عمـاد مـوسـى: الشعب اللبناني السعيد/داود البصري: الثورة الأحوازية في تصاعد/خيرالله خيرالله: لماذا يصعب تصديق إيران

207

الشعب اللبناني السعيد
عمـاد مـوسـى/لبنان الآن/22 آذار/16

خصّت الأمم المتحدة يوماً للمرأة في شهر آذار من كل سنة، ويوماً عالمياً لمناهضة تعسفات الشرطة، ويوماً للشعر، ويوماً للمسرح، ويوماً للأرض، ودرجت قبل أعوام على نشر تقرير سنوي في هذا الشهر عن الشعوب الأكثر سعادة في العالم في هذا الشهر الرائع. والعوامل المجتمعية هي الأكثر أهمية بالنسبة للسعادة وتتمثّل في قوة الدعم المجتمعي، ومستوى الفساد، والحرية التي يتمتع بها الفرد. إلى مسائل التعليم والصحة والتنوع البيئي والثقافي والمستوي المعيشي، ولفتني تقرير صدر قبل ثلاثة أعوام أن الثروة المالية ليست هي التي تجعل الناس سعداء كما يعتقد البعض، بل الحرية السياسية وغياب الفساد والشبكات الاجتماعية القوية، وهي عوامل أكثر فاعلية من العامل المادي. مع ذلك بقيت مؤمناً، كما أشقائي اللبنانيين، أن الفوز بجائزة اللوتو الأولى، ستجعلني سعيداً… لكن في اليونان أو لاتفيا أو إيطاليا أو أستونيا. من يستمع إلى خِطب قادة حزب الله يعتقد أن السعادة الشعبية في العقود الثلاثة الأخيرة وُجدت بغزارة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بحُكم تعلّق الشعب بنظام غيبي يؤمّن السعادة الإلهية المطلقة لكافة المؤمنين بالثورة الخمينية. لكن للأسف فالدول الأكثر سعادة هي دول “الكفّار”، وفي مقدّمها مملكة الدنمارك تليها، في تقرير معهد “إيرث” بجامعة كولومبيا الذي أُعدّ بتكليف من الأمم المتحدة، سويسرا ثم آيسلندا فالنرويج. أما الإمارات العربية المتحدة فتراجع ترتيبها من المرتبة العشرين إلى 28. وحلّت سوريا – الأسد في المرتبة ما قبل الأخيرة، والصدمة الكبرى أن إيران جاورت سوريا فيما كانت توقعات طهران تُرجّح حلول الجمهورية الإسلامية في إحدى المراتب الخمس الأولى. الموت للدانمرك. الموت لمملكة السويد، الموت للإستكبار. الموت لأمريكا! في المحصلة بالُ الدول الإسكندينافية وشعوبها فاضٍ. تباً لهم. أما الشعب اللبناني الأبي فسعادته حقيقية أزلية سرمدية ويستحق الصدارة. أخي اللبناني يكفي أن تفكّر أنك تعيش في دولة تضم 18 طائفة حتى تفتح فمك كالسعداء البلهاء وتنظّر على سما أوروبا أن أرضك أرض التسامح والقديسين والعباقرة ونقيض إسرائيل، وشيل على قدك يا تقيل! أخي اللبناني يكفي أن تفكر أنّ ارتداء النساء المايوه (قطعة وقطعتان) ما زال متاحاً ومباحاً على 55% من شواطئ لبنان حيث تضربك أمواج السعادة على نافوخك الجميل. يكفي أن تجول على الفايسبوك لتدرك مدى سعادة الشاب اللبناني عندما يضع صورة أمه المتوفاة حديثاً على صفحته ويحصد 890 لايك في يوم التعازي الأول. يكفي أن تسمع من فارس الغناء العربي عاصي الحلاني مرة في الأسبوع رائعته “بيكفي إنك لبناني” كي تغرق في بحر السعادة. رفعُ الزبالة يسعدنا. إنتخاب ملكة جمال لبنان، رغم كل الظروف، يسعدنا. تزفيت الطريق يسعدنا. الأعراس. الأعياد. الإنتصارات. إحتياطي مصرف لبنان من العملة الصعبة. طاولة الحوار. حرية الشتم. نتائج البروفيه كلها تسعدنا. وإن ننسى لا ننسى أن بيت سعادة وسعيد وسعيدون وسعد وأسعد من “عنّا” من هالأرض من هالسهل من هالجبل. فكيف يضعنا التقرير الأممي في المرتبة 93؟ واخجلتاه!

الثورة الأحوازية في تصاعد
داود البصري/السياسة/23 آذار/16
مع تصاعد المد الجماهيري والثوري للشعب العربي الأحوازي، تبدو قضية تقرير المصير من المسائل الجوهرية والمباشرة في ملف النضال الأحوازي من أجل الحرية والإنعتاق.فحروب الإرادة في الشرق قد أفرزت حقائق موضوعية لا تقبل التراجع تتمثل في المد الثوري التحرري الأحوازي الذي أضحى اليوم من وقائع الميدان في الشرق القديم. الأحوازيون في نهضتهم الوطنية وإنبعاثهم القومي قد وصلوا حاليا لمرحلة قطف الثمار، لكون المشروع التحرري الأحوازي قد نضج وتبلور وتحددت معالمه رغم بعض الخلافات الداخلية بين الأحوازيين حول شكل وطبيعة التعامل مع ملفات المرحلة المقبلة.
على العالم أن يعي جيدا ان قوى ثورية متحررة في المنطقة باتت العامل الحاسم في تقرير الأمور، وإن النضال العربي الأحوازي ينبغي أن يعامل معاملة حركات التحرر الوطني، فخلاص الشعب العربي الأحوازي من الهيمنة والإحتلال الفارسي الإيراني العنصري أضحى الخيار الحاسم لثورة شعبية متراكمة عبر عقود الظلم والاحتلال والإرهاب الطويلة وحيث يرفع اليوم ملايين الشباب العربي الأحوازي راية الحرية بعد أن سقى شجرتها بالدماء العبيطة وبتضحيات آلاف الشباب العربي من الذين قبلوا حبال المشانق أملا ووصولا لعهد جديد يعمل الشعب العربي الأحوازي حثيثا من أجل بلورة صيغته النهائية.
لقد كان للتحذير الذي أطلقته حركة التحرر الأحوازية للشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط في الأحواز المحتلة من ضرورة فك ارتباطها بالنظام الإيراني المحتل والمغتصب لثروات الشعب العربي الأحوازي تأكيدا جما على تصعيد الحركة الشعبية، والاتجاه بنقلة نوعية نحو وضع ثوري جديد يستمد طاقته من المتغيرات الإقليمية الكبرى وعلى رأسها الأجواء التي سادت بعد عملية «عاصفة الحزم» التي وأدت الأطماع والمخططات الصفيونية في الشرق، وشكلت المقتل الحقيقي للمشروع التوسعي العدواني الإيراني الهادف لإستباحة الشرق وتشكيل إمبراطورية الولي الفقيه الكبرى، معتقدين ان الشعب العربي الأحوازي لقمة سائغة، بينما المواجهات الشعبية اليومية ضد إرهاب الاحتلال الإيراني وأدواته مستمرة في كل المدن الأحوازية بدءا من «الفلاحية» حيث إندلعت انتفاضة شعبية وليس انتهاء بالأحواز العاصمة.
الوضع اليوم في الأحواز هو إرهاصة حقيقية تبشر بفجر الخلاص والانعتاق، وتحشد القوى الوطنية الأحوازية، وهو يصعد التحرك والنضال وإدارة أوراق الصراع في الداخل والخارج هو في حالة استعداد قتالي متقدم لتنفيذ الصفحة الثانية والحاسمة من البرنامج النضالي بتصعيد المواجهة المباشرة وبقطع الطريق بالكامل على الاحتلال ووكلائه وعملائه من المستوطنين أو الخونة. ملاحم كفاحية وجهادية تجري اليوم في الساحة الأحوازية من خلال النضال الجماهيري الدائم والمستمر والذي عبر عن نفسه بصيغ وأساليب مختلفة أبرزها التصدي للعصابات الطائفية والعودة الجماعية للشعب العربي الأحوازي للتمسك بالتوحيد والتمسك بالعروبة والانسجام النفسي والسلوكي مع «عاصفة الحزم» وما سوف يتلوها من متغيرات تاريخية ارتدادية كبرى بعد إستكمال مهمتها بنجاح.
الشرق على موعد كبير ومقدس مع متغيرات إيجابية كبرى لصالح شعوب الشرق المضطهدة وقد حقق الشعب العربي الأحوازي اختراقات إعلامية وسياسية مهمة على المستوى الدولي، وما يحتاجه الكفاح التحرري الأحوازي حاليا هو الدعم والمساندة العربية والوقفة التضامنية التي ستقودها المملكة العربية السعودية تحت قيادة سلمان الحزم والكرامة وهي تقود الحرب الدفاعية المقدسة عن الأمة ووجودها وعزتها وكرامتها بعزيمة الرجال الرجال من أحفاد الملك الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود الذين يتحملون اليوم بجدارة وإستحقاق مهمة التصدي لأشرس مشروع تخريبي طائفي يستهدف وحدة الأمة وشعوبها.
الأحوازيون اليوم أضحوا من حقائق الساحة الدولية، وجهادهم يشكل اليوم حالة يومية مستمرة لوضع تحرري أحوازي متحرر، والانعتاق من ربقة وذل وعذاب الاحتلال الإيراني لم يعد هدفا مقدسا فقط، بل أضحى حقيقة ثابتة يعيشها الأحوازيون كل يوم وحيث سيفاجأ العالم بحتمية النصر التحرري والإستقلالي الأحوازي.
لقد فات الكثير ولم يبق سوى القليل والرتوش النهائية لإستكمال معالم وملامح مرحلة الإستقلال الناجز ،ومع تصاعد رياح الثورة الأحوازية، فإن الطريق لدولة الأحواز العربية ستكون إحدى أهم ثمار هزيمة المشروع الصفيوني الغادر السقيم.

 

لماذا يصعب تصديق إيران
خيرالله خيرالله/العرب/23 آذار/16
يصعب تصديق أن إيران تريد فتح صفحة جديدة مع دول الخليج العربي، لا لشيء سوى لأن الكلام الجميل شيء، والأفعال شيء آخر. يبقى الكلام الجميل كلاما جميلا، خصوصا عندما يستخدم للتغطية على أفعال مشينة تستهدف كلّ دولة من دول المنطقة، إنْ في الجوار الإيراني وإن في المشرق العربي، خصوصا في سوريا ولبنان وفلسطين. مناسبة الكلام عن السلوك الإيراني طلب “الجمهورية الإسلامية” وساطة الكويت مع دول الخليج عبر وزير الاستخبارات سيد محمود علوي الذي زارها أخيرا. هل تظنّ إيران أن دول الخليج العربي ساذجة إلى درجة أنّ في الإمكان فتح صفحة جديدة معها بين ليلة وضحاها من دون تغيير في العمق في سلوكها على كلّ المستويات؟ قبل كلّ شيء، ليس سرّا أن إيران تحتل ثلاث جزر إماراتية هي طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، وذلك منذ العام 1971، أي منذ عهد الشاه. هل تغيّر شيء في السياسة الخارجية لإيران منذ الانتهاء من عهد الشاه؟
من البحرين، إلى اليمن، إلى سوريا، إلى العراق… إلى الكويت ولبنان، مرورا بالأراضي الفلسطينية، تدل كل التصرفات الإيرانية على رغبة في انتهاج سياسة تقوم على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية ليس إلّا.
لكلّ بلد عربي قصّة مع إيران التي باتت تعتبر نفسها قادرة على المزايدة على العرب فلسطينيا. إذا كان من خدمة أدتها إيران للفلسطينيين، فإن هذه الخدمة صبّت في مصلحة إسرائيل. كلّ ما فعلته إيران هو المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وذلك كي يضيع الفلسطينيون كلّ الفرص التي أُتيحت من أجل الانتهاء من الاحتلال. صحيح أن إسرائيل لم تعمل يوما من أجل السلام، لكنّ الصحيح أيضا أنّ التوجه الإسرائيلي الهادف إلى تكريس الاحتلال لقي دعما إيرانيا مستمرّا. كان الهدف الدائم لإيران تعطيل أي عملية سلمية من جهة، والمزايدة على العرب من جهة أخرى.
من يتذكّر دور العمليات الانتحارية التي نفّذتها “حماس” بدعم وتشجيع إيرانيين في القدس وتل أبيب وأماكن أخرى من أجل تأمين وصول بنيامين نتانياهو إلى موقع رئيس الوزراء في أبريل 1996… بعد اغتيال إسحق رابين في نوفمبر العام 1995؟
دفع الفلسطينيون غاليا ثمن الدعم الذي وفرته لهم إيران التي عملت كلّ ما تستطيع لتكريس الانفصال بين الضفّة الغربية وقطاع غزّة. من الصعب تقدير حجم الضرر الذي خلفته إيران على الصعيد الفلسطيني، في وقت كان كلّ همّ طهران منصبّا على تحويل غزّة قاعدة تستخدم في عملية زعزعة الاستقرار المصري.
متى يطرح موضوع الدور الإيراني في المجال الإقليمي، يحتار المرء من أين يبدأ، علما أنّه يستطيع دائما أن يبدأ من الآخر، أي من لبنان الذي يتعرّض، يوميا، لضربات متكرّرة بسبب المشروع التوسّعي الإيراني الذي يصرّ على جعل الوطن الصغير رهينة لديه.
بالنسبة إلى دول الخليج التي تقول إيران إنها تريد فتح صفحة جديدة معها، ليس معروفا لماذا هذا الإصرار على عزل لبنان عن محيطه العربي واستخدامه للإساءة إليها. تبلورت الرغبة الواضحة في عزل لبنان عن العرب، خصوصا عن أهل الخليج، في عهد حكومة “حزب الله”. كانت هذه الحكومة برئاسة شخصية سنّية هي نجيب ميقاتي الذي قبل توفير الغطاء المطلوب منه توفيره للحزب الذي بدأ ينشئ “أجنحة عسكرية” لعائلات شيعية معروفة. لم يكن من دور، لهذا “الجناح العسكري” أو ذاك المنتمي لهذه العائلة أو تلك، سوى تهديد العرب الذين يوجدون في لبنان، مع تركيز خاص على أهل الخليج.
كيف يمكن لإيران الادعاء أنّها دولة مسالمة في وقت ليس ما يشير إلى أنّ لديها همّا آخر غير همّ نشر البؤس في لبنان واستخدامه “قاعدة” لانطلاق عمليات عدائية لدول الخليج؟
تترافق عملية إفقار لبنان، بشكل ممنهج، مع سعي جدّي إلى إلغاء مؤسسات الدولة اللبنانية. فتورّط “حزب الله” في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه، جزء لا يتجزّأ من عملية مدروسة تستهدف تأكيد أن الدويلة التي أقامها “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، أقوى بكثير من الدولة اللبنانية. صار من واجب الدولة اللبنانية توفير الغطاء الذي تحتاجه الدويلة لمتابعة السير وفق منهج معين أقل ما يمكن أن يوصف به أنه منهج ذو طبيعة مذهبية فاقعة. يوفر لبنان المظلوم، الذي تمنع فيه إيران انتخاب رئيس للجمهورية، مثلا على مدى الاستهتار بالعرب وببلد كان في استطاعته توفير نموذج للعيش المشترك في الشرق الأوسط. وهذا معناه، في طبيعة الحال، وجود نموذج حي يتعارض تماما مع ما تمثّله دولة عنصرية مثل إسرائيل تصرّ على اعتراف العرب والفلسطينيين بها كـ”دولة يهودية”.
من المعروف، تماما، أن الهدف من الاعتراف بـ“الدولة اليهودية” تبرير تهجير ما بقي من المواطنين الفلسطينيين المقيمين داخل ما يسمّى “الخط الأخضر”، في يوم من الأيّام، بحجة المحافظة على المجتمع الإسرائيلي، الذي صار مجتمعا عنصريا بامتياز.
ليس أمام الكويت سوى القيام بوساطة من دون أن تكون مقتنعة بها. إنها وساطة كويتية تجري بعيدا عن الأوهام، ذلك أن أهل الخليج في حاجة إلى أفعال وليس إلى كلام جميل وشعارات لا تقدّم ولا تؤخّر، بمقدار ما أنّها غطاء للعدوانية الإيرانية. ما لم تدركه إيران أن العرب قرروا أخيرا مواجهتها في كلّ بقعة من بقاع المنطقة، وأن الأساليب التي استخدمتها في الماضي لم تعد صالحة للمرحلة الجديدة التي تتسّم بوجود إرادة عربية مصمّمة على مقاومة المشروع الإيراني. ليست “عاصفة الحزم” في اليمن سوى انعكاس لهذه الإرادة العربية. ليس الموقف من “حزب الله” وممارساته سوى دليل إضافي على أن لا مجال لتحسين العلاقات الخليجية – الإيرانية قبل أن تظهر طهران بالملموس أنّها تغيّرت. إلى إشعار آخر لا دليل على أي تغيير إيراني من أيّ نوع كان. لا يمرّ يوم إلا وتزداد الدلائل على أن “القاعدة” وكلّ ما أنتجته من تنظيمات متطرّفة كـ“داعش” وغير “داعش” جزء لا يتجزّأ من استراتيجية إيرانية بعيدة المدى أوصلت الشرق الأوسط والخليج إلى ما وصلا إليه. كلّما مرّ يوم تتكشف فصول جديدة من التعاون العميق بين ميليشيات إيران و“القاعدة”، وهو تعاون يعطي فكرة عن خطورة التحالف القائم بين التطرّفين السنّي والشيعي على الاستقرار في المنطقة كلّها.