بيان السينودس الماروني وفيديو ونص عظة البطريرك مار بشارة الراعي في ختام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية المقدس الذي عقد في بكركي: ندعو الى تعزيز الشراكة المسيحية الاسلامية في العالم وتبديد أجواء صراع الاديان

137

بيان السينودس الماروني وفيديو ونص عظة البطريرك مار بشارة الراعي في ختام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية المقدس الذي عقد في بكركي: ندعو الى تعزيز الشراكة المسيحية الاسلامية في العالم وتبديد أجواء صراع الاديان
السبت 31 تشرين الأول 2020

وكالة الأنباء الوطنية/وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس اختتام أعمال سينودس الكنيسة المارونية في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وبولس الصياح، بمشاركة أساقفة الطائفة في لبنان وبلدان الانتشار.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “رجل رب بيت نصب كرما” (متى 21: 33). قال فيها: “1.نحتفل معا بذبيحة الشكر في ختام أعمال سينودس أساقفة كنيستنا المقدس. نشكر الله الواحد والثالوث على محبة الآب التي ظللتنا، ونعمة الإبن التي قدستنا، وحلول الروح القدس الذي أنار خطانا. ونرفعها ذبيحة إستغفار عن كل ما صدر عنا من نقص في الواجب، أو إساءة لله بانتهاك رسومه ووصاياه، كما نرفعها ذبيحة إلتزام بالرسالة الموكولة إلينا من المسيح الرب لرعاية “الخراف التي افتداها بدمه”، بالحقيقة والمحبة.

2. إن المثل الذي أعطاه ربنا في إنجيل اليوم يحمل الكثير من المعاني في رموزه. رب البيت هو الله؛ الكرم الذي نصبه هو شعبه؛ السياج هو وصاياه ورسومه وكلامه ونعمة أسراره الخلاصية السبعة؛ المعصرة هي الكنيسة حيث تجمع ثمار البر والقداسة؛ البرج هو ربنا نفسه الظاهر كبرج حصين، وسط الكنيسة المقدسة مع العذراء والقديسين؛ الكرامون هم نحن الذين سلمهم الرب كرمه؛ وأخيرا الخدام الذين أرسلهم ليحملوا إليه ثمار الكرم هم المؤمنون والمؤمنات الذين يأتون ليغتذوا من كلام الله، ويتجددوا بنعمة أسراره، ويحظوا بمساعدة المحبة لهم في حاجاتهم.

3. كشف القديس يوحنا فم الذهب، في هذا المثل، جودة عناية الله الذي دبر كل شيء لخلاص كل إنسان، وهيأ كل شيء، ولم يترك لنا سوى المحافظة على ما أوكله إلينا. لم يهمل أي شيء، بل أتم كل شيء، وأعطانا أن نهتم بثمار كرم الكنيسة الإلهي والكنسي والمادي. وهذا ما يبين مسؤوليتنا الجسيمة تجاه أبناء أبرشياتنا الذين من حقهم أن يتنعموا هم أيضا بهذه الثمار، فلا نقتلهم روحيا وراعويا واجتماعيا.
إن هذين الأسبوعين اللذين قضيناهما معا، كانا في الحقيقة تعبئة روحية وكنسية وراعوية واجتماعية، لكي نفيض منها على النفوس الموكولة إلى عنايتنا.

4. ينطبق هذا المثل أيضا، على الحقل المدني، على المتعاطين الشأن السياسي. فالكرم هو الوطن، كل وطن، المسيج بدستوره وميثاقه وعدالته؛ والكرامون هم السلطة السياسية؛ والخدم هم المواطنون الذين يطالبون المسؤولين في الدولة بحقوقهم الأساسية: الطعام، والتربية، والعمل، والسكن، وإنشاء عائلة، والحصول على فرص عمل تؤمن لهم إمكانية عقد زواج وتأسيس عائلة، والتنعم بالأمن الغذائي، والإستقرار الأمني. لكن السلطة السياسية عندنا قتلت شعبها إقتصاديا وماليا ومعيشيا وإنمائيا. وزجتهم في حالة من الضياع والغضب، واليأس والثورة، والهجرة والبقاء. لكننا نحن ندعوهم للصمود وإنقاذ لبنان وشعبه من المتربصين به شرا.

5. الآن ونحن أمام استحقاق تاريخي دستوري كبير الأهمية هو تأليف حكومة جديدة، يجب على الجماعة السياسية أن تعترف بفشلها في تمثيل المواطنين وكسب ثقتهم وفي إدارة البلاد. فتتنحى من أجل لبنان، ولو موقتا، أمام فريق عمل حكومي متضامن يقود البلاد نحو طريق النهوض. وإذ ننتظر تشكيل الحكومة سريعا، فإنا نريدها مع الشعب كله حكومة اللبنانيين ولبنان، حكومة الدستور والميثاق، حكومة منكوبي إنفجار مرفأ بيروت، حكومة صرخة الأمهات والآباء والبنين، حكومة القدرة على الإنقاذ. وأي حكومة أخرى هي مضيعة جديدة للوقت وللوطن كما كانت الحكومات السابقة. ولست أدري ما ستكون حظوظ بقائها ونجاحها.

6. إننا نلاحظ وجود خطط إقليمية ودولية مكتومة المضمون ومجهولة الأبعاد النهائية يجري تطبيقها يوما بعد يوم وسنة بعد سنة تدريجيا وبالتقسيط، بمنأى عن الأنظمة القائمة وإرادة الشعوب. لذلك نجدد إيماننا بكيان لبنان المستقل بحدوده الدولية، وبوحدة شعبه في إطار شراكة ميثاقية تعددية لامركزية يحصنها الولاء المطلق للبنان ويقودها نظام ديمقراطي ومنظومة حريات وقيم روحية ووطنية وإنسانية.

7. إن كنيستنا تعتبر أن كل شيء يرخص أما الحفاظ على كيان لبنان، والشراكة الوطنية الميثاقية، والديمقراطية والحريات. واستباقا لكل الأخطار طرحنا الحياد الناشط مظلة واقية للبنان في هذه المرحلة العاصفة والمضْطربة. إن قيمة لبنان هي أن يوالف بين حياده من جهة وبقائه حاضرا ناشطا ومتواصلا مع العرب والعالم. فحين لم يكن يوجد بعد كيانات ودول ناجزة، كان لبنان، بجبله التاريخي، محاورا للشرق والغرب للحفاظ على استقلاله الذاتي، فكيف الحال اليوم؟

8. إن الكنيسة المارونية تدعو إلى تعزيز الشراكة المسيحية – الإسلامية في العالم وتبديد أجواء صراع الأديان وبخاصة بعد تقدم الحوار بين مرجعيات الإسلام والمسيحية، وصدور “وثيقة الأخوة الإنسانية” في أبو ظبي في الخامس من شباط 2019. وإذ تشجب كنيستنا بشدة التعرض المقيت للرموز الدينية وإعادة نشر الرسوم المهينة تحت ستار الحريات والعلمنة، تستنكر بشدة في الوقت عينه إقدام عناصر إسلامية متطرفة على قطع رأس معلم أمام مدرسته، وذبح ثلاثة مصلين داخل كنيسة في مدينة Nice بفرنسا، وهم يتضرعون إلى الله من أجل السلام والأخوة. هذه الأعمال المستنكرة لا تجد لها أي مبرر إنساني أو ديني، بل هي إساءة جسيمة إلى الله، سيد الحياة والموت وحده. وإذ نتقدم بأحر التعازي من فرنسا راجين من سفيرتها في لبنان نقلها إلى رئيس جمهوريتها وإلى الحكومة وعائلات الضحايا، نصلي من أجل إحترام الأديان المتبادل، وحفظ العلاقات الصافية وتعزيز حوار الثقافة والحياة بين المسيحيين والمسلمين.

9. يا رب، ارحمنا، والتفت إلى بؤس واقعنا، وشدد إيماننا بأبوتك الشاملة وبالأخوة بين جميع الناس. لك المجد والتسبيح أيها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

*****

بيان السينودس
اختتام أعمال سينودس الكنيسة المارونية في بكركي: تدابير كنسية وراعوية ومبادرات لخدمة المجتمع
السبت 31 تشرين الأول 2020
وطنية – اختتم سينودس الكنيسة المارونية الذي انعقد في الصرح البطريركي في بكركي برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومشاركة مطارنة الطائفة في لبنان وبلدان الانتشار، أعماله ظهر اليوم، وصدر عنه بيان ختامي تلاه راعي ابرشية البترون المطران منير خيرالله وجاء فيه:

“بدعوة من الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، اجتمع مطارنة الكنيسة المارونية في الكرسي البطريركي في بكركي للمشاركة في الرياضة الروحية السنوية وفي أعمال السينودس المقدس. وتوافدوا من أبرشيات لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار حاملين معهم هموم أبنائهم وشجونهم وانتظاراتهم وتطلعاتهم. وقد اعتذر عدد قليل منهم بسبب تفشي وباء كورونا في بلدان العالم كافة.
شاركوا في مرحلة أولى، من 21 إلى 24 تشرين الأول 2020، في الرياضة الروحية التي ألقى عظاتها المرسل اللبناني الأب مالك أبو طانوس في موضوع “ثورة التطويبات” تأمل فيها بدور “الأسقف زارع السعادة والرجاء، الأسقف الفقير ومحب الفقراء، الأسقف خادم الرحمة، ومشبع الجياع إلى الحق، وشاهد وداعة وصانع سلام، والثابت في الشدائد والاضطهادات”.
وفي مرحلة ثانية، من 26 إلى 31 تشرين الأول 2020، استمعوا إلى الراعي في كلمة افتتاحية استعرض فيها جدول أعمال السينودس المقدس، وشدد على “أننا في السينودس نعمل بروح ونهج مجمعيين نناقش المواضيع التي تهم كنيستنا وشعبنا في الظروف الراهنة ونواصل معا عمل الرب يسوع بانتخاب رعاة وفق قلب الله، أساقفة خلفاء الرسل للقيام بخدمة التعليم والتقديس والتدبير”.
ثم تدارسوا شؤونا كنسية وراعوية واجتماعية ووطنية وناقشوها بروح الأخوة والمحبة والانفتاح. واتخذوا التدابير الكنسية المناسبة.
وفي ختام المجمع، أصدروا البيان الآتي:

أولا: في الشأن الكنسي
أ- الإصلاح الليتورجي.
2 – اطلع الآباء على أعمال اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية التي قدم رئيسها تقريرا عن أعمالها وعن الكتب المطبوعة ومنها كتاب الإرشادات الطقسية، وعن الكتب الجاهزة للطباعة والاختبار، ومنها كتاب قراءات العهد القديم للقداس في الآحاد والأعياد وكتاب جناز الأحبار والكهنة والشمامسة. وعرض المشاريع المستقبلية، ومنها كتاب صلوات الأزمنة الطقسية (الفرض)، ورتب سيامة الدرجات الصغرى والشماسية، وترجمات الكتب الليتورجية، وكتاب التبريكات وبعض الرتب الخاصة.
توقف الآباء في مناقشاتهم عند بعض الإشكاليات المطروحة في التجديد الليتورجي، ومنها إشكالية التوفيق بين التقليد والتحديث، وبين التراث والتأوين، لكي تحاكي ليتورجيتنا عالم اليوم بحقيقتها ورموزها وتطال الشبيبة التي تحتاج إلى العودة إلى ينابيع روحية ورعوية لكي تتمكن من أن تواجه تحديات ثقافية وإيديولوجية.
وكذلك إشكالية الترجمات التي تنطلق من الأصل السرياني، وبخاصة لأبرشيات الانتشار، حيث أبناؤنا لا يفهمون العربية ويجب التواصل معهم بلغاتهم الجديدة.
واتخذ الآباء القرار بمراجعة دقيقة لكتاب الإرشادات الطقسية وكل الكتب الليتورجية والرتب، قبل إطلاقها، ووضعها في الإختبار في بعض الجماعات والرعايا النموذجية على أن ترافقها لجنة خاصة تتولى شرح المضمون للناس بطريقة تلامسهم وتستمع إلى آرائهم.

ب – التنشئة الكهنوتية
3 – اطلع الآباء على تقارير المدارس الاكليريكية المولجة تنشئة كهنة الغد. ورحبوا بمشروع افتتاح اكليريكية مار مارون في سيدني أستراليا في السنة 2021. وهو مشروع جديد ورائد لقارة أوقيانيا حيث يتكاثر ويتعاظم الحضور الماروني كنسيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا. ثم اطلعوا على تقرير إكليريكية سيدة لبنان واشنطن الذي يشدد على برامج التنشئة وعلى التعمق في الروحانية المارونية والليتورجيا واللغة السريانية المعبرة عن هوية الكنيسة المارونية.
ثم على تقرير اكليريكية مار أنطونيوس البادواني كرمسده الذي يشدد على برنامج التنشئة في كل محاورها والإنفتاح على الخبرات الرعائية.
ثم على التقرير المفصل عن الاكليريكية البطريركية المارونية في غزير التي تستقبل معظم الطلاب الاكليريكيين الموارنة. وتوقف التقرير عند التحديات المستقبلية، وهي: إغناء فريق الكهنة المنشئين، الانفتاح على واقع الشبيبة في عالم اليوم، التواصل والتنسيق مع كلية اللاهوت الحبرية، والتعاون مع الأبرشيات من أجل التكامل في العملية التربوية.
واستمعوا أخيرا إلى تقرير عن المعهد الحبري الماروني في روما حيث يتابع عدد من كهنتنا دروس التخصص في المجالات التي تحتاج إليها كنيستنا وأبرشياتنا.
شكر الآباء الله على نعمة الدعوات الكهنوتية والرهبانية في كنيستهم وأوصوا بمتابعة الجهود في سبيل إعداد كهنة يلبون حاجات الكنيسة المارونية المنتشرة في العالم ودعوتها ورسالتها في الكنيسة الجامعة.

ج – الشؤون القانونية وخدمة العدالة.
4 – استمع الآباء إلى تقارير خدمة العدالة في المحاكم الكنسية التي تأثر عملها بسبب الإقفال القسري والمتكرر جراء تفشي وباء كورونا.
وقدروا الجهود التي يقوم بها القيمون على المحاكم من أجل تطوير سير العمل فيها بغية تسريع إصدار الأحكام وتخفيض الأعباء على المتقاضين. وقد اعتمدت طريقة جديدة هذه السنة تقضي بقيام جلسات المذاكرة عن بعد، ما سهل التعامل مع الدعاوى وتسريع إصدار الأحكام فيها. وتزايد بشكل كبير الطلب من المتقاضين للحصول على الحسومات على رسوم الدعاوى نظرا إلى الأوضاع المالية والاقتصادية المتدهورة.
وأثنى الآباء على الجهود المضاعفة التي تبذلها الأبرشيات والمحكمة ومكتب راعوية الزواج والعائلة ومكتب راعوية المرأة واللجنة الأسقفية للعائلة والحياة في شأن المصالحات الزوجية ومراكز الإصغاء والمرافقة والاعداد للزواج.

ثانيا: في الشأن الرعوي

أ – أوضاع الأبرشيات في النطاق البطريركي
5 – استعرض الآباء أوضاع الأبرشيات، مبتدئين بالأبرشيات التي تحتاج إلى انتخاب مطارنة، وأوضاع سائر الأبرشيات في لبنان، وبخاصة أبرشية بيروت بعد الكارثة التي حلت بها على إثر إنفجار المرفأ في 4 آب. وقدروا حملة التضامن الواسعة التي برزت، من كل المناطق وبلدان الإنتشار ومن الشبيبة بنوع خاص، وأسفوا لغياب الدولة ومؤسساتها عن القيام بواجباتها. وتوقفوا عند الرسالة التي تحملها وعند الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم في ظل الأزمات المتراكمة والخانقة والتي ضاعفت حالة الفقر والبطالة وطلب الشباب إلى الهجرة، والوضع المتردي الذي يعيشه لبنان وبلدان المنطقة والتي لا تزال تدعو إلى القلق إزاء عملية السلام في ضوء النزاعات الإقليمية والدولية وتداعياتها الإقتصادية والإجتماعية.

أثنى الآباء على ما يقوم به مطارنة هذه الأبرشيات بالتعاون مع كهنة الرعايا والعلمانيين من سعي إلى تقديم المساعدات الاجتماعية والانسانية لتثبيت أبنائهم في أرضهم وتشجيعهم على استعادة الثقة وبناء مستقبلهم في أوطانهم. وتقدموا بالشكر من الأبرشيّات المارونيّة في الإنتشار، ومن كلّ المؤسسات العالمية، الكنسية والمدنية، التي تقدم المساعدات لدعمهم في رسالتهم.

ب – أوضاع أبرشيات الإنتشار
6 – تداول الآباء كذلك في أوضاع أبرشيات الانتشار وتقدمها ونموها وحاجات بعضها. وتوقفوا بنوع خاص عند إكسرخوسية كولومبيا والبيرو والأكوادور. وأكدوا أن الحاجة إلى كهنة يخدمون الرسالات في هذه البلدان لا تزال ملحة لجمع أبناء الكنيسة المارونية المنتشرين فيها. وكذلك الحاجة إلى الدعم المادي من أجل إنشاء البنى الأساسية للخدمات الراعوية الضرورية.
وأوصى الآباء من جديد أن تضع الأبرشيات والرهبانيات في لبنان في سلم أولوياتها تنشئة إرسالية لكهنتها ومكرسيها وإرسالهم للخدمة في بلدان الانتشار، وأن تعمل على تقديم المساعدات المادية للأبرشيات الناشئة.

ثالثا: في الشأن الاجتماعي وخدمة المحبة
7 – استعرض الآباء الأوضاع المتردية في لبنان جراء الأزمات المتراكمة الإقتصادية والنقدية والإجتماعية والمعيشية السائدة، خاصة منذ إنطلاق الثورة الشعبية في 17 تشرين الأول 2019، وتفاقم بسبب وباء كورونا، وتردت للغاية بعد إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي. فبات أكثر من نصف الشعب اللبناني يعيش تحت خط الفقر، ومعدل البطالة تعدى الخمسين في المائة.
ثم تداولوا في الحالة المعيشية المتدهورة التي وصل إليها أبناؤهم وبناتهم في لبنان وبلدان المنطقة وهم واقفون إلى جانبهم يقدمون المساعدات الممكنة عبر أبرشياتهم ومؤسساتهم الكنسية المختصة والمدارس والجامعات والمستشفيات والمستوصفات والمراكز المتخصصة للمسنين والأطفال والأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة والمعوقين.

8 – أثنى الآباء على المبادرات التي تقوم بها عمليا البطريركية وأبرشياتهم ورهبنياتهم بالتعاون مع اللجنة البطريركية العليا للاغاثة، والمؤسسة البطريركية العالمية للانماء الشامل، والمؤسسة البطريركية للانتشار ومؤسسة “سوليداريتي”، ورابطة كاريتاس لبنان وجمعية مار منصور، وغيرها من المؤسسات الكنسية المسيحية وجمعيات المجتمع المدني.

ومن أهم هذه المبادرات:
– العمل على تأمين منح مدرسية لأكثر من خمسة آلاف تلميذ.
– تأمين حصص غذائية لأكثر من خمسة وعشرين ألف عائلة شهريا في كل المناطق اللبنانية.
– تأمين أدوية ومساعدات إستشفائيّة لأكثر من خمسة آلاف مريض.
– الإسهام في ترميم ثلاثة آلاف شقة في الأحياء المنكوبة من بيروت
– تأمين برامج تمكين وتدريب لآلاف الشباب في القطاع الزراعي والمهني في كل المناطق اللبنانية.

9 – عبر الآباء من جديد عن تضامنهم مع إخوتهم أبناء بيروت وجميع اللبنانيين، وبخاصة المتضررين منهم والمجروحين والمتألمين والمشردين، وعن قربهم منهم ومحبتهم وأخوتهم الإنسانية.
وأعربوا عن شكرهم للدول الصديقة، وبخاصة فرنسا، والمنظمات العالمية الكنسية والمدنية، وبخاصة “مؤسسة الشرق” و”الكنيسة المتألمة” وسواها، على تبرعاتهم السخية لمساندة إخوتهم في كنائس الشرق وفي لبنان بنوع خاص.

10 – تداول الآباء في وضع المدارس الخاصة، لا سيما الكاثوليكية منها، التي تعاني من الأزمة المتفاقمة ومن عدم القدرة على دفع المستحقات للهيئات التعليمية والموظفين، ومن صعوبة الأهل في تسديد الأقساط المدرسية.
لذا يجدد الآباء مطالبتهم الملحة الدولة لتسديد مستحقات المدارس في أسرع وقت ممكن. ويشكرون المؤسسات الكنسية والمدنية، العالمية والمحلية، على الإسهامات التي تقدمها للمساعدة في استمرار المدارس للقيام بدورها الثقافي والإجتماعي والوطني الرائد، ويطلقون النداء إلى أصحاب النيات الطيبة والأصدقاء من أجل دعم المدارس، لاسيما المتعثرة منها، بتأمين منح مدرسية للتلامذة المحتاجين.

رابعا – في الشأن الوطني
11 – بعد تكليف رئيس جديد للحكومة، ينتظر منه الآباء والشعب، كما من رئيس الجمهورية، الإسراع في تأليف حكومة إنقاذية بعيدة عن الإنتماءات السياسية والحزبية وآفة المحاصصة، مع ضرورة منحها الصلاحيات اللازمة لكي تتمكن من إجراء الإصلاحات المنشودة ومكافحة تفشي الفساد، والعمل على إستقلالية القضاء، وإطلاق النمو الإقتصادي، وإعادة تكوين السلطة في مسار دستوري ديمقراطي سلمي وسليم.
وفي إعادة تكوين السلطة، يأمل الآباء بروز أشخاص يتصفون بالنزاهة والشفافية والإختصاص والتكرس لخدمة الشأن العام ويحملون هم بناء السلام لتحمل المسؤوليات الوطنية والسياسية.

12 – لا يمكن أن يسكت الآباء عن تقصير الدولة اللبنانية في مؤسساتها الرسمية من وزارات وإدارات معنية وبلدية بيروت في التعامل مع تداعيات إنفجار مرفأ بيروت الإجرامي، وقد مر عليه ثلاثة أشهر، وخلف الدمار والضحايا والتشريد.

أولا: من حيث التباطؤ في التحقيق وكشف الأسباب والفاعلين الحقيقيين وراء هذه الفاجعة، ومحاكمتهم.
ثانيا: من حيث التعويض على عائلات الشهداء والمصابين بما يحق لها، والإسراع في صرف الأموال اللازمة لترميم الأبنية والوحدات السكنية التي يفوق عددها الستين ألفا حتى لا تفرغ بيروت ممن قدموا الغالي وعلى مدى سنوات للمحافظة على وجهها المميز في لبنان الرسالة. كما يطالب الآباء الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية القيام بما يلزم حتى لا تتكرر المأساة الجريمة فتصيب أبرياء آخرين من مناطق أخرى في لبنان.

13 – يؤكد الآباء على موقف الراعي في إعلان تحييد لبنان تحييدا ناشطا، قناعة منهم أن حياد لبنان هو ضمان وحدته وتموضعه التاريخي في هذه المرحلة المليئة بالتغييرات الجغرافية. وحياد لبنان هو قوته وضمانة دوره في استقرار المنطقة، ويثبت لبنان في دوره السياسي والثقافي والرسالي في الشرق والغرب. ويرى الآباء أن الحياد الناشط يعطي أولوية للشراكة الوطنية الحقيقية ويبعد عن لبنان استقواء أي فريق داخلي بالخارج لتنفيذ أجندات وسياسات لا تتناسب ومصلحة اللبنانيين وسيادة لبنان. ويعلنون عن عزمهم العمل الدؤوب مع شركائهم في الوطن على بناء دولة حديثة تكون في خدمة الانسان، دولة وطنية جامعة، دولة مدنية ديمقراطية حديثة، دولة قانون وعدالة، دولة مشاركة، دولة إنمائية تعتمد اللامركزية الإدارية الموسعة، دولة تطبق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني نصا وروحا.

خامسا: التدابير الكنسية والراعوية
14 – إتخذ الآباء التدابير التالية:
1) إنتخاب رئيس أساقفة قبرص المطران يوسف سويف مطرانا لأبرشية طرابلس خلفا لرئيس أساقفتها المطران جورج بو جوده الذي بلغ السن القانونية.
2) انتخاب النائب العام لأبرشية صور الخوراسقف شربل عبدالله مطرانا لها خلفا المطران شكرالله نبيل الحاج الذي بلغ السن القانونية.
3) إنتخاب المطران مارون العمار، مشرفا على توزيع العدالة في محاكمنا المارونية داخل النطاق البطريركي، وفي الوقت عينه رئيسا لمحكمة سينودس أساقفة كنيستنا المارونية: وانتخاب المطرانين جوزف معوض والياس نصار عضوين في هذه المحكمة.
4) إنتخاب المطارنة يوسف سويف، مارون العمار، وبولس عبد الساتر أعضاء في لجنة النظر في حدود الأبرشيات وتكوين اكسرخوسيات أو أبرشيات جديدة في النطاق البطريركي وبلدان الإنتشار.
5) إنتخاب المطارنة عبدالله الياس زيدان، انطوان عوكر وبولس الصياح أعضاء في إدارة صندوق المطارنة المتقاعدين.

15 – في الختام، يتوجه الآباء إلى أبنائهم أينما وجدوا بالدعوة إلى سماع صوت الروح القدس يتكلم فيهم ليكونوا خميرة في مجتمعاتهم ونورا للعالم. ويلتزمون بأن يعيشوا معهم إيمانهم ورجاءهم بالمسيح القائم من الموت والشهادة بفرح في حياتهم اليومية حاملين رجاء جديدا إلى شبابنا والأجيال الطالعة.
كما أنهم يحثون أبناءهم على التمسك بتراث كنيستهم وآبائهم وأجدادهم ويشاركونهم الصلاة والإبتهال إلى الله بشفاعة والدة الإله مريم العذراء والقديسين شفعائنا من أجل هداية المسؤولين في العالم للعمل على إيقاف الحروب في الشرق الأوسط والعالم وإحلال السلام العادل والشامل والدائم ونشر الأخوة الإنسانية وعودة جميع النازحين والمهجرين والمخطوفين إلى أرضهم وأوطانهم”.