سمير تويني: محادثات لولي العهد السعودي في فرنسا وتنسيق واضح حيال لبنان وسوريا وإيران/اميل خوري: بري يعمل على تحقيق لبننة انتخاب الرئيس/روزانا بومنصف: أزمة تحييد لبنان عن تصنيف الحزب

329

بري أعاد تشغيل خراطيم مياه إطفائيته توصلاً إلى تحقيق “لبننة” انتخاب الرئيس
اميل خوري/النهار/4 آذار 2016
لا يزال الرئيس نبيه بري يأمل في تحقيق “لبننة” انتخاب رئيس للجمهورية بالاعتماد على وطنية القادة المستمرين في مقاطعة جلسات الانتخاب وذلك عندما يدركون أنه لم يعد ثمة مبرر للمقاطعة بعد 36 جلسة ومن دون نتيجة. لذلك عاد الى تشغيل خراطيم مياه اطفائيته ليبقي على جلسات الحوار والاكتفاء بربط النزاع لأن فضَّه مكلف ليس للمتحاورين فقط إنما للبنان كله. واستناداً الى هذا التصوّر الذي يبقي نافذة الأمل مفتوحة على انتخاب رئيس يخرج لبنان من الأزمات التي يتخبط فيها، فإن العماد ميشال عون يستطيع أن يغيّر مواقفه وموقعه ليصبح أكثر قرباً من موقف وموقع الدكتور سمير جعجع بحيث يعوّض خسارته أصوات الشيعة في بعض الدوائر بكسب أصوات مسيحيين من خلال لوائح تتألف من مرشحين لـ”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وربما من آخرين إذا ظل “حزب الله” في موقعه وموقفه التزاماً منه بتنفيذ أجندة إيرانية. ولا بد للعماد عون، تأكيداً لموافقته على ورقة “اعلان النيات”، من أن يحدد خياراته السياسية، فإما يكون مع خط سياسي واحد يجمعه بالدكتور جعجع، أو يبقى في الخط الذي يجمعه بالسيد حسن نصرالله. وأولى الخطوات التي يفترض بالعماد عون أن يقوم بها تمهيداً لتغيير موقفه وموقعه هي النزول مع نوابه الى المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية يكون قد تم الاتفاق عليه بينهما ومن ثم مع الأطراف الآخرين لأن انتخاب الرئيس بات المدخل الوحيد لحل كل الأزمات التي يتخبط فيها لبنان ويعيد تنشيط عمل المؤسسات وتفعيلها. ويستطيع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد نصرالله أيضاً، إذا تحرر من الإرادة الإيرانية أو حررته هي منها، أن يقوم بدور المنقذ للبنان فيبدأ بسحب مقاتلي الحزب من سوريا ليصير في الإمكان العودة الى “إعلان بعبدا” الذي كان من الموافقين عليه لينعم لبنان عندئذ بالاستقرار والازدهار الثابتين والدائمين، ويصبح التنافس بين القوى السياسية الاساسية ليس على السلطة بل على من منها يعطي لبنان أكثر وليس من يأخذ منه أكثر. إن “لبننة” انتخاب رئيس للجمهورية تتطلب من القادة الاتفاق على السياسة الداخلية والخارجية، وهذا ممكن إذا عمد كل من هو مرتبط بخارج الى فك ارتباطه به، فإذا لم يستطيعوا ذلك يكفي ان يتفق القادة الذين لا ارتباط لهم مع أي خارج على تخليص لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية يصبح قوياً بمجرد أن يلتفّ القادة والشعب حوله وليكون فعلاً رمز وحدة الوطن، وهو ما يستطيعه على الأخص القادة الموارنة الأربعة تحديداً لأن منصب الرئاسة الأولى يخص طائفتهم، وباتفاقهم لا يعود في إمكان القادة في الطوائف الأخرى إلا الوقوف معهم. وإذا كان الرئيس بري يبدو متفائلاً ويرى أن الاستحقاق الرئاسي بات قريباً، فلأنه يراهن على وعي القادة في لبنان وخوفهم على مصيره وسط ما يجري حوله، خصوصاً بعدما استطاع وصل ما كاد أن ينقطع بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” وإقناع من لا يرون في الحوار نفعاً أن يقترحوا عليه البديل الأفضل سوى أن يصبح البعد جفاء، وربط النزاع ولو موقتاً لأن فضَّه أو فكَّه مكلف جداً للجميع. لذلك حسناً فعل الرئيس بري بإعادة تشغيل خراطيم مياه اطفائيته، وهو يأمل في أن يبلغ الحوار مرحلة الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، إن لم يكن من الاقطاب الموارنة فباتفاق هؤلاء على تسمية المرشح الذي لا يشكل انتخابه كسراً لأحد، ولأن دقة المرحلة وخطورتها تحتاج الى مثل هذا المرشّح. لقد أشاع تفاهم عون – جعجع الارتياح في الوسط المسيحي، ومما لا شك فيه أن التوصل الى تفاهم بين الرئيس سعد الحريري والسيد نصرالله سوف يشيع ارتياحاً أوسع في الوسط الاسلامي، وهذا من شأنه أن يجمع القادة في لبنان في موقف واحد وموقع واحد يجسده الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية ربما بالتزكية. ولا سبيل لبلوغ هذا الاتفاق والخروج من انقسامهم بين المحاور المتصارعة إلا بالعودة الى “إعلان بعبدا” الذي حظي باجماع اقطاب الحوار عليه ليصبح لبنان عندئذ “سويسرا الشرق” فعلاً لا قولاً، ولا يظل كما هو منذ عام 1943 الى اليوم ساحة مفتوحة لصراعات المحاور على اختلاف شكلها وهويتها.

أزمة تحييد لبنان عن تصنيف الحزب هل يمتلك خطة يحمّلها للوسطاء الغربيّين؟
روزانا بومنصف/النهار/4 آذار 2016
هل يستطيع لبنان فصل نفسه عن “حزب الله” بحيث لا يتلقى تداعيات تصنيفه خليجيا وعربيا، ميليشيا إرهابية تتخذ في حقها إجراءات تصاعدية ليس واضحا اين يمكن ان تتوقف؟ هل يستطيع وضع خطة عمل يتفاهم من خلالها مع الدول التي يمكن ان تتوسط من اجله مع الدول الخليجية، أكانت فرنسا أم الولايات المتحدة كما تردد، إذا كان متعذرا ان تستقبل الدول العربية وفدا رسميا لبنانيا لهذه الغاية، يحدد ما هي الخطوات التي يمكن ان يتعهد باتخاذها على سبيل المعالجة؟ هل من سبيل لوقف التداعيات المحتملة للمواقف العربية والخليجية على الصعد الاقتصادية والسياسية والامنية، خصوصا في ظل تعذر ذلك على وزارة الخارجية اللبنانية التي باتت ترسم حولها علامات استفهام ازاء قابلية هذه الدول على التعامل معها في المرحلة الراهنة، علما أن المطلوب بإلحاح هو حملة ديبلوماسية منظمة بحيث تتولى الحكومة اللبنانية اتخاذ مبادرات في هذا الاطار؟
هذه التساؤلات تتفاعل في الاوساط السياسية على وقع مخاوف من أن الاجراءات التي أعلنت عنها الدول الخليجية في شكل خاص لا تزال في إطار العناوين، من دون الخوض بعد في الإجراءات العملانية التي قد يتأذى منها لبنان وليس فقط “حزب الله” الذي يشكل جزءا من حكومته ومجلس نوابه، وعلى وقع حرب تنذر بأنها طويلة، فيما يبدو لبنان مكسر عصا في الاتجاهين. الحزب الذي يعتمد لبنان منطلقا له لخوض معارك مع الدول العربية وفيها، والدول العربية التي لم تعد ترغب في تمييز لبنان الذي فقد أهميته لديها، وهي التي باتت محرجة أمام الرأي العام نتيجة صمتها على محاولات النيل منها والحملات ضدها، والتي باتت مشرعة عبر وسائل الاعلام . ومع أن الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله فتح الباب في خطابه الاخير امام الحكومة من اجل الفصل بينه وبين لبنان على اساس ان المعركة هي بينه بمن يمثل وبين الدول الخليجية، فإن الامر صعب ولبنان هو من يدفع تكاليف هذا الصراع، وأحد أبرز هذه الأثمان اضطراره الى الدفاع عن ضرورة عدم تصنيف الحزب إرهابيا، على رغم أن تدخله في شؤون الدول العربية، وفق ما يفاخر به الحزب، قد يعدّ إرهابا كما رأى الرئيس سعد الحريري. فلبنان يسير على خيط رفيع في محاولة التوفيق بين عدم انهيار الاستقرار اللبناني وعدم موافقته على تصرف الحزب الذي لم يسأل اللبنانيين عن موافقتهم في شأنه، وهم ضده لكنه يترك انعكاسات سلبية عليهم.
في اجتماعها الأخير غداة تصنيف مجلس التعاون الخليجي ومؤتمر وزراء الداخلية العرب الذي اجتمع في تونس قبل يومين “حزب الله” بأنه منظمة ارهابية، أعربت كتلة “الوفاء للمقاومة” عن ارتياحها الى اعتراض وزير الداخلية نهاد المشنوق، التزاما منه كما قالت الكتلة لموقف الحكومة اللبنانية. ولكن اعتراض المشنوق مبني وفق ما صرح، على موافقة كل من الرئيس تمام سلام والرئيس سعد الحريري. والاهمية لموقف الحريري تنبع من اقتناعه كما قال بأن الحزب جلب لنفسه الموقفين الخليجي والعربي، وهو لن يفرط بوحدة البلد. لكنه ايضا موقف معاكس لاقتناع جمهوره السني في الدرجة الاولى وجمهور 14 آذار عموما بمسؤولية الحزب عما يجري، كما هو معاكس للرأي العام العربي في غالبيته على الأقل، والذي تصله عبر وسائل الاعلام الحملات التي يواصلها الامين العام للحزب على المملكة السعودية والدول الخليجية، بما يدفع زعامات هذه الدول الى عدم السكوت عما يصيبها تحت وطأة إرضاء الرأي العام لديها الذي لا بد ان يغضب من استباحة السؤال الذي يستدرجه هذا الواقع، وهو: لماذا لا يلاقي الحزب ذلك عبر مواقف لا تصب في مصلحة ايران المباشرة والمتصلة بالتدخل في شؤون دول المنطقة، وان لم تكن لملاقاة الحريري، فعلى الاقل من اجل حماية لبنان ومصالحه كما مصالح اللبنانيين في الدول العربية؟ هذا الكلام عبر عنه وزراء في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء الذي يواجه ازمة لا سابق لها على صعيد علاقات لبنان بالدول العربية والصراع الذي يطلقه الحزب من لبنان تحديا لهذه الدول، على خلفية الصراع العربي – الايراني في المنطقة. لا يملك الافرقاء اللبنانيون، على رغم خصومتهم مع الحزب ورفضهم تدخله في سوريا او في اليمن او في اي دولة عربية أخرى، إلا أن يعتمدوا هذا الموقف. سبق لهؤلاء الافرقاء غداة صدور القرار 1559 عام 2004، بل حتى غداة تنفيذه بالانسحاب السوري من لبنان تنفيذا ظاهريا لهذا القرار- علما ان الانسحاب كان نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 – ان تضامنوا في وجه تنفيذ أحد بنوده المتصل بنزع سلاح الميليشيات، أي الحزب تحديدا، وتولى هؤلاء بأنفسهم، وكان المناخ الدولي داعما لهم في الانتفاضة التي أدت الى سحب النظام السوري قواته من لبنان، إجراء الاتصالات الدولية في مجلس الامن او مع الولايات المتحدة وفرنسا من اجل عدم الدفع بقوة في هذا الاتجاه، حماية ايضا للبنان ومنع تفجيره، ولو ان البند يتعلق ضمنا بإعادة السيادة والسلطة للدولة اللبنانية وحدها، وتذرعوا بأن الحزب ليس ميليشيا لأنه يقاوم اسرائيل. ويبدو غريبا بالنسبة الى مصادر عدة أن يطلب لبنان من الدول العربية مراعاة وضعه ولا يستطيع ان يمون او يطلب من أحد أفرقائه توفير عبء تحميله الاوزار التي يحمله إياها، فيما الصراع الذي يخوضه ليس ضد اسرائيل.

محادثات مهمة في فرنسا لولي العهد السعودي وتنسيق واضح حيال لبنان وسوريا وإيران
باريس – سمير تويني/النهار/4 آذار 2016
زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف لباريس سياسية بامتياز، وسيتم خلالها التشاور في التطورات الإقليمية والتعاون بين البلدين. والملفان اللبناني والسوري على رأس قائمة الموضوعات التي سيتناولها الطرفان الفرنسي والسعودي. ويعقد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد ظهر اليوم محادثات مع ولي العهد السعودي في قصر الاليزيه، في ختام الزيارة الرسمية التي يقوم بها لفرنسا بصفته ولياً للعهد. ووصفت مصادر مطلعة الزيارة بأنها سياسية بامتياز، مع تركيز على الملفات الأمنية ومكافحة التطرف نظراً الى العلاقات الفرنسية – السعودية، ورغبة الطرفين في مزيد من التشاور والتنسيق لتوثيق العلاقات التاريخية. وتربط البلدين شركة استراتيجية تقوم على مصالحهما المشتركة. ومن الطبيعي أن يتم التشاور بين الدولتين في المسائل الأمنية ومكافحة الإرهاب، في ظروف إقليمية بالغة التوتر، وخصوصا أن باريس تعتبر نفسها قريبة من الرياض بعد الخيبة الخليجية من السياسة الاميركية في المنطقة. وباريس والرياض تعوّلان على مزيد من التشاور والتنسيق في شأن العديد من المسائل، والتعاون بين البلدين ضروري في صدد كل الأزمات والحروب التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، من اليمن الى سوريا مروراً بالعراق، وفي محاربة التطرف، والسعودية عضو في الائتلاف الدولي لمحاربة “داعش”، كما في محاولة اعادة إطلاق مسار السلام في الشرق الاوسط. كذلك فإن الدور الإيراني في المنطقة لن يكون غائباً عن هذه المحادثات. وللعاصمتين وجهات نظر متطابقة في كثير من القضايا. وسيكون الملف اللبناني بكل تشعباته وتطوراته الأخيرة ضمن الملفات التي سيعرضها الجانبان. والبلدان يسعيان الى توفير الدعم لاستقرار لبنان وسلامة أراضيه وملء الشغور الرئاسي الذي قارب السنتين. وتشير مصادر ديبلوماسية إلى أن باريس ستشدد خلال المحادثات مع الأمير محمد على أهمية استمرار دعم لبنان والمحافظة على أمنه واستقراره، لأن عكس ذلك لن يكون من مصلحة أحد، لذلك فإن المحافظة على لبنان يفترض أن تكون هدفا للجميع. وفرنسا في الوقت نفسه تعتبر أنه يتعين على الحكومة اللبنانية أن تقوم بمبادرة ضرورية بإزاء السعودية والبلدان الخليجية الأخرى، من أجل إعادة الوفاق بين بيروت والعواصم الخليجية. كذلك سيكون الصراع في سوريا من كل جوانبه السياسية والعسكرية ومحاربة التطرف، والإنسانية، على رأس الموضوعات التي سيتم البحث فيها في لقاءات ولي العهد مع المسؤولين الفرنسيين. والطرفان يدعمان بقوة جهود الامم المتحدة من أجل حل سياسي من طريق جنيف 3، ويتفقان على أن لا مستقبل للرئيس بشار الأسد في سوريا. ويذكر أنه أعد للأمير محمد برنامج حافل، إذ سيلتقي خلال زيارته الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء مانويل فالس ووزيري الخارجية جان مارك آيرو والدفاع جان ايف لودريان.