روزانا بومنصف: هل يُمكن الحد من الاجراءات الخليجية/خليل فليحان: موغريني تُتابع في بيروت اليوم ما تقرّر من مساعدات في لندن/نبيل بومنصف: انعاش بيروت المستوحشة

224

هل يُمكن الحد من الاجراءات الخليجية ؟ الأضرار تحتّم سياسات احتواء
روزانا بومنصف/النهار/21 آذار 2016

تتدحرج اجراءات بعض الدول الخليجية ضد ” حزب الله” نتيجة تصنيفه تنظيما ارهابيا من دون اتضاح المدى الذي ستذهب اليه هذه الاجراءات وحجمها. وتقول مصادر ديبلوماسية إن الامر قد لا يكون واضحا تماما حتى بالنسبة الى هذه الدول نفسها باعتبار ان القرار لا يزال حديثا جدا وهناك اجراءات عقابية عدة يمكن وضعها موضع التنفيذ لكن ليس اكيدا اذا كانت إتخذت ام لا. الا ان ثمة مكابرة في اعتبار ان الاجراءات الخليجية وربما العربية لاحقا غير مؤذية للبنان كما للحزب ومناصريه وان الحزب لن يتأثر او ان يقيم اعتبارا لاي منها. فقياسا على ما يستمر لبنان يعاني منه نتيجة الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة عليه ابان الحرب ونتيجة خطف عدد من المواطنين الاميركيين في بيروت ومن ثم مع تصنيف اميركا الحزب على لائحة الارهاب بحيث كان اللبنانيون يخضعون لاجراءات صارمة جدا من التفتيش في المطارات وحتى ان الطائرات اللبنانية للركاب او الشحن لا تزال ممنوعة من السفر الى اميركا، علما انه بعد 11 ايلول 2001 اصبح العرب باجمعهم يتعرضون للمعاملة نفسها، فان الاجراءات الخليجية قد لا تقل تأثيرا واحراجا. وقياسا على الزهو الذي اصاب الحزب نتيجة رفع صور الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في الشوارع العربية في 2006 واعتباره المقاومة التي رفعت رأس العرب، فان تراجع شعبية الحزب لدى الرأي العام العربي بعد تدخل الحزب في الحرب السورية ثم خسارته الحكومات الخليجية والعربية عموما بعد اعلانه تدخله في عدد من الدول العربية يعد اصابة معنوية كبيرة للحزب . فالتصنيف الاميركي للحزب تنظيما ارهابيا عده الحزب طويلا وساما على صدره بذريعة انه مدرج بسبب المقاومة التي يعتمدها ضد اسرائيل وان تكن الاتهامات بخطف المواطنين الاميركيين وسوى ذلك من الاتهامات وراء ذلك. اذ ان الاميركيين الذين احتجزوا في لبنان نالوا تعويضات من الاموال المحجوزة لايران في الولايات المتحدة. والتصنيف الاوروبي لما يعتبره شقا عسكريا لديه لم يكن شديد الوطأة خصوصا ان التمييز واه فعلا وغير واضح في حين ان التصنيف العربي يعطي بعدا او عمقا مختلفا لقرار تصنيفه. ومن غير المستبعد ان يؤدي واقع تصنيفه عربيا الى فتح الباب امام دول اوروبية او سواها امتنعت عن ذلك سابقا من اجل سلوك الطريق نفسها، علما ان معلومات كانت تفيد عن انفتاح سفارات غربية على الحزب قبل اعوام قبل تراجع هذا الانفتاح لاحقا.
السؤال المهم هو الى اي مدى جغرافي واجرائي يمكن ان تذهب الاجراءات الخليجية وهل ستتسع خارجيا او تتطور لتلتقي او تحاصر الحزب مع موقف الولايات المتحدة منه مثلا؟ فهذه تشكل علامات استفهام كبيرة يصعب الاجابة عنها ما دامت الاجراءات في اطار مسار تدريجي حتى الان . وفيما يعتقد البعض بأن هذه الاجراءات لن تشهد تطورات كثيرة وهي مرتبطة بمدى زمني هو سقف العلاقات المتوترة مع طهران وحلحلة انخراط الحزب في نزاعات عربية داخلية ، الا ان ثمة آراء عن الضرر المعنوي في تصنيف الحزب تكمن في الاذية التي لحقت بلبنان والمسؤولية التي يتحملها ازاء اللبنانيين وما يصيبهم نتيجة مشاريع وخطط لا علاقة لهم بها او باهدافها. وليس سهلا ما قد يظهر من اضرار اقتصادية خطيرة الى اضرار اخرى على لبنان نتيجة القطيعة العربية ان في غياب السياح او الاستثمارات العربية. يضاف الى ذلك واقع ان الحزب يشارك في الحكومة ما يجعل هذه الاخيرة محرجة ومسؤولة عما يحصل، علما ان اجراءات قد تطاول وزراء الحزب او وزراء الاحزاب المتعاطفة معه لدى المشاركة في اي مؤتمر عربي على اي مستوى على غرار ما تردد عن عدم الترحيب بزيارات محتملة لوزير الخارجية من ضمن هذا الاطار، الامر الذي يؤدي الى عزلة لبنان ويحول دون ايصال صوته ويصيب موقعه الخارجي باضرار جسيمة. والخطورة الاكبر تكمن في رأي ديبلوماسيين مراقبين في ان يتم توسيع مروحة الاجراءات المتخذة لتطاول طرد او عدم تجديد الاقامة لمن يعتبرون متعاطفين مع الحزب، وهو ما يترك اثرا بالغا على عائلات بأسرها او لتطاول مثلا منع اسماء شخصيات او لوائح باسماء معينة من عبور اجواء الدول العربية في حال كان هؤلاء يتوجهون الى دول اوروبية او سواها. فمع ان الاجراءات التنفيذية للقرارات المتخذة لدى دول الخليج ليست محددة على نحو واضح لكن يعتقد ان الباب مفتوح امام جملة مسائل يمكن ان تترك اثرا سلبيا كبيرا وذلك ما لم تقرر هذه الدول الاكتفاء بما اتخذته من اجراءات من دون وضع اخرى موضع التنفيذ. وهذه النقطة الاخيرة مرتبطة في الواقع بجملة امور من بينها، وفق ما تقول هذه المصادر، البدء بسعي الحزب الى اعتماد سياسة الحد من الخسائر التي تنعكس على لبنان في الدرجة الاولى كما تنعكس على مناصريه او المتعاطفين معه بعيدا من السعي الى استفزاز الدول العربية ومحاولة مقارعتها نديا او حتى فوقيا على غرار ما اعتمده الحزب اخيرا. وهذا المسار مهم وضروري بغض النظر عما اذا كانت شعبية الحزب يمكن ان تتأثر لدى مناصريه ام لا لكنه ترك اثرا سلبيا بالغا على حلفائه المباشرين بمن فيهم المسيحيين منهم. كما ترتبط المسألة بقدرة الحكومة اللبنانية على المعالجة على رغم صعوبة الامر في ظل المعادلة الراهنة في انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمكن ان يفتح صفحة جديدة على قواعد مختلفة مع الدول العربية.

موغريني تُتابع في بيروت اليوم ما تقرّر من مساعدات في لندن
خليل فليحان/النهار/21 آذار 2016
تمضي الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي نائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغريني نهارا طويلا اليوم بين بيروت والبقاع، وتلتقي الرئيسين نبيه بري وتمّام سلام ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وتراجع معهم علاقات لبنان بالاتحاد ووقف الأعمال العدائية في سوريا بين قوات النظام والمعارضة، باستثناء مسلحي “داعش” و”النصرة”، والمفاوضات الجارية في جنيف لإيجاد حل سياسي للازمة السورية المندلعة منذ أكثر من خمس سنوات، وموضوع الإرهاب والتنسيق الوثيق لكلا البلدين في هذا المجال. وستتداول مع المسؤولين المعلومات المتوافرة عن سير المفاوضات التي يديرها الممثل الأممي الى سوريا ستافان دو ميستورا. وستزور أيضا مخيماً غير رسمي للاجئين السوريين في برّ الياس ومدرسة رسمية يتابع فيها أولادهم الدراسة. وأفاد مصدر أوروبي “النهار” أن موضوع اللاجئين السوريين قد يكون من أبرز الملفات التي ستناقشها مع المسؤولين، لأن انعكاساته السلبية على لبنان بالغة الخطورة، نظرا الى استقباله أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري في مختلف المحافظات، لمدة زمنية غير محددة وبكلفة نقدية باهظة ومساعدات غير كافية لما يطلبه لبنان، إضافة الى خطورة بعض المندسّين من الإرهابيين الذين توقفهم الأجهزة الأمنية التي استطاعت أن تفكّك خلايا تخطط للقيام بأعمال إرهابية وارتكاب جرائم ضد المدنيين في تجمعات تجارية أو سكنية. وأشار الى أن المسؤولين سيركزون خلال لقاءات موغريني على أن يؤدي الاتحاد الاوروبي دورا فاعلا ومؤثرا للإسراع في إقرار المساعدات الأوروبية للدول المضيفة، وفي مقدمها لبنان، علما أن ما طرح في مؤتمر لندن سيكون بندا رئيسيا من محادثات المسؤولين مع موغريني اليوم الاثنين.
ويجدر التذكير بأن مؤتمر لندن كان قد عقد في الرابع من شباط الماضي، وقد استضافته بريطانيا، وشاركت في رعايته ألمانيا والنروج والكويت والأمين العام للأمم المتحدة بهدف حضّ المجتمع الدولي على تكثيف المساعي ومضاعفة الجهود لتلبية حاجات المتضررين من الأزمة السورية، خصوصا أن الأزمة السورية طالت زمنيا ومن غير المعروف موعد انتهائها. وسيركز المسؤولون مع موغريني على أن يبذل الاتحاد مساعيه للتجاوب مع “الخطة اللبنانية لاستضافة اللاجئين السوريين” التي شاركت في وضعها وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل والتربية والداخلية، وتتضمن مشاريع مخصصة للبنى التحتية والتعليم والحضانات بمنح قروض بفائدة صفر في المئة. والأهم بالنسبة الى المسؤولين هو وضع خطة لإعادة اللاجئين الى ديارهم. وتعقد موغريني لقاء صحافيا مع باسيل في قصر بسترس ومؤتمرا صحافيا تتناول فيه نتائج زيارتها، الساعة الخامسة مساء في مقر بعثة الاتحاد، قبل المغادرة الى عمّان.

انعاش بيروت المستوحشة!
نبيل بومنصف/النهار/21 آذار 2016
تحمل حركة الزوار الدوليين لبيروت هذا الاسبوع جرعة إنعاش لبلد يختنق بأزماته الفائضة المتدرجة من ” أسفل ” السلم في المشاكل اليومية الى أعلاه المتمثّل بأزمة الفراغ الرئاسي . وقد يكون هذا الإنطباع ” المنعش ” حيال إطلالات ارفع مسؤولين أوروبيين وأمميين لبيروت ناشئا عن شعور بِوَحشة لترك لبنان طويلا يتخبط منفردا في ما لم يعتده قبل هذه الأزمة ، وهو الذي كان يتباهى دوما بأنه شاغل العالم في سائر التجارب التي مر بها فاذا به منذ سنوات ” يفتقد ” هذه الميزة . كان للتجربة الموحشة ان ترتد عليه بأفضل مما تراءى لكثيرين من منطلق ان فئات لبنانية عدة غالبا ما نظرت الى التدخلات الدولية في الوضع اللبناني ، حتى في ما يتصل بتداعيات الحروب مع إسرائيل او المسائل السيادية والحدودية والقرارات الدولية الصادرة في شأنها بانها صنيعة مؤامرات ومصالح دولية لا تأتلف والمصالح اللبنانية العليا . لعبت هذه المعضلة دورا سلبيا كبيرا في معظم الحقبات التي سبقت الأعوام الخمسة الأخيرة التي شهدت انفجار الاعصارات في المنطقة وتركت بصماتها العميقة على بلد أخفقت قواه السياسية وطوائفه في صياغة مفهوم ثابت للدولة ومصالحها . ومع بدء اتضاح التطور الجديد في تعامل المجتمع الدولي مع لبنان بتركه ينصرف لقواعده الخاصة في معالجة الازمة الرئاسية، بدا الوسط السياسي اللبناني أمام تجربة نادرة لأخذ زمام التحكم بالأزمة بيديه بلبننة الاستحقاق بنسبة ساحقة. وإنه لأسف كبير ان يترنح هذا الاختبار السيادي ويذهب قدما نحو الفشل على مشارف بلوغ الأزمة سنتين من عمرها . ولكن المفارقة الأخرى التي لا يمكن تجاوز ابعادها ودلالاتها هي ان اللبننة لم تخفق وحدها بل صاحبتها ملامح إخفاق مدو آخر للتحكم الإقليمي بالأزمة انطلاقا من النتائج الماثلة حاليا في ما يتعلق بالنفوذ الايراني في لبنان او في الحرب الباردة الناشئة على المسرح اللبناني بين الدول الخليجية وإيران . وعلى رغم التفاوت في أحجام التأثيرات الاقليمية وطبيعة الدور الايراني الذي أثر بقوة في تعطيل الانتخابات الرئاسية فيما لا يزال الحكم على المواجهة الخليجية لإيران وحليفها اللبناني ” حزب الله ” صعبا وهي في مطالعها ، لا يمكن تجاهل طبقة جديدة من التعقيدات والمخاوف المتصلة بهذه المواجهة التي أضيفت على مجريات الأزمة الرئاسية . بذلك يغدو مصير رهانات قوى داخلية منذ بدء الأزمة على تحييد الرئاسة وعبرها لبنان على شفير الإنهيار أيضا ما دام التعطيل المديد للانتخابات الرئاسية استهلك مدة قياسية كانت كفيلة بتحويل الواقع اللبناني بؤرة تفجر للصراع الايراني الخليجي والعربي عموما . ولسنا من السذاجة لتصور رافعة دولية يحملها زوار يطلون على بيروت وتنتعش بحضورهم صورة العاصمة المستوحشة الى حدود جعلتها بالامس تفرح للبدء في إزالة النفايات من شوارعها !