نبيل بومنصف: مرشح لأميركا هل تقبلون/ميشيل تويني: شكراً للسعودية/روزانا بومنصف: الجيش لن يتأثر بوقف الهبة على المدى القريب والعروض الإيرانية البديلة دونها عوامل مؤثرة

307

مرشح لأميركا.. هل تقبلون؟
نبيل بومنصف/النهار/2 آذار 2016

أثبتت بعض جوانب الاجراءات الخليجية في حق لبنان ان معظم القوى السياسية لا يزال غارقا في مفاهيم جامدة موروثة في النظرة الى تحولات مصالح الدول. وما كان يؤخذ على اليمين اللبناني من رهاناته الخاسرة على الغرب بات يدرج الآن في الابتهاج الذي يعم معسكر ٨ آذار حيال غضب السعودية على معسكر ١٤ آذار. اما المفارقة الاكثر غرابة فهي في الرهان الصاعد لدى حلفاء “حزب الله” على تدخل اميركي وفرنسي لدى السعودية والدول الخليجية لمنعها من الافراط في معاقبة لبنان. وهي مفارقة تبدو اقرب الى التسطيح بفعل التقديرات الداخلية التي تتوسل توظيف العاصفة الخليجية في تحقيق مكاسب داخلية ولو ان المعروف في هذا المعترك ان هناك تمايزا بين التعامل الغربي والتعامل الخليجي مع الواقع اللبناني عبر هذه الازمة. قد يفرح شامتون بتحول لدى معظم قوى ٨ آذار، في اطلاق إشارات الرهان على ضغوط أميركية وغربية على السعودية لحملها على اتباع المنهج الاميركي في الفصل بين العقوبات على “حزب الله” ودعم لبنان الدولة والمجتمع. ولعل بعضهم يرى ذلك من ثمار انخراط ايران في الانتظام الدولي بعد الاتفاق النووي او لعوامل أخرى تشي بشعور حلفاء النظام السوري بان التحولات الحاصلة مهما تبدلت لن تحمي النظام في نهاية المطاف. ولكن المسألة الاهم تتصل بعقم حقيقي يصيب الوسط السياسي الذي عطل الانتخابات الرئاسية بمختلف الأساليب ولا يزال يتسبب للبنان بعواصف من هنا وهناك ثم يستسهل العودة الى لعبة الرهانات الخارجية. ولعلنا لا نثير سخرية او شماتة ان تساءلنا: لماذا تركتم بعض حلفائكم يتمادون في استفزاز السعودية الى حدود دفعها الى الافراط في معاقبة لبنان وتعريض مصالح مئات ألوف اللبنانيين ومصائرهم بدل القفز من رهان الى آخر؟ وما دام تحقق لكم المكسب الهائل في الجفاء الناشئ بين السعودية وحلفائها فأي تفسير لهذه اللهفة المفاجئة والكلام الصاعد عن تدخل اميركي بات مطلوبا بإلحاح الآن لديكم بعدما كُنتُم تشيْطنون السائرين منذ القدم في السياسات الغربية والعربية المناهضة لحلفكم بل تخوّنونهم؟ وما دام الشيء بالشيء يذكر، قد يكون التدخل الاميركي والفرنسي لدى السعودية امرا جيدا اذا أحدث خط تمايز وتعامل “جراحي” دقيق مع لبنان ولو ان الامر لا يزال مشكوكا في نجاحه. ولكن ماذا لو مضت اميركا، على سبيل الافتراض غير البعيد عن الواقعية، في الضغط والتدخل لانتخاب رئيس للجمهورية من غير النادي الحصري المطروح الآن؟ وماذا لو صار لواشنطن مرشح “ثالث ” تضغط لانتخابه فوق خطوط النزاع الاقليمي والداخلي المتشابك راهنا عند معادلة مرشحين من قوى ٨ آذار بتأييد منشطر من ١٤ آذار؟

شكراً للسعودية!
ميشيل تويني/النهار/2 آذار 2016
اعتدنا في لبنان دوما أن نشكر البلاد المجاورة! فشكرنا قطر مراراً وتكراراً والبعض يشكر سوريا يومياً والبعض الآخر المملكة العربية السعودية. يَا ليتهم يحبون لبنان كما يحبون إيران أو السعودية! واليوم بدل الشكر يعتذرون! يعتذرون ويزايدون على المملكة، والأكيد أن البعض لا يعتذر أو يستنكر لمصلحة لبنان بل لمصالح خاصة! الأكيد أنه يجب الحفاظ على علاقات ممتازة مع السعودية وغيرها من البلدان العربية والغربية. لكن الأكيد ايضاً انه اذا كان لـ”حزب الله” موقف معاد للمملكة فيجب ألا تجعل المملكة الجيش والدولة والمواطنين يدفعون الثمن، خصوصاً ان إضعاف الجيش ومعاقبة اللبنانيين لا يضرّان بـ “حزب الله” ولا بإيران. اليوم بدل الشكر يعتذرون، لكن هل هذه المسرحية تفيد في شيء؟ أم أن الأجدى أن يكون هناك موقف رسمي صارم مما تبقى من جهات رسمية؟ فهم مؤتمنون على مصلحة الدولة والشعب. من جهة أخرى، وفيما نتكلم على شكر الزعماء لسوريا وإيران والسعودية، فإن الذين يتبعون الزعماء يشكرون بدورهم زعماءهم لأنهم يرفعون لافتات بحقوق طوائفهم، وتحت هذا العنوان يدمرون لبنان. والسؤال الذي يجب طرحه اليوم: هل يجب أن نشكرهم أيضا لأن لا مانع لديهم في إجراء الانتخابات البلدية؟ لافت تصريح نوابنا وزعمائنا وملوك طوائفنا الاخيرةً أن لا مشكلة لديهم في إجراء انتخابات بلدية! ومشكورون جدا لأن لا مشكلة لديهم في إجراء استحقاق دستوري في موعده! وكم وصلت وقاحتهم الى حدود لا يقبلها أي منطق، وكم أن كرامات الناس وعقولهم لا تحترم. فبعدما أغرقونا في النفايات من دون حلول، لأن لا إرادة للحلول، ومن بعض من جعلوا الجمهورية من دون رأس ويطلون عبر الشاشات ويقولون لنا: لا مشكلة لدينا في إجراء انتخابات بلدية، هل يجب علينا ان نشكرهم ونهنئهم لأنهم يمنحوننا (وليس أكيدا بعد) أقل حقوقنا بعدما أخذوها كلها؟ هل يجب أن نشكرهم على أدائهم وسياساتهم الناجحة وأن نقول لهم شكراً كما هم يشكرون يوميا جهات خارجية زجّونا في حروبها، وأصبحنا ساحة لا وطنا تلعب فيها أوراق دول أخرى، ونحن نتصارع عنها ومن أجلها ونحارب في بلدانها وندفع أثماناً عنها وننسى أن ندافع عن أنفسنا، وننسى أننا شبعنا حروباً وان شعبنا ما عاد يتحمل، وننسى أن نتشاجر من أجل مسائل وطنية، وان نتفاهم من اجل لبنان اولا وأخيرا؟ بئس هذا الزمن الذي أصبحنا فيه علناً أزلاماً للآخرين، وبئس هذا الزمن الذي يطمئننا فيه سياسيوه الى أنهم سيعطوننا أحد حقوقنا، ونحن نشاهدهم ونعتبر أن ما يقال أمر طبيعي ومنطقي.

الجيش لن يتأثر بوقف الهبة على المدى القريب والعروض الإيرانية البديلة دونها عوامل مؤثرة
روزانا بومنصف/النهار/2 آذار 2016
على رغم أهمية الهبة المالية التي قدمتها المملكة السعودية للجيش والقوى الامنية اللبنانية والتي أوقفتها اخيرا نتيجة مواقف اعتبرتها المملكة تعديا سافرا عليها، تنفي مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت تأثير وقف الهبة سلبا على اداء الجيش اللبناني او تسلحه على نحو فوري او مباشر، أي على المدى القريب، بل تلتقي هذه المصادر مع معلومات أمنية تفيد بأن التأثير متوسط وبعيد المدى انطلاقا من أن الاسلحة المقررة للبنان بموجب هذه الهبة مبرمجة حتى ست سنوات مقبلة، ومن شأنها دعمه نوعيا. وتظهر هذه المصادر عاملا مطمئنا آخر يستند الى ان الولايات المتحدة ستبقي على دعمها للجيش وستمده بما يلزم، وحتى بما كان مقررا من جانبها بموجب الهبة، علما أن هذه المصادر لا تعتقد ان العلاقات اللبنانية – السعودية قد تذهب الى قطيعة او ان تأخذ ايران مكان المملكة السعودية على هذا الصعيد، على رغم الكلام الذي تزايد في الايام الاخيرة عن استعداد ايراني لضخ المساعدات الى لبنان. وهناك جملة اعتبارات جوهرية ومهمة وراء ذلك، خارج إطار المزايدات الدعائية او الاعلامية، ونقطة البداية بالنسبة الى المصادر المعنية أن المملكة السعودية حين قدمت هبة المليارات الثلاثة لم تسأل عن ماهية ما سيطلبه لبنان الذي تركت له أن يحدد ما يريده في اتصالات مع الفرنسيين، في حين أن إيران حين ابدت استعدادها سابقا لتقديم المساعدة للجيش انما تحدثت عن تفاوض مع الدولة اللبنانية وليس عن هبة أو هبات، ومن المستبعد أن تقدم ايران ملياراتها التي استعادتها بعد رفع العقوبات الى لبنان، وعلى كتفها أثقال أكثر من أن تعدّ في الداخل الايراني كما في العراق وسوريا واليمن، وصولا الى لبنان حيث تدعم “حزب الله” بالمال والسلاح وبالعناصر التدريبية أيضا. والفارق تاليا أن السعودية تدعم الدولة اللبنانية في حين أن إيران تدعم طائفة وتنظيما مسلحا تقدَّر الصواريخ التي يملكها بين 20 ألف و80 ألفا، وفقا لادعاءات اسرائيلية لا يمكن التأكد منها، في الوقت الذي تساهم في تكبير خطر “حزب الله” عليها لكن من دون الاستهانة بما يشكله الحزب فعليا في وجه اسرائيل. وهناك تبسيط في الادعاء أن إيران يمكن أن تمد الجيش بالمليارات، كما السعودية، من أجل أن يشتري السلاح اللازم من الولايات المتحدة أو فرنسا، أو أن تدفع الى أن يغير الجيش ماهية السلاح الذي يملكه لكي يتحول سلاحا إيراني الصنع بدلا من ان يكون اميركيا او فرنسيا، او أن تسمح الولايات المتحدة ومن ورائها اسرائيل بأن تتولى ايران هذا الدور مع الجيش اللبناني.
الجانب التبسيطي الآخر بالنسبة الى هذه المصادر يتمثل في عدم قراءة التحولات الكبيرة التي حصلت في المنطقة. وأحد أوجهها هو واقع ايران في سوريا، وعلام ستحصل نتيجة الحرب التي دعمت فيها رئيس النظام السوري، وهل تستطيع الحفاظ على ممرها الى البحر المتوسط، أي الى جنوب لبنان، للمحافظة على دعمها لـ”حزب الله”؟ اذ ان مشكلة ايران في سوريا أنه ليس لها جذور مئة في المئة كما هي مع حال الحزب في لبنان. إذ حين شارف النظام السوري الانهيار اضطرت ايران الى أن ترسل الحزب من لبنان والباسدران الايراني، في حين أنه ستكون لبشار الاسد، إذا بقي، حساباته، علما أنه لم يعد مقررا وحده بل هناك روسيا في الدرجة الاولى، وايران. ولذلك ثمة اعتقاد أن لا خيار لدى ايران سوى أن تأخذ اتفاقات معينة لعدم وجود مجموعات في سوريا تطالب لها بالحقوق كما هي حال “حزب الله” في لبنان، أو الاكراد في سوريا، بحيث تعطي اي مجموعة مماثلة ايران نفوذا أو موقع قدم كما هي الحال في لبنان.
العامل الآخر الذي يتعين أخذه في الاعتبار في رأي هذه المصادر أن إيران كانت تستخدم لبنان وسوريا في الأساس ضد اسرائيل. وبتوقيع إيران الاتفاق النووي مع الغرب ودخولها نادي المجتمع الدولي وتعليقها أهمية كبيرة على ذلك الى درجة إدراج الكثير من المتشددين الذين تم انتخابهم في عطلة الاسبوع على أنهم إصلاحيون أو معتدلون، علما أن السلطات الايرانية كانت حددت مقاعد محدودة للاصلاحيين لا تتخطى الثلاثين مقعدا لا يمكن أن تحدث تغييرا يذكر، فإنما لحرصها على إسباغ طابع فوز الاعتدال وتغليبه من اجل الفوز بانفتاح الغرب عليها. وقد استخدمت ايران لبنان وسوريا من اجل الدفع قدما في انجاز اتفاقها النووي وتهديدا لاسرائيل في حال تجرأت وقصفت المفاعلات النووية في ايران. ما بعد الاتفاق النووي يثير تساؤلات جدية حتى حول طبيعة الاسلحة الاستراتيجية التي تقدم لـ”حزب الله” ولاي هدف اذا لم يعد هناك حاجة الى إيران للدفاع عن نفسها. فالصواريخ التي قدمتها ايران للحزب ويقدر عددها بالالاف في لبنان، تحتاج الى صيانة وتشغيل وتحديث، بحيث تغدو غير ذات جدوى في حال عدم استخدامها، خصوصا انها مخصصة في زمن الصراع النووي لفتح جبهة في لبنان بمعنى انه سلاح استراتيجي وليس سلاحاً تكتياً ويحتاج الى صيانة وحراسة وهذا كله مكلف جدا خصوصا متى كان هذا السلاح غير قابل للاستخدام. فمع ان الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هدد اسرائيل اخيرا بخزانات الامونيا، وهو عد كلاما خطرا وغير مسؤول يعطي إسرائيل ذريعة لتمحو لبنان، فكيف والحال حين يفتقد لبنان الى اي مظلة عربية او خارجية تحميه متى كان الجيش اللبناني تحت مظلة ايران في حال تولت تسليحه كما هي الحال بالنسبة الى الحزب؟