ألكس راول: القانون الأميركي الجديد يغضب نصرالله/منير الربيع: الترانسفير السوري من الوجهة اللبنانية/لوسي بارسخيان: شريعة الطُفار تحكم بعلبك

355

القانون الأميركي الجديد يغضب نصرالله
ألكس راول/لبنان الآن/29 كانون الأول/15

كل من شاهد خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله على التلفزيون مساء الإثنين الماضي- أي بعد يوم على اغتيال اسرائيل للأسير الشهير السابق سمير القنطار في دمشق- على أمل الاستماع إلى خطاب تأبيني يشيد بالمقاتل المُغتال، لا بدّ وأنّه أصيب بالاحباط. لم يكرّس نصرالله في خطابه سوى نصف الوقت في الحديث عن الرجل الذي استُقبل استقبال الأبطال في الضاحية الجنوبية بعد اطلاق سراحه من السجن الاسرائيلي عام 2008، راوياً حادثة واحدة جمعته به، ومكتفياً لدى إعلان ردة فعل الحزب على مقتله، بقراءة مقتطفات من خطابه في كانون الثاني الماضي بعد استهداف اسرائيل لقافلة مشتركة ايرانية- اسرائيلية في القنيطرة في سوريا. وبدلاً عن ذلك، استحوذ على انتباه نصرالله وأغضبه قانون جديد أقرّه الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي (ووقّعه الرئيس الأميركي أوباما) يتعهّد بأشد العقوبات الأميركية على حزب الله، وأي منظمة أو فرد تابع لها، وأي مؤسسة مالية في أي مكان في العالم “تسهّل أعماله عن دراية”.
رافعاً صوته، دعا نصرالله الدولة اللبنانية بأن تكون مثل “الرجال”، وبأن ترفض الانصياع الى القانون الجديد، حتى وإن زعم في الوقت نفسه بأنّ حزب الله “لن يتأذى اطلاقاً” بفعل هذا القانون، بما أنّ ليس لدى الحزب “أية أموال في المصارف اللبنانية […] ولا يحوّل أموالاً في المصارف اللبنانية […] وليس لديه شركات تجارية أو شراكات في أي شركات لبنانية أو غير لبنانية”. وسواء كان ما قاله عن الحزب كمنظمة صحيحاً أو غير صحيح- وقد عبّر اقتصاديون لـNOWعن شكّهم به- فإنّه لا ينطبق بالتأكيد على العديد من أعضائه كأفراد. وقد نقلت صحيفة “السفير” اللبنانية، التي يعتبرها كثيرون متعاطفة مع “حزب الله”، الأربعاء الماضي خبراً مفاده أنّ البنوك قد بدأت بالفعل اتخاذ اجراءات ضد أعضاء في”حزب الله”، بينهم برلمانيون. “أحد أكبر البنوك”، قالت الصحيفة، حاول الشهر الماضي اقفال حساب حالي يتلقّى عليه أحد نواب حزب الله راتبه، ما دفع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، شخصياً الى التدخّل، والى اصدار “تحذير جدّي” الى المصرف “بأنّ المقاومة سوف تُجبر على الدفاع عن نفسها ضد كل من يأتي لمواجهة أهلها”. وأضافت الصحيفة بأنّ هذه الحادثة واحدة من بين العديد من “الأحداث المشابهة التي تتكرّر”. “سوف يكون لهذه العقوبات تأثير كبير على الأفراد والمؤسسات القريبة من حزب الله”، قال قاسم قصير، المحلل السياسي القريب من حزب الله الذي عمل سابقاً مع تلفزيون المنار التابع للحزب. “سوف تؤثّر على مؤسسات الحزب […] وأي شخص على صلات رسمية أو غير رسمية بالحزب سوف يجد أعماله التجارية وأمواله خاضعة لقوانين صارمة، وسوف يوضع في موقف صعب جداً”.
وبالفعل فقد طال القانون الجديد الذي أصدره الكونغرس قناة المنار، حيث سيتعرّض أي مصرف يوفّر حسابات حالية لرواتب موظفي محطة المنار (أو يقوم بمعاملات مالية من أي نوع كانت مع الشركة). وقال قصير لـNOW: “اتخّذت ادارة المنار اجراءات قبل وقت طويل لتجنّب مثل هذه المشاكل”، ولكنه لم يعط أي تفاصيل. احدى الطرق التي قد يكون الحزب استخدمها للالتفاف على المشكلة في قضية المنار، والتي سيضطر حالياً الى استخدامها بشكل كبير، هي بتنفيذ معاملات مالية نقدية أو بوسائل أخرى خارج نظام المصارف الرسمي، كما قال اقتصاديون لـNOW. “إنّ نسبة الأشخاص الذين يستخدمون الخدمات المصرفية الرسمية في لبنان ليست بالضرورة مرتفعة في كافة أنحاء البلد”، قال طوماس شلين، المحرّر الاقليمي لمجلة Executiveالمتخصصة بالأعمال. “يمكن للناس العودة الى أنظمة الدفع القديمة التي لا تشارك فيها البنوك”. هذا الاقتصاد غير الرسمي، الذي يقدّر شيلين بأنّه يشمل ما بين 20 و30 في المئة من الاقتصاد اللبناني بشكل عام، سوف يكون الملجأ الأساسي للحزب لتفادي العقوبات الجديدة. ومن الطرق الأخرى الاعتماد على عدم تنفيذ القانون بشكل كامل، وهذا ما يحصل في الغالب كما قال شلين لـ NOW. “كان هناك عدد من القوانين [في الولايات المتحدة] تستهدف مؤسسات على علاقة بحزب الله”، أضاف شلين لـNOW، “في كل مرة تزداد الاجراءات، يصعّبون الأمور أكثر على الحزب، ولكن لا يكون لديها تأثير تام وكامل”. ومن غير الضروري القول إنّ “حزب الله” لديه طرقه لمنع المؤسسات من فرض تطبيق العقوبات بشكلها الكامل، كما أوضحت صحيفة السفير، وكما ذكّر نصرالله نفسه الجمهور في خطابه الاثنين الماضي. “أنا لا أطلب من الدولة اللبنانية أو أي من مؤسساتها حماية “حزب الله”، أو سلاحه، أو ماله […] نحن نحمي أنفسنا”، قال نصرالله، “نحن نعلم كيف نحمي أنفسنا”.

 

 

“الترانسفير” السوري .. من الوجهة اللبنانية!
منير الربيع/المدن/الثلاثاء 29/12/2015

ما يجري في سوريا، أكبر بكثير من مجرد عملية ترانسفير سكاني، ويبدو أنه تغيير جديد لوجه المنطقة، لا سيما أن عملية التبادل بالأمس بين الزبداني من جهة، وكفريا والفوعة من جهة أخرى، أعادت النقاش حول إمكانية تقسيم سوريا، أو بالحد الأدنى إنشاء مناطق النفوذ على أساس مذهبي، عبر النفخ في مشروع حماية الأقليات، أو الدويلات الأقلوية.مشهد الأمس وما يخفيه، يترك أثراً واضحاً على لبنان، خصوصاً مع الصورة المتناقضة التي رافقت عملية التهجير الممنهج، وبروز مشهد نثر الأرز والورد والتكبيرات في البقاع استقبالاً للحافلات التي نقلت أبناء الزبداني، وبروز مشهد رفع الاحذية والملاحقة في الضاحية الجنوبية توديعاً للحافلات، مقابل استقبال أبناء الفوعة وكفريا بالتهليل في المنطقة ذاتها.يعكس مشهد الأمس عمق الارتباط اللبناني بالأحداث السورية، ويوحي بأنه على الرغم من تحييد البلد الصغير عن ما يجري حوله، مؤخراً، نتيجة الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله”، فإن شرارات “الحرب الأهلية” جاهزة وقد تشتعل بناء على أي متغيرات دراماتيكية، خصوصاً أن كل طائفة لا تزال عند ثوابتها التي تراها مقدسة. يتحرك الزمن السوري على إيقاع منسوب الدم وارتفاعه، فتنقسم سنوات السوريين إلى مواسم للقتل، التشريد، والتهجير. ما جرى ومن المنتظر أن يستكمل في ما بعد، في الزبداني مقابل كفريا والفوعة، يختصر هذه المواسم الأربعة، وينذر بما هو أسوأ. يذكّر ما جرى بالأمس، بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت في العام 1982، لكن مرحلة اليوم أخطر، خصوصاً أن ترحيل أبناء مناطق من أراضيهم، يأتي من خلفيات سياسية ومذهبية، والتهجير الذي يحصل برعاية الأمم المتحدة، والتوافقات الإقليمية ينذر بتغيير جغرافية سوريا، وديموغرافيتها. وبمعزل عن التصنيفات التي تنطلق من رؤية واضحة لسقوط مشروع سايكس بيكو وحدوده المرسومة قبل مائة عام، فإن ما يجري في سوريا اليوم،إن لم يكن تقسيماً أو مقدمة له، إنما سيكون بالتأكيد توزيع مناطق النفوذ بين الأطراف المتنازعة على أساس مذهبي، وقد ينتج عن ذلك إما فيدراليات في المستقبل، على غرار العراق، وهو الأمر الذي يترافق في لبنان مع صعود الخطاب المذهبي، والحديث عن الحصص، وأبعد من ذلك تغيير النظام برمته وتركيبته. حتى الآن، تم تنفيذ بندين من الإتفاق الذي حصل، تمثّل الأول بهدنة ووقف لإطلاق النار مع إدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة، والثاني إخراج الجرحى وبعض أفراد عائلاتهم، من الزبداني إلى تركيا عبر بيروت، ومن كفريا والفوعة الى بيروت ومنها إلى دمشق أو محيطها، فيما يبقى البند الثالث بانتظار التنفيذ. حصل الإتفاق قبل حوالى 4 أشهر، لكنه لم يطبّق بسبب خلافات على آلية التنفيذ، لا سيما في ضوء اعتبار البعض أن ما يجري هو تغيير ديموغرافي تسعى إليه إيران في سوريا، وتحديداً في مناطق معينة تشكّل سوريا المفيدة. لكن الأطراف الموقعة للإتفاق تصرّ على رفض اعتبار ما جرى بأنه تهجير سكاني ممنهج. وتقول مصادر قريبة من “حزب الله” لـ”المدن” إن ما جرى هو تفاهم على تخفيف حدّة المواجهات في بعض المناطق، فيما تعتبره مصادر عاملة على خطّ إنجاز الصفقة، بأنه كسر للإرادة الإيرانية، وللمشروع الإيراني الحالم بتهجير “السنة” من محيط دمشق وإحلال “الشيعة” مكانهم. وعلى الرغم من التناقض في النظرة الى ما حصل، إلا أن ما تخفيه الأيام المقبلة يبدو مقلقاً، خصوصاً أن هناك هدنة ستسري لمدّة ستة أشهر، خلالها سيتم سحب الأسلحة من هذه المناطق، على أن يتم في ما بعد، إخراج جميع المدنيين من الزبداني باتجاه إدلب، ومن كفريا والفوعة إلى محيط دمشق، في حال لم يحصل أي طارئ. بعد تطبيق هذا الإتفاق، تكون إيران كرست منطقة نفوذها من دمشق وريفها، مروراً بالقلمون مع السلسلة الشرقية لجبال لبنان، وصولاً إلى ريف حمص، خصوصاً أنه كان بالإمكان نقل جرحى كفريا والفوعا إلى اللاذقية أو طرطوس ومن ثم إلى محيط دمشق، إلا ان هذه الخطة هي أبرز دليل على مساعي الفرز الديمغرافي. فيما تركيا تحتفظ بمناطق نفوذها في الشمال السوري وتحديداً في حلب وإدلب. وعلمت “المدن” من مصادر واسعة الإطلاع أن هذا الإتفاق الذي يأتي بعد تنفيذ إتفاق إجلاء المسلحين من حي الوعر في حمص، سيكون مقدمة إلى هدن جديدة في مناطق إضافية، لا سيما في الغوطتين الشرقية والغربية، مقابل نبّل والزهراء في حلب، وتؤكد المصادر أن تركيا وإيران تضطلعان بدور بارز في هذه العمليات التفاوضية.

شريعة “الطُفار” تحكم بعلبك…
لوسي بارسخيان/المدن/الثلاثاء 29/12/2015

لا يمكن وضع ما حصل، في دار الواسعة في بعلبك، من اشتباكات عسكرية استدعت تدخل الطوافات العسكرية لإجلاء مصابين طيلة الاثنين وحتى صباح الثلاثاء، الا في إطار الفلتان الأمني المستشري في شمال البقاع، وتحت غطاء سياسي وعشائري، حوّل الكثير من مناطقه الى بؤر لإيواء “الطفار” وحماية ارتكاباتهم. الا ان المعركة التي فتحها الطُفار في منطقة دار الواسعة، تتخذ هذه المرة منحى أكثر خطورة، مع ما فضحه اعتداء هؤلاء على الدوريات العسكرية من تجهيزات لوجستية بأسلحة خفيفة ومتوسطة، سببت في البداية معركة غير متوازنة مع الدوريات العسكرية التي توجهت الى المنطقة في محاولة “روتينية” لإلقاء القبض على مطلوبين. ما استدعى استقدام التعزيزات من فوج المغاوير واللواء السادس. يروي شهود من المنطقة لـ”المدن” ان الطُفار الذين لجأوا الى ملاذهم في دار الواسعة، حاصروا الدوريات العسكرية واستهدفوها مباشرة بشتى أنواع الاسلحة متحصنين في تسع منازل مختلفة، بينما كان الجيش يحاصر منزلاً واحداً من المنازل التي إحتمى فيها “الطُفار”. الا انه بعد استقدام تعزيزات، ألزم الجيش من بداخل المنزل المحاصر بتسليم أنفسهم، فألقى القبض على ثمانية أشخاص من آل جعفر، تبين ان ثلاثة منهم مطلوبون أيضاً في الادعاء المرفوع عليهم من قبل عائلة فخري، اثر جريمة بتدعي التي وقعت في تشرين الثاني سنة 2014 عندما حاولت مجموعة “طفار” من آل جعفر الاستيلاء على سيارة بقوة السلاح، ذهب ضحيتها صبحي ونديمة الفخري. فعلياً “الصدفة”، كما تقول مصادر بعلبكية، قادت الى توقيف مطلوبين في قضية بتدعي خلال العمليات العسكرية التي نفذت في دار الواسعة، وليس كما حاول البعض ان يشيع، في وقت لا يزال هناك أخرون من آل جعفر إدعت عليهم عائلة فخري بالاسم مع تقديم الاثباتات الكافية لتورط ثمانية منهم، علما ان جميع هؤلاء كما يؤكد متابعون للقضية لـ”المدن” “ملاحقون ايضا بموجب عشرات مذكرات التوقيف وبلاغات البحث، التي لم تشكل رادعا كافيا لهم للكف عن إرتكاباتهم، حتى بعد اطلاق الخطة الأمنية والمباشرة بتنفيذها، طالما ان تعويلهم لا يزال على الحماية التي تتوفر لهم من خلال عشائرهم اولاً، ومن قبل بعض المرجعيات السياسية ثانياً، وبالتالي من بيئاتهم الحاضنة التي تحولت إلى وكر عصي على الدولة وفرض قوانينها”. وبينما كان الجيش اللبناني ينفذ عملياته في دار الواسعة، تجمهر عدد من الاشخاص في منطقة الشراونة، وعمد شباب ونساء من آل جعفر الى قطع الطريق الدولية عند تل الأبيض احتجاجاً على دهم منازل المطلوبين، في وقت تحصن المعتدون متخذين من النساء والاطفال دروعا بشرية لهم. وبالتزامن عمت المظاهر المسلحة في حي الشراونة ودار الواسعة لتروع المدنيين الأمنين، كما اقدم شبان يستقلون جيب “شيروكي” على اطلاق النيران على آلية لنقل السجناء تابعة لقوى الامن الداخلي عند مفترق بلدة ايعات، وكذلك فتح مسلحون النار في اتجاه حاجز للجيش في محلة الشراونة. اجواء حرب عصابات عاشتها بعلبك مجدداً، استدعت استمرار الدفع بالتعزيزات العسكرية الى المنطقة، وسط معلومات تؤكد على ان لا تراجع من قبل القيادة العسكرية عن توقيف المتورطين وردعهم، وخصوصا بعدما سقط للجيش شهيد، وجرح اربعة من عناصر مخابراته. علما ان هذه التداعيات الأمنية كانت متوقعة، كما يقول المتابعون “في ظل استفحال منطق الإستقواء السائد لدى العصابات، حتى على المؤسسة العسكرية، طالما أن تحرك الجيش والأجهزة الأمنية في كل مرة، يكون كردة فعل لا ترقى الى مستوى الفعل نفسه”. وللتذكير، فإن جريمة بتدعي وقعت بينما كان الجيش يلاحق أفراد عصابة، وحينها ايضاً كان التعهد حازماً بإنهاء ظاهرة الفلتان السائدة، لتتراجع العمليات العسكرية امام التعهدات العشائرية والسياسية بعدم حماية اي من المتورطين. اما العدالة التي يطالب بها ضحايا هؤلاء الطفار، فتبقى مسألة بعيدة المنال مع انها وحدها، كما قال البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال تقديمه العزاء لآل الفخري آنذاك، “تؤمن العيش بسلام، وإذا لم تمارس العدالة تجاه المجرمين، لا يمكن للمنطقة أن تعيش بسلام، وستبقى تعيش الإعتداء على الممتلكات والسيارات، وسنبقى نعيش بشريعة غاب”.