ربيع سلامة: جعجع للحريري: لا مبرر لبقائك خارج لبنان/منير الربيع: السنيورة: ثلاثة أسباب لرفض عون/باسم الجسر: على أبواب الحلول السياسية

310

السنيورة: ثلاثة أسباب لرفض عون!
منير الربيع/المدن/الثلاثاء 29/12/2015
سريعاً تتشعّب الملفات وتتوسّع النقاشات مع رئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة، لكن هدوءه وتنظيم أفكاره، يمكّنانه من إعادة الأمور إلى نصابها، رابطاً بين المحلّي والإقليمي، عطفاً على التحولات الدولية. في ثلاثة عناوين يختصر السنيورة الأوضاع في لبنان والمنطقة والعالم. لبنانياً، يعتبر أن الوضع لا يبشّر بالخير على مختلف الأصعدة، ولذلك فإن مبادرة الحريري قد تشكل خشبة الخلاص لا سيما في ظل انعدام وجود أي طرح آخر. إقليمياً، ينظر إلى تصاعد المواجهات بين الدول، بوصفها تنذر بالأسوأ. أما دولياً، فلا شيء واضحاً بالنسبة إليه، سوى أن الدول الكبرى لا وجهة واضحة لديها.
بين هذه النقاط الثلاث، يبرز الضياع اللبناني بحسب السنيورة. ولأن حديث الساعة هو المحاولات المستمرة لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، وتمرير مبادرة الرئيس سعد الحريري، لعزل لبنان عن أحداث المنطقة وتداعياتها، يبدأ السنيورة حديثه بأن هذه المبادرة ضرورية لإنقاذ ما تبقى من الدولة المتحللة، ولمنع وصول أي تداعيات للحروب في الجوار إلى لبنان. ويقول إن “التسوية مستمرّة لكنها مفرملة حالياً، بسبب عوامل عديدة، لكن هذا لا يعني أنها سقطت، خصوصاً أن أحداً لم يطرح أي بديل”. كعادته يفضل السنيورة دوماً الأمثال الشعبية لشرح وجهة نظره. في حديثه عن التسوية، يستخدم المثل المعروف: “على الديك أن يصيح، وطلوع الضوّ على الله”، لتوصيف الحال، بمعنى أن “المستقبل” فعل ما عليه، من خلال تقديم المبادرة، فيما يبقى اتفاق اللبنانيين عليها لإنجازها. يحمّل السنيورة، في ثنايا حديثه، مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي إلى الأفرقاء المسيحيين. ويعتبر أن ما حصل من إتفاق في ما بينهم حول الرئيس القوي هو الذي يؤخر إنجاز الإستحقاق، علماً أن الرئيس القوي بالنسبة إليه هو القادر على جمع الأفرقاء، لا سيما أنه ليس رئيس طائفة، وليس كرئيس الحكومة، لأن الرئيس ثابت، فيما رئيس الحكومة يمكن تغييره لأسباب وظروف وحالات عديدة، والجميع يتذكر حكومة الرئيس الحريري وكيف تم إسقاطها.
في محاولة تبريرية لخطوة ترشيح النائب سليمان فرنجية، يضعها السنيورة في سياق إتفاق الزعماء الموارنة الأربعة، وبالتالي أصبحت الخيارات محصورة، فكان الخيار على فرنجية بسبب إنعدام حظوظ رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، مؤكداً أن المبادرة لم تنته، بل تمت فرملتها بسبب بعض العراقيل، خصوصاً أن “هناك موقفاً إيرانياً رافضاً، اضافة الى الرفض المسيحي، وموقف عون، ورفضه انتخاب غيره”، مستطرداً أن هناك أطرافاً تراهن على الوقت للحصول على تنازلات أكثر من “المستقبل”، على أمل إرضاء عون.
ولكن لماذا فرنجية؟ يضع السنيورة الترشيح في سياق تجنّب الأسوأ، لأن الأحداث الدامية في الخارج وما يمكن أن يحدث في الداخل في ما بعد، يضع المرء أمام إستحقاق إيجاد الحلول، لعدم انتظار الأسوأ. وطالما أن “المستقبل” مستعدّ للتنازل، فلماذا لم يتم التوافق حول عون؟ يجيب السنيورة بأن هناك ثلاثة أسباب تمنع السير بعون، أولاً موقفه من إتفاق “الطائف”، وثانياً بسبب تبنّيه مشروع “اللقاء الأرثوذكسي”، وثالثاً فهو لم يقدّم نموذجاً صالحاً في كل الوزارات التي تبناها، لأنه سخّر كل مؤسسات الدولة لمصالحه العائلية والحزبية والشخصية. ويكشف السنيورة، ان مبادرة ترشيح فرنجية لم يكن إخراجها دولياً وإقليمياً، بل كانت لبنانية المنشأ، واللبنانيون هم من أقنعوا بها الأميركيين والأروبيين، مضيفاً: “لديهم مشاكلهم، ولا يعرفون ماذا يريدون، وهم من أوقع المعارضة السورية بين فكي الإرهاب”. ويعتبر أنه لا يمكن لهذه المبادرة أن تنطلق من دون بعض الإشارات السعودية والإيرانية، لكن الأوضاع الإقليمية في ما بعد أدت إلى عرقلتها. أما عن المطالب والضمانات مقابل ترشيح فرنجية، يقول السنيورة إنه لم يتم البحث في هذه التفاصيل، خصوصاً أن أحداً لا يستطيع إعطاء كفالة أو ضمانة للآخر، والجميع يذكر التنصل من إتفاق الدوحة وإعلان بعبدا. وعلى صعيد الحكومة، يقول السنيورة: “ليس بالنسبة للمستقبل حالياً مرشّح آخر غير الحريري”. لا يتوانى السنيورة عن التأكيد، بأن “المستقبل” لن يتخلى عن حلفائه، وما جرى في ذكرى اغتيال الوزير محمد شطح هو رسالة أساسية في هذا الموضوع، لافتاً إلى أن “14 آذار” تجمع سياسي يقبل الإختلافات ولا يقبل الخلافات. وعليه يشدد على أهمية الحوارات بين الأفرقاء اللبنانيين، وخصوصاً بين “المستقبل” و”حزب الله”، وبين “القوات” و”التيار الوطني الحرّ”، لكنه يضع ورقة “إعلان النوايا” في خانة الإذعان لمنطق عون. يعرّج السنيورة على الهجوم الذي يشنّه النائب وليد جنبلاط على مدير عام هيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف، يقلل السنيورة من أهيمته، معتبراً أنه خلاف شخصي بين الرجلين، قائلاً: “إنه من الممكن أن يكون يوسف قد اتخذ قراراً يعتبر جنبلاط أنه يجب مناقشته به، وهذا ما أثار حفيظة جنبلاط”. ولكن لم يتهم يوسف بالفساد؟ يجيب: “رفع بحقه 127 دعوى قضائية، فلم يتم إثبات عليه أي شائبة”. يعبّر السنيورة عن حزنه لما يجري في سوريا، وخصوصاً ما جرى مؤخراً في الزبداني، وهنا يستعيد ما قاله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله إبان دخول الميدان السوري، حين اعتبر أن تدخل حزب في سوريا، يهدف إلى حماية بعض القرى، ويقول: “لقد تحولت هذه القرى والمقامات إلى أهداف، وها هي الإتفاقيات تغيّر المعالم السورية”. ويعتبر أن ليس هكذا تتم محاربة الإرهاب، ولا أحد يستطيع تغيير الجغرافيا، إلا أن هناك من يسعى إلى تغيير الديمغرافيا.

 

على أبواب الحلول السياسية
باسم الجسر/الشرق الأوسط/30 كانون الثاني/15
لوحة الصراعات الناشبة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، الدولية منها والإقليمية والوطنية المحلية، تغيرت ألوانًا وخطوطًا، في الأيام الأخيرة. أي بعد الاتفاق الأميركي – الروسي على تولي مجلس الأمن معالجة المحنة السورية، ودخول الأطراف في ليبيا واليمن، مبدئيًا، نوعًا من وقف إطلاق النار أو المفاوضات، ولا سيما بعد قيام التحالف الإسلامي لمقاومة الإرهاب بمبادرة من السعودية. هذا على صعيد الحلحلة. أما على صعيد مزيد من التعقيد، فقد دخلت معادلات جديدة على المحنة الشاملة كالتوتر بين تركيا وروسيا، وشكوى الحكومة العراقية من تركيا بسبب دخول قواتها إلى الأراضي العراقية، واحتدام القتال في سوريا مع تدخل روسيا وإيران العسكري في المعارك.  والسؤال الجديد قد يكون: هل المحنة التي تعصف بالمنطقة العربية الشرق أوسطية تزداد تعقيدًا وشراسة وتشعبًا.. أم أنها دخلت مرحلة الحلحلة وربما الحل؟ الإجابة عن هذا التساؤل ليست هينة، صحيح أن القاسم المشترك بين الجميع والمعلن هو: القضاء على الإرهاب، ولكن أي نوع منه؟ أي تنظيم أو جماعة أو فريق؟ لقد جاء في أحد تحقيقات وكالات الأنباء أن عدد هذه التنظيمات والجماعات المتطرفة بين كبيرة وصغيرة، يتعدى المائة والستين، وأن الدول الكبرى ودول المنطقة ليست متفقة على تحديد الإرهابية بينها وغير الإرهابية. صحيح أن هناك اتفاقًا جماعيًا على اعتبار «داعش» و«القاعدة» من التنظيمات الإرهابية، ولكن ليس هناك اتفاق شامل على طريقة محاربتها والقضاء عليها. أوليس غريبًا أن آلاف الغارات التي شنتها روسيا والدول الكبرى قبلها على «داعش» في شمال سوريا والعراق، طوال سنة ونيف، لم تقضِ عليها أو تشلها؟
الخبراء العسكريون يجمعون على أن تحرير شمال سوريا والعراق من الاحتلال الداعشي لا يتم إلا بقوات على الأرض، ولكن أي قوات؟ الولايات المتحدة والدول الكبرى عموما ليست مستعدة كما أعلن المسؤولون فيها لإرسال قوات برية إلى المنطقة، أما الدول الإقليمية النافذة فهي تحتاج إلى طلب من الأنظمة وموافقة من مجلس الأمن للتدخل عسكريًا في العراق أو سوريا. ولا يبدو ذلك ممكنًا أو واردًا في الظروف الراهنة، وفي كل الحالات.
من هنا، فإن البابين المفتوحين أمام الدول الكبرى ودول المنطقة هما: تجميد «داعش» والتنظيمات الإرهابية وحصرها في الأمكنة التي تحتلها، ومواصلة قصفها من الجو لشلها، وتشجيع ودفع الأنظمة ومعارضيها إلى اختيار المفاوضات والحل السياسي. وكلا الطريقين طويل ومحفوف بالمفاجآت والعقبات والمطبات.
بعض المراقبين يرون أن العقدتين الرئيسيتين اللتين تتفرع عنهما التعقيدات الأخرى، هما مستقبل الحكم في سوريا والخطر الإقليمي والدولي الذي يشكله «داعش»، فباستثناء روسيا وإيران هناك إجماع عالمي بأن نظام الحكم في سوريا لا يجوز أن يبقى برئاسة الأسد وحزبه. كما أن هناك إجماعًا دوليًا وعربيًا على أن لا يحل «داعش» أو أي تنظيم متطرف محله في سوريا. إنما المشكلة هي في أنه ليس من السهل حرمان المقاتلين من حق التمثيل وحصره بممثلي المعارضة السياسية المدنية. ومن هنا أهمية اجتماع الرياض الأخير، وأهمية توحيد صفوف المعارضتين المدنية والعسكرية للتوصل إلى إقامة دولة ديمقراطية تعددية جديدة في سوريا. لا شك في أن الحلول السياسية للخروج من المحنة أفضل بكثير من تمادي الصراع والتقاتل والتدمير والتمزق الوطني والقومي والطائفي. ما دام هناك إجماع دولي على القضاء على «داعش» والتنظيمات الإرهابية المتطرفة التي باتت تقترب من أوروبا وتهددها في أمنها وسلامتها، وما دام معالم النظام الذي سيخلف الأسد – البعث في سوريا لم ترتسم بعد، فإن خطوات حل محنة سوريا والمنطقة، لن تكون إلا صغيرة، وعودة الاستقرار والسلام إليهما إلا بعيدًا لسوء حظ الشعب السوري.

 

جعجع للحريري: لا مبرر لبقائك خارج لبنان
ربيع سلامة/جنوبية/ 30 ديسمبر، 2015
منذ إعلان الرئيس سعد الحريري مبادرته لترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، انتهج رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع نهجاً مغايراً في تعاطيه مع حليفه الاستراتيجي، فرضت مبادرة الحريري تغييراً جوهرياً على أداء جعجع وأهدافه. في وقت يحمّل بعض قوى 14 آذار لجعجع مسؤولية تضعضع هذه القوى، كما حمّلوه مسؤولية فرط المجلس الوطني الذي كان من المقرر تشكيله، وذلك كبيعة مساء لصالح تعزيز حواره مع النائب ميشال عون ولإنجاز ورقة إعلان النوايا. وبعد أن هاجم جعجع مستقلي 14 أذار، واصفاً إياهم بغير المتمتعين بتمثيل شعبي، إبان جلسة تشريع الضرورة في مجلس النواب. لكن، ما لا شك فيه، أن تسوية فرنجية حشرت جعجع في الزاوية، لذلك، سار في خطّين متوازيين، الأول حمل راية 14 آذار، والثاني تعزيز تقاربه مع عون. سريعاً، رد جعجع على مبادرة الحريري بموقف مرتفع السقف، معلناً التمسك بخيارات وثوابت ثوة الأرز، لافتاً إلى أن أحدالا يستطيع إنهاءها لأن هناك دماء بذلت في سبيلها، في كلامه هذا كانت الرسالة المراد توجيهها إلى الحريري واضحة، “أنا من يحمل لواء 14 آذار”، وقد استفاد جعجع من غياب الحريري على مدى سنوات من تعزيز حضوره السياسي في وجدان شرائح جمهور هذا الفريق، إذ أن النظرة العامة لبيئة القوى السيادية كانت تنظر إليه كممثل وحيد عنها والناطق الأوحد باسمها، خصوصاً أنه رفض منطق المساومات والبازارات والتنازلات. أما على صعيد تعزيز علاقة القوات بالتيار الوطني الحرّ، فقد استفاد جعجع منها، لقطع الطريق على مبادرة الحريري، وبالتالي لعرقلة وصول فرنجية إلى بعبدا، فلوّح بأنه إذا مضى الحريري بخياره، فإنه سيلجأ إلى ترشيح عون للرئاسة، عملياً ووفق ما تشير مصادر متابعة، فلا يمكن لجعجع أن يتبنى ترشيح عون، بل هذا يبقى في إطار التهديد لوأد المبادرة، خصوصاً أن رأس مال جعجع السياسي هو مصداقيته، وبالتالي بحال اختار ترشيح عون، يعني ضرب لمصداقيته ولمشروعه وهذا ما لا يريده. وتؤكد المصادر، أن ما يشير إلى استحالة ترشيح جعجع لعون، هو مشاركته في ذكرى الشهيد محمد شطح، “فلو أراد أن يسير بعون، لم يكن ليشارك في هذه الذكرى، لأن السير بعون يعني الخروج على مبادئ 14 آذار، التي يصرّ جعجع على تأكيد تمسّكه بها.”
لقاء سمير جعجع وميشال عون
يؤشر حراك جعجع إلى معركة تنافسية يخوضها مع الحريري، فبعد أن أصبح قائد ثورة الأرز، ورافع راية 14 آذار، ها هو ينافس الحريري على جمهوره، إذ أن جزءاً كبيراً من السنّة يرفض مبادرة الحريري وسياساته التنازلية، ويعبّر عن إعجابه بثبات قائد القوات، واستمراره في المواجهة على الرغم من كل الصعوبات، وهذا ما يعيه جعجع ويستثمر فيه، إن في ذكرى شطح، التي أضافت مشاركته فيها نكهة خاصة لدى جمهور المستقبل، أو عبر تحركاته الدائمة باتجاه أكثر من منطقة على الرغم من التهديدات الأمنية، وهو بذلك يوصل رسالة إلى الحريري بأن لا مبرر لوجوده في الخارج، لأنه ليس مهدداً أكثر منه، وها هو يصول ويجول في المناطق. وكانت لافتة، مشاركة مسلمين، في آخر إحتفال نظمته القوات لتسليم بطاقات الإنتساب إليها، ما يدلّ إلى أن جعجع ماض في استقطاب غير المسيحيين، وهذا يندرج في سياق حسابات أخرى ما بين القوات والمستقبل، لا سيما في مسألة الحصص النيابية، إذ أنه لطالما امتعض جعجع من كيفية تعاطي المستقبل الإنتخابي معه، عبر تحجيم كتلته، وعدم إعطائه المزيد من النواب، بشكل يعكس تمثيله الحقيقي. تنسيب المسلمين للقوات، رسالة بأن جعجع عابر للطوائف، ويستحق كتلة نيابية تضم أكثر من ثمانية نواب.