صبحي أمهز: حزب الله وبكركي وبينهما السلة المتكاملة/حـازم الأميـن: عام الفراغ عام حزب الله

237

عام الفراغ … عام حزب الله
حـازم الأميـن/لبنان الآن/31 كانون الأول/15

صفقة تبادل الزبداني كفريا
لنتخيّل أن صفقة الزبداني – كفريا تمّت في ظل وجود رئيس للجمهورية في لبنان. ولنتخيّل أن هذا الرئيس هو ميشال عون، الذي أعلن حزب الله أنه مرشحه الوحيد لمنصب الرئيس في لبنان، أو حتى سليمان فرنجية، أي ورقة التسوية مع الحزب، التي أخرجها سعد الحريري من جيبه على نحو ما زال غير واضح. عملية التبادل مثّلت انتهاكاً واضحاً لا لبس فيه للسيادة اللبنانية. المفاوضات جرت بين قطر وتركيا وإيران، ولبنان كان مسرحاً لتنفيذ الصفقة. تركيا وقطر فاوضتا عن النصرة، وإيران عن حزب الله، فيما غابت كل من سوريا ولبنان عن المفاوضات، إلا بصفتهما إما النصرة وإما حزب الله. وفي لبنان أيضاً ما زالت السيادة ممثلة بصورة رئيس الجمهورية، إذ هي من بين أشياء قليلة أبقاها الطائف له. وهو ما يعني أن صورة رئيس الجمهورية كانت ستهتز على وقع الصفقة بين حزب الله وجبهة النصرة، وسيجد الرئيس نفسه مخيراً بين قبول الإهانة التي تلقاها من حليفه، وبين خيار الانتفاضة وحفظ ما تبقى من ماء الوجه. والمسألة هنا أنّ صفعة على وجه السيادة بهذا الإنكشاف وهذا الوضوح لا تسمح لرئيس، مهما كان موقعه من النزاع بأن يصمت. السفراء سيتوقفون عن زيارته، والعالم سيسأله إذا ما كان على علم بما جرى. هذا ما جرى مع ميشال سليمان في آخر أيام عهده. فالرجل لم يكن خصماً لحزب الله، لا بل كان خياره في مؤتمر الدوحة، لكن الرئيس لم يشعر بأن فتح الحدود للقتال في سوريا يمكن أن يجري في ظل رئيس صامت عن انتهاك بهذا الحجم، فكان أن انتفض معلناً ابتعاده عن حزب الله. حزب الله يعرف أن مهمته الإقليمية تقتضي إمعاناً في انتهاك السيادة. يعرف أن مرور مقاتلين “أعداء” عبر مطار بيروت من خارج سجلات المطار خطوة تقتضيها حربه في سوريا، وأن استقباله مقاتلين سوريين شيعة أمر تقتضيه حربه في سوريا أيضاً. هذه المهمة ستصبح أصعب في ظل وجود رئيس، مهما كانت هوية هذا الرئيس. والفراغ خيار نموذجي لمن قرر أن لبنان بلد بلا حدود وبلا مطار طبيعي ومرفأ مضبوط الأرصفة والبوابات. العالم سيطالب الرئيس بالتمسك ببديهيات الرئاسة، وحزب الله لا يعنيه أي تمسك شكلي بالحد الأدنى من هذه السيادة. الفضيحة أكبر من أن يحملها رئيس حتى وإن تربى في حارة حريك. وحزب الله سيصطدم بأي رئيس مهما كانت هويته. من السذاجة الاعتقاد أن حزب الله يمكن أن ينخرط بتسوية تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. مبادرة سعد الحريري نموذجية بالنسبة إليه، ليس لأنها ستأتي برئيس حليف له، بل لأنها مددت الفراغ. فهي أعطت للحزب أفقاً للمراوغة وللتمسك الوهمي بحليفه ميشال عون، بما يتيح مزيداً من الفراغ. يجب النظر إلى صفقة الزبداني – الفوعة بصفتها استمرار لفضيحة بدأت بإلغاء الحدود والذهاب إلى القتال من دون إذن اللبنانيين. لكن الصفقة كشفت مرة جديدة أن لا سلطة في لبنان خارج عباءة حزب الله، وأن مشاركة 14 آذار الكرتونية بهذه السلطة ليست أكثر من غطاء تواطؤي تمارسه جماعة هي شريكة حزب الله في انتهاك السيادة وفي تبديد الحدود.

 

“حزب الله” وبكركي.. وبينهما السلة المتكاملة!
صبحي أمهز/المدن/الخميس 31/12/2015

لا يزال الملف الرئاسي يشكل هاجساً لدى رأس الكنيسة المارونية البطريرك بشارة الراعي، الذي يردد دوماً أن هم بكركي الأساس هو إنهاء حالة الشغور الرئاسي، والإلتزام بـ”الوطن الذي يتقدّم على الشخص، لئلا تتعرّض الجمهورية لخطر الانهيار”، لكن وجهة بكركي تتعارض مع الموقف الذي أعلنه رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” السيّد إبراهيم أمين السيّد بعيد زيارته البطريرك الراعي، خصوصاً أنه كرر تمسك الحزب بالنائب ميشال عون للرئاسة. الأمر الذي فتح باب الإمتعاض في أروقة بكركي من “حزب الله”. ويؤكد النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم لـ”المدن” أن “موقف بكركي لا لبس فيه، وهمها الأساسي هو انتخاب رئيس للجمهورية، في أقرب وقت، لأنها حريصة على الدولة وليس على الأشخاص”. ويعلق مظلوم على تمسك “حزب الله” بعون كمرشح لرئاسة الجمهورية، بالقول: “نحن نعلم أن للحزب موقفه، ولكن الهم الأوحد في هذه المرحلة هو الإسراع بانتخاب رئيس، وكل ما يحكى عن سلة متكاملة يؤخر إنجاز الحل الرئاسي، الأمر الذي ينعكس سلباً على كافة مؤسسات الدولة، إذ لم يعد مقبولا أن تبقى الدولة بلا رأس، فيما الأزمات تتفاقم يوما بعد يوم نتيجة الفراغ”. على ضفة حزب الله، وعلى الرغم من التكتم الدائم لنوابه ومحاولاتهم عدم التعليق على أي مسألة تتعلق بالملف الرئاسي، يقول وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ”المدن” إنه “في حال فهم من موقف السيد ابراهيم السيد أن عون لا يزال مرشح الحزب الأساسي، فهو كلام صحيح، ولا يخضع لأي تأويل”، لكنه في المقابل يقول، لمن يعتبر أن طرح السلة المتكاملة يعيق حل أزمة الفراغ، إن “السلة لا تتنافى والمخارج الآيلة إلى حل الفراغ الرئاسي، لا بل هناك تلازم”.

وفي السياق عينه، وعلى مستوى مصادر مكتب النواب في “حزب الله” يبدو أن تبني ترشيح عون لا يزال هو الطرح الأكثر جدية، إذ يقول مصدر واسع الإطلاع لـ”المدن” إنه “في المرحلة الراهنة يوجد مرشحان لقوى “8 آذار”، هما عون وفرنجية، ولكن حتى تاريخه لا يزال مرشح الحزب الأوحد هو عون، إلى أن يقرر أي خطوة لاحقة”. ويشدد المصدر على ان “للحزب رؤيته الخاصة في موضوع الحل الرئاسي والتي تأتي ضمن سلة متكاملة تبدأ بقانون الإنتخاب وتمر بالحكومة لتصل إلى التعيينات الأمنية”. وعليه، يتضح التناقض بين موقف كل من الحزب وبكركي، ففيما تتمسك بكركي بضرررة الإسراع بإيجاد مخرج للأزمة الرئاسية، لا يزال “حزب الله” يناور من بوابة السلة المتكاملة. وتجمع مصادر “المدن” على أن “طرح السلة المتكاملة بالنسبة إلى “حزب الله” هو في غاية الأهمية، وربما أهم من الإصرار على التمسك بترشيح عون، وذلك لأن الهم الأساسي لـ”حزب الله” في المرحلة الراهنة، هو تحصيل ما يمكن من مكاسب في السلطة، وتحصين الدور الإيراني في لبنان بعد التراجع العام الذي تشهده إيران بعيد التدخل الروسي في سوريا“.