًا عن احترام الاستحقاق الدستوريّ وتعرقل تأليف الحكومات. لم يكن هذا الصرح يومًا مؤيدًا لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله.
7. ايها الاخوة والاخوات الاحباء، يأتي عيد الشعانين على عائلاتنا حزينًا بسبب حالة اليُتم التي أوقعها فيها المسؤولون السياسيّون. كانت هذه العائلات تنتظر هديّة العيد، حكومةً إنقاذيّة غير حزبيّة، مؤلّفة من خيرة الإختصاصيّين في العلوم والخبرة والإدارة، أحرارًا من كلّ لون حزبيّ وسياسيّ ومن كل ارتهان، قادرين على القيام بالإصلاحات والنهوض بالبلاد. نرجو الّا يحرموا عائلاتنا من هذه الهديّة في عيد الفصح.
نرجو، لكي تتحقّق الهديّة، أن يدرك رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة المكلّف إنّهما،إنطلاقًا من الثقة المتبادلة والمسؤوليّة المشتركة، محكومان بالتشاور وبالإتفاق وفقًا للقاعدة التي جرت منذ التعديلات الدستوريّة عام 1990 ما بعد الطائف، إذ كانا يحدّدان معًا المعايير ويختار كلٌّ منهما وزراء، ثمّ يتّفقان على التشكيلة برمّتها (راجع زياد بارود في نداء الوطن 25 آذار 2021).
8. إنّنا إذ نهنّئكم جميعًا بالعيد ولا سيّما شبيبتنا واطفالنا، نسأل الله، الذي أوصلنا ليتورجيًّا و روحيًّا إلى الميناء، كما سنحتفل برتبة الوصول هذا المساء، أن يجعله أسبوعًا مقدّسًا بذكرى آلام ربّنا يسوع المسيح، فنبلغ به حالة العبور الفصحيّ إلى حياة روحيّة وإجتماعيّة ووطنيّة أفضل، لمجد الثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
#البطريرك_الراعي#شركة_ومحبة#البطريركية_المارونية #بكركي

المطران عوده: من المعيب أن يتوقف تشكيل حكومة بسبب أداء قبلي
الأحد 28 آذار 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.
بعد الإنجيل المقدس، قال في عظته: “خصصت كنيستنا المقدسة الأحد الثاني من الصوم لتذكار القديس غريغوريوس بالاماس، رئيس أساقفة تسالونيكي. ولد القديس غريغوريوس في القسطنطينية سنة 1296، في عائلة مؤمنة. بعد موت أبيه، ربته أمه، منذ صغره، مع إخوته وأخواته، على درب المسيح. لما بلغ غريغوريوس سن العشرين قرر الدخول في الحياة الرهبانية. ولما فاتح والدته بالأمر، جمعت أولادها كلهم وأقنعتهم جميعهم بالإنضمام إلى دعوة أخيهم الأكبر قائلة: ها أنذا والأولاد الذين أعطانيهم الله. هكذا أصبح جميع أفراد عائلته، حتى خدام منزله، رهبانا وراهبات، فذهبت أمه وأختاه والخدام إلى أديرة في القسطنطينية، أما غريغوريوس وأخواه فذهبوا إلى الجبل المقدس آثوس. أصبح غريغوريوس مثالا في التوبة الحقيقية، فكان يصرخ إلى الرب دائما: أنر يا رب ظلمتي!. كان يشعر دوما بأنه ممتلئ أهواء وخطايا، وبأنه محتاج إلى الرحمة والاستنارة ليدرك مشيئة الله القدوسة ويعمل بها. بعدما عاش النسك عدة سنوات، غادر غريغوريوس الجبل المقدس برفقة إثني عشر راهبا، بسبب غارات القراصنة الأتراك، إلى تسالونيكي، حيث ساعد في نشر ممارسة صلاة الرب يسوع بين الناس: ربي يسوع المسيح إرحمني أنا الخاطئ. كان القديس غريغوريوس يقول: في الإسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيره متى انبثت في جسده. في سن الثلاثين، سيم كاهنا، وانتقل ليعيش في مغارة على مثال النساك القدماء. بعد خمس سنوات، عاد مجددا إلى جبل آثوس بسبب غارات الصربيين، وهناك باشر عمله الكتابي. عام 1347، أصبح غريغوريوس رئيس أساقفة تسالونيكي، لكنه وقع في الأسر على يد قراصنة أتراك، خلال رحلة من تسالونيكي إلى القسطنطينية، ثم أطلق سراحه بعد زمن بفضل تقي من الأغنياء دفع فدية لتحريره. عاد غريغوريوس إلى مهامه في تسالونيكي، إلا أنه عانى من مرض شديد، رقد بسببه في 14 تشرين الثاني 1359”.
أضاف: “في الأصل، كان الأحد الثاني من الصوم مخصصا للقديس بوليكاربوس أسقف إزمير، لكن، بعد إعلان قداسة القديس غريغوريوس، قررت الكنيسة التعييد له في 14 تشرين الثاني، كما حدد له تذكار آخر في الأحد الثاني من الصوم كتعييد ثان لانتصار الرأي القويم، إذ رأت الكنيسة وجوب الاحتفال بانتصار إيمان القديس غريغوريوس القويم على رأي المبتدع برلعام، الذي انتقد الحياة النسكية الهدوئية. لقد علم قديسنا الناس كيف يصلون كالعشار: يا الله ارحمني أنا الخاطئ، فيتوبون كالابن الشاطر، ويدينون أنفسهم، كما فعل هو معتبرا نفسه خاطئا، قبل أن تأتي دينونة الله فيطردوا من فردوس النعيم. هكذا انتصر إيمان غريغوريوس القويم، وها نحن نعيد له اليوم بعدما عيدنا لانتصار استقامة الرأي في الأحد الماضي. يا أحبة، الإيمان مهم جدا في حياة المسيحي. فبسبب إيمان الأربعة الذين أحدروا مخلع إنجيل اليوم من السقف، شفي المخلع وعاد يمشي مجددا. يقول القديس بوليكربوس أسقف إزمير: اقتدوا بالرب، وكونوا أشداء في الإيمان، ثابتين، محبين لإخوتكم ولبعضكم بعضا، مشتركين في الحق، محتملين بعضكم بعضا بحنان الرب، ولا تحتقروا أحدا. الإيمان القوي والثابت لا يخلص صاحبه فقط، بل يساهم في خلاص الجميع. يقول الرب يسوع: إن كنت تستطيع أن تؤمن، فكل شيء مستطاع للمؤمن (مر 9: 23). الخاطئ الذي لا يؤمن برحمة الرب يصيبه اليأس، فيقع في هوة عظيمة لا خلاص منها. لهذا يقول الرب للقديس سلوان الآثوسي: إحفظ نفسك في الجحيم ولا تيأس، أي إن الرب يدعونا إلى التشبث بالإيمان به، حتى نحصل على الخلاص والقيامة. يقول الرسول يعقوب: إن كان أحدكم تعوزه حكمة… ليطلب بإيمان، غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجا من البحر تخبطه الريح وتدفعه (يع 1: 6). الإيمان لا يكون في المناسبات فقط، أو عندما أكون محتاجا لأمر ما. التعاطي مع الرب لا يكون لمصلحة، فإما أن تؤمن، أو لا. المسيحي يصرخ دوما إلى الرب قائلا: أؤمن يا رب فأعن عدم إيماني (مر 9: 24)، فيتدخل الرب ليشدده ويقوي إيمانه، ويجعله معاينا للنور الإلهي، وللقوى الإلهية غير المخلوقة التي تحدث عنها القديس غريغوريوس بالاماس”.
وتابع: “من هنا، يضع المسيحي نفسه بين يدي خالقه، المدافع الوحيد عنه، ولا يعمل بطرق ملتوية، مسميا طرقه دفاعا عن حقوق المسيحية والمسيحيين. من يريد أن يعمل حقا، فليدافع عن الجائع والعطشان والعريان والمظلوم والمنكوب والمشرد كائنا من كان، لأن إيماننا ينص على أن الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، والإنسانية لا لون لها ولا مذهب ولا قبيلة. هكذا، فالمسؤول، خصوصا المسيحي، يكون مسؤولا عن الجميع، لا عن أتباعه ومناصريه والمهللين له فقط، لأن الوطن هو لجميع مواطنيه، وكذلك من كان مسؤولا فيه. ولأن الوطن للجميع، كذلك مؤسساته، وإداراته، ووزاراته. من المعيب في بلد أن يتوقف تشكيل حكومة بسبب أداء قبلي، كل واحد فيه يريد حصة قبيلته ومصلحتها قبل مصلحة البلد والمجتمع، حتى ولو كان هذا على حساب تجويع الملايين من الناس وإيقاف عمل مئات المؤسسات، وإفلاس عشرات القطاعات. في أي عصر نعيش؟ علينا كسر الطوق الطائفي والمذهبي إن كنا نريد الخلاص. الحل في استظلال راية الوطن. منطق الاستقواء مرفوض كائنا من كان من يقوم به. كفى تقديم المصالح الخاصة على مصلحة الشعب. لا يجوز أن يتفرد أحد في لبنان بمصير البلد وناسه، كائنا من كان”.
وقال: “في الماضي القريب أتحفونا بالديموقراطية التوافقية. لم يجوز التوافق في أزمنة ولا يجوز في أخرى؟ لغة التحدي والتهويل مرفوضة في وقت مطلوب فيه التنازل عن المصالح، والاتفاق بين المسؤولين، والالتفاف حول فكرة الوطن الواحد الحر والمستقل، للخروج من الأزمة. الاستقواء لا يدوم. الوطن هو الثابت. لذا مطلوب الكف عن الكلام والتراجع عن المحاصصة وتقاسم السلطة وتشكيل حكومة تنكب على العمل ليل نهار، والبدء بسلسلة إصلاحات تطمئن الشعب والخارج، عوض نعي ما وصلنا إليه. ولنبعد لبنان عن صراعات المنطقة في هذا الظرف الصعب، كي لا ندفع ثمن صراعات الآخرين. لبنان هو وطننا، واستقلاله وحريته واستقراره وإبعاده عن كل ما يجري خارج حدوده يعود بالمنفعة على الجميع. المطلوب تفاهم وتعاون لا تصفية حسابات يدفع المواطن وحده ثمنها من أمنه واستقراره ولقمة عيشه ومستقبل أولاده. نخاطب ضمائركم مرة جديدة: ضعوا انتماءاتكم وطموحاتكم ومكاسبكم جانبا وشكلوا حكومة تجري الإصلاحات الضرورية، وتعمل على إنقاذ ما تبقى من لبنان. يبدو أن اهتمام العالم بلبنان أكبر من اهتمام المسؤولين به. أي صورة عن لبنان نعطي للعالم؟ كلنا عاينا ما أوصلتنا إليه السياسة والسياسيون. لنترك الخبراء وأصحاب الإختصاص يعالجون ما أفسده السياسيون بأنانياتهم ومحاصصاتهم، لأن مصلحة لبنان قبل مصلحة الحكام، المرجو منهم تنازلات على قدر عظم المأساة”.
أضاف: “ثبتوا إيمانكم بالله وحده، ولا تلقوا آمالا على أشخاص يبدون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة. المسيح تنازل وقبل الصلب من أجل خلاص الشعب، ونحن لا نجد مسؤولا يتنازل، لا عن كرسي، ولا عن مكسب، من أجل الشعب، وفي المقابل يطالعوننا بمعلقات عن المسيحيين وحقوقهم. لنتعلم المسيحية من المسيح كما يقول بولس الرسول: تمثلوا بي كما أنا بالمسيح (1كور11: 1)، ولنطبقها بالأفعال، لا بالأقوال والشعارات، من أجل إنقاذ شعب أكله اليأس بسبب الوعود الفارغة”.
وختم عوده: “في النهاية، نسأل الرب إلهنا أن يرحمنا بواسع رحمته، ويشرق في قلوبنا نوره غير المخلوق، فنشعر بوجوده في حياتنا، ويتشدد إيماننا، علنا نصل إلى القيامة البهية”.