منى فياض: التخبط والعجز العربيان كدافع للتعجيل بالاتحاد العربي/محمد قواص: نفهم الرياض افهموا بيروت/خالد موسى: هكذا تتغلغل سرايا المقاومة في البقاعين

248

التخبط والعجز العربيان كدافع للتعجيل بالاتحاد العربي
منى فياض/العرب/23 شباط/16
نظرا للحرب العالمية المصغرة وبالوكالة التي تدور رحاها في سوريا، يجري التلويح مؤخرا، كفزاعة، بإعادة رسم خرائط سايكس بيكو التي شكلت الإطار للدول الوطنية في العالم العربي ما بين الحربين العالميتين. ويتم التعامل مع هذا الاحتمال كتهديد لمستقبل الأمة العربية وكأنها في أحسن حال في الوقت الحاضر.
مراجعة الخارطة الأوروبية تؤكد أن الخرائط السياسية كانت وستظل، عرضة للتغيير بحسب تطور الأحداث وميزان القوى، وآخر دليل على ذلك جزيرة القرم وتنقلها بين روسيا وأوكرانيا؛ ناهيك عن الدول الغربية التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي.
يفهم من طريقة طرح المسألة وكأنها مؤامرة دبرت بليل لإعادة تقسيم المنطقة، في نفي لمسؤولية الشعوب العربية وحكامها، كما للدينامية التي تربطهم في ما بينهم وبالعالم. فهل حقا كان سايكس بيكو مؤامرة نزلت بالعرب دون علمهم أو إرادتهم؟
نعلم أن الوحدة حلم راود العرب، ويراودهم، على اختلاف مشاربهم السياسية ومعتقداتهم وطوائفهم. وقد عرف العالم العربي عددا من الصيغ الاتحادية بعضها ما زال مستمرا حتّى اليوم، منها؛ جامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي ومجلس التعاون الخليجي.
لم يتوصل العرب إلى الصيغة الملائمة التي تتعدى الالتباس بين الدعوات إلى الصيغة الوحدوية المركزية الاندماجية، وبين الصيغ الاتحادية الدستورية. فلا يزال المخيال العربي يعيش حلم الدولة العربية التي أرادها على أنقاض الامبراطورية العثمانية. لا يزال الكثيرون يعتبرون أن العالم العربي كان موحدا في إطار دولة واحدة بالمعنى الحديث للكلمة. لكن هذا الوهم لا يرتكز إلى معطيات جدية، فالكيانات التي كانت قائمة زمن الدولة العثمانية عبارة عن أقاليم لكل منها خصوصياته وطريقة تعامله من قبل السلطات المركزية نفسها. لا يمكن اعتبارها دولا بالمعنى الحصري المعطى حديثا للكلمة. من هنا يفقد الكلام عن وحدة اندماجية كالتي كانت سائدة منذ قيام الدولة الوطنية العربية الحديثة معناه. من الأجدى البحث عن صيغ خلاقة وجديدة تلائم تحديات العالم المعولم.
ربما كان اللبناني يوسف كرم (1823 – 1889)، أوّل من طرح الكونفدرالية كصيغة لاتحاد “أبناء اللغة العربية في الأقاليم السورية”، في الرسائل التي وجّهها إلى الأمير عبدالقادر الجزائري في العام 1877، طارحا فيها مشروعه لقيام “سلطنة عربية”، وهي أقرب إلى اتحادية دستورية تشمل أكثر من كيان أو قطر أو دولة أو إقليم. تكون هذه الأقاليم مستقلّة، يسهر كلّ إقليم منها على صيانة إمارته، وترتبط مصالحه مع مصالح الحكومة الرئيسية، ويستمد قوّته منها لتؤلّف اتحادا وثيقا بالمصالح والحقوق. من أبرز الأخطاء في المنطقة العربية هي اعتبار أنها كانت وطنا موحدا لا حدود داخله إلى أن قام الاستعمار بتقسيمه.
لقد اصطدمت خطط فرنسا وبريطانيا بعقبات على أرض الواقع أجبرتهما على تعديل خططهما الأساسية. فهما كدولتين استعماريتين ساهمتا في نشوء الدول العربية في شكلها الحالي، ولكنهما لم تنفردا بعملية خلق هذه الدول. أما الإصرار على أن المستعمرين تفردوا برسم حدود الدول والتلاعب بها بحسب مصالحهم مع تحديد مصيرهم، فهذا أمر ينتقص من العرب أنفسهم كما أنه ينكر مسؤوليتهم عما حصل وعن ترسيم حدود دولهم. صحيح أن الغرب ساهم في عملية تشكيل دولهم، لكن العرب لم يكونوا غائبين عنها كذلك.
تجربة الدولة الحديثة في حدودها التي برزت في العالم العربي بعد الحرب العالمية الثانية حسب اتفاقية سايكس بيكو لم تكن اعتباطية، بل جمعت بين الخصوصية الثقافية للشعوب إضافة إلى شعورها الوطني الممتد بالانتماء إلى تاريخ مشترك. وساعدت في تأسيس هذه الأوطان الروابط الاجتماعية والأنثروبولوجية الموجودة في كل دولة من الدول التي نشأت، كما أن تجربة الدولة الوطنية فيها بلورت هذه الروابط وعمقتها.
ومن الملاحظ أن الثورات أعطت للدولة وللشعور الوطني شرعيتهما الكاملة، وبرهنت في نفس الوقت على توافر الكثير من العناصر المشتركة بين الشعوب العربية، بحيث نجد أنها لا تعتمد على العرق ولا على اللغة وحدها، بل تستند إلى تجربة ثقافية ممتدة في التاريخ تجتمع في مكوناتها عناصر داخلية تعبر عن نفسها في الشعور بضرورة العيش المشترك (على الطريقة اللبنانية) وتجمع بينها خصوصيات اجتماعية وتقاليد تحملها اللغة كما تطورها أيضاً تجربة العيش في فضاء مشترك على عدة صعد. وبعضها له وجود تاريخي ممتد؛ مصر، العراق، المغرب.
كما نلاحظ مؤخرا اكتساب الدولة الوطنية شرعية حقيقية لوجودها: مصر، تونس، المغرب، لبنان، سوريا، السعودية، اليمن، العراق. وليس علينا سوى الانتباه إلى الحساسيات بين مختلف هذه الوطنيات، التي تبرز من وقت لآخر في الإعلام سواء في ما يتعلق بالرياضة أو بالبرامج التلفزيونية.
ومن مجمل ما يطفو من صراعات، صارت الدولة الوطنية تبدو واقعا ومطلبا حقيقيا، وكأن الأحداث أكسبتها الشرعية التي افتقدتها طويلا في ظل الحنين إلى امبراطورية قومية عربية أو خلافة إسلامية. ربما حان الوقت لبلورة نوع من الوحدة المناسب في ما بينها، وحدة غير ذوبانية، حيث صار يصبح بإمكان الشعوب أن تحقق حلمها بنوع من الاتحاد الديمقراطي المتقدم البعيد عن الطابع الشوفيني الذي طبع الحركة القومية العربية في نفيها للآخر وعدم الاعتراف به.
وإذا قارنا الوحدة العربية المفترضة، بالاتحاد الأوروبي الذي يمرّ بأزمات تصل إلى تهديد وجوده، لأن هويّة الوحدة الأوروبية السياسية لا تتطابق مع هويّتها الثقافية ولا تجمع بينها لغة، سوف نجد أن الوحدة العربية التي لم يبدأ بناؤها الفعلي بعد، على الرغم من المحاولات المشار إليها، تتوافر فيها العوامل والمكوّنات التي تطابق بين هويّتها السياسية والثقافية الممكنة، وتجعل بناءها، إذا انطلق، ولو في زمن الخراب الكبير الذي تعيشه الأمة اليوم، أكثر نجاحا وثباتا.
من هنا تأكيدنا على التمييز بين مستويين: المستوى الوطني من خلال مفهوم الوطن: الوطن اللبناني والوطن المصري والسوري والتونسي والمغربي والسعودي واليمني، والمفهوم القومي أو الثقافي العربي العام على مستوى مجموع الدول العربية.
وعطفا على ما يجري من أحداث وبعد عاصفة الحزم نجد أن هذه الأخيرة تساعد على بلورة وتحديد هذين المصطلحين:
تدافع كل دولة على حدة عن مصالحها وأمنها الوطني (مع تضمينه فكرة الدولة المدنية الديمقراطية التي تساوي بين مواطنيها وتسهر على كرامتهم وحقوقهم وحرياتهم) في معرض دفاعها عن مجمل الأمن القومي العربي الذي يعني أمن واستقرار واستقلال جميع هذه الدول تجاه الاعتداءات الخارجية من دول عدوة سواء قومية أو دينية، وذلك بعد أن تتوصل إلى جعل الجامعة العربية على غرار الاتحاد الأوروبي. أي ضمان استقلال وسيادة كل دولة على حدة، والتعاون تجاه ما يهدد الأمن القومي العربي.
هذا ما يبدو أنه اتجاه الدول العربية حيث نلاحظ عبر الكثير من الأحداث الفرعية التي حصلت مؤخرا ما يدل على نوع من استتاب الاعتراف بالدولة الوطنية في حدودها “السايكسبيكية”، وفي بروز نوع من التخوف من القضاء على هذه الحدود لمصلحة ما تنادي به داعش وأمثالها من دولة الخلافة أو الدول التي تعتدي على الشعب السوري بحجة الحفاظ على شرعية الحكم، وللمفارقة، القائم فقط بسبب دعمها له. ولأن التاريخ تعاقب متواصل للأحداث، والتكيف هو القانون الذي يسمح بالتطور، طبيعي أن تكون لكلّ مرحلة بصمة تمنحها خصوصيّتها، لذا ينبغي إعادة صياغة لمفهوم العروبة الثقافي أولا، والمستند إلى الماضي ليس لرفضه ولا لتمجيده بل لقبوله كتاريخ من أجل التحرر منه والانطلاق إلى آفاق تناسب مرحلة العولمة التي نعيشها والتحديات التي تفرضها على دولنا. لا أحد يملك هذا الماضي المشترك ليصادره ويتكلم باسم الشعوب، لا من القوميين العرب التقليديين، ولا الإسلاميين السياسيين بمختلف مشاربهم.
من هنا إذا تغيرت الخرائط مجددا حسب مصالح الشعوب ورغباتها في الحرية والحقوق ودولة القانون، فلن تكون في ذلك نهاية العالم في ظل وحدة على الطراز الأوروبي.

نفهم الرياض.. افهموا بيروت!
محمد قواص/ميدل ايست أونلاين/23 شباط/16
حين صدر عن الرياض ما يعبّر عن غضب سعودي من لبنان، أفرجت بيروت عن تساؤل يتعلق بالصبر الذي تحلّت به المملكة تاريخياً لرعاية لبنان في ما توالت عليه من أزمات. بدا أن اللبنانيين، لا سيما أؤلئك الذين يعتبرون السعودية صديقة، قد اكتشفوا من خلال “العقوبة” السعودية مزاجاً جديداً بشأن مقاربة لبنان يتناسلُ من مزاج عام تتنفسه الإدارة السعودية الجديدة في كل ملفات المنطقة.
تحمّلت السعودية سهام اللبنانيين منذ عهود. اعتبرت المملكة لبنان مخلوقاً استثنائياً يجوز له ما لا يجوز لغيره. قاربت المملكة البلدَ بروح أبوية تتحمل نزق الأطفال، سواء كان النزق في السابق عروبيا قومياً أو يسارياً ثورياً، أو ممانعاً يتبع تقليعات الوليّ الفقيه هذه الأيام.
على أن شروط العصر، في جغرافيته الواسعة أو في تلك التي تتحدد داخل حدود المملكة، أضحت تطالب بتبيان الخطّ الفاصل بين الصديق والعدو. ألم يتساءل زعيم أكبر دولة في العالم يوماً “من معنا ومن ضدنا؟”، فما الضير من أن تعرف الرياض ذلك الآن وتعامل العالم وفق ذلك أيضاً؟
قد تتكامل القرارات الرسمية السعودية الأخيرة مع مناخ غير رسمي معادٍ للبنان أفرجت عنه الصحافة السعودية مؤخراً. وكانت تلك الصحافة قد مررت، قبل ذلك، غضباً ضد “الحليف” المصري الذي لا يتّسق موقفه مع “كرم” المملكة ومظلتها السياسية التي وسّعتها لرعاية انتاج النظام السياسي المصري الحالي. بمعنى آخر، فإن بعض صحافيي السعودية كانوا يعبّرون عن تيار داخل المملكة قد ضاق ذرعاً من التعامل مع السعودية بصفتها خزينة عمياء توزّع العطايا دون سؤال. لسان حال ذلك التيار يقول: نريد التعامل بعلم الحساب.
مقابل “ظلم ذوي القربى” الذي تشكو منه السعودية والذي نفهمه ونوافق عليه كلبنانيين، قد يجوز التذكير ببعض الأمور، التي لا شك أنها غير غائبة عن بال السعوديين في حُكمهم ونُخبهم ورأيُهم العام. فقد خرج اللبنانيون بأجسادهم العارية قبيل وبعد “14 آذار” 2005 يواجهون الهيمنة السورية، وخلفها تلك الإيرانية، في وقت لم يكن يبدو أن مزاجاً إقليميا ودولياً يغطي تلك المواجهة. شكّل أمر ذلك، والتحالف الذي وُلد عنه، على ما يبدو، خطراً وجودياً على خطط دمشق وطهران في لبنان، لدرجة الردّ بسلسلة الإغتيالات المعروفة، والتي قد تستأنف في أي وقت، وفق أجندة القَتَلة وحدهم.
قاوم اللبنانيون بما يمتلكون، وبما يعرفون، جهود الهيمنة الإيرانية التي تشكو منها الرياض في لبنان. جاء ردّ تلك الهيمنة شفافا واضحاً وقحاً، من خلال استخدام السلاح والتبجح بفائضه، على النحو الذي أرسل إشارات إقليمية عن نوعية المعركة وشروط النزال. فهم اللبنانيون من خلال الضغوط التي مارستها الرياض على رئيس الحكومة آنذاك سعد الحريري لزيارة دمشق، كما من مبادرة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بمرافقة الرئيس السوري بشار الأسد من دمشق إلى بيروت، ما يشبه التسليم بالأمر الواقع والتعامل معه بصفته قدراً تجوز المرونة في مقاربته.
لا يمكن تحميل اللبنانيين وحدهم “ذنب” الخضوع لقرار إيران وأجندة قيادتها. تصرّفت طهران في لبنان وفق ما أدركته جراء لجوئها للمداخل القصوى والردّ عليها بالمداخل الدنيا، فكان أن اخترقت ما هو متاح لا مناعة تحميه. فهمت بيروت، أن العصر الإيراني الذي تهللُ له واشنطن وينقسم العرب حوله في محافلهم الرسمية، ينسحبُ على فضائهم قدراً لا طائل لها على معاندته. ثم ألا يعتبر إغتيال رفيق الحريري ونفيّ نجله سعد، وهم الحلفاء الأُول للسعودية في لبنان، دليلاً على تقدّم نفوذ وانسحاب آخر؟
ذهب اللبنانيون إلى المواجهة فأكتشفوا أنهم وحدهم، لا بل إن مزاجاً حليفاً يدفعهم لطيّ الصفحة والذهاب للمصالحة. لم يدركوا الأمر للوهلة الأولى، فعاندوه، لكنهم فهموه بعد أن تكررت الخيبات في بيتهم وتكرر صمت الجيران. أفاق اللبنانيون هذه الأيام على غضب سعودي لم يسبقه عتبٌ أو تأنيب أو تحذير ينذر “الجاني” قبل صفعه. والحقيقة أنها صفعة لا سابق لها في تاريخ علاقة السعودية ولبنان، وقد قلبت معادلة لطالما استكان اللبنانيون إليها على مرّ العقود.
فهم اللبنانيون الحدث السعودي وفق ما يريدون فهمه. منهم من رأى فيه انسحاباً يشبه التسليم بخسارة الموقع اللبناني لصالح اختراق إيراني لم يعد بالإمكان صدّه، مذكرين بالإهمال المالي الذي طال المؤسسات السياسية والإعلامية والإجتماعية القريبة تاريخياً من الرياض، مقابل ضخامة ما تستثمره إيران في دعم حلفائها. ومنهم من رأى في الأمر مواجهة مع الحالة الإيرانية على منوال تلك التي تخوضها السعودية في ميادين التماس من اليمن لسوريا، وهو أمر قد توحي به أيضاً عودة الرئيس الحريري إلى بيروت. فإذا كان الغضب انسحاباً، فلا عتب على اللبنانيين أنهم باتوا محرومين من وسائل المقاومة وسبل الصمود، وإذا ما كان الغضب مواجهة، فالأمر شديد الحساسية داخل ذلك النسيج الطائفي المتمذهب، الذي تحتاح المواجهة داخله، ومن خلاله، إلى جديّة بعيدة عن الإنفعالات.
يحتاجُ لبنان إلى دعم المملكة العربية السعودية واستمراره، في ذلك ضمان لديمومة الفكرة اللبنانية وتمتين لغطاء يقي المدافعين عن البلد وفكرته. لا يمكن للرياض أن تقارب لبنان بصفته واقعاً مستقلاً عن الكارثة السورية، وربما لا يمكن للرياض أن تناكف الهيمنة الإيرانية في لبنان بمعزل عن معركتها ضد النفوذ الإيراني في اليمن. فإذا ما كان ردّها في اليمن هو دعم اليمنيين على ما أفصحت “عاصفة الحزم”، فحريّ بالمملكة أن لا تتخلى عن اللبنانيين صوناً لموقع سعودي أصيل في هذا البلد مقابل حداثة ذلك الإيراني وعرضيته.

هكذا تتغلغل “سرايا المقاومة” في البقاعين… ماذا عن اجتماعات “الحاج مالك”؟
خالد موسى/ موقع 14 آذار/٢٤ شباط ٢٠١٦/من السعديات على الخط الساحلي جنوباً مروراً بصيدا وقرى العرقوب وحاصبيا وراشيا والبقاعيين الغربي والأوسط وصولاً الى عرسال، يعمل “حزب الله” ليلاً ونهاراً على إختراق هذه القرى ذات الثقل السني والموالية لـ”تيار المستقبل”، بمساعدة حلفائه من الطائفة السنية في تلك المناطق. بعد إشكال السعديات الأخير بين شباب البلدة وعناصر السرايا الذين عملوا على إطلاق النار داخل البلدة وعلى مسجدها، واستفزاز شبابها ودفعهم الى الرد بالمثل وبعد اتصالات، دخل الجيش الى البلدة وعمل على إلقاء القبض على عناصر سرايا المقاومة الذين حوصوروا في البلدة، هذا الإشكال أعاد الى الواجهة ملف “سرايا المقاومة” في تلك البلدات، خصوصاً في قرى البقاعين الغربي والأوسط. في البقاعين استعاض الحزب عن الحضور المباشر بسراياه، وهي مجموعات تتبع له مباشرة وتساند حلفائه في تلك القرى. والملفت في هذا المخطط الذي يعمل على اختراق الحاضنة السنية الحدودية هو اتجاه الحزب إلى بلدات سنية أخرى غير عرسال تعارض سياسته في سوريا ولبنان، وهي مجدل عنجر وبرالياس وسعدنايل والمنارة وغيرها. في مجدل عنجر، البلدة الداعمة للمعارضة السورية، والمتبرئة سابقاً من كل شخص فيها انتسب إلى سرايا المقاومة، والتي استقبلت بالورود الخارجين من بلدة الزبداني في صفقة “حزب الله” الأخيرة، وبالشعارات والتهليل، ناهيك عن انخراط شريحة واسعة من شبابها في دعم المعارضة السورية ضد النظام و”حزب الله”، باتت هذه البلدة تشكلّ خطراً على الخط التمددي الذي يعمل “حزب الله” على الإمساك بخيوطه الرئيسية من اللاذقية الى القصير والقلمون ودمشق، في مخطط لوصلها مع قراه في الجنوب والبقاع الشمالي. كل هذا إنطلاقاً من موقع مجدل عنجر الإستراتيجي الحدودي، لا سيما أنّ هذه البلدة ما زالت ضمن المناطق السنية ذات الثقل السياسي التابع لـ “تيار المستقبل”، إضافة الى أن التيار السلفي قوي داخلها، وأخذ يترسخ بين أهلها ومشايخها وشبابها. لذلك بدأ عناصر حزب الله، من “السرايا”، بمحاولة تكرار سيناريو عرسال والعرقوب داخلها.
عناصر السرايا في مجدل عنجر
مصادر داخل البلدة، كشفت لموقع “14 آذار” أن “عدد الشباب المنضوين الى سرايا المقاومة في البلدة اصبح لا يستهان به، ومعظمهم من العاطلين من العمل أو الهاربين من القانون أو الباحثين عن المال والنفوذ”، مشيرة الى أن “عدداً من هؤلاء يتلقون الرواتب من حزب الله تترواح ما بين الـ 300 الى 500 دولار اميركي وآخرون يتلقون المساعدات الإستشفائية ومواد التدفئة وغيرها”.
50 عنصراً في المنارة – البقاع الغربي
حال مجدل عنجر مع السرايا لا يختلف كثيراً مع واقع بلدة المنارة، التي تنشط فيها سرايا المقاومة مؤخراً، والتي انتفض شبابها على مواقع التواصل الإجتماعي على هذه الحالة غير أنهم تلقوا التهديدات من عناصر السرايا بـ”ضرورة الكف عن هذه الحملة وإلا لن تمر الأمور على خير”، بحسب ما كشفته مصادر داخل البلدة لموقع “14 آذار”، مشيرة الى أن “الحزب إستطاع تجنيد أكثر من 50 عنصراً له في البلدة، وأغلبهم من الجنسية الفلسطنية والسورية وبعض من شباب البلدة العاطلين عن العمل”.
إجتماعات مع “الحاج مالك”
ولفتت المصادر الى أن “جزءاً من هؤلاء الشباب يتلقى الرواتب الشهرية وتتراوح بين الـ 300 الى 500 دولار، وجزءاً آخر يتلقى مساعدات إستشفائية ومواد تدفئة وغيرها من التسهيلات في حال تم التعرض له من القوى الأمنية كبطاقات تسهيل مرور على الحواجز ومواكبة وغيرها”، كاشفة عن أن “هذه المجموعة تعقد إجتماعات دائمة مع قيادي في حزب الله من بلدة مشغرة البقاعية يلقب بالحاج مالك وهو يعمل على دفع الرواتب لهم وتلقينهم الأوامر والتعليمات”.
دورات تدريبية الى سوريا
وأشارت المصادر الى أن “الحزب حاول العمل على أخذ بعض الشباب منهم الى سوريا، غير أن القوى الأمنية أفشلت هذا الأمر في اللحظات الأخيرة وهي تعمل على مراقبة هذه المجموعة عن كثب”، لافتة الى أن “الحزب قام بتدريب هؤلاء الشباب وإقامة دورات لهم في معسكراته في منطقة بعلبك كما حاول إقناع بعضهم على التوقيع على أوراق من أجل الذهاب الى سوريا”.
طرد غير المواليين لعقيدته
وكشفت المصادر عن أن “حزب الله قام بطرد بعض الشباب من المجموعة خصوصاً أولئك غير المقتنعين بعقيدته ويسيرون معه من أجل المال وسببوا له بعض الإشكالات والإزعاجات في الفترة الأخيرة وهو يدرك جيداً من يسير معه لأجل المال ومن يسير معه وهو مقتنع بعقيدته من بين هؤلاء الشباب