طارق الحميد: اعزل إرهابي الضاحية وادعم العقلاء/رندة حيدر: مشكلة حزب الله مع محيطه العربي/غسان بو دياب: الأزمة تستعر ماذا بعد العقوبات الخليجية على لبنان

232

اعزل إرهابي الضاحية.. وادعم العقلاء
طارق الحميد/«الشرق الأوسط»/04 آذار/16

بإقرار الدول الخليجية، ووزراء الداخلية العرب، تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، قادته، وفصائله، والمجموعات التابعة له، والمنبثقة عنه، يكون الخليجيون والعرب قد خطوا خطوة مهمة لتقليم أظافر إيران بالمنطقة، والانتصار لهيبة الدولة. صحيح أن لبنان والعراق قد تحفظا، وهذا متوقع، فهذان دولتان لا تملكان قرارهما، وهما دليل صارخ على خطورة حزب الله، ومن على شاكلته في منطقتنا، إلا أن المهم بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية هو أنه جاء بإجماع خليجي، وإدانة عربية، وهذا أمر مهم، يعني أن الحزب لم يعد مفضوحًا بطائفيته وإرهابه فقط في لبنان وسوريا، أو خليجيًا، بل وحتى عربيًا، خصوصًا أن حزب الله، والجماعات الطائفية الإرهابية على شاكلته، ينطبق عليهم تمامًا توصيف الأمير محمد بن نايف، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، للتحديات التي تواجهها دولنا، ولخصها بكلمته أمام اجتماعات الدورة الـ«33» لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس، حيث قال ولي العهد السعودي إن التحديات «تتمثل في خارجين عن النظام، وغائبين فكرًا وعقلاً، وضالين عن سلامة وسماحة العقيدة، ينتهكون حقوقهم وحقوق الوطن والمواطن.. يعيشون مع الشيطان، وللشيطان يعملون، ولا بد من التصدي الحازم لهم». وهذا ما ينطبق على «القاعدة»، و«داعش»، وحزب الله، والحوثيين، ومن على شاكلتهم، فجميعهم هدفهم تدمير الدولة، ونشر الفوضى. والسؤال الآن هو: هل تصنيف حزب الله منظمة إرهابية كافٍ لتقليم أظافر إيران، والحد من جرائم هذه الجماعات، وضمان شعورها بالألم الحقيقي، وحماية دولنا؟ الإجابة المباشرة هي: لا! تقليم أظافر إيران، والحد من تحركات الجماعات الإرهابية مثل حزب الله، وغيره، يعني أنه سيكون هناك فراغ، في لبنان، والعراق، وسوريا، وحتى اليمن ويحتاج من يملأه. ويعني أنه سيكون هناك مزيد من المحاولات لزعزعة استقرار تلك المناطق، وغيرها. وعليه فلا بد من استراتيجية واضحة للتأكد من تقليم أظافر إيران، وذلك من خلال ضمان تطبيق عقوبات حقيقية، ومؤلمة، ولو بخطوة خليجية أولية، ينضم إليها الحريصون عربيًا. وكذلك وضع استراتيجية فعالة لدعم كل مكونات الدول المنكوبة بتلك الجماعات الإرهابية، وهو دعم لا يكون مشروطًا بالطائفة، أو الديانة، وأبسط مثال هنا هو لبنان والعراق، بل دعم مشروط بالمواطنة، والعقلانية، وإعلاء قيمة الدولة، سواء كان دعمًا لمؤسسات، أو أحزاب، وحتى قيادات. دعم العقلاء، وعدم تركهم ضحية لمن سيملأ الفراغ المتوقع، وهذا درس يجب أن نكون قد تعلمناه جيدًا من سقوط صدام، ومعركتنا مع «القاعدة»، و«داعش»، وكذلك حزب الله في لبنان، حيث حكومات الفراغ، وما هو حاصل اليوم في سوريا، إذ إن الأراضي إما بيد «داعش» وإما حزب الله، ومعه الأسد، وهو إرهابي لا يختلف عن حسن نصر الله، وإما البغدادي، وأسامة بن لادن. دعم العقلاء يعني إضعاف الجماعات الإرهابية، وتوجيه ضربة قاصمة إليهم.

مشكلة “حزب الله” مع محيطه العربي
رندة حيدر/النهار/4 آذار 2016
الاتهامات الموجهة الى مجلس التعاون الخليجي بعد قراره الأخير اعتبار “حزب الله” تنظيماً ارهابياً بأنه يسدي خدمة الى إسرائيل هي محاولة للتهرب من المشكلة الأساسية التي يواجهها الحزب مع الدول الخليجية والعربية على حد سواء. ليس سراً أن إسرائيل منذ اشتداد الصراع بين محور الدول العربية المعتدلة السنية المحور الشيعي بزعامة إيران تدعي نشوء قواسم جديدة مشتركة مع دول عربية لا تربطها بها علاقات علنية. وأكثر من مرة ألمح نتنياهو ووزير دفاعه إلى استعدادهما للتعاون مع اي دولة عربية لا تقيم علاقات مع إسرائيل من أجل التصدي لنفوذ إيران في المنطقة كما الأصولية الجهادية السنية.
وبهدف فتح باب التعاون السري مع المحيط العربي، عيّن بنيامين نتنياهو الذي يتولى حقيبة الخارجية، دوري غولد مديراً عاماً للخارجية لتطوير هذا الامكان وهو المعروف بتوجهاته اليمينية المتشددة عندما كان مديراً عاماً لمركز القدس للشؤون العامة، ورفضه المطلق لأي تسوية للقضية الفلسطينية تشمل انسحاباً من القدس الشرقية واعترافاُ بحق العودة، الى جانب عدائه لإيران. وعلى رغم كل ما قيل عن اتصالات سرية، فإن الانجاز الوحيد الذي يستطيع غولد التباهي به هو اعادة فتح السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وعودة السفير المصري الى إسرائيل بعد غياب استمر ثلاث سنوات. تختلف المواجهة الدائرة حالياً بين “حزب الله” ودول الخليج والتي في أساسها احتجاج خليجي على دور الحزب السلبي في سوريا واليمن ولبنان، عن العداوة الشرسة بين الحزب وإسرائيل. فالقرار الخليجي سياسي، بينما الصراع بين الحزب وإسرائيل هو صراع عسكري في الدرجة الأولى. والمشكلة الخليجية ليست مع سلاح الحزب الموجه الى إسرائيل، وإنما هي بصورة خاصة مع تورطه العسكري في سوريا واليمن. في حين أن المشكلة الإسرائيلية مع “حزب الله” هي مع وجوده العسكري على حدودها الشمالية، وترسانته الصاروخية التي تشكل خطراً حقيقياً على مدنها ومنشآتها الحيوية، واعتباره الخطر الأساسي الثاني الذي يتهدد أمن إسرائيل بعد إيران. طوال عقود من الزمن استخدمت الأنظمة العربية تهمة خدمة العدو الصهيوني من أجل قمع أي احتجاج على سياستها. والعودة اليوم الى استخدام هذا الأسلوب للرد على قرار مجلس التعاون الخليجي ضد “حزب الله” يدخل في اطار هذه البروباغندا التي عفاها الزمن. القرار الخليجي لا يخدم إسرائيل، وصدوره حالياً هو بمثابة دعوة ملحة موجهة الى المسؤولين عن الحزب من أجل مراجعة سياستهم حيال اخوانهم العرب، واعادة النظر في تورطهم العسكري في الحرب الأهلية في سوريا واليمن.

الأزمة تستعر…ماذا بعد العقوبات الخليجية على لبنان؟
غسان بو دياب/النهار/4 آذار 2016
للمرة الأولى منذ توقيعه، يقف دستور الطائف دون “الراعي” السعودي ومن خلفه الخليجي بعد أن انعكس تغيير الإستراتيجيات السياسية و”الحربية” تأثيراً مباشراً على حجم الدور السعودي المطلوب لعبه، إن مباشرة أو بالوساطة، على الساحة اللبنانية، بعد “عاصفة النووي” التي أشعلت الغضبة السعودية وأقلقت صناع السياسة في المملكة، بقدر أكبر من أثر الإنخفاض الأسطوري لأسعار النفط التي بلغت بتراجعها مستويات قياسية دنيا، بعد أن وصلت إلى أرقام فلكية في الارتفاع منذ أشهر قليلة، هذا ما أعلنته مصادر سياسية متابعة لـ “النهار”. السعودية أرض نصرة، وليست أرض جهاد، تقول مصادر إسلامية، التغيير في الإستراتيجيا يجعل المملكة مضطرة لتغيير العقيدة القتالية لجيشها، والعقلية الإجتماعية لشعبها الذي لم يتعود أن يسمع أخباراً أمنية أو أزيز الصواريخ إلا باستثناءات قليلة، وبالتالي، فالبنية التحتية والإقتصادية ليست قائمة على فكرة إقتصاد الحرب، بل إقتصاد السلم والعلاقات التجارية. الجيش السعودي، رغم الإمكانات التسليحية والقوة النارية، ليس جيشاً هجومياً استناداً إلى أن العقيدة القتالية تنحو أكثر إلى الدفاعية. والمملكة درجت على القيام بدعم حركات التحرر أو الإنتفاضات لكن من دون التدخل العسكري المباشر، مستفيدة من واقع القدرة التمويلية والتسليحية لاقتصادها الضخم، وتلاقي دعواها الى أي تحرك عسكري الصدى دائماً لدى الدول التي تشكل خزاناً للمقاتلين كمصر والباكستان والسودان، ضمن رابطتي العروبة والإسلام. المشهد اليوم مختلف، تضيف المصادر عينها، أولاً البعد الإقتصادي لم يعد كما كان مع المليارات التسعين التي تشكل عجز الموازنة في المملكة، ما اضطرها للمرة الأولى الى أن تبيع جزءًا من الممتلكات الخارجية.بالمقابل، تلقت الديبلوماسية العربية صدمة كبيرة مع اعتذار المغرب عن استضافة القمة العربية، بعد تأجيلها، بحجة أن الظروف غير مؤاتية لإجتماع عربي، طالما أن الهدف ليس الإجتماع، بل مخرجات الإجتماع.
إسلامياً، هناك اختلاف جوهري بين قوتين أساسيتين تعتبران في حلف تقليدي مع المملكة العربية السعودية، هما تركيا الأردوغانية ومصر السيسي، علماً أنّ المزاج المصري العام لا يقبل أردوغان، ويتهمه بأنّه “أصل البلى” بالمصطلح العامي، وبعد نقد التجربة الإخوانية التي كانت تركيا أردوغان الراعي الرسمي لها، بالتكافل والتضامن مع قطر الشيخ حمد. فكيف يقاتل التركي والمصري جنباً إلى جنب في ظل إتهامات متبادلة أما في باكستان، فالقيادة العسكرية تدرك أن مصالحها مع الجمهورية الإسلامية في إيران لا تقل أهمية ووجودية عن مصالحها مع المملكة العربية السعودية.
لبنانياً، إستحال الجدل السياسي حول إعلان وقف الهبة السعودية المكونة من ثلاثة مليارات، إضافة الى مليار، جدلاً وجودياً فتح النقاش على موضوعات لم يكن النقاش فيها مطروحاً، أو بالأحرى مسموحاً، كالسياسة الخارجية. وضع ملف العقد الإجتماعي أمام أزمة وجودية، وفرضت على اللبنانيين أسئلة “الزمن الصعب”، كُشف عجز الموازنات عن تسليح الجيش بمعدات الحد الأدنى للتصدي للإرهاب، أبسط المطلوب من قواتنا المسلحة، العري السياسي للطاقم الذي ما كان الجيش بالنسبة له، ولا مؤسسات الدولة، إلا نفعية وتوظيفية تستعمل للابقاء على عصا الطاعة، والحفاظ على مكتسبات ديوك المزابل.
هل أفاد إلغاء الهبة السعودية أم أضر؟ لا مكان للإطلاقية في العمل السياسي. من أهم منجزات إلغاء الهبة سيكون فتح النقاش حول العلاقات الخارجية للبنان، والعقيدة الخارجية، كما النظام الإقتصادي الريعي، أو القائم على التحويلات الخارجية، فالتهديد المباشر والمستمر للبنانيين بلقمة عيشهم كلما عنّ لأحدهم أن يأخذ بالسياسة موقفاً يجب أن لا يستمر، بل يجب أن يثمر مقاربة جديدة وجدية لتقليل الإعتماد على التحويلات، ومحاولة إستيعاب النخب والكوادر في سوق عمل محلي، وإعادة النظر في استقبال النازحين لأن أولويات الأمن القومي والأمن الإقتصادي اللبناني يجب أن تطغى على ما عداها، كذلك في خيارات التسليح للقوات المسلحة اللبنانية، فيجب ألا يبقى الجيش اللبناني في طور العيش على المساعدات. باختصار، يقف اللبنانيون أمام لحظة الحقيقة اليوم. والسؤال: هل يراد للبنان أن يتحول كما غيره ساحة مشتعلة وحلقة صراع ضمن سلسلة الصراعات السنية – الشيعية العابرة للحدود؟ أم أن هناك ما تبقى من إرادة تلجم شبق البعض من الداخل والخارج إلى العنف وسفك الدماء والحرب الأهلية؟