فارس خشّان/خلاف عون و’حزب الله’: مصلحي أم وطني؟

87

خلاف عون و’حزب الله’: مصلحي أم وطني؟
فارس خشّان/الحرة/28 كانون الأول/18

أنهى رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان ولايته الرئاسية باستنتاج معبّر: “حزب الله” في لبنان يعمل ضد بناء الدولة.

هذا الاستنتاج الذي رافق سليمان، في النصف الثاني من عهده كبّده، ولا يزال، الكثير، إذ وضعه في مرمى الحزب وحلفائه وأتباعه، بهدف تهميشه بتهشيمه.

ثمة في لبنان من يترقب تكرار السيناريو نفسه، في العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة وبين “حزب الله” من جهة أخرى، وذلك على خلفية الافتراق الحاصل حاليا بين الطرفين في النظرة إلى التوازنات الواجب إقامتها في الحكومة التي يتعثّر تشكيلها كلما وصل “التفاؤل” إلى ذروته.

ويعتقد هؤلاء أن عون أقدر على المواجهة من سليمان، فالرئيس السابق، خلافا للرئيس الحالي، كان يفتقد إلى وسائل إعلام داعمة وإلى كتلة نيابية فاعلة وإلى ماكينة حزبية ناشطة. كما أن الخلاف بينه وبين الحزب لم يخرج إلى العلن إلا في الأشهر الستة التي كانت تفصله عن نهاية ولايته، حيث كانت أولوية الاهتمام لا تنصب على بناء الدولة ومنع انهيارها المالي والاقتصادي، بل على معالجة الفراغ الرئاسي الذي كان يلوح في الأفق بكل تداعياته السلطوية والمؤسساتية والأمنية، في ظل الحرائق المشتعلة في المحيط عموما وعلى الحدود خصوصا.

ولكن هل إن ما حصل مع سليمان يمكن أن يرى النور مع عون؟

المواد الأوّلية لخلاف منهجي كبير متوافرة، فعون يرى أن “حزب الله” يتصدّى لمشروعه في قيادة لبنان؛ وهو، أي “حزب الله” لا يكتفي بالتأثير على السياسة الخارجية التي تُبقي لبنان في دائرة الخطر فحسب، بل يضع يده، أيضا، على السياسة الداخلية التي سبق لعون أن تعهّد بأن تكون “إصلاحية وتغييرية”. كما أن لبنان الذي يحتاج الى إنقاذ يستحيل توافره بلا دعم من المجتمع الدولي ـ وعموده في هذه الحال الخليج العربي ـ لا بد من أن يعمد الى إحداث فصل بين الحزب المصنّف إرهابيا من جهة وبين الدولة المستضعفة من جهة أخرى، بدل الغرق في هذا الدمج الانصهاري.

ولكن الأسبقيات تأخذ القراءة في اتجاه آخر، فـ”حزب الله” وعون أثبتا على مدى سنوات التحالف الذي أعلنا عنه في شباط/ فبراير 2006، أنهما قادران على إدارة الخلاف الذي ينشب بينهما، على خلفيات توزيع “مغانم السلطة”. فطموح عون، وفق التجربة، يختصر على تعزيز مكاسبه في الداخل اللبناني بعيدا من الطموحات الوطنية، في حين أن “حزب الله” يضع في حسابه مسبقا ضرورة تراجعه خطوة كلّما تقدّم خطوتين في اتجاه بسط هيمنته على لبنان، قرارا ومؤسسات.

وبهذا المعنى، فإن “الاشتباك الكلامي” الحاصل بين ماكينتي عون و”حزب الله” لم يخرج بمضمونه عن تلك التي كانت متوافرة في الاشتباكات السابقة، إذ إن عون يُذكّر الحزب بوقوفه معه في المفاصل المكلفة وطنيا وشعبيا، في حين يستعيد الحزب التنويه بقائمة كاملة عما وفّره لعون من مكاسب في معادلة النفوذ اللبناني؛ أي أن عون وفّر غطاء وطنيا لـ”حزب الله” الذي كان قد أمّن لعون مكاسب في المجلس النيابي والحكومات والإدارات وصولا إلى رئاسة الجمهورية.

وعلى قاعدة الأسبقيات، فإن الخلاف القائم حاليا بين عون من جهة و”حزب الله” من جهة أخرى، لا يختلف، في جوهره، عن طبيعة الخلافات السابقة التي انتهت دائما رضائيا.

وإذا ما جرى الركون إلى ما يتم تداوله في كواليس السياسة اللبنانية، فإن عون يريد من “حزب الله” أن يساعده في تكريس مفهومه للرئيس القوي الذي له كلمة حاسمة في الحكومة والإدارة والقضاء والأمن، و”حزب الله” لن يتردد في الموافقة مع عون، ما إن يضمن أنّ رئيس الجمهورية سيمتنع عن خطوتين:

الأولى، أن يقدم عون على صرف هذه القوة في صفقة مع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، في ما يشبه إعادة الاعتبار للقواعد السابقة التي قام عليها الميثاق الذي تكرهه الشيعية السياسية عموما و”حزب الله” خصوصا.